(ص) : (قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ اشْتَرَى شِقْصًا فِي أَرْضٍ مُشْتَرَكَةٍ بِثَمَنٍ إلَى أَجَلٍ فَأَرَادَ الشَّرِيكُ أَنْ يَأْخُذَهَا بِالشُّفْعَةِ قَالَ مَالِكٌ إنْ كَانَ مَلِيئًا فَلَهُ الشُّفْعَةُ بِذَلِكَ الثَّمَنِ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ، وَإِنْ كَانَ مَخُوفًا أَنْ لَا يُؤَدِّيَ الثَّمَنَ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ فَإِذَا جَاءَهُمْ بِحَمِيلٍ مَلِيءٍ ثِقَةٍ مِثْلُ الَّذِي اشْتَرَى مِنْهُ الشِّقْصَ فِي الْأَرْضِ الْمُشْتَرَكَةِ فَذَلِكَ لَهُ) .

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ لَا تُقْطَعُ شُفْعَةُ

ـــــــــــــــــــــــــــــQمُعَاوَضَةٍ فَثَبَتَتْ فِيهِ الشُّفْعَةُ كَمَا لَوْ مَلَكَ بِالْبَيْعِ وَيَأْخُذُهُ الشَّفِيعُ بِقِيمَةِ الشِّقْصِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيَّ فِي قَوْلِهِ يَأْخُذُهُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ الْبِضْعَ لَيْسَ بِمَالٍ فَيَتَقَدَّرُ بِهِ ثَمَنُ الْمَبِيعِ فِيهِ، وَلَيْسَ كُلُّ مَهْرِ الْمِثْلِ هُوَ الثَّمَنُ فَيَلْزَمُ ذَلِكَ الشَّفِيعَ كَأَخْذِهِ مِنْ دَمٍ عَمْدٍ.

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ إنَّ مَنْ اشْتَرَى شِقْصًا بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ فَإِنَّ الشَّفِيعَ إنَّمَا يَأْخُذُهُ بِمِثْلِ ذَلِكَ الدَّيْنِ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ؛ لِأَنَّ مِنْ حُكْمِ الشُّفْعَةِ إنْفَاذُهَا بِالثَّمَنِ الْأَوَّلِ فِي قَدْرِهِ وَصِفَتِهِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ لَيْسَ لَهُ الْأَخْذُ بِثَمَنِهِ حَالًّا أَوْ الِانْتِظَارُ إلَى أَنْ يَحِلَّ الْأَجَلُ فَيَأْخُذَهُ بِالنَّقْدِ وَوَجْهُهُ مَا قَدَّمْنَاهُ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ مَلِيًّا فَلَهُ الشُّفْعَةُ بِذَلِكَ الثَّمَنِ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ الْمُمَاثَلَةِ وَهَذَا إذَا تَسَاوَيَا فِي الْمُلَاءِ وَالثِّقَةِ وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي أَتَمَّ غِنًى مِنْ الشَّفِيعِ وَثِقَةً قَالَ أَشْهَبُ فِي الْمَجْمُوعَةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ لَمْ يَكُنْ فِي مِثْلِ مُلَاءِ الْمُشْتَرِي فَلْيَأْتِ بِحَمِيلٍ فِي مِثْلِ ثِقَةِ الْمُشْتَرِي وَمُلَائِهِ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ وَاَلَّذِي عِنْدَنَا أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ حَمِيلٌ إذَا كَانَ مَلِيًّا ثِقَةً، وَإِنْ كَانَ الْمُبْتَاعُ أَمْلَأَ مِنْهُ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مَا يَلْزَمُ مِنْ التَّسَاوِي فِي الثَّمَنَيْنِ فَكَذَلِكَ فِي الذِّمَّتَيْنِ اللَّتَيْنِ هُمَا مَحِلَّانِ لَهُمَا لَا سِيَّمَا مَعَ التَّأْجِيلِ وَيُؤَيِّدُ هَذَا التَّأْوِيلَ قَوْلُهُ يَأْتِي بِحَمِيلٍ ثِقَةٍ مِثْلُهُ الَّذِي اشْتَرَى مِنْهُ الشِّقْصَ قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَمْ يَشْتَرِطْ هَذَا فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ مَالِكٍ وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ التَّسَاوِي إنَّمَا يَجِبُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْحُكْمُ وَهُوَ الْمُلَاءُ أَوْ الْعَدَمُ فَيُعْتَبَرُ بِذَلِكَ دُونَ التَّفَاضُلِ إذْ الذِّمَمُ لَا تَكَادُ تَتَسَاوَى وَلَا تَأْثِيرَ لَهَا فِي الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ؛ وَلِذَلِكَ لَوْ كَانَ الشَّفِيعُ أَتَمَّ مُلَاءَةً وَثِقَةً لَمْ يُؤَثِّرْ ذَلِكَ فِي أَخْذِهِ بِالشُّفْعَةِ نَقْصًا مِنْ الثَّمَنِ وَلَا الْأَجَلِ وَلَا إثْبَاتًا لِشُفْعَةٍ حَيْثُ لَا تَثْبُتُ لِمَنْ كَانَ دُونَهُ فَإِنْ لَمْ تُؤَثِّرْ زِيَادَةُ حَالِ الشَّفِيعِ عَلَى حَالِ الْمُشْتَرِي فَكَذَلِكَ نَقْصُهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ، وَإِنْ كَانَ مَخُوفًا أَنْ لَا يُؤَدِّيَ الثَّمَنَ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ فَجَاءَ بِحَمِيلٍ ثِقَةٍ مِثْلَ الْمُشْتَرِي فَذَلِكَ لَهُ فِيهِ مَسْأَلَتَانِ إحْدَاهُمَا أَنَّهُ يُرِيدُ أَنَّهُ إنْ كَانَ عَدِيمًا لَمْ يُسْلِمْ إلَيْهِ الشُّفْعَةَ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ تَغْرِيرًا بِالشِّقْصِ لِئَلَّا يُتْلِفَهُ قَبْلَ الْأَدَاءِ فَلَا يُوجَدُ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ ثَمَنُهُ فَلَا يُسْلَمُ إلَيْهِ حَتَّى يَأْتِيَ بِحَمِيلٍ ثِقَةٍ، أَوْ رَهْنٍ وَفِيٍّ بِذَلِكَ الثَّمَنِ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ أَمَانًا مِمَّا يَخَافُ مِنْهُ مَعَ الْعَدَمِ وَالْمَسْأَلَةُ الْأُخْرَى تَأْتِي بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

