(ص) : (مَالِكٌ أَنَّ عَبْدًا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ سَرَقَ وَهُوَ آبِقٌ فَأَرْسَلَ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ إلَى سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ وَهُوَ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ لِيَقْطَعَ يَدَهُ فَأَبَى سَعِيدٌ أَنْ يَقْطَعَ يَدَهُ وَقَالَ لَا تُقْطَعُ يَدُ الْآبِقِ السَّارِقِ إذَا سَرَقَ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: فِي أَيِّ كِتَابِ اللَّهِ وَجَدْت هَذَا؟ ثُمَّ أَمَرَ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فَقُطِعَتْ يَدُهُ عَنْ مَالِكٍ عَنْ زُرَيْقِ بْنِ حَكِيمٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ أَخَذَ عَبْدًا آبِقًا قَدْ سَرَقَ قَالَ فَأَشْكَلَ عَلَيَّ أَمْرُهُ فَكَتَبْت فِيهِ إلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَسْأَلُهُ عَنْ ذَلِكَ وَهُوَ الْوَالِي يَوْمَئِذٍ، قَالَ فَأَخْبَرْته أَنَّنِي كُنْت أَسْمَعُ أَنَّ الْعَبْدَ الْآبِقَ إذَا سَرَقَ وَهُوَ آبِقٌ لَمْ تُقْطَعْ يَدُهُ فَكَتَبَ إلَيَّ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ نَقِيضَ كِتَابِي يَقُولُ كَتَبْت إلَيَّ أَنَّكَ كُنْت تَسْمَعُ أَنَّ الْعَبْدَ الْآبِقَ إذَا سَرَقَ لَمْ تُقْطَعُ يَدُهُ، وَأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [المائدة: 38] فَإِنْ بَلَغَتْ سَرِقَتُهُ رُبْعَ دِينَارٍ فَصَاعِدًا فَاقْطَعْ يَدَهُ مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ وَسَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَعُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ كَانُوا يَقُولُونَ إذَا سَرَقَ الْعَبْدُ الْآبِقُ مَا يَجِبُ فِيهِ الْقَطْعُ قُطِعَ قَالَ مَالِكٌ: وَذَلِكَ الْأَمْرُ الَّذِي لَا اخْتِلَافَ فِيهِ عِنْدَنَا أَنَّ الْعَبْدَ الْآبِقَ إذَا سَرَقَ مَا يَجِبُ فِيهِ الْقَطْعُ قُطِعَ)
تَرْكُ الشَّفَاعَةِ لِلسَّارِقِ إذَا بَلَغَ السُّلْطَانَ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ «أَنَّ صَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ قِيلَ لَهُ إنَّهُ إنْ لَمْ يُهَاجِرْ هَلَكَ فَقَدِمَ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ الْمَدِينَةَ فَقَامَ فِي الْمَسْجِدِ وَتَوَسَّدَ رِدَاءَهُ فَجَاءَ سَارِقٌ فَأَخَذَ رِدَاءَهُ فَأَخَذَ صَفْوَانُ السَّارِقَ فَجَاءَ بِهِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ فَأَمَرَتْ بِهِ عَائِشَةُ فَقُطِعَ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ أَنَّهُ حُمِلَ إلَى الْأَمِيرِ فَثَبَتَ اعْتِرَافُهُ عِنْدَهُ فَقَطَعَهُ، وَقَوْلُ عَائِشَةَ الْقَطْعُ فِي رُبْعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا تُرِيدُ أَنَّ الْبُرْدَ مِمَّا يَجِبُ فِيهِ الْقَطْعُ؛ لِأَنَّهُ لَا تَقْصُرُ قِيمَتُهُ عَنْ ذَلِكَ.
وَقَالَ مَالِكٌ أَحَبُّ مَا يَجِبُ إلَيَّ فِيهِ الْقَطْعُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ ارْتَفَعَ الصَّرْفُ أَوْ اتَّضَعَ يُرِيدُ فِيمَا يَحْتَاجُ إلَى تَقْوِيمٍ مِمَّا لَيْسَ بِذَهَبٍ وَلَا بِوَرِقٍ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ عَائِشَةُ إنَّمَا أَوْرَدَتْ ذَلِكَ عَلَى مَا حَفِظَتْ فِي نِصَابِ الذَّهَبِ لَا أَنَّهَا قَصَدَتْ إلَى تَقْوِيمِ ذَلِكَ، وَلَكِنَّهَا لَمَّا عَلِمَتْ أَنَّ الْبُرْدَ يُسَاوِي فَوْقَ رُبْعِ دِينَارٍ، وَأَنَّ الدِّينَارَ صَرْفُهُ اثْنَا عَشَرَ دِرْهَمًا كَانَ ذِكْرُهَا لِلنِّصَابِ مِنْ الذَّهَبِ كَذِكْرِهَا مِنْ الْوَرِقِ، وَآثَرَتْ ذِكْرَ مَا رَأَتْ مِنْ السُّنَّةِ، وَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّهُ أَحَبُّ إلَيَّ لَمَّا احْتَمَلَ قَوْلُ عَائِشَةَ أَنَّ النِّصَابَ مُقَدَّرٌ بِرُبْعِ دِينَارٍ فِيمَا يَعُودُ إلَى الْقِيمَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَاحْتَجَّ مَالِكٌ عَلَى قَوْلِهِ بِأَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَطَعَ فِي مِجَنٍّ ثَمَنُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ» وَالْمِجَنُّ مِمَّا يُقَوَّمُ فَلَمَّا تَعَلَّقَ بِهِ الْقَطْعُ تَعَلَّقَ بِقِيمَتِهِ بِثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ مِنْ الْوَرِقِ دُونَ قِيمَتِهِ مِنْ الذَّهَبِ، وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ عُثْمَانُ فَقُوِّمَتْ الْأُتْرُجَّةُ فِي زَمَنِهِ بِثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ، وَهَذَا كُلُّهُ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ الْأَبْهَرِيِّ فَإِنَّهُ حَمَلَ ذَلِكَ عَلَى عُرْفِ التَّعَامُلِ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.
[مَا جَاءَ فِي قَطْعِ الْآبِقِ وَالسَّارِقِ]
(هَذَا الْبَابُ لَمْ نَعْثُرْ عَلَى شَرْحٍ لَهُ فِي نُسَخِ الشَّارِحِ الَّتِي بِأَيْدِينَا اهـ) .
[تَرْكُ الشَّفَاعَةِ لِلسَّارِقِ إذَا بَلَغَ السُّلْطَانَ]
(ص) : (مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ «أَنَّ صَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ قِيلَ لَهُ إنَّهُ إنْ لَمْ يُهَاجِرْ هَلَكَ فَقَدِمَ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ الْمَدِينَةَ فَقَامَ فِي الْمَسْجِدِ وَتَوَسَّدَ رِدَاءَهُ فَجَاءَ سَارِقٌ فَأَخَذَ رِدَاءَهُ فَأَخَذَ صَفْوَانُ السَّارِقَ فَجَاءَ بِهِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -