(ص) : (مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ بُكَيْر بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي خَثْمَةَ قَالَ بَلَغَنِي «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَكَعَ رَكْعَتَيْنِ مِنْ إحْدَى صَلَاتَيْ النَّهَارِ الظُّهْرِ أَوْ الْعَصْرِ فَسَلَّمَ مِنْ اثْنَتَيْنِ فَقَالَ لَهُ ذُو الشِّمَالَيْنِ أَقَصُرَتْ الصَّلَاةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمْ نَسِيتَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا قَصُرَتْ الصَّلَاةُ وَمَا نَسِيتُ فَقَالَ لَهُ ذُو الشِّمَالَيْنِ قَدْ كَانَ بَعْضُ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى النَّاسِ فَقَالَ أَصَدَقَ ذُو الشِّمَالَيْنِ فَقَالُوا نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَتَمَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا بَقِيَ مِنْ الصَّلَاةِ ثُمَّ سَلَّمَ» مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مِثْلُ ذَلِكَ) .
(ص) : (قَالَ مَالِكٌ كُلُّ سَهْوٍ كَانَ نُقْصَانًا مِنْ الصَّلَاةِ فَإِنَّ سُجُودَهُ قَبْلَ السَّلَامِ وَكُلُّ سَهْوٍ كَانَ زِيَادَةً فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّ سُجُودَهُ بَعْدَ السَّلَامِ) .
ـــــــــــــــــــــــــــــQشَيْءٌ مِنْهَا فَثَبَتَ بِذَلِكَ عِنْدَ ذِي الْيَدَيْنِ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ الصَّحَابَةِ الْقِسْمُ الْآخَرُ وَهُوَ أَنَّهُ نَسِيَ إلَّا أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخْبَرَ عَنْ يَقِينِهِ وَمَا كَانَ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ فَعَلَهُ مِنْ إتْمَامِ الصَّلَاةِ فَقَالَ ذُو الْيَدَيْنِ قَدْ كَانَ بَعْضُ ذَلِكَ يُرِيدُ أَنَّهُ قَدْ كَانَ أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ وَهُوَ النِّسْيَانُ وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَصَدَقَ ذُو الْيَدَيْنِ اسْتِبْعَادٌ لِقَوْلِهِ وَقَطْعٌ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَذْهَبُ عَلَى الْجَمَاعَةِ الصِّحَّةُ فِي ذَلِكَ وَقَوْلُهُ فَأَتَمَّ مَا بَقِيَ مِنْ الصَّلَاةِ يَقْتَضِي اعْتِدَادَهُ بِمَا صَلَّى مِنْهَا.
(ش) : قَوْلُ ابْنِ شِهَابٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ذُو الشِّمَالَيْنِ فِيهِ نَظَرٌ وَقَالَ ابْنُ خَيْثَمَةَ ذُو الشِّمَالَيْنِ عُمَيْرُ بْنُ عَمْرِو بْنِ نَضْلَةَ مِنْ خُزَاعَةَ حَلِيفٌ لِبَنِي زُهْرَةَ بْنِ كِلَابٍ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ وَذُو الْيَدَيْنِ هُوَ الْخِرْبَاقُ وَهُوَ غَيْرُ ذِي الشِّمَالَيْنِ وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فِي حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ مَعًا خَالَفَهُ فِيهِ الْحُفَّاظُ مِنْ الرُّوَاةِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ وَأَبُو سُفْيَانَ وَغَيْرُهُمَا وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْحُفَّاظُ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَبَيَّنَ هَذَا أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو مُصْعَبٍ وَغَيْرُهُ وَهَذَا يَقْتَضِي مُشَاهَدَةَ أَبِي هُرَيْرَةَ لِهَذِهِ الصَّلَاةِ وَذُو الشِّمَالَيْنِ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ وَإِسْلَامُ أَبِي هُرَيْرَةَ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَعْوَامٍ جَمَّةٍ.
