. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــQالْأَبُ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ كَوْنَ الْوَلَدِ مَعَ أُمِّهِمْ الْمُتَزَوِّجَةِ فِي مَكَان وَاحِدٍ بِمَنْزِلَةِ كَوْنِهِمْ فِي حَضَانَتِهَا وَهُوَ مِمَّا اُعْتِيدَ مِنْ الْأَزْوَاجِ فِيهِ الِاسْتِثْقَالُ وَالتَّكَرُّهُ وَالتَّبَرُّمُ، وَذَلِكَ مُضِرٌّ بِالْوَلَدِ وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ الْحَضَانَةَ مُخْتَصَّةٌ بِالْجَدَّةِ وَهِيَ الْمُنْفَرِدَةُ بِهِمْ فِي الْمَبِيتِ وَالْأَكْلِ وَلَا يَضُرُّ الْوَلَدُ كَوْنُهُمْ مَعَ أُمِّهِمْ فِي مَسْكَنٍ بَلْ رُبَّمَا نَالَهُمْ رِفْقُهَا بِهِمْ مَعَ اسْتِغْنَائِهِمْ بِالْجَدَّةِ عَنْهَا.

(فَرْعٌ) إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَقَدْ قَالَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ أَنَّ أُمَّ الْأُمِّ كَالْأُمِّ.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ لَمْ تَكُنْ جَدَّةً وَزَالَتْ الْحَضَانَةُ عَنْهَا بِنِكَاحٍ فَالظَّاهِرُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ أَنَّهَا تَنْتَقِلُ عَنْهَا إلَى الْخَالَةِ قَالَ مُحَمَّدٌ.

وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْأَبَ أَوْلَى مِنْ الْخَالَةِ قَالَ أَصْبَغُ، وَلَيْسَ هَذَا بِشَيْءٍ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ الْمَعْرُوفُ أَنَّ الْخَالَةَ أَحَقُّ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مَا رُوِيَ «عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَضَى بِالْحَضَانَةِ فِي ابْنَةِ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لِخَالَتِهَا وَهِيَ زَوْجُ جَعْفَرَ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَقَالَ الْخَالَةُ أُمٌّ» وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ الْخَالَةَ مَعَ لُطْفِ مَحَلِّهَا وَقُرْبِهَا مِنْ الصَّبِيِّ وَمَا عُهِدَ مِنْ حُنُوِّهَا أَقْدَرُ عَلَى مُبَاشَرَةِ حَضَانَتِهِ وَتَنَاوُلِ أَمْرِهِ مِنْ الْأَبِ لِتَعَذُّرِ هَذِهِ الْمَعَانِي عَلَى الرِّجَالِ فِي الْغَالِبِ.

1 -

(فَرْعٌ) وَخَالَةُ الْأُمِّ كَالْخَالَةِ قَالَهُ مَالِكٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ.

وَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْخَالَةَ أَحَقُّ مِنْ الْجَدَّةِ لِلْأَبِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ جَنَبَةِ الْأُمِّ مُغَلَّبَةٌ فِي الْحَضَانَةِ عَلَى جَنَبَةِ الْأَبِ كَمَا غُلِّبَتْ الْأُمُّ عَلَى الْأَبِ وَمِنْهَا تُسْتَفَادُ الْحَضَانَةُ فَلَا تَنْتَقِلُ إلَى جَنَبَةِ الْأَبِ حَتَّى يُعْدَمَ مُسْتَحِقُّهَا مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ فَقَدْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَيْسَ لِبَنَاتِ الْخَالَةِ مِنْ الْحَضَانَةِ شَيْءٌ وَقَالَ أَشْهَبُ فِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ وَعَمَّاتُهُ أَوْلَى مِنْ بَنَاتِ خَالَاتِهِ بِالْحَضَانَةِ فَأَوْهَمَ أَنَّ لِبَنَاتِ الْخَالَةِ حَقًّا مِنْ الْحَضَانَةِ وَقَدَّمَ الْعَمَّاتِ عَلَيْهِنَّ فَعَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ إنَّمَا قُدِّمَتْ عَلَيْهَا الْعَمَّةُ لِكَوْنِهَا أَقْرَبَ مِنْهَا وَإِنَّمَا تُؤَثِّرُ جَنْبَةُ الْأُمِّ مَعَ التَّسَاوِي فِي الْعَدَدِ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ وَعَلَيْهِ اطَّرَدَ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ.

