. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَوَقْتُ وُجُوبٍ وَهُوَ وَقْتُ النِّدَاءِ إذَا جَلَسَ الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ.
هَذَا الَّذِي حَكَاهُ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ فِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ وَذَلِكَ أَنَّنَا إذَا قُلْنَا أَنَّ حُضُورَ الْخُطْبَةِ وَاجِبٌ فَيَجِبُ رَوَاحُهُ بِمِقْدَارِ مَا يَعْلَمُ أَنَّهُ يَصِلُ لِيَحْضُرَ الْخُطْبَةَ وَإِنْ قُلْنَا أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ وَاجِبٍ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الرَّوَاحُ بِمِقْدَارِ مَا يُدْرِكُ الصَّلَاةَ وَقَدْ رَأَيْت لِلشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ نَحْوَهُ وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي صِحَّةِ الْخُطْبَةِ دُونَ جَمَاعَةٍ فَحَكَى الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ عَنْ شُيُوخِنَا أَنَّهُ يَجِيءُ عَلَى الْمَذْهَبِ أَنَّ ذَلِكَ شَرْطٌ فِيهَا وَهُوَ مَعْنَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَاَلَّذِي يَقُولُهُ أَصْحَابُنَا أَنَّ إتْيَانَ الْجُمُعَةِ يَجِبُ بِالْأَذَانِ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي صِحَّةِ الْخُطْبَةِ لِأَنَّ الْأَذَانَ هُوَ عِنْدَ جُلُوسِ الْإِمَامِ عَلَى الْمِنْبَرِ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِتْيَانُ ذَلِكَ الْوَقْتَ وَهُوَ فِي طَرَفِ الْمِصْرِ فَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يَأْتِي الْمَسْجِدَ إلَّا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْخُطْبَةِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْخُطْبَةَ لَيْسَ مِنْ شُرُوطِهَا الْجَمَاعَةُ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَاَلَّذِي حَكَاهُ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ يَقْتَضِي وُجُوبَ السَّعْيِ بِمِقْدَارِ مَا يَأْتِي الْمَسْجِدَ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْخُطْبَةِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ عِنْدِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(مَسْأَلَةٌ) :
إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَجِبُ السَّعْيُ إلَى الْجُمُعَةِ لِمَنْ كَانَ مِنْهَا عَلَى مَسِيرَةِ ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ وَزِيَادَةٍ يَسِيرَةٍ وَإِنْ كَانَ خَارِجَ الْمِصْرِ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يَجِبُ النُّزُولُ لِمَنْ كَانَ خَارِجَ الْمِصْرِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَجِبُ النُّزُولُ إلَيْهَا لِمَنْ كَأَنْ خَارِجَ الْمِصْرِ وَمَنَعَ التَّحْدِيدَ بِثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الجمعة: 9] وَلَمْ يَخُصَّ أَهْلَ الْمِصْرِ مِنْ غَيْرِهِمْ فَيَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى عُمُومِهِ وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ هَذَا سَلِيمٌ يَبْلُغُهُ النِّدَاءُ فَوَجَبَ أَنْ تَلْزَمَهُ الْجُمُعَةُ كَاَلَّذِي دَاخِلَ الْمِصْرِ وَدَلِيلُنَا عَلَى اعْتِبَارِ الْمَسَافَةِ أَنَّنَا قَدْ دَلَّلْنَا عَلَى تَعَلُّقِ الْحُكْمِ بِالنِّدَاءِ وَيَجِبُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِالْمَوْضِعِ الَّذِي يُسْمَعُ مِنْهُ لَا بِنَفْسِ السَّمَاعِ بِدَلِيلِ أَنَّ الْأَصَمَّ يَلْزَمُهُ إتْيَانُ الْجُمُعَةِ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ النِّدَاءَ وَاَلَّذِي جَرَتْ عَلَيْهِ الْعَادَةُ أَنْ يَسْمَعَ النِّدَاءَ فِي غَالِبِ الْحَالِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ أَوْ مَا قَرُبَ مِنْهَا فَلِذَلِكَ اُعْتُبِرَ ذَلِكَ الْمِقْدَارُ فِي وُجُوبِ إتْيَانِهَا وَإِنَّمَا يُرَاعَى فِي ذَلِكَ الْمَكَانُ الَّذِي يَكُونُ الْمُقِيمُ فِيهِ وَقْتَ وُجُوبِ السَّعْيِ عَلَيْهِ دُونَ مَكَانِ مَنْزِلِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَالنِّدَاءُ الَّذِي يَحْرُمُ بِهِ الْبَيْعُ هُوَ النِّدَاءُ وَالْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ قَالَ وَأُنْكِرُ مَنْعُ النَّاسِ الْبَيْعَ قَبْلَ ذَلِكَ وَكُلُّ مَنْ لَزِمَهُ النُّزُولُ إلَى الْجُمُعَةِ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ مَا يَمْنَعُهُ مِنْ ذَلِكَ مِنْ بَيْعٍ أَوْ نِكَاحٍ أَوْ عَمَلٍ فَمَنْ بَاعَ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَجِبُ فِيهِ النُّزُولُ فَقَدْ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ وَعَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ عَنْ مَالِكٍ فِيمَنْ بَاعَ مِنْ وَقْتِ الْأَذَانِ عِنْدَ الْخُطْبَةِ إلَى انْقِضَاءِ الصَّلَاةِ مِمَّنْ يَلْزَمُهُ الْإِتْيَانُ إلَى الْجُمُعَةِ أَنَّهُ يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَرَوَى عَنْهُ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّ الْبَيْعَ يُفْسَخُ وَبِهِ قَالَ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا وَالدَّلِيلُ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ قَوْله تَعَالَى {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: 275] .
وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الجمعة: 9] .
وَقَدْ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي عَقْدِ النِّكَاحِ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ الْهِبَاتُ وَالصَّدَقَاتُ مِثْلُهُمَا وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْقَاسِمِ النِّكَاحُ وَالْإِجَارَةُ فِي ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْبَيْعِ.
(فَرْعٌ) فَإِذَا قُلْنَا يُفْسَخُ فَفَاتَ بِزِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ أَوْ حَوَالَةِ سُوقٍ فَقَدْ قَالَ الْمُغِيرَةُ وَسَحْنُونٌ يَمْضِي بِالثَّمَنِ وَلَا يَرُدُّ وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ يُرَدُّ إلَى الْقِيمَةِ.
وَجْهُ مَا قَالَهُ الْمُغِيرَةُ مَا احْتَجَّ لَهُ بِهِ ابْنُ عَبْدُوسٍ أَنَّ الْفَسَادَ فِي الْعَقْدِ لَا فِي الْعَرْضِ وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنْ يَمْضِيَ بِالْمُسَمَّى إذَا فَاتَ.
وَوَجْهُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّ هَذَا بَيْعٌ فَاسِدٌ لَا يَفُوتُ بِالْقَبْضِ وَإِنَّمَا يَفُوتُ بِالزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ وَحَوَالَةِ الْأَسْوَاقِ فَوَجَبَ أَنْ يُرَدَّ إلَى الْقِيمَةِ أَصْلُ ذَلِكَ إذَا كَانَ الْفَسَادُ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ.
(فَرْعٌ) وَإِذَا قُلْنَا بِرَدِّ الْقِيمَةِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تُرَاعَى الْقِيمَةُ حِينَ الْقَبْضِ وَقَالَ أَشْهَبُ الْقِيمَةُ حِينَ انْقِضَاءِ الصَّلَاةِ وَوَقْتَ جَوَازِ الْبَيْعِ.