سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ فَنَهَاهُ عَنْ ذَلِكَ وَقَالَ لَا تَعُدْ) .
مَا جَاءَ فِيمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً يَوْمَ الْجُمُعَةِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ مَنْ أَدْرَكَ مِنْ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ رَكْعَةً فَلْيُصَلِّ إلَيْهَا أُخْرَى قَالَ مَالِكٌ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَهِيَ السُّنَّةُ قَالَ مَالِكٌ وَعَلَى ذَلِكَ أَدْرَكْت أَهْلَ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَنْ أَدْرَكَ مِنْ الصَّلَاةِ رَكْعَةً فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ» )
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (ش) : هَذَا مِنْ قَبِيلِ مَا ذَكَرْنَا النَّهْيَ عَنْهُ لِأَنَّ تَشْمِيتَ الْعَاطِسِ كَلَامٌ مِنْ الْمُشَمِّتِ فِي حَالِ الْخُطْبَةِ لِغَيْرِ الْإِمَامِ وَهَذَا مَكْرُوهٌ وَمُخْرِجٌ مِنْ الْإِنْصَاتِ.
وَقَدْ قَالَ أَشْهَبُ فِي الْعَاطِسِ حِينَ الْخُطْبَةِ إنْ حَمِدَ اللَّهَ فَفِي نَفْسِهِ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ الْجَهْرَ بِهِ اسْتِدْعَاءٌ لِتَشْمِيتِ مَنْ سَمِعَهُ وَمَعْنَى التَّشْمِيتِ أَنْ يُقَالَ لَهُ يَرْحَمُك اللَّهُ وَيُقَالُ شَمَّتَهُ وَسَمَّتَهُ قَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ وَالشِّينُ أَفْصَحُ وَمَعْنَى التَّشْمِيتِ الدُّعَاءُ فَمَعْنَى شَمَّتَهُ أَيْ دَعَا لَهُ وَقَوْلُهُ فَنَهَاهُ عَنْ ذَلِكَ وَقَالَ لَا تَعُدْ مِنْ بَابِ اتِّصَالِ الْعَمَلِ بِالْأَمْرِ بِالصَّمْتِ وَاتِّفَاقِ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِ.
(ص) : (مَالِكٌ أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ شِهَابٍ عَنْ الْكَلَامِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إذَا نَزَلَ الْإِمَامُ عَنْ الْمِنْبَرِ قَبْلَ أَنْ يُكَبِّرَ فَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ) .
(ش) : فَهَذَا الْحَدِيثُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ شِهَابٍ وَمَعْنَاهُ صَحِيحٌ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْإِنْصَاتِ إنَّمَا كَانَ لِأَجْلِ الْخُطْبَةِ فَإِذَا انْقَضَتْ الْخُطْبَةُ وَزَالَ حُكْمُهَا فَلَا يُوجِبُ الْإِنْصَاتَ إلَّا الْإِحْرَامُ بِالصَّلَاةِ وَذَلِكَ مُبَاحٌ فِي حَالِ الْإِقَامَةِ وَلَا خِلَافَ فِيهِ.
[مَا جَاءَ فِيمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً يَوْمَ الْجُمُعَةِ]
(ش) : فِي إدْرَاكِ الْمُصَلِّي يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَرْبَعُ مَسَائِلَ:
إحْدَاهَا: أَنْ يُدْرِكَ بَعْضَ الْخُطْبَةِ فَهَذَا لَا خِلَافَ فِي إدْرَاكِهِ الْجُمُعَةَ.
وَالثَّانِيَةُ: أَنْ يَفُوتَهُ جَمِيعُ الْخُطْبَةِ وَيُدْرِكَ جَمِيعَ الصَّلَاةِ فَاَلَّذِي عَلَيْهِ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ أَنَّ صَلَاتَهُ صَحِيحَةٌ. وَقَالَ عَطَاءٌ وَمَكْحُولٌ وَمُجَاهِدٌ وَطَاوُسٌ أَنَّ الْجُمُعَةَ قَدْ فَاتَتْهُ بِفَوَاتِ الْخُطْبَةِ وَفَرْضُهُ أَنْ يُصَلِّيَ ظُهْرًا أَرْبَعًا وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْجُمْهُورُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الصَّلَاةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ» وَهُوَ عَامٌّ فِي جَمِيعِ الصَّلَوَاتِ إلَّا مَا خَصَّهُ الدَّلِيلُ وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ هَذِهِ صَلَاةٌ فَوَجَبَ أَنْ تُدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ بِإِدْرَاكِ رَكْعَةٍ مِنْهَا كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ.
وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: فَهُوَ أَنْ يُدْرِكَ رَكْعَةً مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ فَإِنَّ جُمُعَتَهُ صَحِيحَةٌ وَعَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِرَكْعَةٍ عَلَى نَحْوِ مَا فَاتَتْهُ فَتَتِمُّ بِذَلِكَ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْإِمَامَ وَالْجَمَاعَةَ شَرْطٌ فِي إدْرَاكِ رَكْعَةٍ مِنْ الْجُمُعَةِ وَلَيْسَتَا شَرْطًا فِي إدْرَاكِ جَمِيعِهَا وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي الْجَامِعِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ.
وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ فَأَنْ يُدْرِكَ الْإِمَامَ جَالِسًا فِي صَلَاتِهِ فَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَجَمَاعَةٍ مِنْ الْفُقَهَاءِ أَنَّ الْجُمُعَةَ قَدْ فَاتَتْهُ وَعَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ ظُهْرًا أَرْبَعًا.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ لِأَنَّهُ مُدْرِكٌ لِلْجُمُعَةِ وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ مَالِكٌ أَنَّ هَذَا لَمْ يُدْرِكْ مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ مَا يُعْتَدُّ بِهِ فَلَمْ يَكُنْ مُدْرِكًا لَهَا كَمَا لَوْ لَمْ يُدْرِكْهُ إلَّا بَعْدَ السَّلَامِ.
(فَرْعٌ) فَإِذَا ثَبَتَ مَا قُلْنَاهُ فَهَلْ يُتِمُّ صَلَاتَهُ عَلَى إحْرَامِهِ الَّذِي أَحْرَمَ مَعَ الْإِمَامِ أَمْ يَسْتَأْنِفُ الْإِحْرَامَ سَنَذْكُرُهُ بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ.
(ص) : (قَالَ مَالِكٌ فِي الَّذِي يُصِيبُهُ زِحَامُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَيَرْكَعُ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَسْجُدَ حَتَّى يَقُومَ الْإِمَامُ أَوْ يَفْرُغَ الْإِمَامُ مِنْ صَلَاتِهِ أَنَّهُ إنْ قَدَرَ عَلَى أَنْ يَسْجُدَ إنْ كَانَ قَدْ رَكَعَ فَلْيَسْجُدْ إذَا قَامَ النَّاسُ وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى أَنْ يَسْجُدَ حَتَّى يَفْرُغَ الْإِمَامُ مِنْ صَلَاتِهِ فَإِنَّهُ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَبْتَدِئَ صَلَاتَهُ ظُهْرًا أَرْبَعًا) .
(ش) : الظَّاهِرُ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الزِّحَامَ كَانَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى بَعْدَ أَنْ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ رُكُوعِهَا فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى السُّجُودِ فَإِنْ قَدَرَ عَلَى أَنْ يَسْجُدَهَا وَالْإِمَامُ قَائِمٌ فِي الثَّانِيَةِ سَجَدَهَا وَاعْتَدَّ بِهَا وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى سُجُودِهَا حَتَّى يَفْرُغَ الْإِمَامُ مِنْ صَلَاتِهِ كُلِّهَا فَعَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَهَا ظُهْرًا أَرْبَعًا وَفِي هَذَا أَرْبَعَةُ أَبْوَابٍ:
أَحَدُهَا: فِي بَيَانِ الْأَسْبَابِ الَّتِي يَجِبُ بِهَا اتِّبَاعُ الْإِمَامِ.
وَالثَّانِي: فِي اخْتِلَافِ مَحِلِّ الْأَسْبَابِ.
وَالثَّالِثُ: فِي بَيَانِ فَوَاتِ الِاتِّبَاعِ