(فَصْلٌ) :
وَلَمْ يَذْكُرْ ابْنُ شِهَابٍ فِي حَدِيثِهِ هَذَا فِي الْمُوَطَّأِ سُجُودَ السَّهْوِ وَقَدْ ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الْحُفَّاظِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَالْأَخْذُ بِالزَّائِدِ أَوْلَى إذَا كَانَ رَاوِيهِ ثِقَةً.
(ش) : هَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَمَنْ تَبِعَهُ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - وَقَالَ الشَّافِعِيُّ السُّجُودُ كُلُّهُ قَبْلَ السَّلَامِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ السُّجُودُ كُلُّهُ بَعْدَ السَّلَامِ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ سُجُودَ الزِّيَادَةِ بَعْدَ السَّلَامِ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمُتَقَدِّمُ وَهُوَ نَصٌّ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ فَإِنْ قِيلَ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِذَلِكَ السَّلَامُ الَّذِي فِي التَّشَهُّدِ فَالْجَوَابُ أَنَّ السَّلَامَ إذَا أُطْلِقَ فِي الشَّرْعِ وَأُضِيفَ إلَى الصَّلَاةِ اقْتَضَى السَّلَامَ مِنْ الصَّلَاةِ لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّهُ الْأَظْهَرُ فِيهِ فَيَجِبُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ حَتَّى يَدُلَّ الدَّلِيلُ عَلَى خِلَافِهِ وَجَوَابٌ ثَانٍ وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ تَسَاوَى مَعَ الْإِطْلَاقِ لَكَانَ قَوْلُهُ بَعْدَ السَّلَامِ يَقْتَضِي اسْتِغْرَاقَ جِنْسِ السَّلَامِ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ السُّجُودُ بَعْدَ كُلِّ مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ هَذَا الِاسْمُ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ سَهْوَ الزِّيَادَةِ لَا يَجُوزُ أَنْ يُوجِبَ سُجُودَ سَهْوٍ فِيهَا لِأَنَّ النَّقْصَ إنَّمَا دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ بِالزِّيَادَةِ فِي فِعْلِهَا فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُزَالَ ذَلِكَ النَّقْصُ وَيُجْبَرَ بِزِيَادَةٍ أُخْرَى لِأَنَّهَا مِنْ جِنْسِ مَا أَدْخَلَ النَّقْصُ فِيهَا.
(فَرْعٌ) إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَهَلْ يُحْرِمُ لَهُمَا أَوْ لَا، عَنْ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ رِوَايَتَانِ إحْدَاهُمَا أَنَّهُ يُحْرِمُ لَهُمَا وَالثَّانِيَةُ نَفْيُ ذَلِكَ. وَفِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ رِوَايَةِ عِيسَى لَا يُحْرِمُ لَهُمَا قَالَ ثُمَّ رَجَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَقَالَ لَا يَرْجِعُ إلَيْهِمَا إلَّا بِإِحْرَامٍ.
وَجْهُ الرِّوَايَةِ الْأُولَى أَنَّ سُجُودَ السَّهْوِ بَعْدَ السَّلَامِ صَلَاةٌ فِي نَفْسِهَا لِأَنَّهَا تَفْتَقِرُ إلَى طَهَارَةٍ وَتُفْعَلُ بَعْدَ شَهْرٍ مِنْ السَّهْوِ وَيُسَلَّمُ مِنْهَا فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ التَّكْبِيرُ فِي أَوَّلِهَا تَكْبِيرَ إحْرَامٍ وَأَنْ تَفْتَقِرَ إلَى النِّيَّةِ كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ.
وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّ هَذَا سُجُودٌ يُفْعَلُ خَارِجَ الصَّلَاةِ مُفْرَدًا كَسُجُودِ التِّلَاوَةِ.
(فَرْعٌ) وَمَذْهَبُ مَالِكٍ أَنَّهُ يَتَشَهَّدُ لَهُمَا وَيُسَلِّمُ