(ص) : (قَالَ مَالِكٌ وَلَا مِيرَاثَ لِأَحَدٍ مِنْ الْجَدَّاتِ إلَّا لِلْجَدَّتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَّثَ الْجَدَّةَ، ثُمَّ سَأَلَ أَبُو بَكْرٍ عَنْ ذَلِكَ حَتَّى أَتَاهُ الثَّبْتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ وَرَّثَ الْجَدَّةَ فَأَنْفَذَهُ لَهَا، ثُمَّ أَتَتْ الْجَدَّةُ الْأُخْرَى إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ لَهَا: مَا أَنَا بِزَائِدٍ فِي الْفَرَائِضِ شَيْئًا فَإِنْ اجْتَمَعْتُمَا فَهُوَ بَيْنَكُمَا وَأَيَّتُكُمَا خَلَتْ بِهِ فَهُوَ لَهَا قَالَ مَالِكٌ، ثُمَّ لَمْ نَعْلَمْ أَحَدًا وَرَّثَ غَيْرَ جَدَّتَيْنِ مُنْذُ كَانَ الْإِسْلَامُ إلَى الْيَوْمِ) .

ـــــــــــــــــــــــــــــQالْجَدَّةَ أُمَّ الْأُمِّ لَا تَرِثُ مَعَ الْأُمِّ شَيْئًا، قَوْلٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ لَا اخْتِلَافَ فِيهِ؛ لِأَنَّهَا تُدْلِي بِالْأُمِّ وَتَرِثُ بِمِثْلِ سَبَبِهَا فَكَانَتْ مَحْجُوبَةً بِهَا وَأَمَّا الْجَدَّةُ أُمُّ الْأَبِ فَهِيَ أَيْضًا مَحْجُوبَةٌ بِالْأُمِّ؛ لِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّهَا تُدْلِي بِمِثْلِ سَبَبِهَا وَالْأُمُّ أَقْرَبُ قَرَابَةً مِنْهَا فَوَجَبَ أَنْ تَحْجُبَهَا وَالْأَبُ يَحْجُبُ الْجَدَّةَ لِلْأَبِ خِلَافًا لِمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهَا مِمَّا كَانَتْ تُدْلِي بِهِ عَلَى وَجْهِ الْوِلَادَةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَحْجُبَهَا كَمَا يَحْجُبُ الْجَدُّ، أَوْ أَنَّهَا وَارِثَةٌ تُدْلِي بِعَاصِبٍ فَوَجَبَ أَنْ يَحْجُبَهَا الْعَاصِبُ كَالْعَمِّ وَالْجَدِّ، وَلَا يَحْجُبَ الْجَدَّةَ لِلْأُمِّ؛ لِأَنَّهَا لَا تُدْلِي بِهِ وَلَا تَرِثُ بِمِثْلِ سَبَبِهِ؛ لِأَنَّهَا تَرِثُ بِالْأُمُومَةِ وَهُوَ يَرِثُ بِالْأُبُوَّةِ فَلَمْ يَحْجُبْهَا كَمَا تَحْجُبُ الْأُمَّ.

(فَصْلٌ) :

فَإِذَا اجْتَمَعَتْ الْجَدَّتَانِ أُمُّ الْأُمِّ وَأُمُّ الْأَبِ وَلَمْ يَكُنْ مِنْ الْأَبَوَيْنِ مَنْ يَحْجُبُهُمَا، أَوْ إحْدَاهُمَا فَإِنْ كَانَتَا فِي قُعْدُدٍ وَاحِدٍ فَالسُّدُسُ بَيْنَهُمَا عَلَى السَّوَاءِ عَلَى حَسَبِ مَا تَقَدَّمَ وَإِنْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا أَقْرَبُ فَإِنْ كَانَتْ الْقُرْبَى مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ بِدَرَجَةٍ، أَوْ دَرَجَاتٍ حَجَبَتْ الْبُعْدَى وَبِهَذَا قَالَ زَيْدٌ وَعَلِيٌّ وَجُمْهُورُ التَّابِعِينَ وَرَوَى النَّخَعِيُّ وَالشَّعْبِيُّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ السُّدُسُ لِلْقُرْبَى وَالْبُعْدَى إذَا كَانَتَا مِنْ جِهَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ فَإِنْ كَانَتَا مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ فَالسُّدُسُ لِأَقْرَبِهِنَّ، وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّ الْأُمَّ تَحْجُبُ أُمَّ الْأَبِ فَكَذَلِكَ أُمُّ الْأَبِ تَحْجُبُ أُمَّ أُمِّ الْأَبِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ كَانَتْ الْقُرْبَى مِنْ جِهَةِ الْأَبِ بِدَرَجَةٍ أَوْ دَرَجَاتٍ فَالسُّدُسُ بَيْنَهُمَا وَهَذِهِ رِوَايَةُ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ وَابْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ زَيْدٍ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَهِيَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ الشَّافِعِيِّ.

وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ يَجْعَلُ السُّدُسَ لِلْقُرْبَى وَهِيَ رِوَايَةُ النَّخَعِيِّ وَالشَّعْبِيِّ عَنْ زَيْدٍ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَهِيَ الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْأُمَّ لَا تَحْجُبُ أُمَّ الْأُمِّ فَكَذَلِكَ أُمَّ الْأَبِ لَا تَحْجُبُ أُمَّ الْأُمِّ وَإِنَّ مَنْ يَرِثُ بِالْأُمِّ مِنْ جِهَةِ الْبُنُوَّةِ لَا يَسْقُطُ بِمَنْ يُدْلِي بِالْأَبِ مِنْ تِلْكَ الْجِهَةِ، وَكَذَلِكَ مَنْ يُدْلِي بِالْأُمِّ مِنْ جِهَةِ الْأُمُومَةِ لَا يُسْقِطُ مَنْ يُدْلِي بِالْأَبِ مِنْ تِلْكَ الْجِهَةِ.

1 -

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ فَيُفْرَضُ لَهَا فِيمَا سِوَى ذَلِكَ السُّدُسُ يَعْنِي أَنَّهُ فَرْضُهَا إذَا انْفَرَدَتْ وَعَلَى هَذَا جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ وَرَوَى ابْنُ سِيرِينَ أَنَّ الْجَدَّاتِ لَيْسَ لَهُنَّ سَهْمٌ وَإِنَّمَا هِيَ طُعْمَةٌ أُطْعِمَتْهَا، وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّ الْمِيرَاثَ لَا يَكُونُ إلَّا بِفَرْضٍ، أَوْ تَعْصِيبٍ وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ الْجَدَّةَ لَيْسَتْ مِنْ أَهْلِ التَّعْصِيبِ فَلَمْ يَبْقَ إلَّا أَنْ تَرِثَ بِالْفَرْضِ.

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ وَلَا مِيرَاثَ لِأَحَدٍ مِنْ الْجَدَّاتِ إلَّا لِلْجَدَّتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَّثَ الْجَدَّةَ، ثُمَّ سَأَلَ أَبُو بَكْرٍ عَنْ ذَلِكَ حَتَّى أَتَاهُ الثَّبْتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ وَرَّثَ الْجَدَّةَ فَأَنْفَذَهُ لَهَا، ثُمَّ أَتَتْ الْجَدَّةُ الْأُخْرَى إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ لَهَا: مَا أَنَا بِزَائِدٍ فِي الْفَرَائِضِ شَيْئًا فَإِنْ اجْتَمَعْتُمَا فَهُوَ بَيْنَكُمَا وَأَيَّتُكُمَا خَلَتْ بِهِ فَهُوَ لَهَا قَالَ مَالِكٌ، ثُمَّ لَمْ نَعْلَمْ أَحَدًا وَرَّثَ غَيْرَ جَدَّتَيْنِ مُنْذُ كَانَ الْإِسْلَامُ إلَى الْيَوْمِ) .

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ إنَّهُ لَا يَرِثُ مِنْ الْجَدَّاتِ غَيْرُ جَدَّتَيْنِ أُمُّ الْأُمِّ وَأُمُّ الْأَبِ وَأُمَّهَاتُهُمَا.

وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَّثَ الْجَدَّةَ يُرِيدُ بِذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ مِيرَاثُ الْجَدَّةِ إلَّا بِأَحَدِ هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ وَهُوَ مَا بَلَغَ أَبَا بَكْرٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَّثَ الْجَدَّةَ وَهِيَ عِنْدَهُ أُمُّ الْأُمِّ وَالثَّانِيَةُ الَّتِي جَاءَتْ إلَى عُمَرَ فَقَالَ لَهَا إنَّمَا هُوَ السُّدُسُ فَأَيَّتُكُمَا خَلَتْ بِهِ فَهُوَ لَهَا فَإِنْ اجْتَمَعْتُمَا فِيهِ فَهُوَ بَيْنَكُمَا وَهِيَ أُمُّ الْأُمِّ وَسَائِرُ الْجَدَّاتِ لَمْ يَثْبُتْ لَهُنَّ حَقٌّ وَلَا ذَكَرُهُنَّ عُمَرُ فِي قَضَائِهِ لِلْجَدَّةِ بِالْمِيرَاثِ وَإِنَّمَا ذَكَرَ جَدَّتَيْنِ بِالتَّثْنِيَةِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى اخْتِصَاصِ الْحُكْمِ بِهِمَا وَقَوْلُ مَالِكٍ وَلَمْ نَعْلَمْ أَحَدًا وَرَّثَ غَيْرَ جَدَّتَيْنِ مَعَ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ الِاخْتِلَافِ فِي ذَلِكَ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ إنْفَاذَهُ الْحُكْمَ وَإِنْ جَازَ أَنْ يَرَاهُ ابْنُ مَسْعُودٍ وَغَيْرُهُ، وَلَكِنَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ أَنَّهُ أَنْفَذَ حُكْمًا بِهِ؛ لِأَنَّ الْقَائِلَ بِهِ كَانَ يُخَالِفُهُ الْجَمُّ الْغَفِيرُ فَكَانَ يُنَفِّذُ الْحُكْمَ بِقَوْلِ الْجَمَاعَةِ دُونَ قَوْلِ الْوَاحِدِ وَلِذَلِكَ لَمْ يُنْسَبْ تَوْرِيثُ أُمِّ أَبِ الْأَبِ إلَى عَبْدِ اللَّهِ وَحْدَهُ وَتَوْرِيثُ أُمِّ أَبِ الْأُمِّ إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ طُرُقٍ لَيْسَتْ بِالْقَوِيَّةِ وَلَعَلَّ مَالِكًا قَدْ أَرَادَ أَنَّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015