(ص) : (قَالَ يَحْيَى وَسَمِعْت مَالِكًا يَقُولُ فِي الَّذِي يُوصِي فِي ثُلُثِهِ فَيَقُولُ لِفُلَانٍ كَذَا وَلِفُلَانٍ كَذَا يُسَمَّى مَالًا مِنْ مَالِهِ فَيَقُولُ وَرَثَتُهُ قَدْ زَادَ عَلَى ثُلُثِهِ فَإِنَّ الْوَرَثَةَ يُخَيَّرُونَ بَيْنَ أَنْ يُعْطُوا أَهْلَ الْوَصَايَا وَصَايَاهُمْ وَيَأْخُذُوا جَمِيعَ مَالِ الْمَيِّتِ وَبَيْنَ أَنْ يُقَسِّمُوا لِأَهْلِ الْوَصَايَا ثُلُثَ مَالِ الْمَيِّتِ فَيُسَلِّمُوا إلَيْهِمْ ثُلُثَهُ فَتَكُونُ حُقُوقُهُمْ فِيهِ إنْ أَرَادُوا بَالِغًا مَا بَلَغَ)

ـــــــــــــــــــــــــــــQبِحَجِّ الصَّرُورَةِ أَهْلَ الْوَصَايَا وَالْعِتْقِ الَّذِي لَيْسَ بِمُعَيَّنٍ فَفِي هَذَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِهِ يُقَدَّمُ الْعِتْقُ، وَقَوْلُ أَشْهَبَ وَابْنِ وَهْبٍ يُقَدَّمُ الْحَجُّ، وَرِوَايَةُ ابْنِ الْمَوَّازِ يُحَاصُّ بَيْنَهُمَا، وَقَالَهُ ابْنُ كِنَانَةَ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْعِتْقَ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ وَلَيْسَ فِي الْوَصِيَّةِ بِالْحَجِّ لِلصَّرُورَةِ وَغَيْرِهِ غَيْرَ الْإِنْفَاقِ فَإِنَّ الْحَجَّ وَاقِعٌ عَلَى مَنْ يَحُجُّ دُونَ الْمُوصَى وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُ أَشْهَبَ مَبْنِيًّا عَلَى أَنَّ الْحَجَّ تَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ وَيَكُونُ الْحَجُّ لِلْمُوصَى، وَلِذَلِكَ شَرَطَ الصَّرُورَةَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ كَانَ الْحَجُّ عَنْ غَيْرِ صَرُورَةٍ فَعَلَى قَوْلِنَا: إنَّ الْعِتْقَ يُقَدَّمُ عَلَى الصَّرُورَةِ فَبِأَنْ يُقَدَّمَ عَلَى غَيْرِ صَرُورَةٍ أَوْلَى فَإِنْ قُلْنَا لَا يُقَدَّمُ عَلَى الصَّرُورَةِ فَقَدْ قَالَ أَشْهَبُ: إنْ لَمْ يَكُنْ صَرُورَةً بُدِئَ بِالْعِتْقِ الَّذِي لَيْسَ بِمُعَيَّنِ وَالْوَصَايَا كُلُّهَا عَلَى الْحَجِّ.

وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ يَبْدَأُ كُلُّ شَيْءٍ عَلَى الْحَجِّ غَيْرَ الصَّرُورَةِ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ الرَّقَبَةُ الَّتِي لَيْسَ بِمُعَيَّنَةٍ وَحَجُّ غَيْرِ الصَّرُورَةِ وَالْوَصَايَا فِي الثُّلُثِ شَرْعًا سَوَاءٌ.

وَقَالَهُ أَشْهَبُ، وَهَذَا الَّذِي ذَكَرُوهُ مِنْ تَقْدِيمِ الْوَصَايَا عَلَى الْحَجِّ إنَّمَا مُقْتَضَاهُ أَنَّ مَالِكًا كَرِهَ الْوَصِيَّةَ بِالْحَجِّ وَرَأَى الْوَصِيَّةَ بِالصَّدَقَةِ أَفْضَلَ مِنْهَا، وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ إذَا أَوْصَى بِمِثْلِ صَدَقَةٍ وَعَطِيَّةٍ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا بَعْضُهُ أَفْضَلُ مِنْ بَعْضِ فَلَا تَبْدِئَةَ فِيهِ، وَإِنَّمَا هِيَ فِي الْعِتْقِ.

قَالَ مَالِكٌ: وَمَنْ قَالَ: ثُلُثِي فِي الْمَسَاكِينِ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَفِي الرِّقَابِ وَلِفُلَانٍ مِائَةُ دِينَارٍ تَحَاصَّوْا سَوَاءٌ بَدَأَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فِي كِتَابِهِ وَبِلَفْظِهِ حَتَّى يَقُولَ بَدَءُوا كَذَا عَلَى كَذَا فَيَبْدَأُ مَا عُلِمَ أَنَّهُ لَا تَأْثِيرَ لِلْفَضِيلَةِ فِي التَّقْدِيمِ، وَإِنَّمَا التَّأْثِيرُ لِكَوْنِهِ أَوْكَدُ وَأَلْزَمُ.

