. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQعَنْهُ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُوصِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ أَصْلُ ذَلِكَ مَنْ يَرِثُهُ بَنُوهُ.
(مَسْأَلَةٌ) :
فَإِذَا أَوْصَى الْمَيِّتُ بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ فَأَجَازَتْهُ الْوَرَثَةُ جَازَ وَيَكُونُ ذَلِكَ تَنْفِيذًا مِنْهُمْ لِفِعْلِ الْمُوصِي وَلَمْ يَكُنْ ابْتِدَاءَ عَطِيَّةٍ مِنْهُمْ لِلْمُوصَى لَهُ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ فِي قَوْلِهِ: إنَّهَا ابْتِدَاءُ عَطِيَّةٍ قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الْمَنْعَ إنَّمَا هُوَ لِحَقِّ الْوَرَثَةِ فَإِذَا أَجَازُوا فَقَدْ تَرَكُوا مَا كَانَ لَهُمْ مِنْ الِاعْتِرَاضِ وَالْفَسْخِ لِفِعْلِ الْمَيِّتِ بِمَنْزِلَةِ أَنْ يَأْذَنُوا لَهُ قَبْلَ أَنْ يُوصِيَ وَبِمَنْزِلَةِ حُكْمِ الثُّلُثِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَإِنْ رَدَّهُ الْوَرَثَةُ رَدَّ مِنْهُ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ وَلَيْسَ لَهُمْ رَدُّ شَيْءٍ مِنْ الثُّلُثِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ حُقُوقَهُمْ إنَّمَا تَتَعَلَّقُ بِمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ فَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَتَعَدَّوْهُ إلَى مَا لَمْ تَتَعَلَّقْ بِهِ حُقُوقُهُمْ؛ لِأَنَّ حُقُوقَهُمْ تَتَعَلَّقُ بِثُلُثَيْ الْمَالِ بِمَرَضِ الْمُوصِي، وَإِنَّمَا تَتَعَلَّقُ حُقُوقُهُمْ بِالثُّلُثِ الْبَاقِي بِمَوْتِ مَوْرُوثِهِمْ دُونَ وَصِيَّةٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَمَنْ مَاتَ وَلَا وَارِثَ لَهُ فَقَدْ رَوَى مُحَمَّدٌ عَنْ أَبِي زَيْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ يَتَصَدَّقُ بِمَا تَرَكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَالِي يُجْرِيه فِي وَجْهِهِ مِثْلُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَلْيَدْفَعْ إلَيْهِ، وَكَذَلِكَ مَنْ أَعْتَقَ نَصْرَانِيًّا فَمَاتَ النَّصْرَانِيُّ وَلَا وَارِثَ لَهُ فَلْيَتَصَدَّقْ بِمَالِهِ وَلَا يُجْعَلُ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْوَالِيَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَبِدَّ بِهِ وَلَا يَصْرِفَهُ فِي غَيْرِ وُجُوهِ الْبِرِّ فَإِذَا كَانَ مِمَّنْ لَا يَصْرِفُهُ فِي وُجُوهِ الْبِرِّ سَاغَ لِمَنْ كَانَ بِيَدِهِ أَنْ يَصْرِفَهُ فِي وُجُوهِ الْبِرِّ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
وَمَنْ أَوْصَى لَهُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ بِجَمِيعِ مَالِهِ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ يُجْزِئُهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِثُلُثِهِ، قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: يَتَصَدَّقُ بِذَلِكَ عَنْ الْمُسْلِمِينَ لَا عَنْ الْمَيِّتِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ مِلْكَ الْمُوصِي قَدْ زَالَ عَنْ ثُلُثَيْ مَالِهِ إلَى وَارِثٍ مُعَيَّنٍ، أَوْ غَيْرِ مُعَيَّنٍ فَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا دَفَعَ إلَيْهِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُعَيَّنٍ تَصَدَّقَ بِهِ عَمَّنْ صَارَ إلَيْهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَلَوْ أَوْصَى نَصْرَانِيٌّ بِجَمِيعِ مَالِهِ لِلْكَنِيسَةِ فَفِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي زَيْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ يُدْفَعُ إلَى أَسَاقِفَتِهِمْ ثُلُثُ مَالِهِ وَثُلُثَاهُ لِلْمُسْلِمِينَ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الذِّمِّيَّ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ فَإِنَّ مَالَهُ لِلْمُسْلِمِينَ فَالْحُكْمُ فِي تَرِكَتِهِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَبَيْنَ النَّاظِرِ فِي الْكَنِيسَةِ فَيَجْرِي عَلَى حُكْمِ الْإِسْلَامِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ وَصِيَّةُ فِي أَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِهِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَهَذَا إذَا أَوْصَى بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ دُونَ إذْنِ الْوَرَثَةِ فَإِنْ أَذِنُوا لَهُ نَفَّذَ.
