أَنَّهُ قَالَ كُلُّ نَافِذَةٍ فِي عُضْوٍ مِنْ الْأَعْضَاءِ فَفِيهِ ثُلُثُ عَقْلِ ذَلِكَ الْعُضْوِ مَالِكٌ كَانَ ابْنُ شِهَابٍ لَا يَرَى ذَلِكَ، وَأَنَا لَا أَرَى فِي نَافِذَةٍ فِي عُضْوٍ مِنْ الْأَعْضَاءِ فِي الْجَسَدِ أَمْرًا مُجْتَمَعًا عَلَيْهِ، وَلَكِنِّي أَرَى فِيهَا الِاجْتِهَادَ يَجْتَهِدُ الْإِمَامُ فِي ذَلِكَ، وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ أَمْرٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ عِنْدَنَا) .

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ عِنْدَنَا أَنَّ الْمَأْمُومَةَ وَالْمُنَقِّلَةَ وَالْمُوضِحَةَ لَا تَكُونُ إلَّا فِي الْوَجْهِ وَالرَّأْسِ فَمَا كَانَ فِي الْجَسَدِ مِنْ ذَلِكَ فَلَيْسَ فِيهِ إلَّا الِاجْتِهَادُ قَالَ مَالِكٌ فَلَا أَرَى اللَّحْيَ الْأَسْفَلَ وَالْأَنْفَ مِنْ الرَّأْسِ فِي جِرَاحِهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا عَظْمَانِ مُنْفَرِدَانِ، وَالرَّأْسُ بَعْدَهُمَا عَظْمٌ وَاحِدٌ) .

ـــــــــــــــــــــــــــــQ (ش) : قَوْلُ ابْنُ الْمُسَيِّبِ أَنَّ فِي كُلِّ نَافِذَةٍ فِي عُضْوٍ ثُلُثُ عَقْلِهِ، وَأَنْكَرَهُ ابْنُ شِهَابٍ، وَغَيْرُهُ مِنْ الْعُلَمَاءِ.

وَقَالَ مَالِكٌ إنَّمَا يَكُونُ فِيهِ الِاجْتِهَادُ يُرِيدُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ إنَّ جُرْحَ الْخَطَإِ لَا يَعْقِلُ حَتَّى يَبْرَأَ فَإِنْ بَرِئَ عَلَى غَيْرِ شَيْنٍ فَلَا شَيْءَ فِيهِ، وَإِنْ بَرِئَ عَلَى شَيْنٍ فَفِيهِ الْحُكُومَةُ، وَهُوَ مَا يُؤَدِّي إلَيْهِ اجْتِهَادُ الْمُجْتَهِدِ فَلَمَّا نَقَصَ ذَلِكَ الْجُرْحُ الَّذِي جَنَى عَلَيْهِ مِنْ مُنَاوَلَةِ ذَلِكَ الْعُضْوِ، وَلَيْسَ فِيهِ عَقْلٌ مُقَدَّرٌ فَيُوقَفُ عِنْدَهُ قَالَ أَشْهَبُ، وَقَدْ وَقَفَ قَوْمٌ فِيمَا دُونَ الْمُوضِحَةِ قَدْرًا مِنْ الدِّيَةِ قَالَ مَالِكٌ، وَالْأَصْلُ لِذَلِكَ التَّوْقِيفُ، وَأَوَّلُ مَنْ كَتَبَ بِهِ مُعَاوِيَةُ، ثُمَّ طَرَحَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ حِينَ وُلِّيَ.

وَقَدْ أَنْكَرَ مَالِكٌ مَا رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ حَدَّثَ بِهِ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ فِي الْمِلْطَاةِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ إنَّمَا قُلْنَا إنَّ فِيمَا دُونَ الْمُوضِحَةِ الِاجْتِهَادَ، وَهُوَ الْحُكُومَةُ، وَكَذَلِكَ جِرَاحُ الْجَسَدِ؛ لِأَنَّ مَقَادِيرَ الْعَقْلِ لَا تُؤْخَذُ بِالْقِيَاسِ، وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ شَرْعٌ مُقَدَّرٌ، وَهُوَ أَنْ يَقُولَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ لَوْ كَانَ عَبْدًا كَمْ كَانَ يُسَاوِي سَلِيمًا فَيُقَالُ مِائَةُ دِينَارٍ، ثُمَّ يُقَوَّمُ وَبِهِ الْجُرْحُ فَيُسَاوِي ثَمَانِينَ فَيُعْلَمُ أَنَّ الْجِنَايَةَ قَدْ نَقَصَتْهُ خُمْسَ قِيمَتِهِ فَيُلْزَمُ الْجَانِي خُمْسَ دِيَتِهِ، وَإِنَّمَا أَوْرَدْت هَذَا الْفَصْلَ هُنَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ لِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ فِيهِ بِأَنَّ الْمَقَادِيرَ لَا تَثْبُتُ بِالْقِيَاسِ، وَقَدْ ذَكَرْته فِي أَحْكَامِ الْفُصُولِ.

1 -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا الْجَائِفَةُ إذَا كَانَتْ نَافِذَةً فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ عَنْ مَالِكٍ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَغَيْرِهِمَا فِيهَا دِيَةُ جَائِفَتَيْنِ ثُلُثَا الدِّيَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ، وَهُوَ أَحَبُّ قَوْلِ مَالِكٍ إلَيَّ، قَالَ أَشْهَبُ، وَقَدْ قَضَى بِذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ، وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَإِ قَالَ مَالِكٌ وَلَوْ انْخَرَقَ مَا بَيْنَهُمَا لَكَانَتْ وَاحِدَةً.

(ش) : قَوْلُهُ أَنَّ الْمَأْمُومَةَ وَالْمُنَقِّلَةَ وَالْمُوضِحَةَ لَا تَكُونُ إلَّا فِي الْوَجْهِ وَالرَّأْسِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ إنَّ ذَلِكَ مُخْتَصٌّ بِعَظْمٍ وَاحِدٍ وَهُوَ الْجُمْجُمَةُ، وَلِذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ وَالرَّأْسُ بَعْدَ اللَّحْيِ الْأَسْفَلِ وَالْأَنْفِ عَظْمٌ وَاحِدٌ لِمَا فِي جَرْحِ الْجُمْجُمَةِ مِنْ الْخَطَرِ فَجَعَلَ لِجُرْحِهَا أَرْشًا مُقَدَّرًا، وَلَا يَعْتَبِرُ بِمَا تَبْرَأَ عَلَيْهِ فَقَدْ تَبْرَأَ عَلَى غَيْرِ شَيْنٍ فَيَسْقُطُ أَرْشُهُ فَجَعَلَ فِيهِ أَرْشًا مُقَدَّرًا زَجْرًا وَبَاعِثًا عَلَى نِهَايَةِ التَّحَرُّزِ وَالتَّوَقِّي لَا سِيَّمَا مَعَ اخْتِصَاصِ أَرْشِ الْمُوضِحَةِ وَالْمُنَقِّلَةِ بِمَالِ الْجَانِي فَأَمَّا الْمُوضِحَةُ وَالْمُنَقِّلَةُ فَتَكُونُ فِي الْوَجْهِ وَالرَّأْسِ جَمِيعًا، وَأَمَّا الْمَأْمُومَةُ فَقَدْ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ، وَغَيْرُهُ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمَوَّازِيَّةِ، وَالْمَجْمُوعَةِ لَا تَكُونُ الْمَأْمُومَةُ إلَّا فِي الرَّأْسِ، وَمَا يَصِلُ إلَى الدِّمَاغِ، وَلَوْ بَعُدَ بِمَدْخَلِ إبْرَةٍ.

وَقَالَ أَشْهَبُ لَوْ ضَرَبَهُ فَأَطَارَ أَنْفَهُ، ثُمَّ نَفَذَتْ الضَّرْبَةُ إلَى دِمَاغِهِ فَفِي ذَلِكَ دِيَةٌ وَثُلُثٌ يُرِيدُ إنْ وَصَلَ إلَى الدِّمَاغِ حَيْثُ كَانَ فَهُوَ مَأْمُومَةٌ سَوَاءٌ وَصَلَ مِنْ الْوَجْهِ أَوْ مِنْ الرَّأْسِ، وَقَالَ أَشْهَبُ كُلُّ مَا نَفَذَتْ مِنْهُ وَصَلَ إلَى الدِّمَاغِ فَهُوَ مِنْ الرَّأْسِ، وَهُوَ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ.

(فَصْلٌ) :

وَلَا أَرَى اللَّحْيَ الْأَسْفَلَ وَالْأَنْفَ مِنْ الرَّأْسِ هَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَجَمِيعِ أَصْحَابِهِ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ الْأَنْفُ مِنْ الْوَجْهِ وَاللَّحْيُ الْأَسْفَلُ مِنْ الرَّأْسِ.

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ أَقَادَ مِنْ الْمُنَقِّلَةِ) .

(ش) : قَوْلُهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ أَقَادَ مِنْ الْمُنَقِّلَةِ مِمَّا اخْتَلَفَ فِيهِ مِنْ الْعُلَمَاءِ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ لَا قَوَدَ فِيهِ، وَقَالَهُ الْمُغِيرَةُ فِي الْمَجْمُوعَةِ، وَرَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَغَيْرُهُ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمَجْمُوعَةِ، وَالْمَوَّازِيَّةِ قَالَ عَنْهُ ابْنُ نَافِعٍ لَا أَرَى مَا صَنَعَ ابْنُ الزُّبَيْرِ، وَلَمْ يَمْضِ عَلَيْهِ الْأَمْرُ.

وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ فِيهِمَا رِوَايَتَانِ إحْدَاهُمَا وُجُودُ الْقَوَدِ، وَالْأُخْرَى نَفْيُهُ، وَجْهُ الْوُجُوبِ أَنَّ أَمْرَهَا أَخَفُّ مِنْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015