(ص) : (مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ «أَنَّ رَجُلًا اعْتَرَفَ عَلَى نَفْسِهِ بِالزِّنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَشَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرُجِمَ» قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ يُؤْخَذُ الرَّجُلُ بِاعْتِرَافِهِ عَلَى نَفْسِهِ) .
(ص) : (مَالِكٌ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ زَيْدِ بْنِ طَلْحَةَ عَنْ أَبِيهِ زَيْدِ بْنِ طَلْحَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ «أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا زَنَتْ وَهِيَ حَامِلٌ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اذْهَبِي حَتَّى تَضَعِي فَلَمَّا وَضَعَتْ جَاءَتْهُ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اذْهَبِي حَتَّى تُرْضِعِيهِ فَلَمَّا أَرْضَعَتْهُ جَاءَتْهُ، فَقَالَ اذْهَبِي فَاسْتَوْدِعِيهِ فَاسْتَوْدَعَتْهُ ثُمَّ جَاءَتْ فَأَمَرَ بِهَا فَرُجِمَتْ» ) .
ـــــــــــــــــــــــــــــQعَنْهُ وَمَنْ يَقُولُ لَا يَلْزَمُهُ الْحَدُّ بِإِقْرَارِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً وَلَا يُعْتَبَرُ الْإِعْرَاضُ وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ الْمَجَالِسُ، وَهَذَا مَجْلِسٌ وَاحِدٌ وَاَلَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْحَدَّ يَلْزَمُهُ بِإِقْرَارِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ حَتَّى يُقِرَّ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ فِي أَرْبَعَةِ مَجَالِسَ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ مَا رُوِيَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «مَنْ يُبْدِي لَنَا صَفْحَتَهُ نُقِمْ عَلَيْهِ كِتَابَ اللَّهِ» وَالْمُقِرُّ مَرَّةً قَدْ أَبْدَى صَفْحَتَهُ وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّ كُلَّ حَدٍّ يَثْبُتُ بِالْإِقْرَارِ لَمْ يَفْتَقِرْ إلَى التَّكْرَارِ كَحَدِّ السَّرِقَةِ وَالْقَذْفِ، وَلِأَنَّ كُلَّ مَا أُكِّدَ إنْكَارُهُ أُكِّدَ إقْرَارُهُ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ، وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ قَالَ مَالِكٌ مَا أَعْرِفُ هَذَا أَنَّ الْإِمَامَ يُعْرِضُ عَنْ الْمُعْتَرِفِ حَتَّى يَعْتَرِفَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَ إلَى أَهْلِهِ فَقَالَ أَيَشْتَكِي أَبِهِ جِنَّةٌ» يُرِيدُ بِذَلِكَ إنْ كَانَ تَلْزَمُهُ الْحُدُودُ أَوْ لَا تَلْزَمُهُ فَلَمَّا أَعْلَمُوهُ أَنَّهُ صَحِيحُ الْعَقْلِ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ الْحُدُودُ قَالَ أَبِكْرٌ أَمْ ثَيِّبٌ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَالَ ذَلِكَ لِمَاعِزٍ لَمَّا أُخْبِرَ بِصِحَّةِ عَقْلِهِ وَلُزُومِ إقْرَارِهِ لَهُ، وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ يَسْأَلُ الْإِمَامُ الزَّانِيَ هَلْ هُوَ بِكْرٌ أَمْ ثَيِّبٌ وَيَقْبَلُ قَوْلَهُ أَنَّهُ بِكْرٌ إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ ثَيِّبٌ، وَقِيلَ لَا يَسْأَلُهُ حَتَّى يَكْشِفَ عَنْهُ فَإِنْ وَجَدَ مِنْ ذَلِكَ عِلْمًا وَإِلَّا سَأَلَهُ وَقَبِلَ قَوْلَهُ دُونَ يَمِينٍ، قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: وَهَذَا أَحَبُّ إلَيْنَا فَعَلَى هَذَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ سَأَلَ غَيْرَهُ عَنْ كَوْنِهِ بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا لِيَعْلَمَ أَيَّ الْحَدَّيْنِ يَتَعَلَّقُ بِهِ حَدُّ الثَّيِّبِ يُرِيدُ الْمُحْصَنَ أَوْ حَدُّ الْبِكْرِ يُرِيدَ الَّذِي لَمْ يُحْصِنْ فَلَمَّا أُعْلِمَ بِحَالِهِ أَوْجَبَ عَلَيْهِ الرَّجْمَ؛ لِأَنَّهُ حُكْمُ الْمُحْصَنِ الزَّانِي.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِهَزَّالٍ «يَا هَزَّالُ لَوْ سَتَرْتَهُ بِرِدَائِك لَكَانَ خَيْرًا لَك» هَزَّالٌ هَذَا هُوَ هَزَّالُ بْنُ رِئَابِ بْنِ زَيْدِ بْنِ كُلَيْبٍ الْأَسْلَمِيُّ وَيُرِيدُ بِقَوْلِهِ لَوْ سَتَرْته بِرِدَائِك لَكَانَ خَيْرًا لَك يُرِيدُ مِمَّا أَظْهَرْته مِنْ إظْهَارِ أَمْرِهِ وَإِخْبَارِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ بِهِ فَكَانَ سَتْرُهُ بِأَنْ يَأْمُرَهُ بِالتَّوْبَةِ وَكِتْمَانِ خَطِيئَتِهِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ فِيهِ الرِّدَاءَ عَلَى وَجْهِ الْمُبَالَغَةِ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَوْ لَمْ تَجِدْ السَّبِيلَ إلَى سَتْرِهِ إلَّا بِأَنْ تَسْتُرَهُ بِرِدَائِك مِمَّنْ يَشْهَدُ عَلَيْهِ لَكَانَ أَفْضَلَ مِمَّا أَتَاهُ وَتَسَبَّبَ إلَى إقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.
(ص) : (مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ «أَنَّ رَجُلًا اعْتَرَفَ عَلَى نَفْسِهِ بِالزِّنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَشَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرُجِمَ» قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ يُؤْخَذُ الرَّجُلُ بِاعْتِرَافِهِ عَلَى نَفْسِهِ) .
(ش) : قَوْلُهُ أَنَّ رَجُلًا اعْتَرَفَ عَلَى نَفْسِهِ بِالزِّنَا وَشَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ عَلَى سَبِيلِ الْإِخْبَارِ بِمَا جَرَى لَهُ مِنْ الْإِقْرَارِ عَلَى نَفْسِهِ لَا عَلَى أَنَّ عَدَدَ إقْرَارِهِ شَرْطٌ فِي لُزُومِ الْحَدِّ لَهُ، وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِهِ فَرُجِمَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْعِبَ الْعَدَدَ الْمَذْكُورَ، ثُمَّ اسْتَوْعَبَهُ بَعْدَ أَمْرِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ اسْتَوْعَبَ الْعَدَدَ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ وَعِنْدَ غَيْرِ رَجُلٍ وَاحِدٍ بَلْ شَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ عِنْدَ قَوْمٍ، ثُمَّ شَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ عِنْدَ آخَرِينَ حَتَّى أَكْمَلَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي مَجْلِسٍ وَفِي مَجَالِسَ، وَكُلُّ ذَلِكَ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي لُزُومِ الْحَدِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَلِذَلِكَ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ يُؤْخَذُ الرَّجُلُ بِاعْتِرَافِهِ عَلَى نَفْسِهِ فَعَلَّقَ مَا يُؤْخَذُ بِهِ بِالِاعْتِرَافِ الْمُطْلَقِ دُونَ الْعَدَدِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(ش) : قَوْلُهُ «أَنَّ امْرَأَةً أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا زَنَتْ وَهِيَ حَامِلٌ» يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ أَنَّهَا أَخْبَرَتْ عَنْ نَفْسِهَا بِأَنَّهَا زَنَتْ حِينَ حَمْلِهَا مِنْ غَيْرِهِ