(ص) : (مَالِكٌ عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: «سَدَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَاصِيَتَهُ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ فَرَّقَ بَعْدَ ذَلِكَ» ) .
ـــــــــــــــــــــــــــــQشَعْرِهَا فَكَرِهَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ أَجْلِ مَا فِيهِ مِنْ تَغْيِيرِ الْخِلْقَةِ وَالتَّدْلِيسِ وَقَدْ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ وَهُوَ فِي مَعْنَى اتِّخَاذِ قُصَّةِ الشَّعْرِ وَقَالَ: فِيهِ الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ يَا أَهْلَ الْمَدِينَةِ أَيْنَ عُلَمَاؤُكُمْ عَلَى مَعْنَى الِاسْتِعَانَةِ بِهِمْ عَلَى مُوَافَقَتِهِمْ لِقَوْلِهِ إنْ كَانُوا لَمْ يَعْرِفُوا مَنْ اتَّخَذَ ذَلِكَ، أَوْ الْإِنْكَارُ عَلَيْهِمْ إنْ كَانُوا لَمْ يُنْكِرُوا ذَلِكَ فَيَقُولُ كَيْفَ فُعِلَ هَذَا عِنْدَكُمْ مَعَ بَقَاءِ عُلَمَائِكُمْ قَالَ: مَالِكٌ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ تَصِلَ الْمَرْأَةُ شَعْرَهَا بِشَعْرٍ وَلَا غَيْرِهِ.
وَقَالَ: اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ يَجُوزُ أَنْ تَصِلَهُ بِالصُّوفِ وَإِنَّمَا كُرِهَ الشَّعْرُ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقَلُوهُ مَا رُوِيَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَعَنَ اللَّهُ الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ» وَهَذَا عَامٌّ وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّهُ صِلَةٌ لِلشَّعْرِ مُغَيِّرَةٌ لِلْخَلْقِ كَالصِّلَةِ بِالشَّعْرِ قَالَ: مَالِكٌ وَلَا خَيْرَ فِي أَنْ تَضَعَ الْجُمَّةَ عَلَى رَأْسِهَا قَالَ: مَالِكٌ وَلَا بَأْسَ بِالْخِرَقِ تَجْعَلُهَا الْمَرْأَةُ فِي قَفَاهَا وَتُرْبَطُ لِلْوِقَايَةِ وَمَا مِنْ عِلَاجِهِنَّ أَخَفُّ مِنْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
وَنَهَى عَنْ الْقَزَعِ وَهُوَ أَنْ يَحْلِقَ بَعْضَ الرَّأْسِ وَيُبْقِيَ مَوَاضِعَ، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ نَهَى عَنْ الْقَزَعِ وَمِنْ ذَلِكَ الْقُصَّةُ وَالْقَفَا وَهُوَ أَنْ يُحْلَقَ رَأْسُ الصَّبِيِّ فَيُتْرَكَ مِنْهُ مُقَدَّمُهُ وَشَعْرُ الْقَفَا قَالَ: مَالِكٌ لَا يُعْجِبُنِي ذَلِكَ فِي الْجَوَارِي وَلَا الْغِلْمَانِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ مِنْ نَاحِيَةِ الْقَزَعِ.
وَقَالَ: مَالِكٌ وَلْيَحْلِقُوا جَمِيعَهُ، أَوْ يَتْرُكُوا جَمِيعَهُ وَسُئِلَ عَنْ الْقُصَّةِ وَحْدَهَا فَقَالَ: مَا يُعْجِبُنِي ذَلِكَ وَوَجْهُهُ مَا تَقَدَّمَ وَمِنْ هَذَا الْبَابِ الْوَشْمُ وَهُوَ مَمْنُوعٌ وَالْوَشْمُ النَّقْشُ فِي الْيَدِ وَالذِّرَاعِ، أَوْ الصَّدْرِ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَعَنَ اللَّهُ الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ وَالْوَاشِمَةَ وَالْمُسْتَوْشِمَةَ» .
