(ص) : (قَالَ مَالِكٌ مَنْ وَهَبَ شِقْصًا فِي دَارٍ، أَوْ أَرْضٍ مُشْتَرَكَةٍ فَأَثَابَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ بِهَا نَقْدًا، أَوْ عَرَضًا فَإِنَّ الشُّرَكَاءَ يَأْخُذُونَهَا بِالشُّفْعَةِ إنْ شَاءُوا وَيَدْفَعُونَ إلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ قِيمَةَ مَثُوبَتِهِ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ قَالَ مَالِكٌ وَمَنْ وَهَبَ هِبَةً فِي دَارٍ، أَوْ أَرْضٍ مُشْتَرَكَةٍ فَلَمْ يَثِب مِنْهَا وَلَمْ يَطْلُبْهَا فَأَرَادَ شَرِيكُهُ أَنْ يَأْخُذَهَا بِقِيمَتِهَا فَلَيْسَ ذَلِكَ مَا لَمْ يَثْبُتْ مِنْهَا فَإِنْ أُثِيبَ فَهُوَ لِلشَّفِيعِ بِقِيمَةِ الثَّوَابِ)

ـــــــــــــــــــــــــــــQكُلُّهُ إذَا لَمْ يَدَّعِ الشَّفِيعُ مَعْرِفَةَ الثَّمَنِ فَإِنْ ادَّعَى مَعْرِفَتَهُ فَلَا بُدَّ مِنْ يَمِينِ الْمُبْتَاعِ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الشَّفِيعُ وَأَدَّى مَا قَالَ وَقَالَهُ مَالِكٌ فِي مُوَطَّئِهِ يُشِيرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ إلَى قَوْلِهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ فَوْقَ هَذَا مِنْ الْأَصْلِ وَيَحْلِفُ الْمُبْتَاعُ.

(فَرْعٌ) وَلَوْ صَدَقَ الْبَائِعُ أَحَدَهُمَا فَفِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ لَا يَنْظُرُ إلَى قَوْلِهِ وَلَا يَقْبَلُ شَهَادَتَهُ وَلَا يَأْخُذُ أَحَدَهُمَا إلَّا بِمَا قَالَ الْمُشْتَرِي، وَذَلِكَ أَنَّهُ شَاهِدٌ لِعَقْدٍ عَقَدَهُ فَهُوَ يَشْهَدُ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ وَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ وَإِنَّمَا يَصِحُّ أَنْ يَشْهَدَ الشَّاهِدُ عَلَى فِعْلِ غَيْرِهِ، أَوْ قَوْلِ غَيْرِهِ، وَفِي كِتَابِ ابْنِ مُزَيْنٍ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ؛ لِأَنَّهُ دَافَعَ عَنْ نَفْسِهِ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ يَخْشَى أَنْ يَسْتَحِقَّ الْأَرْضَ فَيَأْخُذَ مِنْهُ الشَّفِيعُ الثَّمَنَ الَّذِي أَعْطَاهُ وَيَرْجِعَ هُوَ عَلَى الشَّفِيعِ بِمَا أَخَذَ مِنْهُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَوْ اخْتَلَفَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِي الثَّمَنِ فَفِي الْمَجْمُوعَةِ لِأَشْهَبَ يَتَحَالَفَانِ وَيُتَفَاسَخَانِ وَتَبْطُلُ الشُّفْعَةُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ حَلَفَا، أَوْ نَكَلَا فُسِخَ الْبَيْعُ وَبَطَلَتْ الشُّفْعَةُ فَلَمْ يَكُنْ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ مَا ادَّعَاهُ الْبَائِعُ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الشُّفْعَةَ مُرْتَقَبَةٌ عَلَى نُفُوذِ الْبَيْعِ فَإِذَا بَطَلَ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا بَطَلَتْ الشُّفْعَةُ.

1 -

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ يَحْلِفُ الْمُبْتَاعُ عَلَى قِيمَةِ مَا اشْتَرَى بِهِ يُرِيدُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ قِيمَتَهُ يَوْمَ اشْتَرَى بِهِ؛ لِأَنَّ زِيَادَةَ قِيمَتِهِ قَبْلَ ذَلِكَ، أَوْ نُقْصَانِهِ لَا اعْتِبَارَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا زَادَ أَوْ نَقَصَ عَنْ مِلْكِ مَنْ صَارَ إلَيْهِ وَالْيَمِينُ فِي ذَلِكَ تَكُونُ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: مَعَ عَيْنِ السِّلْعَةِ وَالثَّانِي مَعَ وُجُودِهَا فَأَمَّا مَعَ عَدَمِ عَيْنِ السِّلْعَةِ فَإِنَّهُمَا إنْ اتَّفَقَا عَلَى صِفَتِهَا دَعَا لَهَا الْمُقَوِّمُونَ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي صِفَتِهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُبْتَاعِ فِي صِفَتِهَا عَلَى رِوَايَةِ الْمُوَطَّإِ يَحْلِفُ عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ يُقَوِّمُ الْمُقَوِّمُونَ تِلْكَ الصِّفَةَ وَأَمَّا مَعَ وُجُودِ السِّلْعَةِ فَإِنَّهُ يَكُونُ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا أَنْ يَدَّعِيَ أَحَدُهُمَا أَنَّهَا كَانَتْ مِنْ الصِّفَةِ عَلَى غَيْرِ مَا هِيَ عَلَيْهِ الْآنَ وَالثَّانِي أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى ذَلِكَ وَيَخْتَلِفَا فِي صِفَتِهَا يَوْمَ التَّبَايُعِ فَإِمَّا أَنْ يَدَّعِيَ أَحَدُهُمَا تَغْيِيرًا بِالزِّيَادَةِ وَالْآخَرُ تَغْيِيرًا بِالنُّقْصَانِ، أَوْ يَدَّعِيَ الْمُشْتَرِي مِنْ التَّغْيِيرِ أَقَلَّ مِمَّا يُقِرُّ لَهُ بِهِ الشَّفِيعُ.

(ش) : الْهِبَةُ تَكُونُ عَلَى ضَرْبَيْنِ لِغَيْرِ الثَّوَابِ وَلِلثَّوَابِ فَأَمَّا الْهِبَةُ لِغَيْرِ الثَّوَابِ فَهِيَ كَالصَّدَقَةِ وَالظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا شُفْعَةَ فِيهَا.

وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ فِي الْمُخْتَصَرِ اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الشُّفْعَةِ فِي شِقْصٍ يُوهَبُ لِغَيْرِ الثَّوَابِ فَقَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ فِي الْهِبَةِ لِغَيْرِ الثَّوَابِ وَالصَّدَقَةِ رِوَايَتَانِ إحْدَاهُمَا وُجُوبُ الشُّفْعَةِ وَالثَّانِيَةُ إسْقَاطُهَا وَجْهُ الْقَوْلِ بِنَفْيِهَا أَنَّهُ انْتِقَالُ مِلْكٍ بِغَيْرِ عِوَضٍ عَنْهُ فَلَمْ تَثْبُتْ فِيهِ الشُّفْعَةُ كَالتَّوَارُثِ وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّهُ انْتِقَالُ مِلْكٍ حَالَ الْحَيَاةِ فَلَمْ يَمْنَعْ الشُّفْعَةَ فِيهِ كَالْهِبَةِ لِلثَّوَابِ.

(فَرْعٌ) فَإِذَا قُلْنَا تَبْقَى الشُّفْعَةُ فِيهِ فَانْعَقَدَتْ الْهِبَةُ عَلَى غَيْرِ الثَّوَابِ فَأُثِيبَ فِيهِ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ لَا شُفْعَةَ فِيهِ، وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ وَلَا فِي عِوَضِهِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الثَّوَابَ عَنْهَا هِبَةٌ مُبْتَدَأَةٌ فَكَانَ لَهَا حُكْمُ الْأَوْلَى.

[الشُّفْعَة فِي الْهِبَةُ لِلثَّوَابِ] 1

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا الْهِبَةُ لِلثَّوَابِ فَالشُّفْعَةُ فِيهَا ثَابِتَةٌ قَوْلًا وَاحِدًا سَوَاءٌ كَانَ الثَّوَابُ نَقْدًا، أَوْ عَرَضًا عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الْأَصْلِ وَهَذَا يَقْتَضِي الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ بَعْدَ الْإِثَابَةِ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ لَا تَجِبُ الشُّفْعَةُ حَتَّى يَدْفَعَ الثَّوَابَ، أَوْ يَقْضِيَ بِهِ وَيَعْرِفُ هَذَا قَبْلَ فَوَاتِ الْهِبَةِ قَوْلًا وَاحِدًا وَأَمَّا بَعْدَ فَوَاتِهَا فَفِي الْعُرُوضِ بِالزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ وَحَوَالَةِ الْأَسْوَاقِ، وَفِي الدُّورِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعِنْدَ أَشْهَبَ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ هُوَ فَوَاتٌ أَيْضًا فِي الرِّبَا فِي الْهِبَةِ لِلثَّوَابِ وَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ فَقَدْ قَالَ أَشْهَبُ إذَا فَاتَتْ بِذَلِكَ فَقَدْ وَجَبَتْ الْقِيمَةُ وَلَزِمَتْ الشُّفْعَةُ.

وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ لَا تَجِبُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015