. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الْمَوْضِعِ وَالنَّفَاقِ فَلَا يَلْتَفِتُ إلَى افْتِرَاقِهِمَا فَذَهَبَ إلَى أَنَّ الْمُرَاعَى فِي الْأَمَاكِنِ تَسَاوِيهِمَا فِي رَغْبَةِ النَّاسِ وَإِنْ تَبَاعَدَتْ وَفَرَّقَ بَيْنَ الدُّورِ وَالْأَرَضِينَ أَنَّ الْبَلَدَ الْوَاحِدَ لَا تَخْتَلِفُ أَغْرَاضُ النَّاسِ فِيهِ مَعَ تَسَاوِي الْمَوْضِعَيْنِ فِي النَّفَاقِ وَالْمَرَافِقِ وَتَخْتَلِفُ فِي الْبَلَدَيْنِ فَتَلَخَّصَ مِنْ هَذَا أَنَّ أَشْهَبَ يُرَاعِي فِي الْأَمَاكِنِ تَقَارُبَ الدُّورِ فِي النَّمَطِ وَيُرَاعِي سَحْنُونٌ الْقُرْبَ وَالتَّسَاوِي فِي النَّفَاقِ وَيُرَاعِي ابْنُ الْقَاسِمِ التَّسَاوِي فِي النَّفَاقِ خَاصَّةً وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.
(فَرْعٌ) فَإِذَا قُلْنَا بِقَوْلِ أَشْهَبَ وَسَحْنُونٍ فِي مُرَاعَاةِ الْقُرْبِ فَقَدْ قَالَ أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمَجْمُوعَةِ إذَا تَبَاعَدَ مَا بَيْنَ الدَّارَيْنِ مِثْلَ مَنْزِلِي هَذَا وَمَنْزِلٍ آخَرَ بِالثَّنِيَّةِ لَمْ يُجْمَعْ فِي الْقَسْمِ بِخِلَافِ النَّخِيلِ وَالْحَوَائِطِ.
(فَصْلٌ) :
وَأَمَّا الْبُعْدُ فِي الْأَرَضِينَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ كَانَتْ الْقُرَى مُتَبَاعِدَةً الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ قُسِمَتْ كُلُّ قَرْيَةٍ مُفْرَدَةً وَإِنْ تَسَاوَتْ رَغْبَةُ النَّاسِ فِيهَا قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَهَذَا كُلُّهُ عِنْدِي بِقَدْرِ مَا يُرَى مِنْ الْبُعْدِ وَالْقُرْبِ وَيُؤَدِّي إلَيْهِ الِاجْتِهَادُ وَإِنَّمَا ذَكَرْنَا مَا ذَكَرْنَا مِنْهُ لِيَتَقَوَّى بِهِ الْمُجْتَهِدُ عَلَى مَا يُرِيدُهُ مِنْ النَّظَرِ وَالِاجْتِهَادِ.
وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ فِي الْمَجْمُوعَةِ لَيْسَ لِلْقُرْبِ حَدٌّ إلَّا بِقَدْرِ مَا يُرَى يَوْمَ يَقَعُ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
وَأَمَّا الْأَشْجَارُ فَإِنَّ ابْنَ حَبِيبٍ يَجْمَعُ الْبَعْلَ كُلَّهُ إذَا تَجَاوَرَ فِي الْمَوْضِعِ كَالْمِيلِ وَالْمِيلَيْنِ.
وَقَالَ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَالْمَجْمُوعَةِ عَنْ مَالِكٍ فِي أَمْلَاكٍ بَيْنَ وَرَثَةٍ مِنْهَا بِوَادِي الْقُرَى وَبِخَيْبَرِ وَبِالْفَرْعِ أَنَّ مَنْ كَانَ مِنْهَا بِوَادِي الْقُرَى وَبِخَيْبَرِ جُمِعَ فِي الْقَسْمِ وَيُجْمَعُ مَا كَانَ بِالْفَرْعِ إلَى مَا كَانَ بِنَاحِيَتِهَا قَالَ عَنْهُ أَشْهَبُ بِخِلَافِ الدُّورِ، وَقَدْ قَالَ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الْحَوَائِطِ الْمُتَبَاعِدَةِ بَيْنَهَا الْيَوْمُ وَالْيَوْمَانِ إنَّ كُلَّ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ يُقَدَّرُ بِالْقِسْمَةِ قَالَ عَنْهُ أَشْهَبُ وَلَا يَقْسِمُ حَوَائِطَ الْمَدِينَةِ مَعَ حَوَائِطِ خَيْبَرَ، وَقَالَ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ بَيْنَهُمَا ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ مِيلًا.