وَقَالَ: ابْنُ نَافِعٍ الْوَسْمُ فِي اللِّثَةِ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ هَذَا مَعْنًى بَاقٍ كَالْخِلْقَةِ وَمِنْ ذَلِكَ التَّفَلُّجُ وَرَوَى عَلْقَمَةُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ:: «لَعَنَ اللَّهُ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُسْتَوْشِمَاتِ وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ» ، مَا لِي لَا أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
وَهَذَا فِيمَا يَكُونُ بَاقِيًا وَأَمَّا مَا كَانَ لَا يَبْقَى وَإِنَّمَا هُوَ مَوْضِعٌ لِلْجَمَالِ يُسْرِعُ إلَيْهِ التَّغْيِيرُ كَالْكُحْلِ فَقَدْ قَالَ: مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا بَأْسَ بِالْكُحْلِ لِلْمَرْأَةِ الْإِثْمِدِ وَغَيْرِهِ لِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَأَمَّا الرَّجُلُ فَقَدْ قَالَ: مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَكْرَهُ الْكُحْلَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لِلرَّجُلِ إلَّا لِمَنْ بِهِ عِلَّةٌ، وَمَا أَدْرَكْت مَنْ يَكْتَحِلُ نَهَارًا إلَّا مِنْ ضَرُورَةٍ وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ نَافِعٍ لَيْسَ الْكُحْلُ بِالْإِثْمِدِ مِنْ عَمَلِ النَّاسِ وَلَا سَمِعْت فِيهِ بِنَهْيٍ يُرِيدُ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ اسْتِحْسَانِ زِيِّ مَنْ مَضَى مِنْ عُلَمَاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَالْأَخْذِ بِهَدْيِهِمْ وَأَدَبِهِمْ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي اخْتَارَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَأَمَّا الْحِنَّاءُ فَقَدْ قَالَ: مَالِكٌ لَا بَأْسَ أَنْ تُزَيِّنَ الْمَرْأَةُ يَدَيْهَا بِالْحِنَّاءِ، أَوْ تُطَرِّفَهُمَا بِغَيْرِ خِضَابٍ وَأَنْكَرَ مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إمَّا أَنْ تُخَضِّبَ يَدَهَا كُلَّهَا، أَوْ تَدَعَ.
(ش) : قَوْلُهُ سَدَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَاصِيَتَهُ، ثُمَّ فَرَّقَ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ: عِيسَى بْنُ دِينَارٍ إسْدَالُ الْقُصَّةِ يُرِيدُ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْهُ قُصَّةً فِي مُقَدَّمِ الرَّأْسِ فَعَلَ ذَلِكَ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - لِمُتَابَعَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يُسْدِلُونَ شُعُورَهُمْ وَكَانَ يُحِبُّ مُتَابَعَتَهُمْ فِيمَا لَمْ يُؤْمَرْ فِيهِ بِمُخَالَفَةٍ وَذَلِكَ يَحْتَمِلُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّهُ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّ ذَلِكَ مِمَّا لَمْ يُغَيِّرُوهُ مِنْ شَرِيعَةِ أَنْبِيَائِهِمْ إمَّا بِوَحْيٍ، أَوْ بِخَبَرٍ مُتَوَاتِرٍ وَقَدْ أُمِرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنْ يُقْتَدَى بِهِمْ فَكَانَ يَتَّبِعُ أَهْلَ الْكِتَابِ فِي ذَلِكَ فَإِذَا طَرَأَ النَّسْخُ دَانَ بِمُخَالَفَتِهِمْ وَعَدَلَ إلَى مَا أُمِرَ بِهِ فَلِذَلِكَ فَرَّقَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ أَنْ سَدَلَ قَالَ: ابْنُ عَبَّاسٍ كَانَ أَهْلُ الْكِتَابِ يُسْدِلُونَ شُعُورَهُمْ وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يُفَرِّقُونَ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -