(ص) : (مَالِكٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ فِي حَائِطِ جَدِّهِ رَبِيعٌ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فَأَرَادَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ أَنْ يُحَوِّلَهُ إلَى نَاحِيَةٍ مِنْ الْحَائِطِ هِيَ أَقْرَبُ إلَى أَرْضِهِ فَمَنَعَهُ صَاحِبُ الْحَائِطِ فَكَلَّمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فِي ذَلِكَ فَقَضَى لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ بِتَحْوِيلِهِ) .

ـــــــــــــــــــــــــــــQلِمَنْ جَوَّزَ ذَلِكَ الضَّرَرَ وَأَنْكَرَ الشَّافِعِيُّ عَلَى مَالِكٍ أَنَّهُ رَوَى حَدِيثَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَلَمْ يُرْوَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ خِلَافُهُ وَلَمْ يَأْخُذْ بِهِ وَلَيْسَ كَمَا أَنْكَرَ فَإِنَّ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ مِمَّنْ خَالَفَهُ فِي ذَلِكَ وَخَالَفَ عَلَى مَنْعِهِ ذَلِكَ، وَلَوْ اعْتَقَدَ أَنَّهُ مِنْ حُقُوقِ الضَّحَّاكِ بْنِ خَلِيفَةَ لَمَا أَقْسَمَ عَلَى مَنْعِهِ بِحَضْرَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَغَيْرِهِ عَلَى أَنَّنَا ذَكَرْنَا وُجُوهًا مِنْ مُوَافَقَةِ مَالِكٍ لِعُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فِي هَذَا الْحُكْمِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لَمْ يَقْضِ بِذَلِكَ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ، وَإِنَّمَا أَقْسَمَ عَلَيْهِ لَمَّا أَقْسَمَ تَحَكُّمًا عَلَيْهِ فِي الرُّجُوعِ إلَى الْأَفْضَلِ فَقَدْ يُقْسِمُ الرَّجُلُ عَلَى الرَّجُلِ فِي مَالِهِ تَحَكُّمًا عَلَيْهِ وَثِقَةً بِأَنَّهُ لَا يُحْنِثُهُ فَيَبِرُّ بِقَسَمِهِ، وَإِنْ كَانَ هُوَ قَدْ أَقْسَمَ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ كَفَّرَ هُوَ عَنْ يَمِينِهِ إكْرَامًا لَهُ وَإِيجَابًا لَا سِيَّمَا إذَا دَعَاهُ إلَى أَمْرٍ هُوَ أَفْضَلُ مِمَّا ذَهَبَ هُوَ إلَيْهِ فِي الدِّينِ وَالدُّنْيَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُ عُمَرَ لِابْنِ مَسْلَمَةَ وَاَللَّهِ لَيَمُرَّنَّ بِهِ، وَلَوْ عَلَى بَطْنِك دَلِيلٌ عَلَى اعْتِبَارِ الْمَقَاصِدِ دُونَ الْأَلْفَاظِ فِي الْأَيْمَانِ؛ لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّ عُمَرَ لَا يَسْتَجِيزُ أَنْ يَمُرَّ بِهِ عَلَى بَطْنِ مُحَمَّدٍ، وَإِنْ كَانَ يَمِينُهُ عَلَى مَعْنَى التَّحَكُّمِ عَلَيْهِ فَإِنَّ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ لَا يَسْمَحُ بِمِثْلِ هَذَا وَلَا يُتَحَكَّمُ عَلَيْهِ بِمِثْلِهِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ، وَلَوْ كُنْتَ مِمَّنْ يُخَالِفُ حُكْمِي عَلَيْك بِمَا أَرَى أَنَّهُ الْحَقُّ وَحَارَبْتَ وَأَدَّتْ الْمُحَارَبَةُ إلَى مَالِكٍ وَإِجْرَائِهِ عَلَى بَطْنِك لَفَعَلْتُ ذَلِكَ فِي نُصْرَةِ الْحُكْمِ بِالْحَقِّ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

(ش) : قَوْلُهُ كَانَ فِي حَائِطِ جَدِّهِ رَبِيعٌ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ يَحْيَى الرَّبِيعُ السَّاقِيَةُ الظَّاهِرَةُ وَأَرَادَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَنْ يُحَوِّلَهُ عَنْ مَكَانِهِ مِنْ الْحَائِطِ إلَى مَكَان هُوَ أَقْرَبُ إلَى حَائِطِهِ لِيَقْرُبَ تَنَاوُلُهُ وَتَقِلَّ مَسَافَتُهُ لِمَا يَحْتَاجُ مِنْ إصْلَاحِهِ فَقَضَى عُمَرُ بِذَلِكَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ لَمَّا مَنَعَهُ صَاحِبُ الْحَائِطِ.

وَقَدْ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَلَمْ يَأْخُذْ مَالِكٌ بِمَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ وَرَوَى عِيسَى فِي الْمُدَوَّنَةِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يَرَى لَهُ تَحْوِيلَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى صَاحِبِ الْحَائِطِ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ إلَّا أَنْ يَرْضَى بِهِ، وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَرَوَى زِيَادُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ مَالِكٍ إنْ لَمْ يَضُرَّ بِهِ فَلْيَقْضِ عَلَيْهِ بِذَلِكَ قَالَ ابْنُ نَافِعٍ وَهَذَا فِيمَا يُرَادُ تَحْوِيلُهُ، وَقَالَ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ يُقْضَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ وَرَوَاهُ يَحْيَى عَنْ ابْنِ نَافِعٍ، وَوَجْهُ الْقَوْلَيْنِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَقَدْ يُرِيدُ صَاحِبُ الْحَائِطِ تَحْوِيلَ سَاقِيَتِهِ، أَوْ طَرِيقٍ لِغَيْرِهِ فِي أَرْضِهِ إلَى مَوْضِعٍ هُوَ أَرْفَقُ بِهِ.

وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ فِي أَرْضَيْنِ لِرَجُلٍ بَيْنَهُمَا طَرِيقٌ فَأَرَدْت دَفْعَ الطَّرِيقِ إلَى أَرْضِي إذْ هُوَ أَرْفَقُ بِي وَبِأَهْلِ الطَّرِيقِ فَقَالَ لَيْسَ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الشَّيْءَ الْقَرِيبَ كَقَدْرِ عَظْمِ الذِّرَاعِ وَلَا مَضَرَّةَ فِي ذَلِكَ.

وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُجْرِيَ طَرِيقًا، وَإِنْ كَانَتْ أَسْهَلَ مِنْ الْأُولَى وَإِنْ أَذِنَ بِذَلِكَ مَنْ جَاوَرَهُ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى؛ لِأَنَّهَا طَرِيقٌ لِعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ فَلَا يَأْذَنُ فِيهَا بَعْضُهُمْ إلَّا أَنْ تَكُونَ الطَّرِيقُ لِقَوْمٍ مُعَيَّنِينَ فَيَأْذَنُونَ فِيهَا.

وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ يَنْظُرُ الْإِمَامُ فِي ذَلِكَ فَإِنْ رَأَى تَحْوِيلَهَا مَنْفَعَةً لِلْعَامَّةِ فِي سُهُولَتِهَا وَقُرْبِهَا، أَوْ أَقْرَبَ وَأَسْهَلَ فَلَهُ أَنْ يَأْذَنَ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ رَأَى فِي ذَلِكَ ضَرَرًا عَلَى أَحَدٍ مَنَعَ مِنْهُ، وَإِنْ حَوَّلَهَا بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ نَظَرَ فِيهِ فَإِنْ رَأَى ذَلِكَ صَوَابًا أَمْضَاهُ وَإِلَّا رَدَّهُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015