(ص) : (قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُكَاتَبِ يُكَاتِبُ عَبْدَهُ قَالَ يَنْظُرُ فِي ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ إنَّمَا أَرَادَ الْمُحَابَاةَ لِعَبْدِهِ وَعُرِفَ ذَلِكَ مِنْهُ بِالتَّخْفِيفِ عَنْهُ فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ إنَّمَا كَاتَبَهُ عَلَى وَجْهِ الرَّغْبَةِ وَطَلَبِ الْمَالِ وَابْتِغَاءِ الْفَضْلِ وَالْعَوْنِ عَلَى كِتَابَتِهِ فَذَلِكَ جَائِزٌ لَهُ) .

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ وَطِئَ مُكَاتَبَةً لَهُ أَنَّهَا إنْ حَمَلَتْ فَهِيَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَتْ كَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ وَإِنْ شَاءَتْ قَرَّتْ عَلَى كِتَابَتِهَا فَإِنْ لَمْ تَحْمِلْ فَهِيَ عَلَى كِتَابَتِهَا) .

ـــــــــــــــــــــــــــــQ (ش) : وَهَذَا عَلَى مَا قَالَ إنَّ الْوَلَاءَ لَا يُورَثُ بِالصِّهْرِ وَلَا لِلزَّوْجَةِ بِهِ تَعَلُّقَ فَإِذَا مَاتَتْ الْمَرْأَةُ عَنْ زَوْجٍ وَابْنٍ وَتَرَكَتْ مُكَاتَبًا فَقَدْ تَعَلَّقَ حَقُّ الزَّوْجِ وَالْأَبِ بِالْمُكَاتَبِ؛ لِأَنَّ أَحْكَامَ الرِّقِّ مُتَعَلِّقَةٌ بِهِ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ كَانَ عَبْدًا لَوَرِثَهُ الزَّوْجُ وَالِابْنُ فَإِذَا كَانَ مُكَاتَبًا، أَوْجَبَ أَنْ يَرِثَاهُ إنْ كَانَ مَالًا وَوَجَبَ أَنْ يَخْتَصَّ بِهِ الِابْنُ إنْ كَانَ وَلَاءً لِأَنَّ الْوَلَاءَ قَدْ ثَبَتَ بِعَقْدِ الْكِتَابَةِ لِأُمِّهِ فَإِذَا مَاتَ الْمُكَاتَبُ قَبْلَ أَنْ يَعْتِقَ بِالْأَدَاءِ فَهُوَ عَبْدٌ فَقَدْ عَادَ إلَيَّ الْمَالُ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ لِلزَّوْجِ رُبُعُهُ وَلِلِابْنِ بَاقِيهِ كَسَائِرِ مَا خَلَّفَتْهُ مَوْرُوثَتُهُمَا مِنْ الْمَالِ وَإِنْ أَعْتَقَ بِأَدَاءِ الْكِتَابَةِ فَقَدْ تَحَقَّقَ بِالْوَلَاءِ وَمَا كَانَ فِيهِ مِنْ الْمَالِ وَهُوَ الْعِوَضُ بِالْكِتَابَةِ فَقَدْ صَارَ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حِصَّتُهُ مِنْهُ وَلَمْ يَبْقَ إلَّا مُجَرَّدُ الْوَلَاءِ فَثَبَتَ لِلِابْنِ خَاصَّةً فَإِنْ مَاتَ الْمُكَاتَبُ بَعْدَ الْعِتْقِ فَلَا شَيْءَ فِيهِ لِلزَّوْجِ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَةَ لَا تَأْثِيرَ لَهَا فِي الْوَلَاءِ وَوَجَبَ تَفَرُّدُ الِابْنِ؛ لِأَنَّ الْبُنُوَّةَ لَهَا تَأْثِيرٌ مُقَدَّمٌ فِي الْوَلَاءِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

(ش) : وَهَذَا عَلَى مَا قَالَ إنَّ الْمُكَاتَبَ إذَا كَاتَبَ عَبْدًا لَمْ يَخْلُ أَنْ يَقْصِدَ بِهِ الرَّقِيقَ بِالْمُكَاتَبِ فَذَلِكَ لَا يَجُوزُ لَهُ إلَّا بِإِذْنِ السَّيِّدِ؛ لِأَنَّ حَقَّ السَّيِّدِ مُتَعَلِّقٌ بِمَالِهِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ تَنْوِيَتُهُ فِي وَجْهٍ وَلَا غَيْرِهِ كَمَا لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِمَالِهِ وَلَا أَنْ يُعْتِقَ عَبْدَهُ وَأَمَّا الْكِتَابَةُ فَلَمَّا كَانَتْ عَقْدَ مُعَاوَضَةٍ فَإِنْ لَمْ يُرِدْ ذَلِكَ بِهَا وَأَرَادَ بِهَا اكْتِسَابَ الْمَالِ وَالْجَمْعَ لَهُ وَالِازْدِيَادَ مِنْ الرِّبْحِ جَازَتْ كِتَابَتُهُ وَإِنْ لَمْ يُرِدْ ذَلِكَ سَيِّدُهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلسَّيِّدِ مَنْعُهُ مِنْ التَّصَرُّفِ الَّذِي يَرْجُو فِيهِ الرِّبْحَ وَيَقْصِدُ بِهِ النَّمَاءَ وَالِازْدِيَادَ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.

