إعَادَةُ الصَّلَاةِ مَعَ الْإِمَامِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي الدَّيْلِ يُقَالُ لَهُ بُسْرُ بْنُ مِحْجَنٍ عَنْ أَبِيهِ مِحْجَنٍ أَنَّهُ «كَانَ فِي مَجْلِسٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأُذِّنَ بِالصَّلَاةِ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَصَلَّى ثُمَّ رَجَعَ وَمِحْجَنٌ فِي مَجْلِسِهِ لَمْ يُصَلِّ مَعَهُ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا مَنَعَكَ أَنْ تُصَلِّيَ مَعَ النَّاسِ أَلَسْتَ بِرَجُلٍ مُسْلِمٍ فَقَالَ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَكِنِّي قَدْ صَلَّيْتُ فِي أَهْلِي فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا جِئْتَ فَصَلِّ مَعَ النَّاسِ وَإِنْ كُنْتَ قَدْ صَلَّيْتَ» )
ـــــــــــــــــــــــــــــQاضْطِجَاعُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي مُؤَخِّرِ الْمَسْجِدِ يَنْتَظِرُ النَّاسَ لِيَكْثُرُوا مِنْ أَدَبِ الْأَئِمَّةِ وَرِفْقِهِمْ بِالنَّاسِ وَانْتِظَارِهِمْ الصَّلَاةَ إذَا تَأَخَّرُوا وَتَعْجِيلِهَا إذَا اجْتَمَعُوا.
وَقَدْ رَوَى جَابِرٌ عَنْ «النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي صَلَاةِ الْعِشَاءِ» .
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ فَأَتَاهُ ابْنُ أَبِي عَمْرَةَ فَجَلَسَ إلَيْهِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ جَلَسَ إلَيْهِ لِيَقْتَبِسَ مِنْهُ عِلْمًا أَوْ يَقْتَدِيَ بِهِ فِي عَمَلٍ أَوْ يَسْأَلَهُ حَاجَةً فَسَأَلَهُ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَنْ هُوَ وَمَا مَعَهُ مِنْ الْقُرْآنِ وَهَذَا اهْتِبَالٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ بِأَحْوَالِ النَّاسِ وَبِمَا يَحْصُلُ مَعَهُمْ مِنْ الْعِلْمِ وَالْقُرْآنِ وَيَعْرِفُ مَنَازِلَهُمْ بِذَلِكَ وَهَذَا مِمَّا يُنَشِّطُ النَّاسَ إلَيْهِ وَإِخْبَارُ عُثْمَانَ لَهُ بِمَا كَانَ عِنْدَهُ مِنْ الْعِلْمِ فِي صَلَاةِ الْعِشَاءِ وَصَلَاةِ الصُّبْحِ لَمَّا رَآهُ أَهْلًا لِذَلِكَ وَلَمَّا رَجَا أَنْ يَنْشَطَ بِذَلِكَ عَلَى الْمُوَاظَبَةِ عَلَيْهَا وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ حُضُورَ الْجَمَاعَةِ لَيْسَ بِفَرْضٍ عَلَى الْأَعْيَانِ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَاوَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّوَافِلِ وَلَا يَعْدِلُ الْفَرْضُ النَّفَلَ وَلَا يُسَاوِيهِ أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ تَرَكَ صَلَاةَ فَرْضٍ لَا يُجْزِئُ عَنْهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ.
[إعَادَةُ الصَّلَاةِ مَعَ الْإِمَامِ]
(ش) : قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَلَسْت بِرَجُلٍ مُسْلِمٍ يَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: الِاسْتِفْهَامُ.
وَالثَّانِي: التَّوْبِيخُ.
وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ إنَّمَا ذَهَبَ إلَى تَوْبِيخِهِ عَلَى تَرْكِ الصَّلَاةِ مَعَ الْجَمَاعَةِ الَّتِي لَا يَتْرُكُهَا مُسْلِمٌ وَإِنَّمَا تَرْكُهَا مِنْ عَلَامَاتِ الْمُنَافِقِ وَلَا يَقْتَضِي قَوْلُهُ ذَلِكَ أَنَّ مَنْ لَمْ يُصَلِّ مَعَ النَّاسِ فَلَيْسَ بِمُسْلِمٍ وَهَذَا لَا يَقُولُهُ أَحَدٌ وَإِنَّمَا ذَلِكَ كَمَا يَقُولُ الْقَائِلُ لِمَنْ عَلِمَ أَنَّهُ قُرَشِيٌّ مَا لَك لَا تَكُونُ كَرِيمًا أَلَسْت بِقُرَشِيٍّ لَا يُرِيدُ بِذَلِكَ نَفْيَهُ عَنْ قُرَيْشٍ وَإِنَّمَا يُوَبِّخُهُ عَلَى أَنَّهُ قَدْ تَرَكَ أَخْلَاقَ قُرَيْشٍ.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَكِنِّي قَدْ صَلَّيْت فِي أَهْلِي يُرِيدُ أَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ الصَّلَاةَ وَإِنَّمَا اجْتَزَأَ بِصَلَاتِهِ فِي أَهْلِهِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا جِئْتَ فَصَلِّ مَعَ النَّاسِ وَإِنْ كُنْتَ قَدْ صَلَّيْتَ يُرِيدُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ إذَا جِئْتَ الْمَسْجِدَ فَهَذَا أَمْرٌ لَهُ إذَا أَتَى الْمَسْجِدَ أَنْ يُصَلِّيَ مَعَ النَّاسِ وَلَا يَخْلُو أَنْ يَأْتِيَ الْمَسْجِدَ قَبْلَ أَنْ تُقَامَ الصَّلَاةُ أَوْ حِينَ إقَامَةِ الصَّلَاةِ أَوْ بَعْدَ إقَامَةِ الصَّلَاةِ وَالْإِمَامُ فِيهَا فَإِنْ أَتَى الْمَسْجِدَ قَبْلَ أَنْ تُقَامَ الصَّلَاةُ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ الْمَسْجِدِ مَا لَمْ تَقُمْ الصَّلَاةُ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ قَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ.
وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الصَّلَاةَ مَعَهُمْ لَا تَلْزَمُهُ إلَّا بِإِقَامَتِهَا عَلَيْهِ لِأَنَّ الصَّلَاةَ إنَّمَا تَلْزَمُ بِالْأَذَانِ لِمَنْ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ وَلَمْ يَكُنْ أَدَّى فَرْضَهَا.
(مَسْأَلَةٌ) :
فَإِنْ أَتَى الْمَسْجِدَ فَوَجَدَ الصَّلَاةَ تُقَامُ أَوْ وَجَدَهُمْ قَدْ شَرَعُوا فِي الصَّلَاةِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَهَا مَعَهُمْ.
وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الصَّلَاةَ قَدْ تَعَيَّنَتْ عَلَيْهِ لِدُخُولِ الْمَسْجِدِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ أَوْ دُخُولِ مَوْضِعٍ لَا يَجُوزُ لَهُ فِيهِ رَكْعَتَا الْفَجْرِ فَأَمَّا مَنْ رَأَى النَّاسَ يُصَلُّونَ وَهُوَ مَارٌّ فَإِنَّهُ لَا تَلْزَمُهُ إعَادَةُ الصَّلَاةِ مَعَهُمْ قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ وَلَا يَدْخُلْ الْمَسْجِدَ وَلْيَرْجِعْ فَإِنَّهُ بِدُخُولِهِ يُوجِبُ عَلَى نَفْسِهِ أَنْ يَتَعَمَّدَ الصَّلَاةَ مَعَ الْإِمَامِ بَعْدَ أَنْ صَلَّى وَحْدَهُ وَذَلِكَ مِمَّا لَا يَنْبَغِي.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَإِنْ كُنْت قَدْ صَلَّيْت يَحْتَمِلُ أَنْ يُصَلِّيَ فَذًّا أَوْ فِي جَمَاعَةٍ وَيَحْتَمِلُ الْفَذَّ