وَقَدْ رَوَى فِي الْمَجْمُوعَةِ وَغَيْرِهَا ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ لَيْسَ مَا ذَكَرَهُ الْمُوصِي فِي وَصِيَّتِهِ مُبْدَأٌ، وَإِنَّمَا يَبْدَأُ الْأَوْكَدُ فَالْأَوْكَدُ وَإِنْ تَأَخَّرَ ذِكْرُهُ إلَّا أَنْ يَقُولَ بَدَءُوا كَذَا فَيَبْدَأُ فَعَلَى هَذَا إنَّمَا تَبْدَأُ الْوَصَايَا عَلَى الْحَجِّ لِكَرَاهِيَةِ الْوَصِيَّةِ لَا؛ لِأَنَّ سَائِرَ الْوَصَايَا أَفْضَلُ مِنْهُ وَعَلَى قَوْلِنَا بِالْمُحَاصَّةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَصَايَا فُلَانٌ بَعْضُهَا أَفْضَلُ مِنْ بَعْضٍ وَلَيْسَتْ بِأَوْكَدَ فَلَمَّا تَسَاوَتْ فِي التَّأْكِيدِ وَجَبَتْ الْمُحَاصَّةُ.

(فَرْعٌ) إذَا قُلْنَا بِالْمُحَاصَّةِ فَإِنَّهُ يَحُجُّ بِمَا وَقَعَ لِلْحَجِّ الصَّرُورَةِ مِنْ حَيْثُ بَلَغَ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَوَجْهُ أَنَّهُ ذَلِكَ تَبَعُّضُ طَرِيقِهِ وَلَا تَتَبَعَّضُ مَنَاسِكُهُ فَإِنْ أَمْكَنَ أَنْ يَحُجَّ بِمَا أُبْرِزَتْ لَهُ الْمُحَاصَّةُ، وَلَوْ مِنْ مَكَّةَ نَفَذَتْ الْوَصِيَّةُ وَإِنَّ قَصَّرَ عَنْ ذَلِكَ.

(ش) : وَهَذَا عَلَى مَا قَالَ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ وَصَايَاهُ كُلُّهَا صَدَقَةً فَإِنْ كَانَ جَمِيعُ مَنْ أَوْصَى لَهُمْ مُعَيَّنِينَ وَذَكَرَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَدَدًا مَنْصُوصًا عَلَيْهِ لَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ وَلَمْ يُنْقِصْ مِنْهُ إلَّا أَنْ تُنْقِصَهُ الْمُحَاصَّةُ لِضِيقِ الثُّلُثِ، وَإِنْ كَانَ فِي بَعْضِ اللَّفْظِ إشْكَالٌ فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ فِيمَنْ أَوْصَى فَقَالَ لِزَيْدٍ عَشَرَةً وَلِعَمْرٍو وَلِخَالِدٍ عَشَرَةً أَنَّ لِلْأَوَّلِ سَبْعَةً وَنِصْفًا وَلِلثَّالِثِ سَبْعَةً وَنِصْفًا وَلِلْأَوْسَطِ خَمْسَةً، وَوَجْهُ ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِزَيْدٍ عَشَرَةً وَلِعَمْرٍو لَكَانَتْ الْعَشَرَةُ بَيْنَهُمَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسَةٌ، وَلَوْ قَالَ ابْتِدَاءً لِعَمْرٍو وَلِخَالِدٍ عَشَرَةً لَكَانَ بَيْنَهُمَا فَلَمَّا قَالَ: لِزَيْدٍ عَشَرَةً وَلِعَمْرٍو وَلِخَالِدٍ عَشَرَةً قَالَ زَيْدٌ لِعَمْرٍو إنْ كَانَ أَرَادَ الْمُوصِي أَنَّ الْعَشَرَةَ الَّتِي أَضَافَهَا إلَيَّ بَيْنِي وَبَيْنَك فَالْخَمْسَةُ لِي وَالْخَمْسَةُ لَك، وَإِنْ كَانَ أَرَادَ أَنَّ الْعَشَرَةَ الَّتِي أَضَافَ إلَى خَالِدٍ وَبَيْنَك وَبَيْنَهُ فَلَا شَيْءَ لَك مِنْ الْخَمْسَةِ الَّتِي أَضَافَ إلَيَّ وَالْعَشَرَةُ كُلُّهَا إلَيَّ وَالْخَمْسَةُ خَالِصَةٌ لِي عَلَى الْوَجْهَيْنِ، وَالْمُنَازَعَةُ بَيْنِي وَبَيْنَك فِي الْخَمْسَةِ الثَّانِيَةِ فَنِصْفُهَا لَك وَنِصْفُهَا لِي مَعَ الْخَمْسَةِ فَيَكُونُ لِزَيْدٍ سَبْعَةٌ وَنِصْفٌ وَلِعَمْرٍو اثْنَانِ وَنِصْفٌ ثُمَّ يَقُولُ لَهُ خَالِدٌ مِثْلَ ذَلِكَ فَيَصِيرُ لَهُ أَيْضًا مِنْهَا اثْنَانِ وَنِصْفٌ وَلِخَالِدٍ سَبْعَةٌ وَنِصْفٌ فَعَلَى هَذَا يَجْرِي فِيهَا الْقَوْلُ.

1 -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ أَوْصَى فَقَالَ لِفُلَانٍ مِائَةٌ وَلَمْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015