(ش) : وَهَذَا عَلَى مَا قَالَ وَلَعَلَّ ذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَطَأَ مُكَاتَبَتَهُ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ؛ لِأَنَّ عِتْقَهَا مُتَعَلِّقٌ بِأَجَلِ كِتَابَتِهَا فَكَانَتْ كَالْمُعْتَقَةِ إلَى أَجَلٍ قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ وَوَجْهٌ آخَرُ أَنَّ الْوَطْءَ لَا يَحِلُّ إلَّا بِزَوْجِيَّةٍ، أَوْ مِلْكِ يَمِينٍ تَسْتَحِقُّ بِهِ عَلَيْهِ النَّفَقَةَ وَهَذَانِ مَعْدُومَانِ فِي مَسْأَلَتِنَا فَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَطْؤُهَا وَوَجْهٌ آخَرُ أَنَّهَا مَنْفَعَةٌ فَامْتَنَعَتْ عَلَى السَّيِّدِ مِنْ الْأَمَةِ بِالْكِتَابَةِ كَالْخِدْمَةِ فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ مُنِعَ مِنْهُ وَزُجِرَ عَنْهُ وَهِيَ عَلَى كِتَابَتِهَا مَا لَمْ تَحْمِلْ وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ مُجَرَّدَ الْوَطْءِ لَا يُغَيِّرُ حُكْمَ الْكِتَابَةِ وَلَا يُوجِبُ فِيهَا عِتْقًا وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ سَوَاءٌ عَلِمَ بِالتَّحْرِيمِ، أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ خِلَافًا لِمَا رُوِيَ عَنْ الْحَسَنِ وَالزُّهْرِيِّ أَنَّ عَلَيْهِمَا الْحَدَّ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّهُ وَطْءٌ صَادَفَ شُبْهَةَ مِلْكٍ فَلَمْ يَجِبْ بِهِ الْحَدُّ كَمَا لَوْ وَطِئَ جَارِيَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ شَرِيكِهِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِنْ حَمَلَتْ فَإِنَّهَا مُخَيَّرَةٌ بَيْنَ أَنْ تَعْجِزَ نَفْسَهَا فَتَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ بِذَلِكَ الْحَمْلِ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ قَالَ سَحْنُونٌ فِي الْعُتْبِيَّةِ تَعْجِزُ نَفْسَهَا إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهَا فِي كِتَابَتِهَا أَحَدٌ وَإِنْ كَانَ لَهَا الْمَالُ الْكَثِيرُ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ هَذَا وَإِنْ كَانُوا يُعَبِّرُونَ عَنْهُ بِالتَّعْجِيزِ فَإِنَّ مَعْنَاهُ اخْتِيَارُ كَوْنِهَا أُمَّ وَلَدٍ وَتَرْكُ مَا كَانَتْ عَلَيْهِ لِأَنَّ حَقَّ أُمِّ الْوَلَدِ فِي الْحُرِّيَّةِ أَثْبَتُ مِنْ حَقِّ الْمُكَاتَبَةِ؛ لِأَنَّ عِتْقَ أُمِّ الْوَلَدِ أَمْرٌ مُتَحَقِّقٌ وَعِتْقَ الْمُكَاتَبَةِ غَيْرُ مُتَحَقِّقٍ فَلِذَلِكَ كَانَ اخْتِيَارُ كَوْنِهَا أُمَّ وَلَدٍ لَا سِيَّمَا أَنَّ ذَلِكَ مِمَّا أَدْخَلَهُ عَلَيْهَا السَّيِّدُ.

(فَرْعٌ) وَإِنَّمَا يَكُونُ لَهَا أَنْ تَخْتَارَ كَوْنَهَا أُمَّ وَلَدِهِ مَا لَمْ يَكُنْ مَعَهَا فِي كِتَابَتِهَا غَيْرُهَا فَإِنْ كَانَ مَعَهَا غَيْرُهَا فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ إلَّا بِرِضَا مَنْ مَعَهَا فَإِنْ رَضُوا بِذَلِكَ فَقَدْ قَالَ مُحَمَّدٌ يَحُطُّ عَنْهُ حِصَّتَهَا وَتَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ يَطَؤُهَا وَوَجْهُ ذَلِكَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ مِنْ تَعَلُّقِ حَقِّ مَنْ شَرَكَهُ فِي الْكِتَابَةِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا رَضِيَ بِالْكِتَابَةِ وَالْتَزَمَهَا لَمَّا رَجَا مِنْ عَوْنِ هَذِهِ الْحَامِلِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُزَالَ عَنْهُ ذَلِكَ الْعَوْنُ بِأَمْرٍ لَعَلَّ السَّيِّدَ وَالْأَمَةَ قَدْ اتَّفَقَا عَلَيْهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

(فَصْلٌ) :

قَوْلُهُ وَإِنْ اخْتَارَتْ قَرَّتْ عَلَى كِتَابَتِهَا يُرِيدُ أَنَّ لَهَا الْخِيَارَ بَيْنَ نَقْصِ الْكِتَابَةِ وَإِيثَارِ حُكْمِ أُمِّ الْوَلَدِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015