. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعْنِي الشُّؤْمَ ذَكَرَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ أَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ إنْ كَانَ النَّاسُ يَعْتَقِدُونَ الشُّؤْمَ فَإِنَّمَا يَعْتَقِدُونَهُ فِي الْفَرَسِ وَالْمَرْأَةِ وَالْمَسْكَنِ وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الدَّارِ وَالْمَرْأَةِ وَالْفَرَسِ يُرِيدُ أَنَّ مَا يَعْتَقِدُونَهُ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّمَا يَعْتَقِدُونَهُ فِي هَذِهِ الثَّلَاثِ وَقِيلَ: إنَّ مَعْنَاهُ إنْ كَانَ لِلشُّؤْمِ حُكْمٌ ثَابِتٌ فَإِنَّمَا هُوَ فِي هَذِهِ الثَّلَاثِ فَوَرَدَ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى التَّجْوِيزِ وَوَرَدَ الْحَدِيثُ الثَّانِي عَلَى الْقَطْعِ بِهِ وَالْإِثْبَاتِ لَهُ فِي الدَّارِ وَالْمَرْأَةِ وَالْفَرَسِ وَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ الْبَارِي - عَزَّ وَجَلَّ - يُجْرِي الْعَادَةَ فِي دَارٍ أَنَّ مَنْ سَكَنَهَا مَاتَ وَقَلَّ مَالُهُ وَتَوَالَتْ عَلَيْهِ الرَّزِيَّاتُ وَالْمَصَائِبُ وَأَجْرَى الْعَادَةَ أَيْضًا فِي دَارٍ أُخْرَى بِخِلَافِ ذَلِكَ دُونَ أَنْ يَكُونَ لِلدَّارِ فِي ذَلِكَ صُنْعٌ أَوْ تَأْثِيرٌ وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ وَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَجْرِيَ اللَّهُ تَعَالَى الْعَادَةَ بِأَنَّ مَنْ تَزَوَّجَهَا تَقْرُبُ وَفَاتُهُ وَيَقِلُّ مَالُهُ وَتَكْثُرُ حَوَائِجُهُ، وَأَجْرَى اللَّهُ الْعَادَةَ أَيْضًا فِي امْرَأَةٍ أُخْرَى بِخِلَافِ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ الْفَرَسُ فَذَكَرَ مِثْلَ هَذَا وَتَوَالَى لَكِنَّهُ يَحْتَمِلُ أَمْرَيْنِ إمَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ اعْتِقَادِ النَّاسِ لِذَلِكَ.
وَرُوِيَ «عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: إنَّمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُحَدِّثُ عَنْ أَقْوَالِ الْجَاهِلِيَّةِ» أَوْ عَلَى أَنَّ الْبَارِيَ تَعَالَى جَعَلَهُ عَادَةً جَارِيَةً كَمَا أَجْرَى الْعَادَةَ بِأَنَّ مَنْ شَرِبَ السُّمَّ مَاتَ وَمَنْ قُطِعَ رَأْسُهُ مَاتَ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَمْ يَدْرِ مَا يَكُونُ مِنْ حَالِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ،.
وَقَدْ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ مَالِكٌ فَقَالَ تَفْسِيرُهُ فِيمَا أَرَى - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - كَمْ مِنْ دَارٍ قَدْ سَكَنَهَا نَاسٌ فَهَلَكُوا ثُمَّ سَكَنَهَا آخَرُونَ فَهَلَكُوا ثُمَّ سَكَنَهَا آخَرُونَ فَهَلَكُوا.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُ الْمَرْأَةِ دَارٌ سَكَنَّاهَا وَالْعَدَدُ كَثِيرٌ وَالْمَالُ وَافِرٌ فَقَلَّ الْعَدَدُ وَذَهَبَ الْمَالُ عَلَى سَبِيلِ التَّوَجُّعِ مِنْ أَمْرِ الدَّارِ وَمَا ثَبَتَ فِي نُفُوسِهِمْ مِنْهَا وَاعْتَقَدُوهُ مِنْ حَالِهَا وَالسُّؤَالُ عَمَّا يَجُوزُ مِنْ اجْتِنَابِهَا إذْ هُوَ أَمْرٌ جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ فِي مِثْلِهَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَلَّ مَا لَهُمْ بِهَا لِجَدْبِهَا وَقِلَّةِ خِصْبِهَا أَوْ وَخَامَتِهَا وَقِلَّةِ نَمَاءِ مَاشِيَتِهِمْ بِهَا وَقَلَّ عَدَدُهُمْ لِقِلَّةِ مَالِهِمْ أَوْ لِوَخَامَةِ الْبَلَدِ وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «دَعُوهَا ذَمِيمَةً» مَعْنَاهُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - ارْحَلُوا عَنْهَا وَاتْرُكُوهَا مَذْمُومَةً وَيُحْتَمَلُ أَيْضًا أَنْ يُرِيدَ بِذَلِكَ مَذْمُومَةً لِمَا وَصَفُوهَا بِهِ مِنْ التَّشَاؤُمِ فَاقْتَضَى ذَلِكَ إبَاحَةَ رَحِيلِهِمْ عَنْهَا لِأَجْلِ مَا جَرَى لَهُمْ فِيهَا وَذَمِّهِمْ لَهَا بِذَلِكَ مَعَ اعْتِقَادِهِمْ أَنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَأَنَّ مَا قَدَّرَهُ نَافِذٌ لَعَلَّهُ قَدْ قَدَّرَ بِانْتِقَالِهِمْ عَنْهَا تَأْخِيرَ آجَالِهِمْ وَبَقَاءَ أَمْوَالِهِمْ كَمَا يَجُوزُ لِلْفَارِّ مِنْ الْأَسَدِ أَنْ يَفِرَّ عَنْهُ، وَإِنْ كَانَ لَا مَنْجَا مِنْ الْقَدْرِ وَلَكِنْ لَعَلَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ قَدَّرَ السَّلَامَةَ فِي الْفِرَارِ مِنْهُ.
وَقَدْ رَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الطَّاعُونِ إذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأَرْضٍ فَلَا تَقْدَمُوا عَلَيْهِ» ، وَإِنْ كَانَ لَا يَنْجُو أَحَدٌ مِنْ الْقَدْرِ وَلَا يُجَاوِزُ الْأَجَلَ وَلَكِنَّهُ يَعْتَقِدُ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ قَدَّرَ السَّلَامَةَ فِي التَّوَقُّفِ عَنْهُ وَمَنَعَ الْمُقِيمَ بِبَلَدِ الطَّاعُونِ أَنْ يَفِرَّ عَنْهُ.
وَقَدْ رَوَى الزُّهْرِيُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا طِيَرَةَ وَخَيْرُهَا الْفَأْلُ قَالَ وَمَا الْفَأْلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: الْكَلِمَةُ الصَّالِحَةُ يَسْمَعُهَا أَحَدُكُمْ» «وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ حِينَ قَالَ لَهُ كُنَّا نَتَطَيَّرُ قَالَ: إنَّمَا ذَلِكَ شَيْءٌ يَجِدُهُ أَحَدُكُمْ فِي نَفْسِهِ فَلَا يَصُدَّنَّكُمْ» فَمَنَعَ مِنْ التَّطَيُّرِ بِمَا يَرَاهُ الْإِنْسَانُ مِنْ طَائِرٍ أَوْ سَانِحٍ أَوْ بَارِحٍ.
وَقَدْ رَوَى عِكْرِمَةُ كُنْت عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ فَمَرَّ طَائِرٌ يَصِيحُ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ خَيْرٌ خَيْرٌ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ مَا عِنْدَ هَذَا خَيْرٌ وَلَا شَرٌّ، وَقَدْ كَانَ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ يَتَنَزَّهُونَ عَنْ التَّطَيُّرِ وَيَعِيبُونَهُ قَالَ الْمُرَقَّشُ
وَلَقَدْ غَدَوْت وَكُنْت لَا ... أَغْدُو عَلَى وَاقٍ وَحَائِمِ
فَإِذَا الْأَشَائِمُ كَالْأَيَا ... مِنْ وَالْأَيَامِنُ كَالْأَشَائِمِ
فَعَلَى هَذَا مَا يَجْرِي مِنْ هَذَا الْمَعْنَى عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ: ضَرْبٌ مِنْهَا أَمْرٌ ثَابِتٌ فِي عَيْنٍ مِنْ الْأَعْيَانِ فَإِذَا