(مَا لَا تَقَعُ فِيهِ الشُّفْعَةُ) (ص) : (قَالَ مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَارَةَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ قَالَ إذَا وَقَعَتْ الْحُدُودُ فِي الْأَرْضِ فَلَا شُفْعَةَ فِيهَا وَلَا شُفْعَةَ فِي بِئْرٍ وَلَا فِي فَحْلِ النَّخْلِ قَالَ مَالِكٌ وَعَلَى هَذَا الْأَمْرِ عِنْدَنَا قَالَ مَالِكٌ وَلَا شُفْعَةَ فِي طَرِيقٍ صَلُحَ الْقَسْمُ فِيهَا، أَوْ لَمْ يَصْلُحْ قَالَ مَالِكٌ وَالْأَمْرُ عِنْدَنَا أَنَّهُ لَا شُفْعَةَ فِي عَرْصَةِ دَارِ صَلُحَ الْقَسْمُ فِيهَا، أَوْ لَمْ يَصْلُحْ) .
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِهِ فَمَا أَعْلَمُ وَجْهَ الصَّفْقَةِ لِذَلِكَ وَلَا يَظْهَرُ عِنْدِي فِيهِ وَجْهٌ لِثُبُوتِ الشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ تَبْعِيضٌ لِصَفْقَةِ أَحَدِهِمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.
وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَغَيْرِهَا فِي الرَّجُلَيْنِ يَشْتَرِيَانِ حِصَّةَ رَجُلٍ مِنْ أَرْضٍ لَيْسَ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ حِصَّةَ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ لِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ اشْتِرَاكِهِمَا فِي الْمَبِيعِ وَالصَّفْقَةِ.
وَقَدْ قَالَ أَشْهَبُ أَنْ يَأْخُذَ حِصَّةَ أَحَدِهِمَا قَالَ مُحَمَّدٌ هُوَ أَحَبُّ إلَيْنَا وَقَالَهُ سَحْنُونٌ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَلَوْ بِعْتَ حَظًّا مِنْ دَارَيْنِ مِنْ رَجُلٍ وَاحِدٍ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ حَظُّ شَفِيعٍ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَخْذُ مَا هُوَ شَفِيعٌ فِيهِ دُونَ مَا لَا شُفْعَةَ فِيهِ يَفِضْ الثَّمَنُ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ يَأْخُذُ بِالشُّفْعَةِ وَلَوْ أَخَذَ بِالشُّفْعَةِ قَبْلَ مَعْرِفَةِ مَا يُصِيبُ مَا يَأْخُذُهُ مِنْ الثَّمَنِ لَكَانَ أَخْذُهُ بَاطِلًا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ إنْفَاذُ الْبَيْعِ بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ، وَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ وَمَعْنَى ذَلِكَ عِنْدِي عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَرَى الشُّفْعَةَ بَيْعًا أَنْ يُنَفِّذَ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ فَيَلْزَمُ الشَّفِيعَ وَالْمُشْتَرِي وَأَمَّا قَوْلُ الشَّفِيعِ قَدْ أَخَذْت بِالشُّفْعَةِ وَلَمْ يَعْرِفْ الثَّمَنَ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِأَخْذٍ لَازِمٍ لَهُ وَلَهُ الْخِيَارُ إذَا عَرَفَ الثَّمَنَ، وَلَكِنْ لَهُ تَأْثِيرٌ فِي أَخْذِ الشُّفْعَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.
[مَا لَا تَقَعُ فِيهِ الشُّفْعَةُ]
(ش) : قَوْلُهُ وَإِذَا وَقَعَتْ الْحُدُودُ فِي الْأَرْضِ فَلَا شُفْعَةَ فِيهَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ لَا شُفْعَةَ لِلْجَارِ؛ لِأَنَّ الْحُدُودَ إذَا مَيَّزَتْ حَقَّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِالْقِسْمَةِ فَقَدْ خَرَجُوا عَنْ حُكْمِ الشَّرِكَةِ إلَى حُكْمِ الْمُجَاوَرَةِ وَالْحَدِيثُ الَّذِي وَرَدَ أَنَّ الْجَارَ أَحَقُّ بِصَقَبِهِ؛ لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الشَّرِيكِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فَإِذَا وَقَعَتْ الْحُدُودُ فَلَا شُفْعَةَ» وَهَذَا وَاضِحٌ فِي ذَلِكَ.