1 -
(فَصْلٌ) :
فَإِنْ حَمَلْنَا قَوْلَهُ أَفَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثَيْ مَالِي عَلَى إبْتَالِ الصَّدَقَةِ فِي الْمَرَضِ فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ مَنَعَ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا أَطْلَقَ اللَّفْظَ فِي الثُّلُثِ عَلَى أَنَّهُ كَثِيرٌ وَعَلَى هَذَا فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمَرِيضِ أَنْ يَبْتِلَ مِنْ مَالِهِ إلَّا ثُلُثَهُ بِصَدَقَةٍ، أَوْ عِتْقٍ، أَوْ هِبَةٍ، أَوْ مُحَابَاةٍ فِي بَيْعٍ فَإِنْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَالزِّيَادَةُ مَوْقُوفَةٌ مُرَاعَاةً، فَإِنْ أَفَاقَ مِنْ مَرَضِهِ ذَلِكَ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْوَصِيَّةِ إنْ أَجَازَهُ الْوَرَثَةُ وَإِلَّا رَدَّ إلَى الثُّلُثِ وَلَا يُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ قَبْضُ الْهِبَةِ؛ لِأَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْوَصِيَّةِ، وَشَدَّدَ أَهْلُ الظَّاهِرِ فَقَالُوا بَلْ يَلْزَمُهُ الْجَمِيعُ إذَا قُبِضَتْ الْهِبَةُ، أَوْ الصَّدَقَةُ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ سَعْدِ أَفَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثَيْ مَالِي فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لَا، ثُمَّ قَالَ: الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ، وَهَذَا بَيِّنٌ فِي رَدِّ مَا ادَّعَوْهُ، وَدَلِيلٌ ثَانٍ حَدِيثُ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ فِي الَّذِي «أَعْتَقَ فِي مَرَضِهِ سِتَّةَ أَعْبُدٍ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُمْ فَأَقْرَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَهُمْ فَأَعْتَقَ اثْنَيْنِ وَرَدَّ أَرْبَعَةً» .
(مَسْأَلَةٌ) :
إذَا ثَبَتَ أَنَّ حُكْمَ الْحَجْرِ يَلْحَقُ الْمَرِيضَ فِي ثُلُثَيْ مَالِهِ لِحَقِّ الْوَرَثَةِ فَقَدْ قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ فِي مَعُونَتِهِ أَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِهِ حُكْمُ الْحَجْرِ فِيمَا زَادَ عَلَى قَدْرِ حَاجَتِهِ مِنْ الْإِنْفَاقِ فِي الْأَكْلِ وَالْكِسْوَةِ وَالتَّدَاوِي وَالْعِلَاجِ وَشِرَاءِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ الْأَشْرِبَةِ وَالْأَدْوِيَةِ وَأُجْرَةِ الطَّبِيبِ
وَيُمْنَعُ مِنْ السَّرَفِ
وَمَا خَرَجَ عَنْ الْعَادَةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إخْرَاجُ مَالٍ عَلَى غَيْرِ عِوَضٍ يَسْتَفِيدُهُ أَوْ وَرَثَتُهُ فَكَانَ فِي مَعْنَى إضَاعَتِهِ، وَذَلِكَ مُمْتَنِعٌ قَالَ وَلَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي مَالِهِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْوَرَثَةِ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِعَيْنِ الْمَالِ وَإِنَّمَا تَعَلَّقَ بِمِقْدَارِهِ وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمَجْمُوعَةِ وَلَا يُمْنَعُ الْمَرِيضُ مِنْ الْبَيْعِ وَالِابْتِيَاعِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ مُحَابَاةٌ، أَوْ ضَرَرٌ بِالْوَرَثَةِ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ وَهِبَتُهُ لِلثَّوَابِ كَبَيْعِهِ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
وَإِذَا بَاعَ