(ص) : (قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا أَنَّهُ لَا تَجُوزُ عَتَاقَةُ رَجُلٍ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِمَالِهِ وَأَنَّهُ لَا تَجُوزُ عَتَاقَةُ الْغُلَامِ حَتَّى يَحْتَلِمَ أَوْ يَبْلُغَ الْمُحْتَلِمُ وَأَنَّهُ لَا تَجُوزُ عَتَاقَةُ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ فِي مَالِهِ وَإِنْ بَلَغَ الْحُلُمَ حَتَّى يَلِيَ مَالَهُ) .
ـــــــــــــــــــــــــــــQمَثَّلَ بِعَبْدٍ لِزَوْجَتِهِ غُرِّمَ مَا نَقَصَهُ إلَّا أَنْ تَكُونَ مُثْلَةً مُفْسِدَةً فَإِنَّهُ يُعْتَقُ وَيُوَفَّى الْقِيمَةَ كَعَبْدِ الْأَجْنَبِيِّ.
(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ: إنَّ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ فَإِنَّهُ لَا يَبْتَدِئُ عِتْقَ عَبْدِهِ فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ وَأَعْتَقَ عَبْدَهُ فَإِنَّ لِلْغُرَمَاءِ رَدَّ ذَلِكَ بِحُكْمِ حَاكِمٍ، وَلَيْسَ لَهُمْ رَدُّهُ دُونَ الْإِمَامِ فَإِنْ رَدُّوهُ وَبَاعُوهُ فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ يَرُدُّ الْإِمَامُ بَيْعَهُمْ وَيُعْتِقَهُمْ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ يَرُدُّهُمْ إلَى الْحَالَةِ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا، ثُمَّ يَنْظُرُ فِي أَمْرِهِمْ فَإِنْ كَانَ مُتَّصِلَ الْعَدَمِ رَدَّ عِتْقَهُمْ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ حَكَمٌ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ وَالْعَبْدِ فَلَيْسَ لَهُ إمْضَاؤُهُ وَالنَّظَرُ فِيهِ وَإِنَّمَا يُمْضِيهِ دُونَهُمْ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَإِنْ أَمْسَكَ الْغُرَمَاءُ عَنْ الْقِيَامِ فِي ذَلِكَ بَعْدَ الْعِتْقِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إنْ قَامَ الْغُرَمَاءُ بَعْدَ ثَلَاثِ سِنِينَ، أَوْ أَرْبَعٍ وَهُوَ فِي الْبَلَدِ وَقَالُوا لَمْ نَعْلَمْ فَذَلِكَ لَهُمْ كَانُوا رِجَالًا، أَوْ نِسَاءً حَتَّى تَقُومَ بَيِّنَةٌ أَنَّهُمْ عَلِمُوا وَأَمَّا فِي أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُمْ.
وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ اُسْتُحْسِنَ أَنَّهُ إذَا طَالَ الزَّمَانُ حَتَّى يُوَارِثَ الْأَحْرَارَ وَجَازَتْ شَهَادَتُهُ وَنَحْوُهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُرِيدُ أَنْ يَشْتَهِرَ بِالْحُرِّيَّةِ وَيَثْبُتَ لَهُ أَحْكَامُهَا بِالْمُوَارَثَةِ وَقَبُولِ الشَّهَادَةِ وَلَمْ يَمْنَعْ مِنْ ذَلِكَ الْغُرَمَاءُ فَإِنَّ ذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَى الرِّضَا بِعِتْقِهِ.
وَقَالَ أَصْبَغُ إنَّ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ فِي التَّطَاوُلِ الَّذِي لَعَلَّهُ أُثْبِتَ عَلَى السَّيِّدِ فِيهِ أَوْقَاتُ يُسْرٍ وَلَوْ تَيَقَّنَ بِشَهَادَةٍ قَاطِعَةٍ أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ عَدِيمًا مُتَّصِلَ الْعَدَمِ مَعَ غَيْبَةِ الْغُرَمَاءِ وَمِنْ غَيْرِ عِلْمِهِمْ فَإِنَّهُ يَرُدُّ عِتْقَهُ وَلَوْ وُلِدَ لَهُ سَبْعُونَ وَلَدًا.
(فَرْعٌ) وَلَوْ قَالَ الْغَرِيمُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ وَأَرْبَعٍ عَلِمْت بِعِتْقِهِ وَلَمْ أُنْكِرْهُ لِمَا اعْتَقَدْتُ أَنَّ الدَّيْنَ لَا يُحِيطُ بِمَالِهِ فَقَدْ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: لَا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ وَيَنْفُذُ عِتْقُهُ.
وَقَالَ أَصْبَغُ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ لَا يُرَدُّ لِدَيْنِ هَذَا الْغَرِيمِ فَإِنْ كَانَ مَعَهُ غَرِيمٌ غَيْرُهُ رُدَّ ذَلِكَ الْغَرِيمُ وَدَخَلَ مَعَهُ هَذَا قَالَ أَصْبَغُ بَلْ يُرَدُّ لِهَذَا الْغَرِيمِ وَإِنْ كَانَ وَحْدَهُ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَإِنْ أَيْسَرَ الْمُعْتِقُ، ثُمَّ قَامَ عَلَيْهِ الْغُرَمَاءُ وَقَدْ أَعْسَرَ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ لَا يُرَدُّ عِتْقُهُ وَلَوْ رَدَّ الْإِمَامُ عِتْقَهُ، ثُمَّ أَيْسَرَ السَّيِّدُ قَبْلَ بَيْعِهِ تَعْتِقُ رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ فِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ قَالَ: وَلَيْسَ رَدُّ السُّلْطَانِ بِرَدٍّ حَتَّى يُبَاعَ مَا لَمْ يُقَسَّمْ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ، أَوْ لَمْ يَفُتْ ذَلِكَ.
وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ لَا أَعْرِف هَذِهِ الرِّوَايَةَ وَاَلَّذِي أَعْرِفُ أَنَّ رَدَّ السُّلْطَانِ رَدُّهُ لِلْعِتْقِ وَإِنْ لَمْ يَبِعْ فِي الدَّيْنِ فَلَا يُعْتَقُ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِنْ أَفَادَ مَالًا وَجْهُ الرِّوَايَةِ الْأُولَى إنْ رَدَّ السُّلْطَانُ لَيْسَ بِحُكْمٍ وَإِنَّمَا هُوَ تَوْقِيفٌ وَنَظَرٌ وَلَوْ مَاتُوا لَكَانُوا مِنْ السَّيِّدِ فَإِذَا طَرَأَ لَهُ مَالٌ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَبْطُلْ نَظَرُهُ وَتَوْقِيفُهُ الْعِتْقَ وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ نَافِعٍ إنَّ حُكْمَ السُّلْطَانِ فِي ذَلِكَ حُكْمٌ بِرَدِّ الْعِتْقِ وَإِثْبَاتِ الْمِلْكِ وَيَلْزَمُ عَلَى هَذَا أَنْ يَكُونُوا مِنْ ضَمَانِ الْغُرَمَاءِ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ لَهُمْ رَدٌّ.
(فَرْعٌ) فَإِذَا قُلْنَا بِرِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَرَدَّ السُّلْطَانُ عِتْقَ الرَّقِيقِ فَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ الْوَطْءُ وَلَهُ اسْتِخْدَامُهُمْ فَإِنْ أَفَادَهُ مِثْلَ دَيْنِهِ عَتَقُوا وَإِنْ أَفَادَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ الْعِتْقُ فِي كَلِمَةٍ بِيعَ مِنْهُمْ بِمَا بَقِيَ بِالْحِصَصِ وَإِنْ أَعْتَقَهُمْ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ بِيعَ الْآخَرُ وَأَعْتَقَ مَنْ بَقِيَ كَمَنْ أَعْتَقَ وَلَهُ وَفَاءٌ بِبَعْضِ دَيْنِهِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَلَوْ قَالَ عَبْدِي يَخْدُمُ فُلَانًا سَنَةً، ثُمَّ هُوَ لِفُلَانٍ فَقَدْ رَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لَيْسَ لِلْغُرَمَاءِ رَدُّهُ حَتَّى تَنْقَضِي السَّنَةُ وَيَخْلُصَ لِلثَّانِي بَتْلًا فَحِينَئِذٍ يَكُونُ لِلْغُرَمَاءِ رَدُّهُ وَإِجَازَتُهُ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ مَنَافِعَهُ لَا اعْتِرَاضَ لِلْغُرَمَاءِ فِيهَا وَلَا تَتَعَلَّقُ حُقُوقُهُمْ بِهَا وَإِنَّمَا تَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ.
1 -
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ عَتَاقَةُ الْغُلَامِ حَتَّى يَحْتَلِمَ، أَوْ يَبْلُغَ مَبْلَغَ الْمُحْتَلِمِ يُرِيدُ أَنَّ الصَّغِيرَ الَّذِي لَمْ يَبْلُغْ سِنَّ الِاحْتِلَامِ لَا يَنْفُذُ عِتْقُهُ لِعَبْدِهِ وَلَوْ أَجَازَهُ الْوَلِيُّ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ كَالْمَجْنُونِ.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ يَحْتَلِمَ، أَوْ يَبْلُغَ مَبْلَغَ الْمُحْتَلِمِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَلَى وَجْهِ الشَّكِّ مِنْ الرَّاوِي وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