(ص) : (مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ كَتَبَ إلَى مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ أَنَّهُ أُتِيَ بِمَجْنُونٍ قَتَلَ رَجُلًا فَكَتَبَ إلَيْهِ مُعَاوِيَةُ أَنْ اعْقِلْهُ، وَلَا تُقِدْ مِنْهُ فَإِنَّهُ لَيْسَ عَلَى مَجْنُونٍ قَوَدٌ) .
(ص) : (قَالَ مَالِكٌ فِي الْكَبِيرِ وَالصَّغِيرِ إذَا قَتَلَا رَجُلًا جَمِيعًا عَمْدًا أَنَّ عَلَى الْكَبِيرِ أَنْ يُقْتَلَ، وَعَلَى الصَّغِيرِ نِصْفَ الدِّيَةِ قَالَ مَالِكٌ، وَكَذَلِكَ الْحُرُّ وَالْعَبْدُ يَقْتُلَانِ الْعَبْدَ عَمْدًا يُقْتَلُ الْعَبْدُ، وَيَكُونُ عَلَى الْحُرِّ نِصْفُ قِيمَتِهِ)
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْعَاقِلَةُ فَكَانَتْ حَالَّةً أَصْلِ ذَلِكَ مَا دُونَ الثُّلُثِ مِنْ أَرْشِ الْجِرَاحَاتِ، وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّهَا دِيَةٌ كَامِلَةٌ فَكَانَتْ مُنَجَّمَةً عَلَى ثَلَاثَةِ أَعْوَامٍ كَاَلَّتِي تَحْمِلُهَا الْعَاقِلَةُ.
(ص) : (مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ كَتَبَ إلَى مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ أَنَّهُ أُتِيَ بِمَجْنُونٍ قَتَلَ رَجُلًا فَكَتَبَ إلَيْهِ مُعَاوِيَةُ أَنْ اعْقِلْهُ، وَلَا تُقِدْ مِنْهُ فَإِنَّهُ لَيْسَ عَلَى مَجْنُونٍ قَوَدٌ) .
(ش) : قَوْلُهُ إنَّ مَرْوَانَ كَتَبَ إلَى مُعَاوِيَةَ يَسْأَلُهُ عَلَى مَا يَلْزَمُ الْأُمَرَاءَ وَالْحُكَّامَ مِنْ الرُّجُوعِ فِيمَا أُشْكِلَ عَلَيْهِمْ إلَى قَوْلِ الْأَئِمَّةِ لَا سِيَّمَا مَنْ كَانَ مِنْهُمْ صَحِبَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَصَحِبَ الْخُلَفَاءَ الرَّاشِدِينَ بَعْدَهُ وَعَلِمَ أَحْكَامَهُمْ وَشَهِدَ لَهُ مِثْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ فَقِيهٌ، وَإِنَّمَا كَتَبَ إلَيْهِ مَرْوَانُ يَسْأَلُهُ عَنْ مَجْنُونٍ قَتَلَ فَأَجَابَهُ عَنْ كِتَابِهِ بِأَنَّ حُكْمَ الْمَجْنُونِ الْقَاتِلِ أَنْ يُعْقَلَ، وَلَا يُقَادَ مِنْهُ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ فِعْلَهُ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ فَأَشْبَهَ قَتْلَ الْخَطَإِ، وَقَتْلُ الْخَطَإِ يَخْتَصُّ بِالْعَقْلِ دُونَ الْقِصَاصِ، وَهَكَذَا مَا بَلَغَ ثُلُثَ الدِّيَةِ فِيمَنْ عَقَلَ جِرَاحَهُ، فَأَمَّا مَا قَصَرَ عَنْ ثُلُثِ الدِّيَةِ، وَأَتْلَفَ مِنْ مَالٍ فَفِي مَالِهِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ اتَّبَعَ بِهِ فِي ذِمَّتِهِ قَالَهُ أَشْهَبُ، وَهَذَا فِي الْمَجْنُونِ الَّذِي لَا يَعْقِلُ وَلَا يُفِيقُ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إذَا رُجِيَ مِنْ أَدَبِ الْمَعْتُوهِ أَنْ يَكُفَّ لِئَلَّا يَتَّخِذَهُ عَادَةً فَلْيُؤَدِّبْ، وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ هَذَا فِي مَجْنُونٍ يَعْقِلُ فَأَمَّا مَجْنُونٌ لَا يَعْقِلُ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْنُونِ وَالْمَعْتُوهِ، وَلَوْ وَقَفَ عَلَى إنْسَانٍ فَحَرَقَ ثِيَابَهُ أَوْ كَسَرَ لَهُ سِنًّا فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ يُرِيدُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ إذَا كَانَ لَا قَصْدَ لَهُ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَأَمَّا الْكَبِيرُ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ فَيُقَادُ مِنْهُ فِي الْعَمْدِ فِي النَّفْسِ وَالْجِرَاحِ، وَخَطَؤُهُ عَلَى الْعَاقِلَةِ؛ لِأَنَّ قَصْدَهُ يَصِحُّ، وَإِنَّمَا سَعْيُهُ يَتَمَيَّزُ فِي مَالِهِ وَحِفْظِهِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَأَمَّا السَّكْرَانُ فَيُقَادُ مِنْهُ، وَإِنَّ قَصْدَهُ يَصِحُّ، وَهُوَ مُكَلَّفٌ، وَلَوْ بَلَغَ إلَى أَنْ يَكُونَ مُغْمًى عَلَيْهِ لَا يَصِحُّ مِنْهُ قَصْدٌ، وَلَا يَسْمَعُ، وَلَا يَرَى قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَعِنْدِي لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ، وَهُوَ كَالْعَجْمَاءِ، وَأَمَّا النَّائِمُ فَمَا أَصَابَ فِي نَوْمِهِ مِنْ جُرْحٍ يَبْلُغُ الثُّلُثَ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ زَادَ أَشْهَبُ، وَمَا كَانَ دُونَ الثُّلُثِ فَفِي مَالِهِ كَالْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ.
(ش) : وَهَذَا عَلَى مَا قَالَ، وَذَلِكَ أَنَّ الْكَبِيرَ وَالصَّغِيرَ إذَا قَتَلَا رَجُلًا جَمِيعًا فَلَا يَخْلُو أَنْ يَقْتُلَاهُ خَطَأً أَوْ عَمْدًا أَوْ يَقْتُلَهُ أَحَدُهُمَا خَطَأً وَالْآخَرُ عَمْدًا، فَإِنْ قَتَلَاهُ خَطَأً فَلَا خِلَافَ أَنَّ عَلَى عَاقِلَةِ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الدِّيَةَ، وَإِنْ قَتَلَاهُ عَمْدًا فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ يُقْتَلُ الْكَبِيرُ، وَعَلَى الصَّغِيرِ نِصْفُ الدِّيَةِ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ لَا يُقْتَلُ الْكَبِيرُ، وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ الْقَتْلَ كُلَّهُ عَمْدًا، وَإِنَّمَا يَسْقُطُ الْقَتْلُ عَنْ الصَّغِيرِ لِصِغَرِهِ وَعَدَمِ تَكْلِيفِهِ كَمَا لَوْ قَتَلَهُ أَبُوهُ وَأَجْنَبِيٌّ عَمْدًا حَرَّمَاهُ فَإِنَّهُ يَعْقِلُ الْأَجْنَبِيُّ، وَعَلَى الْأَبِ نِصْفُ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّ الْقَتْلَ كُلَّهُ عَمْدٌ لَكِنَّ الْقِصَاصَ صُرِفَ عَنْ الْأَبِ لِمَعْنًى فِيهِ لَا لِصِفَةِ الْقَتْلِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
فَإِنْ كَانَ قَتَلَ أَحَدُهُمَا خَطَأً، وَقَتَلَ الْآخَرُ عَمْدًا، فَإِنْ كَانَ الْخَطَأُ مِنْ الْكَبِيرِ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ الدِّيَةِ، وَإِنْ كَانَ الْخَطَأُ مِنْ الصَّغِيرِ وَالْعَمْدُ مِنْ الْكَبِيرِ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَيْهِمَا الدِّيَةُ، وَلَا يُقْتَلُ الْكَبِيرُ قَالَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ فَلَا يُدْرَى مِنْ أَيِّهِمَا مَاتَ.
وَقَالَ أَشْهَبُ يُقْتَلُ الْكَبِيرُ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ قَالَ لِأَنَّ عَمْدَ الصَّبِيِّ كَالْخَطَإِ، وَحُجَّةُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لَا يُدْرَى مِنْ أَيِّهِمَا مَاتَ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ إذَا تَعَمَّدَ الصَّبِيُّ لَا يُدْرَى أَيْضًا مِنْ أَيِّهِمَا مَاتَ، وَهُوَ يَرَى عَمْدَهُ كَالْخَطَإِ، وَمَا قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ لَا يَلْزَمُ ابْنَ الْقَاسِمِ لَا يُدْرَى مِنْ أَيِّهِمَا مَاتَ لَا يُدْرَى هَلْ مَاتَ مِنْ ضَرْبِ عَمْدٍ أَوْ ضَرْبِ خَطَأٍ فَهَذَا الَّذِي يَمْنَعُ الْقِصَاصَ مِنْ الْمُتَعَمِّدِ كَمَا لَوْ كَانَا كَبِيرَيْنِ، أَمَّا إنْ كَانَ الْكَبِيرُ وَالصَّغِيرُ عَامِدَيْنِ فَقَدْ عُلِمَ أَنَّهُ مَاتَ مِنْ ضَرْبِ عَمْدٍ، وَإِنَّمَا يَسْقُطُ الْقِصَاصُ عَنْ الصَّغِيرِ لِمَعْنًى فِيهِ لَا لِمَعْنًى فِي الضَّرْبِ كَمَا لَوْ كَانَا كَبِيرَيْنِ قَتَلَاهُ عَمْدًا فَعُفِيَ عَنْ أَحَدِهِمَا لَمَّا سَقَطَ بِذَلِكَ الْقِصَاصُ عَنْ الْآخَرِ، أَوْ قَتَلَ حُرٌّ وَعَبْدٌ عَبْدًا عَمْدًا فَإِنَّ