(ص) : (مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ إذَا جَمَعَ الْأُمَرَاءُ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فِي الْمَطَرِ جَمَعَ مَعَهُمْ) .

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ سَأَلَ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ هَلْ يَجْمَعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِي السَّفَرِ فَقَالَ نَعَمْ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ أَلَمْ تَرَ إلَى صَلَاةِ النَّاسِ بِعَرَفَةَ) .

ـــــــــــــــــــــــــــــQابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا يُؤَخِّرُ قَلِيلًا وَيُصَلِّي الْمَغْرِبَ بِإِثْرِ الْأَذَانِ لَهَا وَحُكِيَ أَنَّهُ اخْتَلَفَ فِيهَا قَوْلُ مَالِكٍ.

وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ يُؤَخِّرُ قَلِيلًا لِيَقْرَبَ وَقْتُ الْعِشَاءِ الْمُخْتَارِ مَا لَمْ يَخَفْ اجْتِمَاعَ الظُّلْمَةِ وَإِضْرَارَ ذَلِكَ بِالنَّاسِ.

وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّ الْجَمْعَ مُرْفِقٌ بِالنَّاسِ لِسُرْعَةِ الْعَوْدَةِ قَبْلَ اجْتِمَاعِ الظُّلْمَةِ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهٍ يُدْرَكُ بِهِ رِفْقُ الرُّجُوعِ فِي بَقِيَّةِ الْوُضُوءِ لِيَحْصُلَ بِذَلِكَ الْمَقْصُودِ وَهَذَا لَا يَحْصُلُ إلَّا بِتَعْجِيلِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ إثْرَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِذَا فَرَغَ مِنْ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ وَشَرَعَ الْمُؤَذِّنُ فِي الْأَذَانِ لِلْعِشَاءِ الْآخِرَةِ فَهَلْ يَتَنَفَّلُ أَحَدٌ مِمَّنْ فِي الْمَسْجِدِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ مَنْ شَاءَ تَنَفَّلَ وَرَوَى ابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ لَا يَتَنَفَّلُ بَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ.

وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى وَجْهِ تَأْخِيرِ الْعِشَاءِ بَعْدَ الْأَذَانِ لَهُمَا لِيَتَنَفَّلَ مَنْ يُرِيدُهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ.

وَوَجْهُ رِوَايَةِ ابْنِ نَافِعٍ أَنَّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمَنْعِ مِنْ التَّنَفُّلِ وَتَقْدِيمِ الْعِشَاءِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الرِّفْقِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ أَتَى الْمَسْجِدَ بَعْدَ أَنْ صَلَّى فِي أَهْلِهِ الْمَغْرِبَ فَهَلْ يُصَلِّي مَعَهُمْ الْعِشَاءَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ يُصَلِّيهَا مَعَهُمْ.

وَرُوِيَ عَنْهُ فِي الْمَبْسُوطِ لَا يُصَلِّيهَا مَعَهُمْ.

وَجْهُ الرِّوَايَةِ الْأُولَى أَنَّ الْمَغْرِبَ تُؤَدَّى فِي وَقْتِهَا بِلَا تَأْثِيرٍ لَهَا فِي جَوَازِ تَقْدِيمِ الْعِشَاءِ لِأَنَّ الْعِشَاءَ إنَّمَا تَقَدَّمَ لِلتَّخْفِيفِ وَهَذَا يَحْتَاجُ إلَى أَدَاءِ الصَّلَاةِ فِي جَمَاعَةٍ كَاَلَّذِي صَلَّى الْمَغْرِبَ فِي الْمَسْجِدِ.

وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّ تَقْدِيمَ الْعِشَاءِ إنَّمَا أُبِيحَ لِحُكْمِ الْجَمْعِ فَكَانَ لَهُ تَأْثِيرٌ فِي ذَلِكَ وَلِذَلِكَ وُصِفَ بِالْجَمْعِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ تَأْثِيرٌ لَوُصِفَ بِتَقْدِيمِ الْعِشَاءِ خَاصَّةً فَإِذَا فَاتَ مَعْنَى الْجَمْعِ امْتَنَعَ تَقْدِيمُ الْعِشَاءِ فَإِنْ صَلَّاهَا مَعَهُمْ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ فَقَدْ قَالَ أَصَبْغُ وَابْنُ الْحَكَمِ لَا يُعِيدُهَا.

وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ هَذَا عِنْدَهُمْ عَلَى مَعْنَى الِاسْتِحْبَابِ لِمَا قَدَّمْنَا مِنْ اشْتِرَاكِ الْوَقْتِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ وَجَدَهُمْ قَدْ صَلَّوْا الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ لَا يُصَلِّيهَا وَحْدَهُ فِي الْمَسْجِدِ قَبْلَ الشَّفَقِ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ الَّتِي أُبِيحَ لَهَا تَقْدِيمُ الصَّلَاةِ قَبْلَ الشَّفَقِ قَدْ فَاتَتْهُ فَيَجِبُ تَأْخِيرُ الصَّلَاةِ إلَى وَقْتِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي مَسْجِدِ مَكَّةَ أَوْ الْمَدِينَةِ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فَيُصَلِّيهَا بَعْدَ الْجَمَاعَةِ قَبْلَ الشَّفَقِ لِأَنَّ إدْرَاكَ الصَّلَاةِ فِي هَذِهِ الْمَسَاجِدِ أَعْظَمُ مِنْ إدْرَاكِ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ.

(ش) : جَمْعُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ مَعَ الْأُمَرَاءِ ظَاهِرُهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ كَانَ يَرَى الْجَمْعَ فِي الْمَطَرِ فَلِذَلِكَ كَانَ يَجْمَعُ مَعَهُمْ.

وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي جَوَازِهِ وَظَاهِرُ هَذَا اللَّفْظِ يَقْتَضِي تَكْرَارَ ذَلِكَ مِنْهُ وَأَمَّا مَا رَوَاهُ أَيُّوبُ عَنْ نَافِعٍ أَنَّهُ لَمْ يَرَهُ جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ إلَّا مَرَّةً يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِذَلِكَ السَّفَرَ وَكَانَ يَجْمَعُ فِي الْمَطَرِ لِئَلَّا تَفُوتَهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَيُجْمَعُ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فِي الطِّينِ وَالظُّلْمَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَطَرٌ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَالْجَمْعُ جَائِزٌ إذَا كَانَ الْمَطَرُ وَالْوَحْلُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ ظُلْمَةٌ أَوْ كَانَ الْمَطَرُ الْمُضِرُّ وَلَمْ يَكُنْ وَحْلٌ وَلَا ظُلْمَةٌ.

وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ كُلَّهَا مَشَاقُّ تَمْنَعُ التَّعْتِيمَ بِالصَّلَاةِ فَأُبِيحَ أَدَاءُ الصَّلَاةِ فِي وَقْتٍ يُمْكِنُ الِانْصِرَافُ مِنْهَا وَقَدْ بَقِيَ مِنْ ضَوْءِ الشَّفَقِ مَا يُخَفِّفُ الْمَشَقَّةَ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَيَجْمَعُ مَعَهُمْ مَنْ كَانَ قَرِيبَ الدَّارِ جِدًّا وَقَالَ يَحْيَى بْنُ عَمْرٍو يَجْمَعُ مَعَهُمْ الْمُنْعَكِفُ فِي الْمَسْجِدِ.

وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْجَمْعَ إنَّمَا هُوَ لِإِدْرَاكِ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ وَيَسْتَوِي فِي فَوَاتِ ذَلِكَ مَنْ بَعُدَتْ دَارُهُ وَمَنْ قَرُبَتْ وَمَنْ هُوَ مُقِيمٌ فِي الْمَسْجِدِ.

(ش) : قَوْلُ سَالِمٍ يَجْمَعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِي السَّفَرِ وَتَمْثِيلُهُ ذَلِكَ بِصَلَاةِ النَّاسِ بِعَرَفَةَ جَوَابٌ هَلْ إلَّا أَنْ يَكُونَ اخْتَصَرَ بَعْضَ السُّؤَالِ وَلَعَلَّ السَّائِلَ إنَّمَا سَأَلَهُ عَنْ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا بِإِثْرِ الزَّوَالِ لِمَعْنًى يَقْتَضِي ذَلِكَ مِنْ الرَّحِيلِ مِنْ الْمَنْزِلِ ذَلِكَ الْوَقْتِ فَأَعْلَمُهُ سَالِمٌ بِأَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ جَائِزٌ لِأَنَّ ذَلِكَ الْوَقْتَ وَقْتُ الْعَصْرِ عَلَى وَجْهِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015