(ص) : (قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا أَنَّ الطَّبِيبَ إذَا خَتَنَ فَقَطَعَ الْحَشَفَةَ أَنَّ عَلَيْهِ الْعَقْلَ، وَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ الْخَطَإِ الَّذِي تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ، وَإِنْ كَانَ مَا أَخْطَأَ بِهِ الطَّبِيبُ أَوْ تَعَدَّى إذَا لَمْ يَتَعَمَّدْ ذَلِكَ فَفِيهِ الْعَقْلُ) .
ـــــــــــــــــــــــــــــQابْنُ الْقَاسِمِ، وَبِهِ قَالَ الْمُغِيرَةُ، وَرَوَى عَنْهُ أَنَّهُ إذَا انْقَضَتْ سَنَةٌ حُكِمَ لَهُ بِالدِّيَةِ، وَإِنْ لَمْ يَبْرَأْ، وَاخْتَارَهُ أَشْهَبُ، وَذَلِكَ كُلُّهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ، وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّ الْحُكْمَ بِذَلِكَ حُكْمٌ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ، وَلِأَنَّ الِاعْتِبَارَ بِالْبُرْءِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ إنْ بَرِئَ قَبْلَ السَّنَةِ لَزِمَ تَعْجِيلُ عَقْلِهِ، وَإِنْ لَمْ يَبْرَأْ لَمْ يَلْزَمْ تَعْجِيلُ عَقْلِهِ، وَكَذَلِكَ بَعْدَ السَّنَةِ.
وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ مَا يَقْتَضِي أَنَّ الْقَوْلَيْنِ قَوْلٌ وَاحِدٌ فَقَالَ وَإِنَّمَا مَعْنَى قَوْلِ مَالِكٍ يَسْتَأْنِي بِهِ سَنَةً أَنَّهُ عِنْدَهُ لَا تَأْتِي عَلَيْهِ سَنَةٌ إلَّا وَقَدْ انْتَهَى؛ لِأَنَّهُ قَالَ مَعَ ذِكْرِ السَّنَةِ فَإِنْ انْتَهَى إلَى مَا يُعْرَفُ عَقْلٌ.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَعْقِلُ جُرْحٌ، وَلَا يُقْتَصُّ مِنْهُ إلَّا بَعْدَ الْبُرْءِ.
وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ الصِّدِّيقِ، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ ابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ، وَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ السَّنَةَ مُدَّةٌ يَتَقَرَّرُ فِيهَا أَمْرُ الْجُرْحِ فَأَمَّا بَرِئَ أَوْ تَقَرَّرَ عَلَى حَالَةٍ ثَابِتَةٍ فَيَجِبُ أَنْ يُعْقَلَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ مَضَتْ عَلَيْهِ فُصُولُ السَّنَةِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَزَايَدَ إلَّا أَنَّ ذَلِكَ يَغْلِبُ النَّفْسَ، وَفِي الْغَالِبِ تَقَرُّرُهُ، وَفِي تَرْكِهِ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إبْطَالُ الْأَرْشِ، وَإِضْرَارٌ بِالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ.
(فَرْعٌ) فَإِذَا عَقَلَ بِانْقِضَاءِ السَّنَةِ فَانْقَضَتْ السَّنَةُ فَإِنَّهُ يَعْقِلُ مَكَانَهُ، ثُمَّ إنْ بَرِئَ فَلَهُ مَا أَخَذَ، وَإِنْ زَادَ أَمْرُ الْجُرْحِ أَخَذَ الزِّيَادَةَ إنْ شَاءَ، وَالظَّالِمُ أَحَقُّ مَنْ حُمِلَ عَلَيْهِ قَالَهُ أَشْهَبُ.
(فَرْعٌ) وَبِمَاذَا يُعْلَمُ الْبُرْءُ قَالَ الْمُغِيرَةُ إذَا قَالَ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ قَدْ بَرِئَ فَلْيَعْقِلْ فِي الْخَطَإِ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ فِي الْعَيْنِ تَذْهَبُ فَيَسِيلُ دَمْعُهَا فَتَمَّتْ السَّنَةُ، وَهِيَ كَذَلِكَ، وَلَمْ يُنْقَصْ مِنْ بَصَرِ الْعَيْنِ شَيْءٌ فَفِيهَا حُكُومَةٌ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ أَمَّا مِثْلُ الْعَيْنِ تَدْمَعُ، وَالْجِرَاحُ الَّتِي تَكُونُ مِثْلَ هَذَا قَدْ ثَبَتَتْ عَلَى ذَلِكَ فَتِلْكَ تَعْقِلُ عِنْدَ السَّنَةِ، وَأَمَّا غَيْرُ ذَلِكَ فَلَا تَعْقِلُ إلَّا بَعْدَ ذَلِكَ يُرِيدُ أَنَّ مِنْ الْبُرْءِ مَا يُنْتَهَى إلَى حَالٍ تَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.
1 -
(فَصْلٌ) :
قَوْلُهُ وَإِنْ كُسِرَ عَظْمٌ مِنْ الْإِنْسَانِ يَدٌ أَوْ رِجْلٌ أَوْ غَيْرُهُمَا خَطَأً فَبَرِئَ، وَعَادَ لِهَيْئَتِهِ فَلَيْسَ فِيهِ عَقْلٌ، وَإِنْ نَقَصَ أَوْ كَانَ فِيهِ عَثِلٌ فَفِيهِ مِنْ الْعَقْلِ بِحِسَابِ مَا نَقَصَ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ جِنَايَةَ الْخَطَإِ لَا جُرْمَ وُجِدَ مِنْ فَاعِلِهَا مَا يَقْتَضِي الْقِصَاصَ، وَإِنَّمَا عَلَيْهِ غُرْمُ مَا نَقَصَ فَإِنْ عَادَ لِهَيْئَتِهِ فَلَمْ يُتْلِفْ شَيْئًا فَلَا أَرْشَ عَلَيْهِ قَالَ فِي الْمُزَنِيَّةِ الْعَثَلُ أَنْ تَنْقُصَ الْيَدُ أَوْ الرِّجْلُ فَلَا تَعُودُ الْأُولَى فَيُنْظَرَ إلَى حَالِهَا الْيَوْمَ كَمْ نَقَصَ مِنْ حَالِهَا الْأُولَى فَإِنْ كَانَ ثُلُثًا فَلَهُ ثُلُثُ الدِّيَةِ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ فَبِحِسَابِ ذَلِكَ.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْعَظْمُ مِمَّا فِيهِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَقْلٌ مُسَمًّى فَبِحِسَابِ مَا فَرَضَ فِيهِ، وَمَا لَمْ يَأْتِ فِيهِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَقْلٌ مُسَمًّى فَإِنَّهُ يَجْتَهِدُ فِيهِ يُرِيدُ إنْ كَانَ الْيَدُ أَوْ الرِّجْلُ الَّذِي فِيهِ نِصْفُ الدِّيَةِ كَانَ فِيهِ بِقَدْرِ مَا نَقَصَهُ الْعَثَلُ عَلَى مَا قَالَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ عَقْلٌ مُسَمًّى اجْتَهَدَ الْحَاكِمُ فِي ذَلِكَ يُرِيدُ مِثْلَ أَعْضَاءِ الْجَسَدِ مِثْلُ ضِلْعٍ أَوْ تَرْقُوَةٍ فَهَذِهِ لَيْسَ فِيهَا عَقْلٌ مُسَمًّى فَإِنْ عَادَتْ لِهَيْئَتِهَا فَلَا شَيْءَ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ بَرِئَتْ عَلَى نَقْصٍ اجْتَهَدَ الْحَاكِمُ فِي ذَلِكَ.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ إلَّا الْجَائِفَةَ فَإِنَّ فِيهَا ثُلُثَ النَّفْسِ يُرِيدُ ثُلُثَ دِيَةِ الْإِنْسَانِ مُقَدَّرَةً، وَذَلِكَ لِغَرَرِهَا وَخَطَرِهَا وَصِغَرِهَا، وَإِنَّهَا إنْ بَرِئَتْ فَإِنَّهَا تَبْرَأُ غَالِبًا عَلَى غَيْرِ شَيْنٍ فَجَعَلَ فِيهَا ثُلُثَ الدِّيَةِ تَحَرُّزًا لِلدِّمَاءِ وَرَدْعًا عَنْهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
1 -
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُ مَالِكٍ وَلَيْسَ فِي مُنَقِّلَة الْجَسَدِ عَقْلٌ، وَهِيَ مِثْلُ مُوضِحَتِهِ يُرِيدُ أَنَّهَا إذَا بَرِئَتْ عَلَى سَلَامَةٍ فَلَا شَيْءَ فِيهَا لِقِلَّةِ خَطَرِهَا، وَأَمَّا مُنَقِّلَةُ الرَّأْسِ فَفِيهَا الْعَقْلُ لِغَرَرِهَا، وَكَذَلِكَ الْمُوضِحَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.
(ش) : وَهَذَا عَلَى مَا قَالَ، وَذَلِكَ أَنَّ الطَّبِيبَ وَالْحَجَّامَ وَالْخَاتِنَ وَالْبَيْطَارَ إنْ مَاتَ مِنْ فِعْلِهِمْ أَحَدٌ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَفْعَلُوا الْفِعْلَ الْمَعْهُودَ فِي ذَلِكَ أَوْ يَتَجَاوَزُوهُ فَإِنَّ فَعَلُوا الْمَعْهُودَ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي