(ص) : (قَالَ مَالِكٌ وَالْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا فِي الْعَبْدِ يُعْتِقُ سَيِّدُهُ مِنْهُ شِقْصًا ثُلُثَهُ، أَوْ رُبْعَهُ أَوْ نِصْفَهُ، أَوْ سَهْمًا مِنْ الْأَسْهُمِ بَعْدَ مَوْتِهِ أَنَّهُ لَا يُعْتَقُ مِنْهُ إلَّا مَا أَعْتَقَ سَيِّدُهُ وَسَمَّى مِنْ ذَلِكَ الشِّقْصَ، وَذَلِكَ أَنَّ عَتَاقَةَ ذَلِكَ الشِّقْصُ إنَّمَا وَجَبَتْ وَكَانَتْ بَعْدَ وَفَاةِ الْمَيِّتِ وَأَنَّ سَيِّدَهُ كَانَ مُخَيَّرًا فِي ذَلِكَ مَا عَاشَ فَلَمَّا وَقَعَ الْعِتْقُ لِلْعَبْدِ عَلَى سَيِّدِهِ الْمُوصِي لَمْ يَكُنْ لِلْمُوصَى إلَّا مَا أَخَذَ مِنْ مَالِهِ وَلَمْ يُعْتَقْ مَا بَقِيَ مِنْ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّ مَالَهُ قَدْ صَارَ لِغَيْرِهِ فَكَيْفَ يُعْتَقُ مَا بَقِيَ مِنْ الْعَبْدِ عَلَى قَوْمٍ آخَرِينَ لَيْسُوا هُمْ ابْتَدَءُوا الْعَتَاقَةَ وَلَا أَثْبَتُوهَا وَلَا لَهُمْ الْوَلَاءُ وَلَا يَثْبُتُ لَهُمْ، وَإِنَّمَا صَنَعَ ذَلِكَ الْمَيِّتُ وَهُوَ الَّذِي أَعْتَقَ وَأُثْبِتَ لَهُ الْوَلَاءُ فَلَا يُحْمَلُ ذَلِكَ فِي مَالِ غَيْرِهِ إلَّا أَنْ يُوصِيَ بِأَنْ يُعْتَقَ مَا بَقِيَ مِنْهُ فِي مَالِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَازِمٌ لِشُرَكَائِهِ وَوَرَثَتِهِ وَلَيْسَ لِشُرَكَائِهِ أَنْ يَأْبَوْا ذَلِكَ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي ثُلُثِ مَالِ الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى وَرَثَتِهِ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ)
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالْقَبُولِ فَإِذَا لَمْ يُوجَدْ الْقَبُولُ لَمْ تَصِحَّ الْهِبَةُ وَإِذَا لَمْ تَصِحَّ لَمْ يَعْتِقْ مِنْهُ شَيْءٌ.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَعْطَى شُرَكَاءَهُ حِصَصَهُمْ يُرِيدُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - أَعْطَى كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِقَدْرِ مَا لَهُ فِي الْعَبْدِ مِنْ الْقِيمَةِ الَّتِي لَزِمَتْ الْمُعْتِقَ بِالتَّقْوِيمِ وَأُعْتِقَ عَلَيْهِ الْعَبْدُ يُرِيدُ أَنَّ الْعِتْقَ يَكُونُ لَهُ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ وَلَاءَ الْعَبْدِ يَكُونُ لَهُ لِمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «إنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ يُعْطِي الْوَرِقَ» ، وَمِنْ جِهَةٍ أُخْرَى «وَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» وَقَدْ وُجِدَ مِنْهُ الْأَمْرُ أَنَّ الْعِتْقَ وَإِعْطَاءَ الْوَرِقِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ ظَاهِرُهُ» أَنَّهُ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِاتِّصَالِهِ بِحَدِيثِهِ، وَلَيْسَ فِيهِ مَا يَنْفِي ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ مَالِكٌ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ.
وَقَالَ أَيُّوبُ عَنْ نَافِعٍ مَنْ أَعْتَقَ نَصِيبًا لَهُ فِي مَمْلُوكٍ، أَوْ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ فَكَانَ لَهُ مِنْ الْمَالِ مَا يَبْلُغُ قِيمَتَهُ بِقِيمَةِ عَدْلٍ فَهُوَ عِتْقٌ قَالَ نَافِعٌ وَإِلَّا فَقَدْ أَعْتَقَ مِنْهُ مَا أَعْتَقَ قَالَ أَيُّوبُ لَا أَدْرِي أَشَيْءٌ قَالَهُ نَافِعٌ أَوْ شَيْءٌ فِي الْحَدِيثِ وَقَوْلُ مَالِكٍ وَعُبَيْدُ اللَّهِ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُمَا قَدْ حَقَّقَا الرِّوَايَةَ وَلَمْ يَشُكَّا وَمَالِكٌ وَعُبَيْدُ اللَّهِ أَثْبَتُ مِنْ نَافِعٍ وَمِنْ أَيُّوبَ وَإِنْ كَانَ أَيُّوبُ ثَبْتًا مُقَدَّمًا فِيهِ، وَذَلِكَ يَقْضِي أَنَّهُ يَقْضِي بِالْعِتْقِ عِنْدَ عُمَرَ مُبْتَدِئِ الْعِتْقِ عَلَى مَنْ أَعْتَقَ مِنْهُ وَهَذَا يَمْنَعُ الِاسْتِسْعَاءَ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَسْتَسْعِي الْعَبْدَ فِي قِيمَتِهِ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ الْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّهُ اسْتِسْعَاءٌ فَلَمْ يَكُنْ لَازِمًا كَالْكِتَابَةِ وَالْعَبْدُ لَمْ يَحُزْ وَلَاءَ سَيِّدِهِ الْمُتَمَسِّكِ بِنَصِيبِهِ فَكَمَا لَا يَلْزَمُهُمَا الِاسْتِسْعَاءُ قَبْلَ أَنْ يَبْدَأَ الْعِتْقَ فَكَذَلِكَ بَعْدَهُ.
(مَسْأَلَةٌ) :
إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْ الْمَالِ مَا يُقَوَّمُ مِنْهُ بَعْضُ مَا بَقِيَ مِنْ الْعَبْدِ عَلَى حُكْمِ الرِّقِّ عَتَقَ مِنْهُ بِقَدْرِ ذَلِكَ وَاسْتَرَقَ الْبَاقِي الْمُتَمَسِّكُ بِالرِّقِّ وَيَجْرِي الْحُكْمُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ فِي عَمَلِهِ وَغَلَّتِهِ وَنَفَقَتِهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْوَصَايَا مِنْ حُكْمِ الْمُعْتَقِ بَعْضُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
وَهَذَا الْحُكْمُ فِي عَبْدٍ مُشْتَرَكٍ فَأَمَّا إنْ أَعْتَقَ شِقْصًا مِنْ عَبْدِهِ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بَاقِيهِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ يُكَمِّلُ عَلَيْهِ عِتْقَهُ إذَا كَانَ الْبَاقِي لِغَيْرِهِ وَيُزَال عَنْهُ مِلْكُ الْغَيْرِ وَيُجْبَرُ عَلَى شِرَائِهِ فَبِأَنْ يُكَمِّلَ عَلَيْهِ عِتْقُهُ وَهُوَ مِلْكٌ لَهُ أَوْلَى وَأَحْرَى؛ وَلِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ بَاقِي الْعَبْدِ لَهُ كَانَ مُوسِرًا بِعِتْقِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(فَرْعٌ) وَهَلْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِالْحُكْمِ، أَوْ بِالسِّرَايَةِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ اُخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ فَعَنْهُ فِيهِ رِوَايَتَانِ إحْدَاهُمَا بِالْحُكْمِ وَالثَّانِيَةُ بِالسِّرَايَةِ: وَجْهُ قَوْلِنَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ بِالْحُكْمِ أَنَّهُ عِتْقٌ يُتَمَّمُ عَلَى مُبْتَدِئَهُ فَثَبَتَ بِالْحُكْمِ كَاَلَّذِي يُعْتِقُ حِصَّتَهُ مِنْ عَبْدٍ مُشْتَرَكٍ وَوَجْهُ الْقَوْلِ بِالسِّرَايَةِ أَنَّ الْعِتْقَ يُبْنَى عَلَى التَّغْلِيبِ وَالسِّرَايَةِ فَإِذَا بَعَّضَهُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ سَرَى إلَى جَمِيعِهِ كَمَا لَوْ قَالَ يَدُكَ حُرٌّ، أَوْ رِجْلُكَ حُرٌّ.
(ص) : (قَالَ مَالِكٌ وَالْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا فِي الْعَبْدِ يُعْتِقُ سَيِّدُهُ مِنْهُ شِقْصًا ثُلُثَهُ، أَوْ رُبْعَهُ أَوْ نِصْفَهُ، أَوْ سَهْمًا مِنْ الْأَسْهُمِ بَعْدَ مَوْتِهِ أَنَّهُ لَا يُعْتَقُ مِنْهُ إلَّا مَا أَعْتَقَ سَيِّدُهُ وَسَمَّى مِنْ ذَلِكَ الشِّقْصَ، وَذَلِكَ أَنَّ عَتَاقَةَ ذَلِكَ الشِّقْصُ إنَّمَا وَجَبَتْ وَكَانَتْ بَعْدَ وَفَاةِ الْمَيِّتِ وَأَنَّ سَيِّدَهُ كَانَ مُخَيَّرًا فِي ذَلِكَ مَا عَاشَ فَلَمَّا وَقَعَ الْعِتْقُ لِلْعَبْدِ عَلَى سَيِّدِهِ الْمُوصِي لَمْ يَكُنْ لِلْمُوصَى إلَّا مَا أَخَذَ مِنْ مَالِهِ وَلَمْ يُعْتَقْ مَا بَقِيَ مِنْ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّ مَالَهُ قَدْ صَارَ لِغَيْرِهِ فَكَيْفَ يُعْتَقُ مَا بَقِيَ مِنْ الْعَبْدِ عَلَى قَوْمٍ آخَرِينَ لَيْسُوا هُمْ ابْتَدَءُوا الْعَتَاقَةَ وَلَا أَثْبَتُوهَا وَلَا لَهُمْ الْوَلَاءُ وَلَا يَثْبُتُ لَهُمْ، وَإِنَّمَا صَنَعَ ذَلِكَ الْمَيِّتُ وَهُوَ الَّذِي أَعْتَقَ وَأُثْبِتَ لَهُ الْوَلَاءُ فَلَا يُحْمَلُ ذَلِكَ فِي مَالِ غَيْرِهِ إلَّا أَنْ يُوصِيَ بِأَنْ يُعْتَقَ مَا بَقِيَ مِنْهُ فِي مَالِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَازِمٌ لِشُرَكَائِهِ وَوَرَثَتِهِ وَلَيْسَ لِشُرَكَائِهِ أَنْ يَأْبَوْا ذَلِكَ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي ثُلُثِ مَالِ الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى وَرَثَتِهِ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ) .
(ش) : قَوْلُهُ إنَّ الْعَبْدَ يُعْتِقُ سَيِّدُهُ مِنْهُ حِصَّةً بَعْدَ مَوْتِهِ فَإِنَّهُ لَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ بَاقِيهِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ سَحْنُونٌ وَلَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ نَصِيبُ شَرِيكِهِ قَالَ وَهُوَ قَوْلُ جَمِيعِ أَصْحَابِنَا وَقَوْلُ مَالِكٍ فِي مُوَطَّئِهِ وَوَجْهُ ذَلِكَ مَا احْتَجَّ بِهِ مِنْ أَنَّ