مَا يَفْعَلُ مَنْ سَلَّمَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ سَاهِيًا (ص) : (مَالِكٌ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ أَبِي تَمِيمَةَ السِّخْتِيَانِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - انْصَرَفَ مِنْ اثْنَتَيْنِ فَقَالَ لَهُ ذُو الْيَدَيْنِ أَقَصُرَتْ الصَّلَاةُ أَمْ نَسِيتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَصَدَقَ ذُو الْيَدَيْنِ فَقَالَ النَّاسُ نَعَمْ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ ثُمَّ كَبَّرَ فَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ ثُمَّ رَفَعَ ثُمَّ كَبَّرَ فَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ ثُمَّ رَفَعَ» )
ـــــــــــــــــــــــــــــQعَنْ مَالِكٍ وَرَوَى ابْنُ سَحْنُونٍ عَنْ أَبِيهِ يَرْجِعُ وَيَبْقَى بَعْدَ الْإِمَامِ بِقَدْرِ مَا انْفَرَدَ الْإِمَامُ بَعْدَهُ.
وَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّهُ قَدْ أَدَّى فَرْضَهُ مِنْ اتِّبَاعِ الْإِمَامِ فَكَانَ اتِّبَاعُهُ فِيمَا يَنْتَقِلُ إلَيْهِ أَوْلَى مِنْ مُخَالَفَتِهِ بِمَا يَنْتَقِلُ عَنْهُ.
وَوَجْهُ قَوْلِ سَحْنُونٍ أَنَّ اتِّبَاعَ الْإِمَامِ يَلْزَمُهُ فِي فَضِيلَةِ الرَّكْعَةِ كَمَا يَلْزَمُهُ اتِّبَاعُهُ فِي فَرِيضَتِهَا وَلَوْ فَاتَهُ فَرْضُهَا مَعَهُ لَعَادَ إلَيْهِ فَكَذَلِكَ إذَا فَاتَهُ فَضْلُهَا وَوَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يَبْنِيَ هَذَا الْقَوْلَ عَلَى أَنَّ الرَّفْعَ مِنْ الرُّكُوعِ مُسْتَحِقٌّ فَيَجِبُ أَنْ يَرْجِعَ لِاتِّبَاعِ الْإِمَامِ فِيهِ وَلَكِنْ لَا يَمْكُثُ عَلَى هَذَا التَّعْلِيلِ بِمِقْدَارِ مَا أَقَامَ الْإِمَامُ بَعْدَهُ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَهَذَا حُكْمُ الرَّفْعِ فَأَمَّا الْخَفْضُ قَبْلَ الْإِمَامِ لِرُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ فَإِنَّهُ غَيْرُ مَقْصُودٍ فِي نَفْسِهِ بِلَا خِلَافٍ عَنْ الْمَذْهَبِ وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ مِنْهُ الرُّكُوعُ أَوْ السُّجُودُ فَإِنْ أَقَامَ بَعْدَ رُكُوعِ الْإِمَامِ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا مِقْدَارَ فَرْضِهِ صَحَّتْ صَلَاتُهُ إلَّا أَنَّهُ قَدْ أَسَاءَ فِي خَفْضِهِ قَبْلَ إمَامِهِ وَإِنْ لَمْ يَقُمْ بَعْدَ رُكُوعِ إمَامِهِ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا مِقْدَارَ فَرْضِهِ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ وَعَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ لِاتِّبَاعِ إمَامِهِ بِرُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَهَذَا فِي الْأَفْعَالِ فَأَمَّا الْأَقْوَالُ فَعَلَى ضَرْبَيْنِ فَرَائِضُ وَفَضَائِلُ فَأَمَّا الْفَرَائِضُ فَتَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ وَالسَّلَامُ وَمَتَى تَقَدَّمَ الْمَأْمُومُ فِي تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ سَاهِيًا أَوْ عَامِدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ دُخُولٌ فِي الصَّلَاةِ فَإِذَا دَخَلَ فِيهَا قَبْلَ إمَامِهِ لَمْ يَصِحَّ أَنْ يَتْبَعَهُ فِيهَا لِأَنَّهُ عَقَدَهَا غَيْرَ مُؤْتَمٍّ وَأَمَّا السَّلَامُ فَإِنْ سَلَّمَ قَبْلَ إمَامِهِ عَامِدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ سَلَّمَ سَاهِيًا لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ وَحَمَلَ عَنْهُ الْإِمَامُ سَهْوَهُ.
