(ص) : (قَالَ مَالِكٌ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَشْتَرِيَ الرَّقَبَةَ فِي التَّطَوُّعِ وَيَشْتَرِطَهُ أَنَّهُ يُعْتِقُهَا) .
(ص) : (قَالَ مَالِكٌ إنَّ أَحْسَنَ مَا سُمِعَ فِي الرِّقَابِ الْوَاجِبَةِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُعْتَقَ فِيهَا نَصْرَانِيٌّ وَلَا يَهُودِيٌّ وَلَا يُعْتَقَ فِيهَا مُكَاتَبٌ وَلَا مُدَبَّرٌ وَلَا أُمُّ وَلَدٍ وَلَا مُعْتَقٌ إلَى سِنِينَ وَلَا أَعْمَى وَلَا بَأْسَ أَنْ يُعْتَقَ النَّصْرَانِيُّ وَالْيَهُودِيُّ وَالْمَجُوسِيُّ تَطَوُّعًا؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ فِي كِتَابِهِ {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} [محمد: 4] فَالْمَنُّ الْعَتَاقَةُ قَالَ مَالِكٌ فَأَمَّا الرِّقَابُ الْوَاجِبَةُ الَّتِي ذَكَرَ اللَّهُ فِي الْكِتَابِ فَإِنَّهُ لَا يُعْتَقُ فِيهَا إلَّا رَقَبَةٌ مُؤْمِنَةٌ قَالَ مَالِكٌ، وَكَذَلِكَ فِي إطْعَامِ الْمَسَاكِينِ فِي الْكَفَّارَاتِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُطْعَمَ فِيهَا إلَّا الْمُسْلِمُونَ وَلَا يُطْعَمَ فِيهَا أَحَدٌ عَلَى غَيْرِ دِينِ الْإِسْلَامِ) .
ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الشَّهْرِ، أَوْ طُولَ الْمُقَامِ دُونَ عَيْبٍ يَقْتَضِي فَوَاتَ الْعَبْدِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَإِذَا كَانَ الْبَائِعُ لَمْ يَعْلَمْ بِتَرْكِ الْعِتْقِ لَزِمَ الْمُشْتَرِيَ قِيمَتُهُ دُونَ شَرْطٍ وَتَقَرَّرَ مِلْكُهُ عَلَيْهِ سَالِمًا مِنْ الشَّرْطِ فَإِذَا أَعْتَقَهُ حِينَئِذٍ عَنْ ظِهَارٍ أَوْ أَمْرٍ وَاجِبٍ أَجْزَأَهُ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
وَمَنْ أَوْصَى بِشِرَاءِ عَبْدٍ بِعَيْنِهِ لِيُعْتَقَ فَلْيَشْتَرِ عَلَى بَيْعِ الْبَرَاءَةِ وَلَا يَشْتَرِ بِعُهْدَةِ الثَّلَاثِ رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْعُهْدَةَ إنَّمَا هِيَ لِيَعْلَمَ سَلَامَتَهُ مِنْ عَيْبٍ لَا يَمْنَعُ وُجُودُهُ صِحَّةَ عِتْقِهِ عَنْ ظِهَارٍ وَلَا غَيْرِهِ فَلَمْ يَحْتَجْ إلَيْهَا فِيمَا يَشْتَرِي لِلْعِتْقِ.
وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ أَوْصَى بِعِتْقِ عَبْدٍ مُعَيَّنٍ فَمَرِضَ الْعَبْدُ مَرَضًا شَدِيدًا أَنَّهُ يُعْتَقُ إذَا اجْتَمَعَ الْمَالُ وَلَا يُؤَخَّرُ لِمَرَضِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.
(ص) : (قَالَ مَالِكٌ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَشْتَرِيَ الرَّقَبَةَ فِي التَّطَوُّعِ وَيَشْتَرِطَهُ أَنَّهُ يُعْتِقُهَا) .
(ش) : وَهَذَا عَلَى مَا قَالَ إنَّهُ مَنْ اشْتَرَى رَقَبَةَ تَطَوُّعٍ بِشَرْطِ الْعِتْقِ أَجْزَأَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الرَّقَبَةَ لَمْ تَلْزَمْهُ بَعْدُ وَإِنَّمَا هُوَ مُتَبَرِّعٌ بِعِتْقِ مَا مَلَكَ مِنْهَا سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ جَمِيعُهَا، أَوْ بَعْضُهَا وَمَنْ أَمَرَ غَيْرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ رَقَبَةً يُعْتِقُهَا لِتَطَوُّعٍ وَقَدَّرَ لَهُ ثَمَنًا فَزَادَ الْمَأْمُورُ لَهُ فِي ثَمَنِهَا.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَالْمُوصِي إذَا اشْتَرَى رَقَبَةَ التَّطَوُّعِ وَاشْتَرَطَ الْعِتْقَ لَمْ يَضْمَنْ إذَا كَانَ الثَّمَنُ مَبْلَغَ وَصِيَّتِهِ قَالَهُ مَالِكٌ.
(ش) : وَهَذَا عَلَى مَا ذَكَرَ أَنَّهُ لَا يُعْتَقُ فِي الرِّقَابِ الْوَاجِبَةِ يَهُودِيٌّ وَلَا نَصْرَانِيٌّ وَلَا يُعْتَقُ إلَّا مُؤْمِنٌ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ فِي كِتَابِهِ {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: 92] فَقَيَّدَهَا بِالْإِيمَانِ، ثُمَّ قَاسَ أَهْلُ الْعِلْمِ سَائِرَ الْكَفَّارَاتِ عَلَى كَفَّارَةِ الْقَتْلِ غَيْرَ مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ أَجَازَ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَكَفَّارَةِ الْأَيْمَانِ عِتْقُ رَقَبَةٍ غَيْرِ مُؤْمِنَةٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَأَمَّا مَنْ يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ مِنْ أَهْلِ الْكُفْرِ فَقَدْ رَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ أَعْتَقَ عَنْ ظِهَارِهِ مَنْ يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ أَجْزَأَهُ.
وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُجْزِئُهُ حَتَّى يُجِيبَ إلَيْهِ أَوْ يَنْمُوَ نَحْوَهُ وَمَنْ عَرَفَ الْقِبْلَةَ أَحَبُّ إلَيْنَا وَمَعْنَى قَوْلِهِ أَنْ لَا يُقَرَّ عَلَى الْإِسْلَامِ يُرِيدُ أَهْلَ الْأَوْثَانِ فَإِنَّهُ لَا يُقَرُّ فِي الِاسْتِرْقَاقِ عِنْدَهُ عَلَى دِينِهِ وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ لَا يُقَرُّ عَلَى دِينِهِ وَيُحْمَلُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَكَانَ الْغَالِبُ مِنْ جَمِيعِهِمْ الدُّخُولُ فِي الْإِسْلَامِ كَانَ لَهُ حُكْمُ الْمُسْلِمِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَرُّ عَلَى سِوَاهُ وَوَجْهُ قَوْلِ أَشْهَبَ أَنَّهُ لَمَّا يَظْهَرُ الرِّضَا بِالْإِسْلَامِ وَالْمَيْلُ إلَيْهِ فَلَيْسَ لَهُ حُكْمُ الْإِسْلَامِ لِجَوَازِ أَنْ يَرْضَى بِمَا يَلْقَى الْمُتَمَسِّكُ بِدِينِهِ فَإِذَا أَظْهَرَ الْإِسْلَامَ يُرِيدُ أَظْهَرَ الْإِجَابَةَ إلَيْهِ فَإِنَّهُ مُسْلِمٌ وَإِنْ لَمْ يَتَلَفَّظْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْإِيمَانَ إنَّمَا هُوَ التَّصْدِيقُ بِالْقَلْبِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَهَذَا أَحْسَنُ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْأَعْجَمِيِّ مَنْ قَصَرَ النَّفَقَةَ يَعْنِي مَنْ أَسْلَمَ أَحَبُّ إلَيْنَا مِمَّنْ صَلَّى وَعَرَفَ الْقِبْلَةَ، أَوْ عَرَفَ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَأَمَّا قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَأْمُرْ رَبَّ السَّوْدَاءِ أَنْ يُعْتِقَهَا حَتَّى أَقَرَّتْ بِالْإِيمَانِ وَعَرَّفَتْهُ، وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ وَعَرَّفَتْهُ لَيْسَ فِي ظَاهِرِ الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ إقْرَارُهَا بِهِ وَإِنَّمَا فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَيَجُوزُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ عِتْقُ الصَّغِيرِ وَأَبَوَاهُ كَافِرَانِ إذَا كَانَ يُرِيدُ إدْخَالَهُ فِي الْإِسْلَامِ رَوَاهُ عَنْهُ ابْنُ الْمَوَّازِ وَاَلَّذِي يَقْتَضِي مَذْهَبُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَا يُجْزِيهِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ حَتَّى يَفْهَمَ وَيُجِيبَ إلَى الْإِسْلَامِ وَإِذَا حَكَمْنَا لَهُ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ لِاعْتِقَادِ سَيِّدِهِ إدْخَالَهُ فِي الْإِسْلَامِ فَيَجِبُ أَنْ يُصَلَّى عَلَيْهِ وَيُدْفَنَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ وَهَذَا إنَّمَا يُعْرَفُ مِنْ مَذْهَبِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ.
1 -