(ص) : (مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يُسَلِّمُ بَيْنَ الرَّكْعَتَيْنِ وَالرَّكْعَةِ فِي الْوِتْرِ حَتَّى يَأْمُرَ بِبَعْضِ حَاجَتِهِ) .
(ص) : (مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ كَانَ يُوتِرُ بَعْدَ الْعَتَمَةِ بِوَاحِدَةٍ قَالَ مَالِكٌ وَلَيْسَ عَلَى هَذَا الْعَمَلُ عِنْدَنَا وَلَكِنَّ أَدْنَى الْوِتْرِ ثَلَاثٌ) .
ـــــــــــــــــــــــــــــQعَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يَشْفَعُ مَا شَفَعَ بِهِ الْوِتْرَ وَرَوَى سَحْنُونَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ كَرِهَ لِمَنْ أَحْرَمَ عَلَى وِتْرٍ أَنْ يَشْفَعَ.
وَجْهُ الرِّوَايَةِ الْأُولَى أَنَّ الْوِتْرَ وَالشَّفْعَ يَجْمَعُهُمَا مَعْنَى التَّنَفُّلِ وَلَمَّا لَمْ يَحْتَجْ الْمُتَنَفِّلُ إلَى زِيَادَةٍ عَلَى نِيَّةِ التَّنَفُّلِ وَكَانَ الشَّفْعُ نَفْلًا جَازَ أَنْ يُحَالَ الْوِتْرُ إلَيْهِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُحَالَ الشَّفْعُ إلَى الْوِتْرِ لِأَنَّهُ آكَدُ مِنْهُ فَيَحْتَاجُ إلَى زِيَادَةِ نِيَّةٍ يَتَغَيَّرُ بِهَا كَمَا يَجُوزُ أَنْ يُحَالَ الْفَرْضُ إلَى التَّنَفُّلِ وَلَا يَجُوزُ النَّفَلُ إلَى الْفَرْضِ.
وَقَدْ حَكَى الدَّاوُدِيُّ عَنْ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُوتِرَ بِرَكْعَةٍ يَفْتَتِحُ بِغَيْرِ نِيَّةِ الْوِتْرِ.
وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّ الشَّفْعَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْوِتْرِ فَلَا يُحَالُ أَحَدُهُمَا إلَى الْآخَرِ وَلِذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ افْتَتَحَ صَلَاةً فِي الْمَسْجِدِ فَصَلَّى مِنْهَا رَكْعَةً فَأُقِيمَتْ عَلَيْهِ تِلْكَ الصَّلَاةُ أَنَّهُ يَشْفَعُهَا نَافِلَةً وَيُسَلِّمُ مِنْ اثْنَتَيْنِ وَيَدْخُلُ مَعَ الْإِمَامِ وَقَالَ فِي الْمَغْرِبِ إنْ أُقِيمَتْ عَلَيْهِ بَعْدَ أَنْ صَلَّى مِنْهَا رَكْعَةً قَطَعَهَا وَلَمْ يَشْفَعْهَا.
(فَرْعٌ) وَهَذَا إنْ ذَكَرَ قَبْلَ السَّلَامِ فَإِنْ ذَكَرَ بَعْدَ السَّلَامِ فَرَوَى عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يَعُودُ فَيَشْفَعُ وِتْرَهُ إنْ كَانَ قَرِيبًا وَإِنْ طَالَ لَمْ يَعُدْ وَأَجْزَأَهُ وِتْرُهُ الْأَوَّلُ.
(ش) : قَوْلُهُ كَانَ يُسَلِّمُ بَيْنَ الرَّكْعَتَيْنِ وَالرَّكْعَةِ فِي الْوِتْرِ يَقْتَضِي أَنَّهُ قَدْ تُسَمَّى الثَّلَاثُ رَكَعَاتٍ وِتْرًا مَجَازًا لَمَّا كَانَ الْوِتْرُ لَا يَسْتَبِدُّ مِنْهَا إلَّا أَنَّ الْوِتْرَ فِي الْحَقِيقَةِ لَمَّا كَانَ وَاقِعًا عَلَى الرَّكْعَةِ الْوَاحِدَةِ وَجَبَ أَنْ يَفْصِلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ مِنْ تَوَابِعِهِ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
مَنْ أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً مِنْ الشَّفْعِ فَلَا يُسَلِّمُ مِنْهُ وَلْيُصَلِّ مَعَهُ الْوِتْرَ فَإِذَا سَلَّمَ مِنْهُ سَلَّمَ مَعَهُ ثُمَّ أَوْتَرَ كَانَ الْإِمَامُ مِمَّنْ يُسَلِّمُ مِنْ الشَّفْعِ أَوْ مِمَّنْ لَا يُسَلِّمُ رَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَمُطَرِّفٍ.
وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ إنْ كَانَ إمَامُهُ يُسَلِّمُ مِنْ الشَّفْعِ سَلَّمَ مَعَهُ مِنْ الْوِتْرِ وَإِنْ كَانَ لَا يُسَلِّمُ مِنْ الشَّفْعِ فَلْيُصَلِّ ذَلِكَ بِرَكْعَةِ الْوِتْرِ كَفِعْلِ إمَامِهِ وَمَعْنَى ذَلِكَ عِنْدَ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ أَنْ يُحَاذِيَ بِرُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ رُكُوعَ الْإِمَامِ وَسُجُودَهُ فَإِمَّا أَنْ يَأْتَمَّ بِهِ فَلَا لِأَنَّهُ يَكُونُ مُحْرِمًا قَبْلَ إمَامِهِ.
(ش) : قَوْلُهُ كَانَ يُوتِرُ بَعْدَ الْعَتَمَةِ بِوَاحِدَةٍ يُرِيدُ أَنَّ جَمِيعَ مَا كَانَ يُصَلِّي بَعْدَ الْعَتَمَةِ وَاحِدَةٌ وَقَوْلُ مَالِكٍ لَيْسَ عَلَيْهِ الْعَمَلُ عِنْدَنَا يُرِيدُ أَنَّ الْمُخْتَارَ عِنْدَهُمْ أَنْ يَكُونَ أَقَلُّ مَا يُصَلِّي بَعْدَ الْعَتَمَةِ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ.
وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْوِتْرَ نَفْلٌ فَلَا يُوتِرُ إلَّا نَافِلَةً فَيَجِبُ أَنْ تَتَقَدَّمَهُ نَافِلَةٌ يُوتِرُهَا وَأَقَلُّ تِلْكَ النَّافِلَةِ رَكْعَتَانِ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ الْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى فَإِذَا خَشِيَ أَحَدُكُمْ الصُّبْحَ صَلَّى رَكْعَةً وَاحِدَةً تُوتِرُ لَهُ مَا قَدْ صَلَّى.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَمَنْ أَوْتَرَ بِرَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ قَالَ ابْنُ سَحْنُونٍ عَنْ أَشْهَبَ يُعِيدُ وِتْرَهُ بِإِثْرِ شَفْعٍ مَا لَمْ يُصَلِّ الصُّبْحَ.
وَقَالَ سَحْنُونَ إنْ كَانَ بِحَضْرَةِ ذَلِكَ شَفَعَهَا بِرَكْعَةٍ ثُمَّ أَوْتَرَ وَإِنْ تَبَاعَدَ أَجُزْأَهُ وَقَدْ أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ عَنْ مَالِكٍ لَا بَأْسَ أَنْ يُوتِرَ الْمُسَافِرُ بِرَكْعَةٍ.
وَجْهُ قَوْلِ أَشْهَبَ أَنَّ الرَّكْعَةَ الْوَاحِدَةَ مُوتِرَةٌ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ قَبْلَهَا مَا تُوتِرُهُ وَتَكُونَ مِنْ جِنْسِهِ لِأَنَّ الصَّلَوَاتِ إنَّمَا تُوتَرُ مِنْ جِنْسِهَا كَالْمَغْرِبِ فَإِذَا عَرَا الْوِتْرُ عَمَّا يُوتِرُهُ لَمْ يَكُنْ وِتْرًا فَكَانَ عَلَى الْمُصَلِّي أَنْ يَأْتِيَ بِهِ عَلَى شُرُوطِهِ مَا لَمْ يَفُتْ وَقْتُهُ فَإِذَا فَاتَ ذَلِكَ بِفِعْلِ الصُّبْحِ لَمْ يَقْضِ لِأَنَّ النَّوَافِلَ لَا تُقْضَى بَعْدَ الْفَوَاتِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَوَجْهُ قَوْلِ سَحْنُونٍ إنْ فَصَلَهَا بِالسَّلَامِ مِمَّا قَبْلَهَا يَقْتَضِي اسْتِقْلَالَهَا بِنَفْسِهَا وَإِنَّمَا يُقَدِّمُ الشَّفْعَ عَلَى سَبِيلِ الْفَضِيلَةِ.
وَقَدْ رَوَى سَحْنُونَ أَنَّهُ أَوْتَرَ فِي مَرَضِهِ بِرَكْعَةٍ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
وَمِنْ حُكْمِ الشَّفْعِ أَنْ يَتَّصِلَ بِوِتْرِهِ فِيمَا رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ فِيمَنْ تَنَفَّلَ بَعْدَ الْعِشَاءِ ثُمَّ انْصَرَفَ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُوتِرَ حَتَّى يَأْتِيَ بِشَفْعٍ وَقَالَ عَنْهُ ابْنُ نَافِعٍ لَا بَأْسَ أَنْ يُوتِرَ بِوَاحِدَةٍ فِي بَيْتِهِ وَكَذَلِكَ مَنْ تَنَفَّلَ ثُمَّ جَلَسَ مَا بَدَا لَهُ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يُوتِرَ بِوَاحِدَةٍ.
وَجْهُ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ مَا ثَبَتَ مِنْ فِعْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالصَّحَابَةِ مِنْ بَعْدِهِ وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى