(ص) : (مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ فِي ثَدْيَيْ الْمَرْأَةِ الدِّيَةَ كَامِلَةً قَالَ مَالِكٌ، وَأَخَفُّ ذَلِكَ عِنْدِي الْحَاجِبَانِ، وَثَدْيَا الرَّجُلِ) .
(ص) : (قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ عِنْدَنَا أَنَّ الرَّجُلَ إذَا أُصِيبَ مِنْ أَطْرَافِهِ أَكْثَرُ مِنْ دِيَتِهِ فَذَلِكَ لَهُ إذَا أُصِيبَتْ يَدَاهُ وَرِجْلَاهُ وَعَيْنَاهُ فَلَهُ ثَلَاثُ دِيَاتٍ) .
(ص) : (قَالَ مَالِكٌ فِي عَيْنِ الْأَعْوَرِ الصَّحِيحَةِ إذَا فُقِئَتْ خَطَأً أَنَّ فِيهَا الدِّيَةَ كَامِلَةً) .
ـــــــــــــــــــــــــــــQعَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ كَالْعَقْلِ يَذْهَبُ بَعْضُهُ فَإِنَّ الدِّيَةَ تُقَسَّطُ عَلَى ذَلِكَ بِحَسَبِ الِاجْتِهَادِ؛ لِأَنَّهُ مَنْفَعَةٌ بِخِلَافِ الْجَوَارِحِ فَإِنَّ الدِّيَةَ تُقَسَّطُ عَلَى عَدَدِهَا دُونَ مَنَافِعِهَا.
وَقَالَ أَصْبَغُ إنَّهُ عَلَى عَدَدِ حُرُوفِ الْمُعْجَمِ تُجَزَّأُ ثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ جُزْءًا فَمَا نَقَصَ مِنْ الْحُرُوفِ نَقَصَ مِنْ الدِّيَةِ بِقَدْرِهِ، وَهُوَ قَوْلُ مُجَاهِدٍ، وَوَجْهُ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّ الدِّيَةَ إنَّمَا تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ أَجْزَاءِ مَا جُنِيَ عَلَيْهِ كَالْأَسْنَانِ وَالْأَصَابِعِ.
1 -
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ وَفِي الْأُذُنَيْنِ إذَا ذَهَبَ سَمْعُهُمَا الدِّيَةُ اصْطَلَمَتَا أَوْ لَمْ تَصْطَلِمَا، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَذْهَبْ سَمْعُهُمَا فَقَدْ قَالَ فِي الْمُخْتَصَرِ لَيْسَ فِي إشْرَافِ الْأُذُنَيْنِ إلَّا حُكُومَةٌ، وَكَذَلِكَ فِي شَحْمِهِمَا، وَرَوَى الْبَغْدَادِيُّونَ عَنْ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ رِوَايَتَيْنِ إحْدَاهُمَا الَّتِي تَقَدَّمَتْ، وَالثَّانِيَةُ فِيهِمَا الدِّيَةُ، وَجْهُ الرِّوَايَةِ الْأُولَى أَنَّهُ قَضَى بِهِ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَلَا نَعْلَمُ مُخَالِفًا لَهُ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَلِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِمَا مَنْفَعَةٌ مَقْصُودَةٌ؛ لِأَنَّ السَّمْعَ يَحْصُلُ مَعَ عَدَمِهِمَا، وَلَا جَمَالٌ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْعِمَامَةَ تَسْتُرُهُمَا، وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ مَا احْتَجَّ بِهِ ابْنُ الْمَوَّازِ؛ لِأَنَّ فِي الْحَدِيثِ فِي الْكِتَابِ الَّذِي كُتِبَ لِابْنِ حَزْمٍ، وَفِي الْأُذُنِ خَمْسُونَ، وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ فِيهِمَا جَمَالًا ظَاهِرًا كَالْأَنْفِ، وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَأَبِي الزِّنَادِ، وَغَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ، وَرَوَى الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ فِيهِمَا قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا حُكُومَةٌ، وَالْأُخْرَى خَمْسَ عَشْرَةَ فَرِيضَةً دِيَةُ الْمُنَقِّلَةِ قَالَ، وَبِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَقُولُ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَلَوْ ذَهَبَ السَّمْعُ وَالْأُذُنُ بِضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي ذَلِكَ دِيَةٌ وَاحِدَةٌ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْقَاسِمِ، وَعِنْدِي يَجِبُ فِيهِمَا دِيَةٌ وَحُكُومَةٌ أَوْ دِيَتَانِ عَلَى اخْتِلَافِ الرِّوَايَتَيْنِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ السَّمْعَ يُبْطِئُ مَعَ ذَهَابِهِمَا فَهُوَ مَنْفَعَةٌ فِي غَيْرِهِمَا فَلَمْ يَجِبْ أَنْ يَتَدَاخَلَ أَرْشُهُمَا.
(ش) : قَوْلُهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ فِي ثَدْيَيْ الْمَرْأَةِ الدِّيَةَ كَامِلَةً مَعْنَاهُ أَنَّ لَهُمَا مَنْفَعَةً مَقْصُودَةً، وَرَضَاعُ الْوَلَدِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إذَا قَطَعَ الْحَلَمَتَيْنِ، وَأَبْطَلَ مَجْرَى اللَّبَنِ فَفِيهِمَا الدِّيَةُ، وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ أَنَّ حَدَّ مَا يُوجِبُ الدِّيَةَ فِيهِمَا ذَهَابُ الْحَلَمَتَيْنِ قَالَ أَشْهَبُ فِي الْمَجْمُوعَةِ إنْ كَانَ أَذْهَبَ مِنْهُمَا مَا هُوَ سَدَادٌ لِصَدْرِهَا وَمُنَاوَلَتُهَا لِوَلَدِهَا فَفِيهِمَا الدِّيَةُ، وَإِنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَفِيهِمَا بِقَدْرِ شَيْنِهِمَا، وَأَمَّا ثَدْيَا الرَّجُلِ فَقَالَ عِيسَى فِي الْمَزنِيَّةِ مَعْنَى قَوْلِ مَالِكٍ إنَّ أَخَفَّ ذَلِكَ عِنْدِي الْحَاجِبَانِ، وَثَدْيَا الرَّجُلِ مَعْنَاهُ أَنَّ الدِّيَةَ لَا تُتِمُّ فِي ذَلِكَ، وَإِنَّمَا فِيهِمَا الِاجْتِهَادُ، وَرَوَاهُ يَحْيَى عَنْ ابْنِ نَافِعٍ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَأَمَّا أَلْيَتَا الْمَرْأَةِ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ وَهْبٍ فِيهِمَا حُكُومَةٌ، وَقَالَ أَشْهَبُ الدِّيَةُ كَامِلَةً.
(ش) : وَهَذَا عَلَى مَا قَالَ إنَّ مَنْ أُصِيبَ مِنْ أَطْرَافِهِ مَا فِيهِ دِيَاتٌ كَثِيرَةٌ، وَبَقِيَتْ نَفْسُهُ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ دِيَةَ كُلِّ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنْ بَلَغَتْ عِدَّتُهَا دِيَاتِ نُفُوسٍ كَثِيرَةٍ فَإِنَّهَا لَا تَتَدَاخَلُ مَعَ بَقَاءِ النَّفْسِ، وَإِنَّمَا تَدْخُلُ كُلُّهَا فِي دِيَةِ النَّفْسِ إذَا تَلِفَتْ النَّفْسُ فَيَكُونُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ دِيَةٌ وَاحِدَةٌ، وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ فِي الْعَيْنَيْنِ دِيَةً، وَفِي الشَّفَتَيْنِ دِيَةً، وَفِي اللِّسَانِ دِيَةً، وَفِي الْيَدَيْنِ دِيَةً، وَفِي الصُّلْبِ إذَا كُسِرَ دِيَةً، وَفِي الْعَقْلِ دِيَةً، وَفِي الذَّكَرِ دِيَةً، وَفِي الْأُنْثَيَيْنِ دِيَةً، وَفِي الرِّجْلَيْنِ دِيَةً، فَفِي الرَّجُلِ تِسْعُ دِيَاتٍ غَيْرُ مُخْتَلَفٍ فِيهَا.
(ش) : وَهَذَا عَلَى مَا قَالَ إنَّ فِي عَيْنِ الْأَعْوَرِ الدِّيَةَ كَامِلَةً قَالَ ابْنُ سَحْنُونٍ وَابْنُ الْمَوَّازِ أَجْمَعَ أَصْحَابُنَا عَلَى ذَلِكَ، وَقَالَهُ أَشْهَبُ فِي الْمَجْمُوعَةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ.
وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ فِيهِمَا نِصْفُ الدِّيَةِ كَإِحْدَى الْيَدَيْنِ، وَهَذَا غَيْرُ مُشَبَّهٍ لِلْيَدَيْنِ؛ لِأَنَّهُ يُبْصِرُ بِالْعَيْنِ الْوَاحِدَةِ مَا يُبْصِرُ بِالْعَيْنَيْنِ، وَلَا يَعْمَلُ بِيَدٍ وَاحِدَةٍ مَا يَعْمَلُ بِيَدَيْنِ، وَلَا يَسْعَى بِرِجْلٍ وَاحِدَةٍ سَعْيُهُ بِرِجْلَيْنِ قَالَ، وَأَمَّا السَّمْعُ فَيُسْأَلُ عَنْهُ فَإِنْ كَانَ يَسْمَعُ بِالْأُذُنِ الْوَاحِدَةِ كَمَا يَسْمَعُ