. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــQ (الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْمُحَاصَّةِ بِالتَّعْمِيرِ وَمُدَّتِهِ) قَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الَّذِي يُوصِي بِثُلُثِ مَالِهِ لِزَيْدٍ وَبِخِدْمَةِ عَبْدِهِ لِعَمْرٍو مَا عَاشَ ثُمَّ هُوَ حُرٌّ وَالْعَبْدُ ثُلُثُ مَالِ الْمَيِّتِ فَإِنَّ خِدْمَةَ الْعَبْدِ تُقَوَّمُ قَالَ أَشْهَبُ فِي الْمَجْمُوعَةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ تُقَوَّمُ خِدْمَتُهُ أَقَلَّ الْعُمْرَيْنِ عَلَى غَرَرِهِمَا غَيْرَ مَضْمُونَةٍ إنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ مَا جَعَلَ لَهُ مِنْ التَّعْمِيرِ فَمَا صَارَ لَهُ حَاصَّ بِهِ الَّذِي أُوصِيَ لَهُ بِالثُّلُثِ بِمُنْتَهَى الثُّلُثِ فَيَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ خِدْمَةِ الْعَبْدِ، أَوْ إجَارَتِهِ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ فَإِذَا مَاتَ الْمُوصَى لَهُ بِالْخِدْمَةِ عَتَقَ الْعَبْدُ.

1 -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ سَنَةً ثُمَّ هُوَ حُرٌّ وَلَمْ يَتْرُكْ غَيْرَهُ وَلَمْ يُجِزْ الْوَرَثَةُ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ يُعْتَقُ ثُلُثُ الْعَبْدِ وَتَبْطُلُ الْخِدْمَةُ، قَالَ أَشْهَبُ كُنْت أَقُولُ يَخْدِمُ بِثُلُثِهِ فُلَانًا سَنَةً ثُمَّ هُوَ حُرٌّ كَمَا يُفْعَلُ ذَلِكَ إذَا كَانَ الْعَبْدُ ثُلُثَ الْمَيِّتِ ثُمَّ رَأَيْت أَنْ يَبْدَأَ الْعِتْقُ عَلَى الْخِدْمَةِ لَمَّا حَالَتْ وَصِيَّةُ الْمَيِّتِ فَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ ثُمَّ رَجَعَ مَالِكٌ إلَى هَذَا الْقَوْلِ، وَقَالَهُ ابْنُ كِنَانَةٍ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْعَبْدَ لَوْ أُعْتِقَ جَمِيعُهُ لَزِمَتْهُ الْخِدْمَةُ فَإِذَا عَتَقَ ثُلُثُهُ أَيْضًا لَمْ تُخْرِجْهُ الْخِدْمَةُ عَمَّا أَوْصَى لَهُ بِهِ وَلَا يَزِيدُهُ فِي الْعِتْقِ إسْقَاطُ الْخِدْمَةِ فَلَزِمَتْ الْخِدْمَةُ مَا أُعْتِقَ مِنْهُ، وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ الثُّلُثَ إذَا ضَاقَ عَنْ الْوَصَايَا قُدِّمَ الْعِتْقُ الْمُعَيَّنُ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي إبْطَالَ الْوَصَايَا وَإِذَا لَمْ يُعْتَقْ مِنْ الْعَبْدِ إلَّا ثُلُثُهُ فَلَمْ يَمْنَعْ ضِيقُ الثُّلُثِ نُفُوذَ الْوَصِيَّةِ، وَذَلِكَ يُوجِبُ إنْفَاذَ عِتْقِ مَا حَمَلَ الثُّلُثُ مِنْهُ وَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ إلَّا بِإِبْطَالِ الْخِدْمَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنْ قَدَّمَ التَّعْمِيرَ الْمَذْكُورَ فِي الْوَصِيَّةِ بِالْخِدْمَةِ عُمْرَهُ، أَوْ بِالنَّفَقَةِ عُمْرَهُ رَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَغَيْرِهَا يَعْمُرُونَ سَبْعِينَ سَنَةً، وَرَوَى ابْنُ كِنَانَةٍ عَنْ مَالِكٍ ثَمَانِينَ سَنَةً وَرَوَى الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ فِي مَعُونَتِهِ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ تِسْعِينَ سَنَةً وَرَوَى عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ عَنْ مَالِكٍ يُعَمِّرُ أَعْمَارَ أَهْلِ زَمَانِهِ.

وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ التَّعْمِيرُ فِي الْمَفْقُودِ مِنْ السَّبْعِينَ إلَى الْمِائَةِ، وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَالْمِائَةُ كَثِيرٌ، وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ السَّبْعِينَ هِيَ نِهَايَةُ الْعُمْرِ الْمُعْتَادِ غَالِبًا، وَإِنَّمَا يَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ النَّادِرُ وَلَا يُحْكَمُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَنْ يَعْمُرُ عَلَيْهِ حَقٌّ فِي ذَلِكَ فَيَجِبُ أَنْ يُرَاعِيَ حَقَّ الْجَانِبَيْنِ، وَوَجْهُ الْقَوْلِ بِالثَّمَانِينَ أَنَّهُ عُمْرٌ قَدْ يَبْلُغُ مَعَ الصِّحَّةِ وَالتَّصَرُّفِ، وَأَمَّا الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ وَشَذَّتْ فَإِنَّمَا يَكُونُ فِي حُكْمِ الْمَرَضِ فَكَانَ حُكْمُ التَّعْمِيرِ أَوْلَى بِالثَّمَانِينَ، وَوَجْهُ الْقَوْلِ بِالْمِائَةِ أَنَّهُ عَلَى حُكْمِ الْحَيَاةِ غَابَ فَلَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِالْمَوْتِ إلَّا بِالْيَقِينِ، أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ مِنْ الْأَمْرِ الَّذِي لَا يَبْلُغُهُ أَحَدٌ فِي زَمَانِنَا وَهِيَ الْمِائَةُ، وَإِنْ أَدَّى بُلُوغُهُ لِأَحَدٍ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ، أَوْ يَشِذُّ شُذُوذًا لَا يُرْجَى لِأَحَدٍ مِثْلِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْمَفْقُودِ مِنْ ذِكْرِ التَّعْمِيرِ إذَا أُضِيفَ إلَى هَذَا بَلَغَ مِنْهُ الْمَقْصُودُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَحُكْمُ التَّعْمِيرِ أَنْ يَنْظُرَ كَمْ مَضَى مِنْ عُمْرِهِ إلَى يَوْمِ يَسْتَحِقُّ الْأَخْذَ مِنْ الْوَصِيَّةِ وَيَنْظُرَ كَمْ بَقِيَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ مِنْ التَّعْمِيرِ فَيُحَاصُّ بِمَا يَجِبُ لَهُ مِنْ النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ وَالسُّكْنَى أَهْلُ الْوَصَايَا، وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي كَمْ يُعْطِيه وَلَا كَمْ يُوقَفُ لَهُ مِنْ الْوَصِيَّةِ إلَّا بِهَذَا الْوَجْهِ، وَلَوْ أَوْقَفْنَا لَهُ جَمِيعَ التَّرِكَةِ لَأَضْرَرْنَا بِالْوَرَثَةِ وَأَهْلِ الْوَصَايَا، وَلَوْ دَفَعْنَا جَمِيعَهَا إلَى الْوَرَثَةِ وَأَهْلِ الْوَصَايَا لَقَطَعْنَا حَقَّهُ مِنْ الْوَصِيَّةِ وَأَبْطَلْنَا مُرَادَ الْمُوصَى مِنْهَا مَعَ جَوَازِهَا فَلَمْ يَكُنْ يُؤْمَنُ التَّعْمِيرَ لِيَتَوَصَّلَ بِذَلِكَ إلَى اسْتِيفَاءِ حَقِّهِ مِنْ الْوَصِيَّةِ وَإِيصَالِ الْوَرَثَةِ وَأَهْلِ الْوَصَايَا إلَى حُقُوقِهِمْ مِنْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

1 -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِذَا أَوْصَى لَهُ بِالنَّفَقَةِ، أَوْ الْخِدْمَةِ عُمْرَهُ فَعَمَّرَ وَحَاصَّ أَهْلَ الْوَصَايَا بِذَلِكَ فَهَلْ يَدْفَعُ إلَيْهِ مَا أَصَابَهُ فِي الْمُحَاصَّةِ مِنْ النَّفَقَةِ أَوْ يُوقَفُ لَهُ قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ فِي مَعُونَتِهِ يُوقَفُ لَهُ وَلَا يَدْفَعُ إلَيْهِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ إنَّمَا يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ الَّذِي لِكَوْنِهِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ حَيًّا، وَقَدْ تَخْتَرِمُهُ الْمَنِيَّةُ قَبْلَ ذَلِكَ، وَقَدْ أَتْلَفَ مَا خَرَجَ لَهُ التَّعْمِيرُ، وَذَلِكَ مَمْنُوعٌ.

(مَسْأَلَةٌ) :

إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنْ زَادَ عُمْرُهُ عَلَى مَا عَمَّرَ، أَوْ قَصُرَ عَنْ ذَلِكَ فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْمَجْمُوعَةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ مَا بَقِيَ بَعْدَ انْقِضَاءِ عُمْرِهِ رَدَّ إلَى أَهْلِ الْوَصَايَا يَتَحَاصُّونَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015