. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (مَسْأَلَةٌ) :
وَأَمَّا مَا تَدْعُو الْحَاجَةُ إلَيْهِ مِنْ الظُّرُوفِ فَقَدْ قَالَ أَشْهَبُ وَابْنُ حَبِيبٍ فِيهِ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَفِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ إذَا ضَاعَ الْقَمْحُ بِقُفَّتِهِ عِنْدَ الطَّحَّانِ، أَوْ ضَاعَ عِنْدَ الْفَرَّانِ لَوْحُ الْخَبَّازِ، أَوْ قَصْعَتُهُ، أَوْ ضَاعَ عِنْدَ الصَّيْقَلِ غِمْدُ السَّيْفِ، أَوْ عِنْدَ الْخَيَّاطِ مِنْدِيلُ الثَّوْبِ لَمْ يَضْمَنْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَيَضْمَنُ الْمِثَالَ لِيَعْمَلَ عَلَيْهِ، وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ عَنْ مَالِكٍ ضَمَانُ الْمِثْلِ.
وَقَدْ رَوَى سَحْنُونٌ لَا يَضْمَنُ الْوَرَّاقُ الْأُمَّ الَّتِي يَكْتُبُ مِنْهَا، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ الْمِثَالَ وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْمَوَّازِ فِي نَفْيِ ضَمَانِ الظَّرْفِ وَإِثْبَاتِهِ فِي الْمِثَالِ أَنَّ الظُّرُوفَ لَا يَتَعَلَّقُ عَمَلُهُ بِهَا فَلَمْ يَضْمَنْهَا وَالْمِثَالُ عَمَلُهُ مُتَعَلِّقٌ بِهِ قَالَ مَالِكٌ لَا غِنَى بِهِ عَنْهُ، وَوَجْهُ قَوْلِ سَحْنُونٍ أَنَّهُ لَا يَعْمَلُ فِيهِ، وَإِنَّمَا يَعْمَلُ فِي غَيْرِهِ فَكَانَ الْمِثَالُ كَالظُّرُوفِ.
1 -
(فَصْلٌ) :
فَهَذَا حُكْمُ الصُّنَّاعِ وَأَمَّا الْأُجَرَاءُ فَهُمْ عَلَى ضَرْبَيْنِ أُجَرَاءُ لِلصُّنَّاعِ وَأُجَرَاءُ لِلْحِفْظِ وَالرِّعَايَةِ فَأَمَّا أُجَرَاءُ الصُّنَّاعِ فَاَلَّذِي رَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ أَجِيرَ الْقَصَّارِ لَا يَضْمَنُ وَالْقَصَّارُ ضَامِنٌ لِمَا أَفْسَدَهُ أَجِيرُهُ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَلَا يَضْمَنُ الْأَجِيرُ لِلْقَصَّارِ وَالصَّبَّاغِ شَيْئًا، وَهَذَا فِي الْأَجِيرِ الْمُتَصَرِّفِ بَيْنَ يَدَيْ الْقَصَّارِ بِحَسَبِ اخْتِيَارِهِ وَلَيْسَ بِحَائِزٍ لِمَا يَعْمَلُهُ فَأَمَّا إنْ كَانَ يَتَصَرَّفُ فِي الْعَمَلِ بِاخْتِيَارِ نَفْسِهِ وَيَحُوزُ مَا يَعْمَلُ فِيهِ فَقَدْ قَالَ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ عَنْ أَصْبَغَ عَنْ أَشْهَبَ إنْ كَثُرَ عَلَى الْغَسَّالِ الثِّيَابُ فَآجَرَ أُجَرَاءَ فَبَعَثَهُمْ إلَى الْبَحْرِ بِالثِّيَابِ فَيَدَّعُونَ تَلَفَهَا أَنَّهُمْ ضَامِنُونَ، وَكَذَلِكَ أُجَرَاءُ الْخَيَّاطِ يَتَصَرَّفُونَ فِي الثِّيَابِ فَتَتْلَفُ فَهُمْ ضَامِنُونَ، وَقَالَ ابْنُ مَيْسَرَةَ، وَذَلِكَ إذَا آجَرَهُمْ عَلَى عَمَلِ أَثْوَابٍ مُقَاطَعَةٍ فَهَذَا مَعْنَى مَا قَدَّمْنَاهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا قُوطِعَ عَلَى عَمَلِهَا فَقَدْ صَارَ لَهُ حُكْمُ الصَّانِعِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ يَعْمَلُ مُيَاوَمَةً، أَوْ مُشَاهَرَةً فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْأُجَرَاءِ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
وَأَمَّا الْأُجَرَاءُ لِلْحِفْظِ فَعَلَى قِسْمَيْنِ: قِسْمٌ لَهُمْ تَعَلُّقٌ بِالْعَمَلِ، وَقِسْمٌ لَا تَعَلُّقَ لَهُمْ بِالْعَمَلِ فَأَمَّا مَنْ لَهُ تَعَلُّقٌ بِالْعَمَلِ فَكَصَاحِبِ الْحَمَّامِ يُوضَعُ عِنْدَهُ ثِيَابُ النَّاسِ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْهُ قَدْ أَمَرْت صَاحِبَ السُّوقِ أَنْ يُضَمِّنَ أَصْحَابَ الْحَمَّامَاتِ ثِيَابَ النَّاسِ فَيَضْمَنُونَهَا، أَوْ يَأْتُونَ بِمَنْ يَحْرُسُهَا قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ فِي نَوَادِرِهِ بِإِثْرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.
