. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِاللَّيْلِ فَلَيْسَتْ مِنْ أَفْعَالِ السَّارِقِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَبُو بَكْرٍ يَقُولُ وَأَبِيك عَلَى عَادَةِ الْعَرَبِ فِي تَخَاطُبِهَا وَتَرَاجُعِهَا دُونَ أَنْ يَقْصِدَ بِهِ الْقَسَمَ لِمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «إنَّ اللَّهَ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ» .
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ إنَّهُمْ فَقَدُوا عِقْدًا لِأَسْمَاءِ زَوْجِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ فَأَخَذُوا يَطْلُبُونَهُ وَيَبْحَثُونَ عَنْهُ، وَهُوَ يَمْشِي مَعَهُمْ فِي ذَلِكَ، وَيَدْعُو عَلَى مَنْ سَرَقَهُ فَيَقُولُ: اللَّهُمَّ عَلَيْك بِمَنْ بَيَّتَ أَهْلَ هَذَا الْبَيْتِ الصَّالِحِ يُرِيدُ سَرَقَهُمْ لَيْلًا أَوْ صَيَّرَهُمْ فِي لَيْلِهِمْ إلَى مِثْلِ ذَلِكَ الْحَالِ مِنْ التَّعَبِ وَالْمَشَقَّةِ، ثُمَّ إنَّ الْحُلِيَّ وُجِدَ عِنْدَ صَائِغٍ زَعَمَ أَنَّ الْأَقْطَعَ جَاءَهُ بِهِ، وَهَذَا لَا يُوجِبُ عَلَى الصَّائِغِ قَطْعًا لَوْ أَنْكَرَ الْأَقْطَعُ؛ لِأَنَّهُ مَنْ وُجِدَ عِنْدَهُ مَتَاعٌ وَزَعَمَ أَنَّهُ لَهُ أَوْ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ أَوْ وُهِبَ لَهُ فَاسْتَحَقَّهُ مِنْهُ مُسْتَحِقٌّ زَعَمَ أَنَّهُ سَرَقَ لَهُ فَإِنَّهُ لَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مُتَّهَمٍ أَوْ مُتَّهَمًا فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُتَّهَمٍ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيمَنْ تُوجَدُ مَعَهُ السَّرِقَةُ فَيَقُولُ ابْتَعْتهَا مِنْ السُّوقِ، وَلَا يَعْرِفُ بَائِعَهَا وَهِيَ ذَاتُ بَالٍ أَوْ لَا بَالَ لَهَا، أَوْ ادَّعَى الْمُسْتَحِقُّ أَنَّهَا أَكْثَرُ مِمَّا وُجِدَ مَعَهُ أَنَّهَا تُرَدُّ إلَى مَنْ اسْتَحَقَّهَا بِالْبَيِّنَةِ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ مَا خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ فَإِنْ كَانَ مَنْ وُجِدَتْ بِيَدِهِ مِنْ أَهْلِ الصِّحَّةِ خَلَّى سَبِيلَهُ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ، وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ أَصْبَغَ أَنَّهُ إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاحِ وَالْبَرَاءَةِ أُدِّبَ الْمُدَّعِي.
وَقَالَ مَالِكٌ لَا يُؤَدَّبُ إذَا كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ طَلَبًا لِحَقِّهِ، وَإِنْ قَالَهُ عَلَى وَجْهِ الْمُشَاتَمَةِ نُكِلَ لَهُ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ عَنْ أَشْهَبَ لَا أَدَبَ عَلَى الْمُدَّعِي إلَّا أَنَّهُ يُتَّهَمُ أَنَّهُ يُرِيدُ عَيْبَهُ وَسَبَّهُ، وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ قَدْ أَضَافَ إلَيْهِ السَّرِقَةَ وَهُوَ مُنَزَّهٌ عَنْهَا فَوَجَبَ عَلَيْهِ الْأَدَبُ كَمَا لَوْ قَصَدَ شَتْمَهُ، وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّهُ مُحْتَاجٌ إلَى أَنْ يَقُومَ بِدَعْوَاهُ فَكَانَ لَهُ مَخْرَجٌ يَصْرِفُ عَنْهُ الْأَدَبَ كَالْقَاذِفِ لِزَوْجَتِهِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَأَمَّا إنْ كَانَ مَجْهُولَ الْحَالِ فَظَاهِرُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا أَدَبَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ هُوَ الْيَمِينُ وَفِي الْمُوَاضَحَةِ مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ يُخَلَّى سَبِيلُهُ دُونَ يَمِينٍ، وَذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ إنْ كَانَ مُتَّهَمًا مَوْصُوفًا بِذَلِكَ هُدِّدَ وَسُجِنَ وَأُحْلِفَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَمْ يُعْرَضْ لَهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاحِ أُدِّبَ لَهُ الْمُدَّعِي، وَالْقَوْلَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى ثُبُوتِ يَمِينِ التُّهْمَةِ أَوْ نَفْيِهَا، وَقَدْ رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ مَنْ سُرِقَ لَهُ مَتَاعٌ فَاتَّهَمَ مِنْ جِيرَانِهِ رَجُلًا غَيْرَ مَعْرُوفٍ أَوْ اتَّهَمَ رَجُلًا غَرِيبًا أَنَّهُ يُسْجَنُ حَتَّى يَكْشِفَ عَنْ حَالِهِ، وَلَا يُطَالُ حَبْسُهُ؛ لِأَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَبَسَ رَجُلًا اتَّهَمَهُ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ بِسَرِقَةٍ لِغَيْرِهِ، وَقَدْ صَحِبَهُ فِي السَّفَرِ» قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ، وَقَدْ قَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَإِذَا كَانَ مُتَّهَمًا فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ عَنْ أَشْهَبَ يُمْتَحَنُ بِالسَّجْنِ وَالْأَدَبِ، وَيُجْلَدُ بِالسَّوْطِ مُجَرَّدًا قَالَ أَصْبَغُ: لَا يُعَذَّبُ وَظَاهِرُهُ نَفْيُ الضَّرْبِ، وَأَمَّا الْحَبْسُ فَيُحْبَسُ بِقَدْرِ رَأْيِ الْإِمَامِ قَالَ مَالِكٌ: وَلَا يُسْجَنُ حَتَّى يَمُوتَ وَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنْ يَمُوتَ يُسْجَنُ حَتَّى يَمُوتَ، وَبِهِ قَالَ اللَّيْثُ.
وَقَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَصْبَغُ فِيمَنْ سُرِقَ لَهُ مَتَاعٌ فَاتَّهَمَ رَجُلًا مَعْرُوفًا بِذَلِكَ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ السَّجْنَ تَعْزِيرٌ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَصْرُوفًا إلَى اجْتِهَادِ الْإِمَامِ، وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ السَّجْنَ إنَّمَا هُوَ لِقَبْضِ أَذَاهُ عَنْ النَّاسِ إذَا كَانَ مَعْرُوفًا بِذَلِكَ لِتَكَرُّرِهِ مِنْهُ مَعَ إصْرَارِهِ عَلَى الْإِنْكَارِ وَإِتْلَافِ أَمْوَالِ النَّاسِ، فَيَجِبُ أَنْ يُقْبَضَ عَنْهُمْ بِالسَّجْنِ، وَلَيْسَ بَعْضُ الْأَوْقَاتِ بِأَوْلَى بِذَلِكَ مِنْ بَعْضٍ مَعَ تَسَاوِي حَالِهِ فِيهَا.
(فَرْعٌ) وَهَلْ عَلَيْهِ يَمِينٌ مَعَ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِنْ الْأَدَبِ وَالسَّجْنِ رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ وَابْنِ الْمَوَّازِ عَنْ أَصْبَغَ أَنَّهُ يُهَدَّدُ وَيُسْجَنُ وَيَحْلِفُ، وَرَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ أَشْهَبَ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ، وَجْهُ إثْبَاتِ الْيَمِينِ عَلَيْهِ أَنَّ الْيَمِينَ تَلْزَمُهُ لِمَا اُدُّعِيَ عَلَيْهِ مِنْ حَقِّ الْمَالِ، وَوَجْهُ نَفْيِ الْيَمِينِ أَنَّ الدَّعْوَى إنَّمَا تَعَلَّقَتْ بِالسَّرِقَةِ، وَقَدْ ثَبَتَ بِسَبَبِهَا مِنْ الْعُقُوبَةِ مَا يُنَافِي الْيَمِينَ كَمَا يُنَافِيهَا الْقَطْعُ فِي السَّرِقَةِ.
1 -
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ فَأَمَرَ بِهِ أَبُو بَكْرٍ فَقُطِعَتْ يَدُهُ الْيُسْرَى يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَطَعَ يَدَهُ الْيُسْرَى لَمَّا كَانَتْ