. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي بَيْتٍ تُحْرَزُ فِيهِ بِغَلْقٍ فَفِيهَا الْقَطْعُ، وَأَمَّا مَا وُضِعَ فِي بَعْضِ مَجَالِسِ الْحَمَّامِ بِغَيْرِ حَارِسٍ لِلْحَمَّامِ وَلَا غَلْقٍ عَلَيْهِ فَلَا قَطْعَ فِيهِ إلَّا أَنْ يَسْرِقَهُ مَنْ لَمْ يَدْخُلْ مِنْ مَدْخَلِ النَّاسِ، وَإِنَّمَا نَقَبَ وَاحْتَالَ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ، قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَقَالَهُ الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ مَالِكٌ: وَلَيْسَ مَا فِي الْحَمَّامِ مِنْ مَتَاعِ النَّاسِ لَا حَارِسَ لَهُ قَطْعٌ، وَلَيْسَ هُوَ مِثْلُ مَا يُوضَعُ بِالْأَسْوَاقِ مِنْ مَتَاعٍ وَيَذْهَبُ عَنْهُ رَبُّهُ فَفِي هَذَا الْقَطْعُ.
(فَرْقٌ) وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ سَارِقَ الْحَمَّامِ لَا يُقْطَعُ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا أَخْطَأَ الرَّجُلُ، وَرُبَّمَا غَفَلَ قَالَ سَحْنُونٌ يُرِيدُ أَنَّهُ قَالَ ظَنَنْته ثَوْبِي.
وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَعِنْدِي أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْمَتَاعَ يَقْصِدُ وَضْعَهُ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَإِحْرَازَهُ فِيهِ لِنَفْسِهِ فَلِذَلِكَ قَصَرَ الْقَطْعَ عَلَى مَنْ سَرَقَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ أَحَدٌ.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ فَتَوَسَّدَ رِدَاءَهُ فَسُرِقَ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ فِيمَنْ سُرِقَ رِدَاؤُهُ فِي الْمَسْجِدِ، وَلَمْ يَكُنْ تَحْتَ رَأْسِهِ، وَكَانَ قَرِيبًا مِنْهُ يُقْطَعُ إنْ كَانَ مُنْتَبِهًا وَكَالنَّعْلَيْنِ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَحَيْثُ يَكُونَانِ مِنْهُ فَقِيلَ لَهُ قَدْ قُطِعَ فِي رِدَاءِ صَفْوَانَ وَهُوَ نَائِمٌ فَقَالَ ذَلِكَ كَانَ تَحْتَ رَأْسِهِ.
وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ فِي النَّعْلَيْنِ وَفِي ثَوْبِ النَّائِمِ يُسْرَقُ يُرِيدُ مِنْ تَحْتِ رَأْسِهِ يُقْطَعُ فَفَرَّقَ بَيْنَ النَّائِمِ وَغَيْرِهِ فِيمَا لَا يَكُونُ تَحْتَ رَأْسِهِ، وَإِنَّمَا هُوَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَعَلَى حَسْبِ مَا يَكُونُ مِمَّنْ يَحْرُسُهُ، وَيُقَالُ إنَّهُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَمَعَهُ، وَأَمَّا مَا كَانَ تَحْتَ رَأْسِهِ فَيُقْطَعُ فِي النَّائِمِ وَالْيَقْظَانِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ مَا كَانَ تَحْتَ رَأْسِهِ يَحْرُسُهُ غَالِبًا النَّائِمُ وَالْيَقْظَانُ؛ لِأَنَّهُ إذَا أُخِذَ مِنْ تَحْتِ رَأْسِهِ يَسْتَيْقِظُ بِهِ، وَأَمَّا مَا كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلَا يَحْرُسُهُ إلَّا الْيَقْظَانُ وَلِلْحَارِسِ تَأْثِيرٌ فِي الْقَطْعِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
1 -
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُ فَأَخَذَ صَفْوَانُ السَّارِقَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَخَذَهُ فِي الْمَسْجِدِ وَرَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ الَّتِي تُوضَعُ فِي الْمَسْجِدِ مَنْ سَرَقَ مِنْهَا لَا يُقْطَعُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهَا حَارِسٌ فَيُقْطَعُ، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ كَمَا قُطِعَ سَارِقُ رِدَاءِ صَفْوَانَ، وَقَدْ أُخِذَ فِي الْمَسْجِدِ، وَلَوْ كَانَتْ الْفِطْرَةُ فِي بَيْتِ الْمَسْجِدِ لَقُطِعَ إذَا أَخْرَجَهُ مِنْ الْمَسْجِدِ، وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ فِيمَنْ جَعَلَ ثَوْبَهُ قَرِيبًا مِنْهُ، ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي فَسَرَقَ سَارِقٌ أَنَّهُ يُقْطَعُ إذَا أَخَذَ، وَقَدْ قَبَضَهُ قَبْلَ أَنْ يَتَوَجَّهَ بِهِ قَالَ: وَلَوْ قُلْت لَا يُقْطَعُ حَتَّى يَتَوَجَّهَ بِهِ لَقُلْت لَا يُقْطَعُ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ الْمَسْجِدِ، وَقَدْ قَالَ أَصْبَغُ فِي غَيْرِ رِوَايَةِ ابْنِ حَبِيبٍ يُقْطَعُ كَانَ مَعَهُ حَارِسٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ كَقَنَادِيلِ الْمَسْجِدِ وَحُصُرِهِ.
وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَيْسَ ذَلِكَ كَقَنَادِيلِهِ وَحُصُرِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَوْضِعُهَا وَمِنْ مَصْلَحَةِ الْمَسْجِدِ، وَأَمَّا الْفِطْرَةُ فَلَيْسَ ذَلِكَ مَوْضِعُهَا وَلَا جُعِلَتْ فِيهِ لِلْمَسْجِدِ.
1 -
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُ صَفْوَانَ لَمَّا أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَطْعِهِ: «لَمْ أُرِدْ هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ هُوَ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ» يُرِيدُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ أَنْ يَبْلُغَ بِهِ الْقَطْعَ، وَأَنَّهُ قَدْ وَهَبَهُ الثَّوْبَ لِيُبَيِّنَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ الْقَطْعَ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ وَهَبَهُ ذَلِكَ لَمَّا اعْتَقَدَ أَنَّ ذَلِكَ يُسْقِطُ عَنْهُ الْقَطْعَ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ اعْتَقَدَ أَنَّ الْحَقَّ مِنْ حُقُوقِهِ فَتَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ بِمَعْنَى أَنَّهُ أَسْقَطَهُ عَنْهُ، وَذَلِكَ كُلُّهُ لَا يُسْقِطُ الْقَطْعَ عَنْ السَّارِقِ بَعْدَ وُجُوبِهِ عَلَيْهِ سَوَاءٌ وَهَبَهُ إيَّاهُ قَبْلَ التَّرَافُعِ أَوْ بَعْدَهُ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يُسْقِطُ ذَلِكَ الْقَطْعَ، وَفَرَّقَ قَوْمٌ بَيْنَ قَبْلِ التَّرَافُعِ وَبَعْدَهُ، وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ قَوْله تَعَالَى {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38] وَحَدِيثُ صَفْوَانَ الْمُتَقَدِّمُ وَمِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّهُ انْتِقَالُ مِلْكٍ بَعْدَ السَّرِقَةِ، فَلَمْ يُؤَثِّرْ فِي إسْقَاطِ الْقَطْعِ كَمَا لَوْ وَهَبَهُ لِأَجْنَبِيٍّ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَلَوْ سَرَقَ مَتَاعًا وَقَامَتْ بِذَلِكَ بَيِّنَةٌ فَقَالَ كُنْت أَوْدَعْته عِنْدَ صَاحِبِ الْمَنْزِلِ فَقَدْ رَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يُقْطَعُ، وَإِنْ صَدَّقَهُ صَاحِبُ الْمَتَاعِ.
وَقَالَ عِيسَى أَحَبُّ إلَيَّ إنْ صَدَّقَهُ أَنْ لَا يُقْطَعَ، وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْقَطْعَ قَدْ وَجَبَ بِسَرِقَةٍ ثَبَتَتْ فَلَا يَسْقُطُ بِتَمَلُّكِ السَّارِقِ لِمَا سَرَقَ أَصْلُ ذَلِكَ لَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ، وَوَجْهُ قَوْلِ عِيسَى أَنَّ إقْرَارَ صَاحِبِ الْمَتَاعِ مَعْنًى يَثْبُتُ بِهِ تَقَدُّمُ مِلْكِهِ فَمَنَعَ ذَلِكَ وُجُوبَ الْقَطْعِ