(ص) : (مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ بُحَيْنَةَ أَنَّهُ قَالَ «صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الظُّهْرَ فَقَامَ مِنْ اثْنَتَيْنِ وَلَمْ يَجْلِسْ فِيهِمَا فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ» ) .
النَّظَرُ فِي الصَّلَاةِ إلَى مَا يَشْغَلُك عَنْهَا (ص) : (مَالِكٌ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ أَبِي عَلْقَمَةَ عَنْ أُمِّهِ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَتْ «أَهْدَى
ـــــــــــــــــــــــــــــQالَّتِي يَنْطَلِقُ عَلَيْهَا هَذَا الِاسْمُ فِي عُرْفِ الشَّرْعِ وَيَكُونُ مَعْنَى قَضَى صَلَاتَهُ قَارَبَ قَضَاءَهَا وَأَتَى بِجَمِيعِهَا غَيْرِ التَّسْلِيمِ.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ كَبَّرَ يَقْتَضِي أَنَّ سُجُودَ السَّهْوِ قَبْلَ السَّلَامِ يُكَبَّرُ لَهُ.
وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ انْتِقَالٌ مِنْ حَالٍ إلَى حَالٍ فِي نَفْسِ الصَّلَاةِ وَذَلِكَ مِمَّا شُرِعَ فِيهِ التَّكْبِيرُ.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ قَبْلَ التَّسْلِيمِ ثُمَّ سَلَّمَ نَصٌّ فِي أَنَّهُ سَجَدَ لِسَهْوِهِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ لَمَّا كَانَ مُقْتَضَى سَهْوِهِ النَّقْصَ مِمَّا سُنَّ فِي الصَّلَاةِ وَهُوَ الْجِلْسَةُ الْأُولَى وَبِهَذَا قَالَ مَالِكٌ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَسْجُدُ لِمِثْلِ هَذَا بَعْدَ السَّلَامِ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ هَذَا الْحَدِيثُ هُوَ نَصٌّ فِي مَوْضِعِ الْخِلَافِ وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ هَذَا جُبْرَانٌ لِلنَّقْصِ الْوَاقِعِ فِي الْعِبَادَةِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ فِيهَا كَهَدْيِ الْمُتْعَةِ وَالْقِرَانِ فِي الْحَجِّ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَإِنْ كَانَتْ سَجْدَةُ السَّهْوِ قَبْلَ السَّلَامِ فَهَلْ يُعَادِلُهُ التَّشَهُّدُ أَمْ لَا فِي ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ رِوَايَتَانِ:
وَجْهُ قَوْلِهِ يُعَادُ أَنَّ هَاتَيْنِ سَجْدَتَانِ فِي الصَّلَاةِ فَكَانَ مِنْ سُنَّتِهَا أَنْ لَا يُسَلِّمَ مِنْهُمَا إلَّا بَعْدَ تَشَهُّدِ سَجْدَتَيْ الصَّلَاةِ.
وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّ سُنَّةَ الصَّلَاةِ لَا يَتَكَرَّرُ التَّشَهُّدُ فِي رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ وَإِذَا أَعَدْنَا التَّشَهُّدَ بَعْدَ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ فَقَدْ كَرَّرْنَاهُ فِي رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ وَذَلِكَ مُخَالِفٌ لِسُنَّةِ الصَّلَاةِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَلَا إحْرَامَ لِسَجْدَتَيْ السَّهْوِ قَبْلَ السَّلَامِ حَكَى ذَلِكَ ابْنُ الْمَوَّازِ وَوَجْهُهُ أَنَّ كُلَّ سُجُودٍ فِي نَفْسِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِإِحْرَامٍ كَسُجُودِ التِّلَاوَةِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَمَنْ انْصَرَفَ مِنْ صَلَاتِهِ فَذَكَرَ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ قَبْلَ السَّلَامِ بِالْقُرْبِ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ يَسْجُدُهُمَا فِي مَوْضِعِ ذِكْرِ ذَلِكَ إلَّا فِي الْجُمُعَةِ فَلَا يَسْجُدُهُمَا إلَّا فِي الْمَسْجِدِ وَكَذَلِكَ فِي السَّلَامِ وَغَيْرِهِ وَإِنْ أَتَمَّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ لَمْ تُجْزِهِ الْجُمُعَةُ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ يُرِيدُ سُجُودَ السَّهْوِ قَبْلَ السَّلَامِ.
وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ سُجُودٌ مِنْ نَفْسِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ قَبْلَ التَّحَلُّلِ مِنْهَا فَلَا يَكُونُ إلَّا فِي مَوْضِعِ الْجُمُعَةِ كَسُجُودِ الصَّلَاةِ وَقَدْ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ فِي الرَّاعِفِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ يُتِمُّ فِي غَيْرِ الْجَامِعِ لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ.
(ش) : بَيَّنَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ فِي حَدِيثِهِ أَنَّ الصَّلَاةَ صَلَاةُ الظُّهْرِ وَقَوْلُهُ فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ يُرِيدُ انْقَضَتْ أَفْعَالُ صَلَاتِهِ وَلَمْ يَبْقَ لَهُ إلَّا التَّحَلُّلُ مِنْهَا وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ ابْنُ شِهَابٍ بِقَوْلِهِ وَانْتَظَرْنَا تَسْلِيمَهُ وَقَوْلِهِ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ يُرِيدُ لِسَهْوِهِ ثُمَّ سَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ ذَكَرَ السَّلَامَ مِنْ الصَّلَاةِ وَلَمْ يَذْكُرْ التَّشَهُّدَ مِنْ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ قَبْلَ السَّلَامِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي ذَلِكَ.
(ص) : (قَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ سَهَا فِي صَلَاتِهِ فَقَامَ بَعْدَ إتْمَامِهِ الْأَرْبَعَ فَقَرَأَ ثُمَّ رَكَعَ فَلَمَّا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ رُكُوعِهِ ذَكَرَ أَنَّهُ قَدْ كَانَ أَتَمَّ أَنَّهُ يَرْجِعُ فَيَجْلِسُ وَلَا يَسْجُدُ وَلَوْ سَجَدَ إحْدَى السَّجْدَتَيْنِ لَمْ أَرَ أَنْ يَسْجُدَ الْأُخْرَى ثُمَّ إذَا قَضَى صَلَاتَهُ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ بَعْدَ التَّسْلِيمِ) .
(ش) : هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ مَالِكٌ مِمَّا لَا اخْتِلَافَ فِيهِ نَعْلَمُهُ لِأَنَّ فَرْضَ الصَّلَاةِ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ فَإِذَا زَادَ سَاهِيًا وَهُوَ فِي نَفْسِ الزِّيَادَةِ وَجَبَ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ عَنْهَا مَتَى مَا ذَكَرَ قَبْلَ الرُّكُوعِ وَبَعْدَهُ وَبَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَعَلَى أَيِّ حَالٍ ذَكَرَ ذَلِكَ كَانَ عَلَيْهِ التَّرْكُ لِمَا هُوَ فِيهِ مِنْ الْعَمَلِ وَالْأَخْذِ فِيمَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ تَشَهُّدِهِ وَلِذَلِكَ قَالَ قَضَى صَلَاتَهُ يُرِيدُ أَتَمَّ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْهَا مِنْ جُلُوسٍ وَتَشَهُّدٍ وَسَلَامٍ وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ يُرِيدُ لِسَهْوِهِ بَعْدَ السَّلَامِ.