1 -

(فَرْعٌ) وَالْجَدَّةُ لِلْأَبِ أَحَقُّ مِنْ الْأَبِ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَفِيهَا الْأَبُ أَوْلَى بِالْحَضَانَةِ مِنْ الْأُخْتِ وَالْعَمَّةِ فَقَدَّمَ الْأَبَ عَلَى نِسَاءِ جَنَبَتِهِ إلَّا الْجَدَّةَ خَاصَّةً.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِذَا عُدِمَ الْجَدَّاتُ فَقَدْ قَالَ أَصْبَغُ وَالْحَارِثُ تَنْتَقِلُ الْحَضَانَةُ إلَى الْأَبِ، وَفِي الْمُدَوَّنَةِ الْجَدَّةُ وَالْخَالَةُ أَوْلَى مِنْ الْأَبِ وَالْأَبُ أَوْلَى مِنْ الْأُخْتِ وَالْعَمَّةِ.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ وَالنِّسَاءُ مِنْ قَرَابَةِ الْأَبِ أَوْلَى أُخْتُ الصَّبِيِّ، ثُمَّ عَمَّتُهُ، ثُمَّ بِنْتُ الْأَخِ قَالَ وَهَذَا مَطْرُوحٌ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ.

وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ الْجَدَّةُ لِلْأَبِ، ثُمَّ الْأُخْتُ، ثُمَّ الْعَمَّةُ، ثُمَّ ابْنَةُ أَخِي الصَّبِيِّ، ثُمَّ الْأَبُ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ وَاخْتُلِفَ إذَا انْتَقَلَتْ الْحَضَانَةُ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ أَيُّهُمَا أَوْلَى الْأَبُ أَوْ قَرَابَاتُهُ فَإِذَا قُلْنَا أَنَّ الْأَبَ أَوْلَى فُلَانُ بِهِ يَدُلُّونَ وَالْأَصْلُ أَوْلَى وَإِذَا قُلْنَا قَرَابَاتُهُ أَوْلَى؛ فَلِأَنَّهُنَّ أَرْفَقُ وَالْأَبُ لَا يُمْكِنُهُ تَنَاوُلُ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّ أَصْلَ الْحَضَانَةِ لِلنِّسَاءِ؛ لِأَنَّهُنَّ يُبَاشِرْنَ ذَلِكَ؛ وَلِذَلِكَ قَدَّمْت الْأُمَّ عَلَى الْأَبِ فَلَا تَنْتَقِلُ عَنْهُنَّ إلَّا بِعَدَمِ جَمِيعِهِنَّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَأُمُّ أَبِي الْأَبِ كَأُمِّ الْأَبِ وَظَاهِرُ لَفْظِ الْقَاضِي أَبِي مُحَمَّدٍ يَقْتَضِي أَنَّ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ يُقَدَّمُ الْأَبُ عَلَى جَمِيعِ النِّسَاءِ الْمُدْلِينَ بِهِ وَالْقَوْلُ الْآخَرُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ عَنْ أَصْبَغَ يُقَدَّمُ جَمِيعُهُنَّ عَلَيْهِ وَلَمْ يَخْتَلِفْ الْمَذْهَبُ فِي أَنَّ الْعَمَّةَ وَبِنْتَ الْأَخِ وَمَنْ كَانَ مِثْلَهُمَا مُقَدَّمٌ عَلَى مَنْ لَهُ حَقٌّ فِي الْحَضَانَةِ غَيْرَ الْأَبِ؛ وَلِذَلِكَ قُدِّمَتْ الْأُمُّ عَلَى الْأَبِ فَلَا يُنْقَلُ عَنْهُنَّ إلَّا بِعَدَمِ جَمِيعِهِنَّ.

(فَرْعٌ) فَإِذَا قُلْنَا يُقَدَّمُ الْأَبُ عَلَيْهِنَّ فَعُدِمَ الْأَبُ فَالْحَضَانَةُ بَعْدَهُ لِلْأُخْتِ، ثُمَّ الْعَمَّةُ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ أَصْبَغَ، ثُمَّ ابْنَةُ أَخِي الصَّبِيِّ، وَلَيْسَ لِبِنْتِ الْخَالَةِ وَلَا لِبِنْتِ الْعَمَّةِ وَلَا لِبِنْتِ الْأُخْتِ مِنْ الْحَضَانَةِ شَيْءٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُ أَشْهَبَ فِي ذَلِكَ.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِذَا عُدِمَ النِّسَاءُ وَالْأَبُ فَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ وَالْأَخُ، ثُمَّ الْجَدُّ، ثُمَّ ابْنُ الْأَخِ، ثُمَّ الْعَمُّ قَالَ مُحَمَّدٌ وَالْوَصِيُّ وَوَلِيُّ النِّعْمَةِ أَوْلَى مِنْ الْأُمِّ إذَا تَزَوَّجَتْ.

وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ مَوْلَى النِّعْمَةِ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ وَمَوْلَى الْعَتَاقَةِ وَابْنُ الْعَمِّ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ، وَكَذَلِكَ الْعَصَبَةُ وَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّونَ ذَلِكَ الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ مَنْ قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ قَرَابَةٌ وَتَعْصِيبٌ.

[الْبَابُ الْأَوَّلُ فِيمَنْ يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ بِافْتِرَاقِ الدَّارَيْنِ] 1

طور بواسطة نورين ميديا © 2015