وَقَدْ قَالَ أَيْضًا فِي كِتَابٍ آخَرَ لَا يَضْمَنُونَ، وَهَذَا الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ قَدْ أَشَارَ إلَيْهِ غَيْرُهُ مِنْ شُيُوخِنَا وَلَا أَعْلَمُ أَنَّهُمْ يُشِيرُونَ إلَّا إلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ الْجُعْلِ وَالْإِجَارَةِ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ: لَا ضَمَانَ عَلَى مَنْ يَجْلِسُ لِحِفْظِ ثِيَابِ مَنْ يَدْخُلُ الْحَمَّامَ مَا ضَاعَ مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْأَجِيرِ، وَهَذَا الَّذِي أَشَارُوا إلَيْهِ لَيْسَ عِنْدِي مِمَّا نَحْنُ فِيهِ بِسَبِيلٍ؛ لِأَنَّ أُجَرَاءَ الصُّنَّاعِ لَا يَضْمَنُونَ وَإِنَّمَا يَضْمَنُ الصَّانِعُ، أَوْ مَنْ هُوَ فِي حُكْمِ الصَّانِعِ وَصَاحِبُ الْحَمَّامِ لَيْسَ بِأَجِيرٍ مَحْضِ الْإِجَارَةِ بَلْ الْمَقْصُودُ مِنْهُ الْعَمَلُ وَالصِّنَاعَةُ مِنْ التَّنْظِيفِ وَالِاغْتِسَالِ فَيَضْمَنُ مَا لَا يُسْتَغْنَى عَنْهُ مِنْ عَمَلِهِ فِيهِ مِنْ ثِيَابِهِ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَرَى عَلَى الصَّانِعِ ضَمَانَ مَا لَا يُسْتَغْنَى عَنْهُ مَا اسْتَعْمَلَ فِيهِ وَلَا يَضْمَنُ عَلَى قَوْلِ مَنْ لَا يَرَى عَلَيْهِ ضَمَانًا فِي ذَلِكَ، أَوْ يَكُونُ أَجِيرًا لَهُ تَعَلُّقٌ بِالْعَمَلِ فَيَكُونُ كَالْحَمَّالِ يَسْتَأْجِرُ عَلَى الْحَمْلِ فَيَضْمَنُ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِتَسَرُّعِهِ إلَيْهِ كَالطَّعَامِ وَنَحْوِهِ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا جَرَتْ عَادَةُ الْحَمَّالِينَ بِالْخِيَانَةِ فِيهِ وَالتَّسَرُّعِ إلَيْهِ، وَكَذَلِكَ صَاحِبُ الْحَمَّامِ وَهُوَ الْمَالِكُ لِأَمْرِهِ وَالْمُسْتَعْمِلُ لَهُ بِالْعَمَلِ يَجِبُ أَنْ يَضْمَنَ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِخِيَانَتِهِ فِيهِ وَالتَّسَرُّعُ إلَيْهِ وَهِيَ ثِيَابُ النَّاسِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَمَغِيبُهُ عَنْ ثِيَابِهِ إلَى دَاخِلِ الْحَمَّامِ مَغِيبٌ يُوجِبُ الضَّمَانَ عَلَى مَنْ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ بِمَغِيبِ صَاحِبِ الثِّيَابِ.
وَقَدْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ فِي الْوَاضِحَةِ فِي الطَّحَّانِ يَطْحَنُ الْقَمْحَ بِحَضْرَةِ صَاحِبِهِ لَا يَضْمَنُ ظَرْفًا وَلَا قَمْحًا إلَّا أَنْ يَخْرُجَ النَّاسُ عَنْ الرَّحَى لِلزَّحْمَةِ فَيَضْمَنُ الْقَمْحَ وَظَرْفَهُ، وَكَذَلِكَ الْفَرَّانُ فَجَعَلَ الْخُرُوجَ عَنْ الرَّحَى وَالْفُرْنِ مَغِيبًا يُوجِبُ الضَّمَانَ عَلَى الْحَافِظِ الَّذِي لَهُ تَعَلُّقٌ بِالْعَمَلِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَأَمَّا الْحَافِظُ الَّذِي لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالْعَمَلِ فَالْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي النَّوْمِ وَالْغَفْلَةِ، وَإِنَّمَا الضَّمَانُ عَلَيْهِ فِي التَّعَدِّي.
وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُسْتَأْجَرِ لِيَحْرُسَ بَيْتًا، أَوْ خَيْلًا، أَوْ غَنَمًا