1 -
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ وَلَا شُفْعَةَ فِي بِئْرٍ يُرِيدُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِئْرَ لَا أَرْضَ لَهَا مُشَاعَةً وَلَا يُقْسَمُ مَاؤُهَا وَإِنَّمَا هِيَ مِنْ آبَارِ الشَّفَةِ، أَوْ آبَارِ سَقْيِ الْأَرْضِ إلَّا أَنَّ الْأَرْضَ قَدْ بِيعَتْ دُونَهَا، أَوْ قُسِمَتْ، وَفِي الْمُدَوَّنَةِ عَنْ مَالِكٍ فِيمَنْ قَاسَمَ شَرِيكَهُ الْأَرْضَ وَالنَّخْلَ، ثُمَّ بَاعَهُ نَصِيبَهُ مِنْ الْعَيْنِ فَلَا شُفْعَةَ فِيهِ وَلَوْ لَمْ يُقَاسِمْهُ النَّخْلَ وَالْأَرْضَ حَتَّى بَاعَ نَصِيبَهُ مِنْ الْعَيْنِ لَكَانَ لَهُ الشُّفْعَةُ فِيهَا وَمَعْنَى ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ الْبِئْرَ وَالْعَيْنَ لَمَّا لَمْ يَكُنْ فِيهِمَا شُفْعَةٌ بِنَفْسِهِمَا فَإِذَا كَانَتْ تَبَعًا لِمَا فِيهِ الشُّفْعَةُ حَتَّى تَكُونَ مَنْفَعَتُهَا مَصْرُوفَةً إلَيْهَا وَتَكُونَ صِفَةً مِنْ صِفَاتِهَا ثَبَتَتْ فِيهَا الشُّفْعَةُ وَإِذَا لَمْ تَكُنْ تَبَعًا لَهَا فَلَا شُفْعَةَ فِيهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَآبَارُ النَّخْلِ وَعُيُونُهَا عَلَى ضَرْبَيْنِ مِنْهَا مَا يَكُونُ عَدَدًا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ وَمِنْهَا الْوَاحِدَةُ الَّتِي لَا تَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ فَأَمَّا مَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ فَفِي الْمَجْمُوعَةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ فِي الْأَرْضِ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ لَهَا بِئْرَانِ، أَوْ عَيْنَانِ فَاقْتَسَمَا الْبِئْرَيْنِ، أَوْ الْعَيْنَيْنِ خَاصَّةً فَبَاعَ أَحَدُهُمَا عَيْنَهُ أَوْ بِئْرَهُ وَحِصَّةَ الْأَرْضِ فَإِنَّ لِلشَّفِيعِ الشُّفْعَةَ فِي الْأَرْضِ دُونَ الْبِئْرِ بِمَا يُصِيبُ الْأَرْضَ مِنْ الثَّمَنِ تُقَوَّمُ الْأَرْضُ بِلَا بِئْرٍ وَالْبِئْرُ بِلَا أَرْضٍ وَقَالَ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ وَلَوْ بَاعَ الْبِئْرَ دُونَ أَرْضٍ فَلَا شُفْعَةَ فِيهَا وَجْهُ ذَلِكَ مَا قَدَّمْنَاهُ أَنَّ الْمَبِيعَ مَقْسُومٌ فَلَا شُفْعَةَ فِيهِ وَأَمَّا إنْ كَانَتْ بِئْرًا وَاحِدَةً فَلَا يَصِحُّ فِيهَا قِسْمَةٌ وَلَا شُفْعَةَ فِيهَا إلَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ يَرَى الشُّفْعَةَ فِي النَّخْلَةِ الْوَاحِدَةِ وَالشَّجَرَةِ الْوَاحِدَةِ وَلَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِنَا صَرَّحَ بِذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ قِيَاسُ مَا قَدَّمْنَاهُ وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ إنْ كَانَتْ الْأَرْضُ بَاقِيَةً عَلَى الْإِشَاعَةِ فَالشُّفْعَةُ فِيهَا وَإِنْ أُفْرِدَتْ بِالْبَيْعِ، وَإِنْ كَانَتْ أَرْضُهَا مَقْسُومَةً وَلَا أَرْضَ لَهَا فَلَمْ يَجْعَلُوا الشُّفْعَةَ فِيهَا لِنَفْسِهَا عَلَى هَذَا الْقَوْلِ وَإِنَّمَا جَعَلُوا الشُّفْعَةَ فِيهَا بِسَبَبِ الْأَرْضِ وَصَرْفِ جَمِيعِ مَنَافِعِهَا إلَيْهَا وَعَلَى هَذَا كَانَ