. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQاللَّفْظِ لِاتِّفَاقِ عُلَمَاءِ الْعَصْرِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.
1 -
(فَصْلٌ) :
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْقِسْمَةِ هَلْ هِيَ بَيْعٌ مِنْ الْبُيُوعِ أَوْ تَمْيِيزُ حَقٍّ؟ وَلِأَصْحَابِنَا مَسَائِلُ تَقْتَضِي كِلَا الْقَوْلَيْنِ وَنَحْنُ نُنَبِّهُ عَلَيْهَا عِنْدَ ذِكْرِهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ إنَّ الْقِسْمَةَ بَيْعٌ مِنْ الْبُيُوعِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَقَاسِمَيْنِ يَبِيعُ حِصَّتَهُ مِمَّا خَرَجَ عَنْهُ بِحِصَّةِ شَرِيكِهِ مِمَّا صَارَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَ حِصَّةِ صَاحِبِهِ مِنْ الْجُزْءِ الَّذِي صَارَ إلَيْهِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الْجُزْءِ الَّذِي أَخَذَهُ صَاحِبُهُ وَهَذِهِ مُعَاوَضَةٌ وَمُبَايَعَةٌ مَحْضَةٌ، وَوَجْهُ قَوْلِنَا إنَّهَا تَمْيِيزُ حَقٍّ: أَنَّهُ غَيْرُ مَوْقُوفٍ عَلَى اخْتِيَارِ الْمُتَقَاسِمَيْنِ بَلْ قَدْ يَجُوزُ فِيهِ الْمُخَاطَرَةُ بِالْقُرْعَةِ وَذَلِكَ يُنَافِي الْبَيْعَ فَثَبَتَ أَنَّهَا تَمْيِيزُ حَقٍّ.
وَقَدْ رَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَالْمَجْمُوعَةِ فِي ثَلَاثَةِ إخْوَةٍ وَرِثُوا ثَلَاثَةَ أَعْبُدٍ فَاقْتَسَمُوهُمْ فَأَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ عَبْدًا فَمَاتَ عَبْدُ أَحَدِهِمْ وَاعْتَرَفَ عَبْدُ الْآخَرِ فَمَنْ مَاتَ بِيَدِهِ الْعَبْدُ لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ وَلَا يُرْجَعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ وَيَرْجِعُ الَّذِي اسْتَحَقَّ فِي يَدِهِ الْعَبْدُ عَلَى أَخِيهِ الَّذِي بَقِيَ عِنْدَهُ الْعَبْدُ فَيَكُونُ لَهُ ثُلُثُهُ وَلِلَّذِي هُوَ بِيَدِهِ ثُلُثَاهُ قَالَ أَشْهَبُ فِي الْمَجْمُوعَةِ فَلَوْ كَانَتْ الْقِسْمَةُ كَالْبَيْعِ لَرَجَعَ مَنْ يَسْتَحِقُّ مِنْ يَدَيْهِ الْعَبْدُ عَلَى أَخِيهِ الَّذِي مَاتَ عِنْدَهُ الْعَبْدُ بِثُلُثِ قِيمَتِهِ وَلَكِنْ لَيْسَ كَالْبَيْعِ فَقَدْ قَالَ سَحْنُونٌ الْقَسْمُ لَيْسَ كَالْبَيْعِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَقَدْ قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ إنَّ الْقِسْمَةَ فِي الْأَصْلِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: قِسْمَةُ مُهَايَأَةٍ وَهِيَ أَنْ يَتَهَايَأَ الشَّرِيكَانِ فَيَأْخُذَ هَذَا دَارًا يَسْكُنُهَا، وَهَذَا دَارًا يَسْكُنُهَا، وَهَذَا أَرْضًا يَزْرَعُهَا، وَهَذَا أَرْضًا يَزْرَعُهَا فَيَجُوزُ ذَلِكَ بِالتَّرَاضِي وَلَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ يُجْبَرُ عَلَيْهَا مَنْ أَبَاهَا؛ لِأَنَّ قِسْمَةَ الْمَنَافِعِ لَيْسَتْ بِقِسْمَةِ بَيْعٍ وَقِسْمَةَ الرِّقَابِ قِسْمَةُ بَيْعٍ يَأْخُذُ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ دَارًا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ الْآخَرُ دَارًا أُخْرَى فَهَذِهِ قِسْمَةٌ جَائِزَةٌ؛ لِأَنَّهَا بَيْعٌ وَمَحْصُولُهَا إنْ بَاعَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ مِنْ إحْدَى الدَّارَيْنِ بِحِصَّةِ شَرِيكِهِ مِنْ الدَّارِ الْأُخْرَى وَهُوَ الْوَجْهُ الثَّانِي، وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ قِسْمَةُ قِيمَةٍ وَتَعْدِيلٍ وَذَلِكَ إذَا كَانَتْ الدَّارَانِ مُخْتَلِفَتَيْ الْبِنَاءِ وَالْبُسْتَانُ الْمُخْتَلِفُ الْغِرَاسِ تَخْتَلِفُ قِيمَةُ كُلِّ شَيْءٍ مِنْهُ مِنْ نَخْلٍ وَشَجَرٍ فَإِنَّهَا تُعَدَّلُ بِالْقِيمَةِ وَيُضْرَبُ عَلَيْهَا بِالسِّهَامِ، وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ كُلُّهُ فِيهِ نَظَرٌ وَذَلِكَ أَنَّ الَّذِي ذَكَرَهُ شُيُوخُنَا الْمَغَارِبَةُ أَنَّ الْقِسْمَةَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ:.