[مَا يَفْعَلُ مَنْ سَلَّمَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ سَاهِيًا]
(ش) : قَوْلُهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - انْصَرَفَ مِنْ اثْنَتَيْنِ يَعْنِي انْصَرَفَ وَخَرَجَ عَنْهَا مِنْ رَكْعَتَيْنِ وَكَانَتْ رُبَاعِيَّةً عَلَى مَا رُوِيَ أَنَّهَا كَانَتْ صَلَاةَ الْعَصْرِ وَأَنَّ صَلَاتَهُ كَانَتْ فِي الْمَسْجِدِ وَذَلِكَ يَقْتَضِي الْحَصْرَ فَقَالَ لَهُ ذُو الْيَدَيْنِ وَاسْمُهُ الْخِرْبَاقُ أَقَصُرَتْ الصَّلَاةُ أَمْ نَسِيت يَا رَسُولَ اللَّهِ إنْكَارًا لِفِعْلِهِ مَعَ أَنَّهُ شَرَعَ الشَّرَائِعَ وَعَنْهُ تُؤْخَذُ الصَّلَاةُ إلَّا أَنَّ ذَا الْيَدَيْنِ جَوَّزَ عَلَيْهِ النِّسْيَانَ وَجَوَّزَ أَنْ يَكُونَ حَدَثَ فِيهَا تَقْصِيرٌ فَطَلَبَ مِنْهُ بَيَانُ ذَلِكَ فَصَادَفَ سُؤَالُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقِينًا أَنَّ صَلَاتَهُ قَدْ كَمُلَتْ أَوْ شَكًّا فِي ذَلِكَ عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَقَالَ أَصَدَقَ ذُو الْيَدَيْنِ وَقَوْلُهُ يَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ وَهُوَ يَتَيَقَّنُ كَمَالَ صَلَاتِهِ فَيَسْتَشْهِدُ عَلَى رَدِّ قَوْلِ ذِي الْيَدَيْنِ بِقَوْلِ مَنْ شَهِدَ مَعَهُ الصَّلَاةَ وَبَيَّنَ هَذَا قَوْلُهُ فِي الْخَبَرِ الْآخَرِ كُلُّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ تَيَقُّنًا لِتَمَامِ صَلَاتِهِ وَلَوْ كَانَ شَاكًّا فِي تَمَامِ صَلَاتِهِ وَكَمَالِهَا لَأَخَذَ فِي الْإِتْيَانِ بِمَا شَكَّ فِيهِ وَلَا الْتَزَمَ مِنْ الصَّمْتِ مَا يَلْتَزِمُهُ الْمُصَلِّي فَلَمَّا أَخْبَرَ الصَّحَابَةُ بِتَصْدِيقِ قَوْلِ ذِي الْيَدَيْنِ طَرَأَ عَلَيْهِ الشَّكُّ أَوْ الذِّكْرُ فَأَخَذَ فِي إتْمَامِ صَلَاتِهِ وَالْتِزَامُ الصَّمْتِ الَّذِي هُوَ شَرْطٌ فِي صِحَّتِهَا مَا لَمْ تَدْعُ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ ضَرُورَةٌ لِسَبَبِهَا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ وَقَدْ دَخَلَهُ الشَّكُّ فِي إتْمَامِ صَلَاتَهُ بِقَوْلِ ذِي الْيَدَيْنِ فَأَرَادَ أَنْ يَتَيَقَّنَ أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ بِخَبَرِ مَنْ شَهِدَ مَعَهُ الصَّلَاةَ فَلَمَّا صَدَّقُوا ذَا الْيَدَيْنِ وَتَيَقَّنَ أَنَّ صَلَاتَهُمْ لَمْ تَتِمَّ أَخَذَ فِي إتْمَامِهَا وَالْتَزَمَ شُرُوطَهَا.
وَإِنَّمَا جَازَ لَهُ الْكَلَامُ مَعَ الشَّكِّ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ لِأَنَّهُ قَدْ تَيَقَّنَ كَمَالَ صَلَاتِهِ وَاعْتَقَدَ الْخُرُوجَ مِنْهَا وَبَرِئَتْ ذِمَّتُهُ