1 -
(فَصْلٌ) :
وَأَمَّا الْمَاجِلُ وَالْحَمَّامُ وَالْبَيْتُ الصَّغِيرُ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ لَا يُقَسَّمُ الْحَمَّامُ وَغَيْرُهُ مِمَّا فِي قِسْمَتِهِ ضَرَرٌ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ فِي الْمَجْمُوعَةِ لَمْ أَعْلَمْ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِنَا وَافَقَ مَالِكًا عَلَى قِسْمَةِ الْحَمَّامِ وَلَا سَمِعْت مَنْ يَسْتَجِيزُ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ شَاذٌّ لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ إلَّا ابْنَ كِنَانَةَ قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَابْنُ نَافِعٍ وَابْنُ وَهْبٍ سَوَاءٌ ضَاقَ الْقَسْمُ عَنْ جَمِيعِهِمْ، أَوْ عَنْ بَعْضِهِمْ، وَإِنْ كَانَ أَصْغَرُهُمْ حَظًّا لَهُ انْتِفَاعٌ فِي وَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْمَنَافِعِ وَإِنْ قَلَّ مِمَّا لَا ضَرَرَ فِيهِ فَالْقَسْمُ قَائِمٌ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَرَوَاهُ أَصْبَغُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ مُطَرِّفٌ وَاَلَّذِي آخُذُ بِهِ إنْ كَانَ لِبَعْضِهِمْ فِي ذَلِكَ مَنْفَعَةٌ لِسِعَةِ سَهْمِهِ وَبَعْضُهُمْ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ لِضِيقِ سَهْمِهِ فَيُقْسَمُ بَيْنَهُمَا كَمَا قَالَ مَالِكٌ، وَإِنْ كَانَ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ وَاحِدٌ مِنْهُمْ فَبَيْعُهُ وَقِسْمَةُ ثَمَنِهِ أَوْلَى بِالصَّوَابِ وَاحْتَجَّ مَالِكٌ لِقَوْلِهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا} [النساء: 7] .
وَقَالَ مَنْ خَالَفَهُ فِي ذَلِكَ مِنْ أَصْحَابِنَا مَعْنَى الْآيَةِ ثُبُوتُ حَقِّهِ ثُمَّ يُقْسَمُ عَلَى السُّنَّةِ كَالْعَبْدِ الْوَاجِبِ فِيهِ نَصِيبُ كُلِّ وَارِثٍ وَيُقْسَمُ ثَمَنُهُ دُونَ عَيْنِهِ وَاحْتَجَّ ابْنُ الْقَاسِمِ بِمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» ، وَهَذَا أَيْضًا يَحْتَاجُ إلَى تَأَمُّلٍ قَدْ ذَكَرْته فِي الِاسْتِيفَاءِ.
(فَرْعٌ) إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَقَدْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا يُقْسَمُ الْحَمَّامُ وَلَا الْفُرْنُ وَلَا الرَّحَا وَلَا الْبِئْرُ وَلَا الْعَيْنُ وَلَا السَّاقِيَةُ وَلَا الدُّكَّانُ وَلَا الْجِدَارُ وَلَا الطَّرِيقُ وَلَا الشَّجَرَةُ وَفِي الْمَجْمُوعَةِ يُقْسَمُ الْجِدَارُ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ ضَرَرٌ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِاخْتِلَافٍ وَالْخِلَافُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَمَعْنَى الضَّرَرِ فِي ذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنْ لَا يَبْقَى فِيهِ الْمَنْفَعَةُ الثَّابِتَةُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ مِثْلُ الدَّارِ الَّتِي تُقْسَمُ فَيَكُونُ مَا يَصِيرُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَا يَسْكُنُ، وَأَمَّا الْحَمَّامُ فَلَا يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَبْقَى نَصِيبُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حَمَّامًا فِي الْأَغْلَبِ، وَلِذَلِكَ لَا يُقْسَمُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَيُرَاعَى مَعَ ذَلِكَ أَنْ لَا تُذْهِبَ الْقِسْمَةُ مُعْظَمَ مَنَافِعِهِ، وَإِنْ بَقِيَ عَلَى حُكْمِ مَنْفَعَتِهِ، وَأَمَّا مَا يُرَاعِيه ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَسَائِرُ أَصْحَابِنَا فَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ.