أَهْلِ الْغَنَمِ» .

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا يَحْتَلِبَنَّ أَحَدٌ مَاشِيَةَ أَحَدٍ بِغَيْرِ إذْنِهِ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تُؤْتَى مَشْرُبَتُهُ فَتُكْسَرُ خِزَانَتُهُ فَيُنْتَقَلُ طَعَامُهُ، وَإِنَّمَا تَخْزُنُ لَهُمْ ضُرُوعُ مَوَاشِيهِمْ أَطْعِمَاتِهِمْ فَلَا يَحْتَلِبَنَّ أَحَدٌ مَاشِيَةَ أَحَدٍ إلَّا بِإِذْنِهِ» ) .

ـــــــــــــــــــــــــــــQ [مَا جَاءَ فِي أَمْرِ الْغَنَمِ]

(ش) : قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «رَأْسُ الْكُفْرِ» يُرِيدُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - مُعْظَمَهُ وَشِدَّتَهُ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَحْوَ الْمَشْرِقِ» يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - فَارِسَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ أَهْلَ نَجْدٍ فَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيُؤَيِّدُ هَذَا التَّأْوِيلَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَالْفَخْرُ وَالْخُيَلَاءُ فِي أَهْلِ الْخَيْلِ وَالْإِبِلِ وَالْفَدَّادِينَ أَهْلِ الْوَبَرِ» وَهَؤُلَاءِ كَانُوا أَهْلَ نَجْدٍ وَأَمَّا الْفَدَّادُونَ فَرَوَى عِيسَى بْنُ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: هُمْ أَهْلُ الْجَفَاءِ، قَالَ مَالِكٌ: وَقَدْ سَأَلْت عَنْ ذَلِكَ فَقِيلَ لِي هُمْ أَهْلُ الْجَفَاءِ.

وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْفَدَّادُ ذُو الْمَالِ الْكَثِيرِ وَوَصْفُ أَهْلِ الْخَيْلِ وَالْإِبِلِ بِاسْمِ أَهْلِ الْفَخْرِ وَالْخُيَلَاءِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِمَّا يُعْرَفُ بِهِ أَهْلُ الْخُيَلَاءِ وَالْفَخْرِ وَيُحْتَمَلُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ سَبَبَ فَخْرِهِمْ وَخُيَلَائِهِمْ لِلْغِنَى الْمُطْغِي وَقُوَّةِ أَمْوَالِهِمْ وَكَوْنِهَا عَوْنًا لَهُمْ عَلَى مَنْ نَاوَاهُمْ وَحَارَبَهُمْ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَالسَّكِينَةُ فِي أَهْلِ الْغَنَمِ» يُحْتَمَلُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ التَّعَرُّفِ بِهِمْ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ سَبَبَ سَكِينَتِهِمْ لِضَعْفِهَا وَقِلَّةِ اسْتِعَانَةِ أَهْلِهَا بِهَا فِي مُحَارَبَةِ عَدُوٍّ وَمُنَاوَأَتِهِ فَرَغِبُوا فِي الْمُسَالَمَةِ وَتَخَلَّقُوا بِالسَّكِينَةِ وَالْوَقَارِ وَالْكَفِّ عَنْ الْأَذَى.

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ خَيْرُ مَالِ الْمُسْلِمِ غَنَمًا يَتْبَعُ بِهَا شَعَفَ الْجِبَالِ وَمَوَاقِعَ الْقَطْرِ يَفِرُّ بِدِينِهِ مِنْ الْفِتَنِ» شُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ خَيْرُ مَالِ الْمُسْلِمِ غَنَمًا يَتْبَعُ بِهَا شَعَفَ الْجِبَالِ وَمَوَاقِعَ الْقَطْرِ يَفِرُّ بِدِينِهِ مِنْ الْفِتَنِ» يُرِيدُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - أَنْ يَقْرَبَ ذَلِكَ وَوَصَفَهُ بِالْإِسْلَامِ لَمَّا كَانَ الْمُسْلِمُونَ مُخْتَصِّينَ بِخَيْرِ الْآخِرَةِ، وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «يَتْبَعُ بِهَا شَعَفَ الْجِبَالِ يُرِيدُ أَعَالِيَهَا وَمَوَاقِعَ الْقَطْرَ يُرِيدُ حَيْثُ الْكَلَأُ» وَالْمَاءُ لِمَاشِيَتِهِ قَالَهُ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «يَفِرُّ بِدِينِهِ مِنْ الْفِتَنِ» يُرِيدُ الَّتِي يَدْخُلُ فِيهَا غَيْرُهُ وَخَصَّ الْغَنَمَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ هَذَا إنَّمَا يَكُونُ فِي صَاحِبِ غَنَمٍ وَأَمَّا صَاحِبُ الْإِبِلِ أَوْ الْخَيْلِ أَوْ غَيْرِهِمَا مِنْ أَنْوَاعِ الْأَمْوَالِ فَلَا يَتَأَتَّى ذَلِكَ فِيهَا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ خَصَّهُمْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْكَافَّ عَنْ الْفِتْنَةِ وَالْمُعْتَزِلَ لِأَهْلِهَا مُقْتَصِرٌ عَلَى هَذَا النَّوْعِ مِنْ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ لَا مَدْخَلَ لَهُ فِي الْفِتْنَةِ وَلَا عَوْنَ مِنْهُ عَلَيْهَا وَمَا يَكَادُ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَيْهَا إلَّا مُتَقَلِّلٌ مِنْ الدُّنْيَا، فَأَرْعَنُ الْفِتْنَةِ مُقْتَصِرٌ عَلَى مَا يُبْعِدُهُ عَنْهَا أَوْ يُضْعِفُهُ عَنْ التَّشَوُّفِ إلَيْهَا وَهَذَا الْحَدِيثُ يَقْتَضِي جَوَازَ الِاعْتِزَالِ عِنْدَ الْفِتْنَةِ؛ لِأَنَّ مَنْ كَانَ مَعَ مَاشِيَتِهِ يَرْعَاهَا وَيَتْبَعُ بِهَا مَوَاقِعَ الْقَطْرِ لَمْ يُمْكِنْهُ غَيْرُ الِاعْتِزَالِ وَالْبَعْدُ عَنْ الْحَوَاضِرِ وَالْقُرَى، قَالَ بُكَيْر بْنُ الْأَشَجِّ أَمَا أَنَّ رِجَالًا مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ لَزِمُوا بُيُوتَهُمْ بَعْدَ قَتْلِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ فَلَمْ يَخْرُجُوا إلَّا إلَى قُبُورِهِمْ وَقَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَامّ لَا يَنْبُلُ الرَّجُلُ حَتَّى يَلْتَزِمَ بَيْتَهُ. وَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ نَعَمْ صَوْمَعَةُ الرَّجُلِ بَيْتُهُ يَكُفُّ بَصَرَهُ وَنَفْسَهُ وَإِيَّاكُمْ وَمَجَالِسَ الْأَسْوَاقِ فَإِنَّهَا تُلْهِي وَتُلْغِي وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَاَلَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ لَقَدْ حَلَّتْ الْعُزْلَةُ.

(ش) : قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَا يَحْتَلِبَنَّ أَحَدٌ مَاشِيَةَ أَحَدٍ» يُرِيدُ غَيْرَهُ «بِغَيْرِ إذْنِهِ» عَلَى وَجْهِ الْمَنْعِ مِنْ مَالِ غَيْرِهِ إلَّا بِإِذْنِهِ وَطِيبِ نَفْسِهِ،.

وَقَدْ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ فِي الرَّجُلِ يَدْخُلُ الْحَائِطَ فَيَجِدُ الثَّمَرَ سَاقِطًا قَالَ: لَا يَأْكُلُ مِنْهُ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ صَاحِبَهُ طَيِّبُ النَّفْسِ بِهِ أَوْ يَكُونَ مُحْتَاجًا إلَى ذَلِكَ فَأَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ بِهِ بَأْسٌ يُرِيدُ أَنْ يُعْلَمَ مِنْ حَالِهِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَشُقُّ عَلَيْهِ لِقِلَّتِهِ بَلْ رُبَّمَا كَانَ ذَلِكَ مِمَّا يَسُرُّهُ وَيَسُوءُهُ أَلَّا يَفْعَلُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ إظْهَارِ طِيبِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015