(ص) : (قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُكَاتَبِ يُقَاطِعُهُ سَيِّدُهُ فَيَعْتِقُ وَيَكْتُبُ عَلَيْهِ مَا بَقِيَ مِنْ قَطَاعَتِهِ دَيْنًا عَلَيْهِ ثُمَّ يَمُوتُ الْمُكَاتَبُ وَيَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِلنَّاسِ قَالَ مَالِكٌ فَإِنَّ سَيِّدَهُ لَا يُحَاصُّ غُرَمَاءَهُ بِاَلَّذِي لَهُ عَلَيْهِ مِنْ قَطَاعَتِهِ وَلِغُرَمَائِهِ أَنْ يَبْدَءُوا عَلَيْهِ قَالَ مَالِكٌ لَيْسَ لِلْمُكَاتَبِ أَنْ يُقَاطِعَ سَيِّدَهُ إذَا كَانَ عَلَيْهِ دُيُونٌ لِلنَّاسِ فَيَعْتِقُ وَيَصِيرُ لَا شَيْءَ لَهُ؛ لِأَنَّ أَهْلَ الدَّيْنِ أَحَقُّ بِمَالِهِ مِنْ سَيِّدِهِ فَلَيْسَ ذَلِكَ بِجَائِزٍ لَهُ) .

جِرَاحُ الْمُكَاتَبِ (ص) : (قَالَ مَالِكٌ أَحْسَنُ مَا سَمِعْت فِي الْمُكَاتَبِ يَجْرَحُ الرَّجُلَ جَرْحًا يَقَعُ فِيهِ الْعَقْلُ عَلَيْهِ أَنَّ الْمُكَاتَبَ إنْ قَوِيَ عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَ عَقْلَ ذَلِكَ الْجُرْحِ مَعَ كِتَابَتِهِ أَدَّاهُ وَكَانَ عَلَى كِتَابَتِهِ فَإِنْ لَمْ يَقْوَ عَلَى ذَلِكَ فَقَدْ عَجَزَ عَنْ كِتَابَتِهِ وَذَلِكَ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُؤَدِّيَ عَقْلَ ذَلِكَ الْجَرْحِ قَبْلَ الْكِتَابَةِ فَإِنْ هُوَ عَجَزَ عَنْ

ـــــــــــــــــــــــــــــQثُمَّ لَهُ أَنْ يَخْتَارَ التَّمَاسُكَ بِمَا قَبَضَ وَلَا يَكُونُ لَهُ غَيْرُ رُبُعِ الْعَبْدِ وَإِنْ شَاءَ أَنْ يَكُونَ لَهُ نِصْفُ الْعَبْدِ رُدَّ فَضْلُ مَا أَخَذَ إنْ كَانَ عِنْدَهُ فَضْلٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

(ش) : وَهَذَا عَلَى مَا قَالَ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ لَا يُحَاصُّ الْغُرَمَاءَ إنَّمَا قَاطَعَ عَبْدَهُ بِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ بِمَعْنَى الْكِتَابَةِ وَالْكِتَابَةُ لَا يُحَاصُّ بِهَا الْغُرَمَاءُ فَكَذَلِكَ لَا يُحَاصُّ بِالْقَطَاعَةِ؛ لِأَنَّ أَصْلَ هَذَا الدَّيْنِ وَإِنْ كَانَ تَعَلَّقَ بِالذِّمَّةِ فَإِنَّمَا تَعَلَّقَ بِحُكْمِ الْكِتَابَةِ وَكَذَلِكَ الْقَطَاعَةِ حُكْمُ الْهِبَةِ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْعَبْدِ الْمُكَاتَبِ أَنْ يُقَاطِعَ سَيِّدَهُ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ تُحِيطُ بِمَا فِي يَدِهِ كَمَا لَا يَجُوزُ لَهُ الْعِتْقُ وَالْهِبَةُ فِي تِلْكَ الْحَالِ وَإِنْ كَانَ يَجُوزُ لَهُ الْمُعَاوَضَةُ الْمَحْضَةُ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ لَا يُحَاصُّ بِهِ السَّيِّدُ فِي فَلَسٍ وَلَا مَوْتٍ وَبِهِ قَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَعَطَاءُ وَابْنُ الْمُسَيِّبِ وَالزُّهْرِيُّ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَقَالَ شُرَيْحٌ يُحَاصُّ سَيِّدُهُ الْغُرَمَاءَ وَبِهِ قَالَ النَّخَعِيُّ وَالشَّعْبِيُّ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ مَا قَدَّمْنَاهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ: الْأَمْرُ عِنْدَنَا فِي الرَّجُلِ يُكَاتِبُ عَبْدَهُ، ثُمَّ يُقَاطِعُهُ بِالذَّهَبِ فَيَضَعُ عَنْهُ مِمَّا عَلَيْهِ مِنْ الْكِتَابَةِ عَلَى أَنْ يُعَجِّلَ لَهُ مَا قَاطَعَهُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَيْسَ بِذَلِكَ بَأْسٌ إنَّمَا كَرِهَ ذَلِكَ مَنْ كَرِهَهُ؛ لِأَنَّهُ أَنْزَلَهُ بِمَنْزِلَةِ الدَّيْنِ يَكُونُ لِلرَّجُلِ عَلَى الرَّجُلِ إلَى أَجَلٍ فَيَضَعُ عَنْهُ وَيَنْقُدُهُ وَلَيْسَ هَذَا مِثْلَ الدَّيْنِ إنَّمَا كَانَتْ قَطَاعَةُ الْمُكَاتَبِ سَيِّدَهُ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ مَالًا فِي أَنْ يَتَعَجَّلَ الْعِتْقَ فَيَجِبُ لَهُ الْمِيرَاثُ وَالشَّهَادَةُ وَالْحُدُودُ وَتَثْبُتُ لَهُ حُرْمَةُ الْعَتَاقَةِ وَلَمْ يَشْتَرِ دَرَاهِمَ بِدَرَاهِمَ وَلَا ذَهَبًا بِذَهَبٍ وَإِنَّمَا مَثَلُ ذَلِكَ مَثَلُ رَجُلٍ قَالَ لِغُلَامِهِ ائْتِنِي بِكَذَا وَكَذَا دِينَارًا وَأَنْتَ حُرٌّ فَوَضَعَ عَنْهُ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ إنْ جِئْتنِي بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ فَأَنْتَ حُرٌّ فَلَيْسَ هَذَا دَيْنًا ثَابِتًا وَلَوْ كَانَ دَيْنًا ثَابِتًا لَحَاصَّ بِهِ السَّيِّدُ غُرَمَاءَ الْمُكَاتَبِ إذَا مَاتَ، أَوْ أَفْلَسَ فَدَخَلَ مَعَهُمْ فِي مَالِ مُكَاتَبِهِ) .

(ش) : وَهَذَا عَلَى مَا قَالَ إنَّ الْقَطَاعَةَ تَجُوزُ بِأَقَلَّ مِمَّا كَاتَبَ عَلَيْهِ وَأَكْثَرَ عَلَى التَّعْجِيلِ مِنْ الْمُؤَجَّلِ وَتَأْجِيلُ الْمُعَجَّلِ فِي الطَّعَامِ وَغَيْرِهِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ فِي قَوْلِهِ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي أَنْ يَضَعَ وَيَتَعَجَّلَ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ مَا قَالَهُ مَالِكٌ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَتْ الْكِتَابَةُ بِدَيْنٍ ثَابِتٍ وَإِنَّمَا هِيَ مَعْنًى مُتَعَلِّقٌ بِالرَّقَبَةِ لِأَنَّهُ إذَا تَعَذَّرَ أَدَاءُ الْكِتَابَةِ اُسْتُرِقَّتْ الرَّقَبَةُ وَتَنْتَقِلُ بِالْقَطَاعَةِ عَلَى تَعْجِيلِ الْكِتَابَةِ إلَى دَيْنٍ مُتَعَلِّقٍ بِالذِّمَّةِ عَلَى حَسَبِ مَا قَدَّمْنَاهُ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ وَيَجُوزُ بِالنَّقْدِ وَاخْتُلِفَ فِي النَّسِيئَةِ وَالنَّقْدُ أَحَبُّ إلَيَّ وَتَعَلَّقَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي ذَلِكَ بِفَضْلٍ آخَرَ وَهُوَ مَا يَقْتَضِيهِ الْقَطَاعَةُ مِنْ الْعِتْقِ الْمُتَضَمَّنِ لِأَدَاءِ الشَّهَادَةِ وَالْمُوَارَثَةِ وَتَعْجِيلِ تَمَامِ الْحُرِّيَّةِ وَلِذَلِكَ تَأْثِيرٌ فِي التَّصْحِيحِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015