قِسْمَةُ قُرْعَةٍ بَعْدَ تَعْدِيلٍ وَهِيَ الَّتِي يُجْبَرُ عَلَيْهَا مَنْ أَبَى الْقِسْمَةَ فِيمَا يَنْقَسِمُ، وَقِسْمَةُ مُرَاضَاةٍ وَمُهَايَأَةٍ بَعْدَ تَقْوِيمٍ وَتَعْدِيلٍ، وَقِسْمَةُ مُرَاضَاةٍ مِنْ غَيْرِ تَقْوِيمٍ وَلَا تَعْدِيلٍ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأَضْرُبِ أَحْكَامٌ يَخْتَصُّ بِهَا.
(فَرْعٌ) فَأَمَّا قِسْمَةُ الْقُرْعَةِ فَإِنَّهَا تَصِحُّ فِي الْمُتَمَاثِلِ، أَوْ الْمُتَجَانِسِ وَسَيَأْتِي ذِكْرُ ذَلِكَ وَشَرْحُهُ بَعْدَ هَذَا وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَجْمَعَ فِيهَا أَيْضًا الثَّمَنَ لِغَيْرِ عِلَّةٍ بَلْ يُقَدَّرُ نَصِيبُ كُلِّ إنْسَانٍ قَالَهُ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهَا عَلَى نِهَايَةِ الْمُشَاحَّةِ وَاسْتِقْصَاءِ الْحُقُوقِ وَاخْتِيَارُ أَحَدِهِمَا أَنْ يَكُونَ سَهْمُهُ إلَى جَانِبِ سَهْمٍ آخَرَ مُعَيَّنٍ يُنَافِي اسْتِقْصَاءِ الْحُقُوقِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَصِفَةُ ذَلِكَ أَنْ يُقَسِّمَ الْعَرْصَةَ وَتُحَقَّقَ عَلَى أَقَلِّ سِهَامِ الْفَرِيضَةِ فَمَا كَانَ مُتَسَاوِيًا قُسِمَ بِالذَّرْعِ وَمَا اخْتَلَفَ أَجْزَاؤُهُ قُسِمَ بِالْقِيمَةِ رَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَصْبَغَ، وَقَالَ هُوَ قَوْلُ جَمِيعِ أَصْحَابِنَا قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ فَرُبَّمَا كَانَ الْحَدُّ الْوَاحِدُ مِنْ أَحَدِ طَرَفَيْ الْعَرْصَةِ يَعْدِلُ حَدَّ شِقٍّ مِنْ نَاحِيَةٍ أُخْرَى، وَحَكَى ابْنُ عَبْدُوسٍ عَنْ سَحْنُونٍ فِي الشَّجَرِ يُقَوِّمُ الْقَاسِمُ كُلَّ شَجَرَةٍ إنْ كَانَ مِمَّنْ يَعْرِفُ ذَلِكَ وَإِلَّا سَأَلَ أَهْلَ الْمَعْرِفَةِ بِالْقِيمَةِ، وَمَنْ يَحْبِسُ حَمْلَ كُلِّ شَجَرَةٍ فَرُبَّ شَجَرَةٍ لَهَا مَنْظَرٌ وَلَا فَائِدَةَ لَهَا وَأُخْرَى يَكْثُرُ حَمْلُهَا وَلَا مَنْظَرَ لَهَا وَإِذَا قُوِّمَ ذَلِكَ كُلُّهُ جَمَعَ الْقِيمَةَ فَقَسَمَهَا عَلَى قَدْرِ السِّهَامِ ثُمَّ يَكْتُبُ أَسْمَاءَ الشُّرَكَاءِ فِي رِقَاعٍ وَيُجْعَلُ فِي طِينٍ أَوْ شَمْعٍ ثُمَّ يَرْمِي كُلَّ بُنْدُقَةٍ فِي حَقِّهِ فَمَنْ حَصَلَ اسْمُهُ فِي جِهَةٍ أَخَذَ حَقَّهُ مُتَّصِلًا فِي تِلْكَ الْجِهَةِ.
وَقِيلَ تُكْتَبُ الْجِهَاتُ ثُمَّ يُخْرِجُ أَوَّلَ بُنْدُقَةٍ مِنْ الْأَسْمَاءِ وَأَوَّلَ بُنْدُقَةٍ مِنْ الْجِهَاتِ فَيُعْطَى مَنْ خَرَجَ اسْمُهُ نَصِيبَهُ فِي تِلْكَ الْجِهَةِ فَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