. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــQتُرَدُّ عَلَيْهِمْ الْأَيْمَانُ حَتَّى يَسْتَوْفُوا خَمْسِينَ يَمِينًا فَلَا تَبْطُلُ الْقَسَامَةُ بِنُكُولِ بَعْضِ الْمُعَيَّنِينَ مِنْ الْعَصَبَةِ مَعَ بَقَاءِ الْوَلِيِّ أَوْ الْأَوْلِيَاءِ عَنْ الْقِيَامِ بِالدَّمِ وَالْمُطَالَبَةِ بِهِ وَلَوْ نَكَلَ الْوَلِيُّ لَمْ يَكُنْ لِلْمُعَيَّنِينَ الْقَسَامَةُ وَلَا الْمُطَالَبَةُ بِالدَّمِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْأَوْلِيَاءُ جَمَاعَةً فَنَكَلَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ لَمْ يَكُنْ لِغَيْرِهِمْ قَسَامَةٌ فِي الْمَشْهُورِ مِنْ الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّهُ لَا قَسَامَةَ لِغَيْرِهِمْ وَتُرَدُّ الْأَيْمَانُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ، وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّهُمْ لَمَّا تَسَاوَوْا فِي الْحَقِّ لَمْ يَكُنْ نُكُولُ بَعْضِهِمْ مُؤَثِّرًا فِي سُقُوطِ حَقِّ الْبَاقِينَ أَصْلُهُ قَتْلُ الْخَطَإِ، وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّ الْحَقَّ لِجَمَاعَتِهِمْ وَلَيْسَ بَعْضُهُمْ بِأَوْلَى مِنْ بَعْضٍ بِإِثْبَاتِهِ وَهُوَ لَا يَتَبَعَّضُ.

(فَرْعٌ) قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ وَهَذَا فِي الْعَصَبَةِ وَأَمَّا الْبَنُونَ وَالْإِخْوَةُ فَرِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ أَنَّ مَنْ نَكَلَ مِنْهُمْ رُدَّتْ الْأَيْمَانُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْبَنِينَ وَالْإِخْوَةَ يَرُدُّونَ الْأُمَّ مِنْ الثُّلُثِ إلَى السُّدُسِ فَكَانَ لِقَرَابَتِهِمْ مَزِيَّةٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَتُرَدُّ الْأَيْمَانُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ وَفِي الْعُتْبِيَّةِ وَغَيْرِهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَةٍ عَنْ مَالِكٍ إذَا نَكَلَ وُلَاةُ الدَّمِ عَنْ الْقَسَامَةِ، ثُمَّ أَرَادُوا أَنْ يُقْسِمُوا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُمْ إنْ كَانَ نُكُولًا بَيِّنًا وَمَنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ فَقَدْ أَبْطَلَ حَقَّهُ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ نُكُولَ مَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ تُوجِبُ رَدَّ الْيَمِينِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَالْمُدَّعِي حَقًّا يَشْهَدُ لَهُ شَاهِدٌ فَيَنْكُلُ عَنْ الْيَمِينِ مَعَ شَاهِدِهِ فَإِنَّ الْيَمِينَ تُرَدُّ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِذَا حَلَفَ الْأَوْلِيَاءُ مَعَ الْمُعَيَّنِينَ لَهُمْ مِنْ الْعَصَبَةِ بُدِئَ بِالْوَلِيِّ وَلَا يُبْدَأُ بِأَيْمَانِ الْمُعَيَّنِينَ لَهُمْ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعَةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ وَإِنَّمَا يُعَيَّنُ الْوَلِيُّ مِنْ قَرَابَتِهِ مِنْهُ مَعْرُوفَةٍ يَلْتَقِي مَعَهُ إلَى جَدٍّ يُوَارِثُهُ فَأَمَّا مَنْ هُوَ مِنْ عَشِيرَتِهِ مِنْ غَيْرِ نَسَبٍ مَعْرُوفٍ فَلَا يُقْسِمُ كَانَ لِلْمَقْتُولِ أَوْ لَمْ يَكُنْ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ وَلَكِنْ تُرَدُّ الْأَيْمَانُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ فَيَحْلِفُ مِنْهُمْ خَمْسُونَ رَجُلًا يُرِيدُ أَنَّهُ يَحْلِفُ الْجَمَاعَةُ فِي النُّكُولِ كَمَا يَحْلِفُ الْجَمَاعَةُ فِي الدَّعْوَى لِأَنَّ أَيْمَانَ الْقَسَامَةِ لَمَّا لَمْ يَحْلِفْ فِيهَا إلَّا اثْنَانِ فَمَا زَادَ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ.

وَقَدْ رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ إلَّا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَحْدَهُ بِخِلَافِ الْمُدَّعِي.

وَقَالَ مُطَرِّفٌ؛ لِأَنَّ الْحَالِفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنَّمَا يُبَرِّئُ نَفْسَهُ، وَوَجْهُ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ مَا رَوَى أَبُو قِلَابَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ قَالَ لِلْمُدَّعِينَ أَتَرْضَوْنَ خَمْسِينَ يَمِينًا مِنْ الْيَهُودِ مَا قَتَلُوهُ» فَاقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّ الْقَسَامَةَ مُخْتَصَّةٌ بِهَذَا الْعَدَدِ وَلَا يُزَادُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْيَهُودَ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ خَمْسِينَ وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّهُ لَمَّا جَازَ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ وَلِيِّ الدَّمِ الْمُدَّعِي لَهُ غَيْرُهُ جَازَ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمُنْكِرُ لَهُ غَيْرُهُ، وَوَجْهٌ آخَرُ أَنَّ الدِّمَاءَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى هَذَا وَهُوَ أَنْ يَتَحَمَّلَهَا غَيْرُ الْجَانِي كَالدِّيَةِ فِي قَتْلِ الْخَطَأِ فَإِنَّ الْأَيْمَانَ لَمَّا كَانَتْ خَمْسِينَ وَكَانَتْ الْيَمِينُ الْوَاحِدَةُ لَا تَتَبَعَّضُ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ الْحَالِفُونَ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسِينَ.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِذَا قُلْنَا يَحْلِفُ غَيْرُهُ مِنْ عَصَبَتِهِ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَرَوَاهُ هُوَ وَابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ يَحْلِفُ خَمْسُونَ مِنْ أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ خَمْسِينَ يَمِينًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُمْ مَنْ يَحْلِفُ إلَّا اثْنَانِ حَلَفَا خَمْسِينَ يَمِينًا وَبَرِئَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَا يَحْلِفُ هُوَ مَعَهُمْ فَيَحْلِفُ هُوَ بَعْضَهَا وَهُمْ بَعْضَهَا فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مَنْ يَحْلِفُ مِنْ عَصَبَتِهِ إلَّا وَاحِدٌ لَمْ يَحْلِفْ مَعَهُ وَحَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَحْدَهُ خَمْسِينَ يَمِينًا.

وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَحْلِفُ هُوَ وَمَنْ يُسْتَعَانُ بِهِ مِنْ عَصَبَتِهِ عَلَى السَّوَاءِ وَلَهُ أَنْ يَحْلِفَ هُوَ أَكْثَرُ مِنْهُمْ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مَنْ يُعِينُهُ حَلَفَ هُوَ وَحْدَهُ خَمْسِينَ يَمِينًا قَالَ مُحَمَّدٌ قَوْلُ ابْنُ الْقَاسِمِ أَشْبَهُ بِقَوْلِ مَالِكٍ فِي مُوَطَّئِهِ وَإِنَّمَا أَرَادَ مُحَمَّدٌ قَوْلَ مَالِكٍ يَحْلِفُ مِنْهُمْ خَمْسُونَ رَجُلًا خَمْسِينَ يَمِينًا.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ خَمْسِينَ يَمِينًا وَجْهُ ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «فَتُبَرِّئُكُمْ يَهُودُ بِخَمْسِينَ يَمِينًا» وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ الْأَيْمَانَ الْمَرْدُودَةَ يُعْتَبَرُ بِعِدَّتِهَا فِيمَا انْتَقَلَتْ عَنْهُ كَأَيْمَانِ الْحُقُوقِ فَكَذَلِكَ الْأَيْمَانُ الثَّانِيَةُ فِي الْخَمْسِينَ فَإِنَّ عَدَدَهَا فِيهِمَا سَوَاءٌ كَأَيْمَانِ اللِّعَانِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَبْلُغُوا خَمْسِينَ رَجُلًا رُدَّتْ عَلَيْهِمْ الْأَيْمَانُ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ مَنْ يَجُوزُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015