1 -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَهَذَا إذَا كَانَ الْمُبْتَاعُ مَلِيًّا فَإِنْ كَانَ عَدِيمًا وَاتَّفَقَا فِي الْعَدَمِ فَلِلشَّفِيعِ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ دُونَ حَمِيلٍ وَلَا رَهْنَ رَوَاهُ ابْنُ الْمَوَّازِ قَالَ مُحَمَّدٌ لَا شُفْعَةَ لَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِحَمِيلٍ ثِقَةً كَانَ الْمُبْتَاعُ، أَوْ عَدِيمًا، أَوْ لَمْ يَكُنْ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ مُرَاعَاةِ التَّسَاوِي وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ عُهْدَةَ الْمُشْتَرِي بِالدَّيْنِ عَلَى الشَّفِيعِ وَقَدْ يَثِقُ الْبَائِعُ بِالْمُشْتَرِي بِمَا لَا يَثِقُ بِهِ الْمُشْتَرِي بِالشَّفِيعِ كَمَا لَوْ أَرَادَ أَنْ يَهَبَهُ الثَّمَنَ وَيَتْرُكَهُ لَهُ بَعْدَ الْبَيْعِ لَمْ يَلْزَمْ ذَلِكَ الْمُشْتَرِي لِلشَّفِيعِ.

1 -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَوْ لَمْ يَقُمْ الشَّفِيعُ حَتَّى حَلَّ الدَّيْنُ وَأَدَّى الثَّمَنَ فَلَهُ الْأَجَلُ مُسْتَأْنِفًا مِثْلَ مَا كَانَ لِلْمُشْتَرِي قَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْمَجْمُوعَةِ وَرَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْهُ وَعَنْ مُطَرِّفٍ وَمَالِكٍ وَزَادَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَلِيًّا وَلَمْ يَأْتِ بِحَمِيلٍ فَقَدْ قَطَعَ السُّلْطَانُ شُفْعَتَهُ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ، وَإِنْ وَجَدَ حَمِيلًا بَعْدَ ذَلِكَ وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ أَصْبَغَ لَا يَأْخُذُهُ بَعْدَ الْأَجَلِ إلَّا بِالنَّقْدِ وَوَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ التَّمَاثُلِ فِي الْعِوَضَيْنِ وَلِلْأَجَلِ فِي ذَلِكَ تَأْثِيرٌ فَقَدْ يَشْتَرِي الْأَصْلَ بِالتَّأْجِيلِ بِمِثْلَيْ مَا يُشْتَرَى بِالنَّقْدِ وَوَجْهُ قَوْلِ أَصْبَغَ أَنَّ الْأَجَلَ قَدْ كَانَ لَهُمَا جَمِيعًا لِلْمُشْتَرِي وَلِلشَّفِيعِ فَإِذَا انْقَضَى فِي حَقِّهِمَا انْقَضَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015