. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْأَشْهُرِ فَكُلَّمَا أَصَابَهَا قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ مَوْتٍ أَوْ غَيْرِهِ قَبْلَ أَنْ يَظْهَرَ بِهَا حَمْلٌ أَوْ بَعْدَهُ مَا لَمْ تَحِضْ فَهِيَ مِنْ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ لَمْ يَتِمَّ وَالْمُدَّةُ مُخْتَصَّةٌ بِالْحَمْلِ فَكُلُّ سِقْطٍ أَوْ وَلَدٍ يَكُونُ فِيهِ فَهُوَ لَهُ فَإِنْ أَكْمَلَتْ السِّتَّةَ الْأَشْهُرَ فَضَمَانُهَا مِنْ الْمُبْتَاعِ وَكَذَلِكَ إذَا وَلَدَتْهُ مَيِّتًا كَانَتْ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَعَذَّرَ النَّظَرُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الَّذِي يُولَدُ مَيِّتًا لَا يُعْلَمُ أَنَّهُ لَعَلَّهُ قَدْ كَانَ مِمَّا يُولَدُ قَبْلَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لَكِنَّهُ بَقِيَ مَيِّتًا فَلَمَّا لَمْ يُعْلَمْ أَنَّ ذَلِكَ وَقْتُ وِلَادَتِهِ لَمْ يُدْعَ لَهُ الْقَافَةُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُدْعَى الْقَافَةُ لِمَا وُلِدَ الْوِلَادَةَ الْمُعْتَادَةَ الَّتِي يُعْتَبَرُ بِهَا فِي إثْبَاتِ النَّسَبِ، فَأَمَّا الْوِلَادَةُ الَّتِي لَا يُعْتَبَرُ بِهَا فِي ذَلِكَ فَلَا مَدْخَلَ لِلْقَافَةِ فِيهِ وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ بِالْوَقْتِ خَاصَّةً فَمَا كَانَ قَبْلَ السِّتَّةِ الْأَشْهُرِ فَهُوَ لِلْأَوَّلِ وَمَا كَانَ بَعْدَهَا فَهُوَ لِلثَّانِي.
وَوَجْهُ مَا قَالَهُ سَحْنُونٌ أَنَّ السِّقْطَ لَا يَخْتَصُّ بِوَقْتٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مِنْ شَهْرٍ وَأَقَلَّ وَأَكْثَرَ فَلَمَّا اشْتَرَكَا فِيهِ وَتَعَذَّرَ تَمَيُّزُهُ وَإِلْحَاقُهُ بِأَحَدِهِمَا مِنْ جِهَةِ الْوَقْتِ أَوْ الْقَافَةِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ بَيْنَهُمَا فَيَضْمَنَانِ الْأُمَّ إذْ لَيْسَ الْتِزَامُ ذَلِكَ أَحَدَهُمَا بِأَوْلَى مِنْ الْآخَرِ، وَلَمَّا كَانَ السِّقْطُ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَا يَخْتَصُّ بِأَحَدِهِمَا وَلَا يَتَمَيَّزُ أَمْرُهُ بِالنَّظَرِ إلَيْهِ حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ مِنْهُمَا وَكَذَلِكَ السِّقْطُ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ مَاتَ قَبْلَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَإِنْ أَتَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ تَقَارَبَ الوطئان أَوْ تَبَاعَدَا وَالْوَلَدُ حَيٌّ فَهُوَ الَّذِي يُدْعَى لَهُ الْقَافَةُ.
وَقَالَهُ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ فِي الْوَاضِحَةِ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ، وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَنَسٍ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَمَنَعَ مِنْهُ الْكُوفِيُّونَ وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِرَاقِ.
وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَقَالُوا: إذَا ادَّعَى رَجُلَانِ وَلَدًا فَهُوَ لَهُمَا وَكَانَتْ أُمُّهُ أُمَّ وَلَدِهِمَا، فَإِنْ ادَّعَاهُ ثَلَاثَةٌ لَمْ يَكُنْ وَلَدًا لَهُمْ عِنْدَ أَكْثَرِهِمْ، وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ مَا رُوِيَ «عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ عَلَيْهَا تَبْرُقُ أَسَارِيرُ وَجْهِهِ، فَقَالَ: أَلَمْ تَرَيْ أَنَّ مُحَرِّزًا الْمُدْلِجِيَّ قَالَ فِي أَقْدَامِ زَيْدٍ وَأُسَامَةَ أَنَّ هَذِهِ الْأَقْدَامَ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ» وَلَوْلَا أَنَّ قَوْلَهُمْ ذَلِكَ صَادِرٌ عَنْ عِلْمٍ يَلْزَمُ التَّعَلُّقُ بِهِ لَمَا سُرَّ بِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
وَإِنْ وَضَعَتْهُ مَيِّتًا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ سِقْطًا أَوْ تَامًّا فَإِنْ كَانَ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَهُوَ مِنْ الْمُبْتَاعِ وَالْوَلَدُ لَهُ وَهِيَ أُمُّ وَلَدِهِ وَلَا قَافَةَ فِي الْأَمْوَاتِ.
وَقَالَ سَحْنُونٌ فِي السِّقْطِ أَنَّهُ مِنْهُمَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا قَافَةَ فِي الْأَمْوَاتِ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ مَنْ وُلِدَ مَيِّتًا.
وَقَدْ قَالَ سَحْنُونٌ إنْ مَاتَ بَعْدَ وَضْعِهِ حَيًّا دُعِيَ لَهُ الْقَافَةُ إذْ لَا يُغَيِّرُ الْمَوْتُ شَخْصَهُ وَلَعَلَّهُ أَرَادَ أَنَّ الَّذِي يُولَدُ مَيِّتًا لَا يُدْرَى مَتَى مَاتَ.
(فَرْعٌ) وَلَوْ مَاتَ أَحَدُ الْأَبَوَيْنِ فَقَدْ رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَرَوَاهُ ابْنُ سَحْنُونٍ عَنْ أَبِيهِ يَنْظُرُ الْقَافَةُ إلَى الْوَلَدِ وَالْبَاقِي مِنْ الْأَبَوَيْنِ فَإِنْ أَلْحَقُوهُ بِهِ لَحِقَ وَإِنْ لَمْ يُلْحِقُوهُ بِهِ فَقَدْ رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ أَنَّهُ لَا يَلْحَقُ بِهِ وَلَا بِالْمَيِّتِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ أَصْبَغَ يَلْحَقُ بِالْمَيِّتِ؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ أَقَرَّ بِالْوَطْءِ فَلَوْلَا وَطْءُ الْآخَرِ لَلَحِقَ بِهِ مِنْ غَيْرِ قَافَةٍ، فَإِذَا بَطَلَ أَنْ يَكُونَ مِنْ وَطْءِ الْحَيِّ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ لِلْمَيِّتِ وَالْقَوْلَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ الْقَافَةَ لَا تَنْظُرُ إلَى ابْنِ مَيِّتٍ.
وَقَدْ ذُكِرَ فِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ أَنَّ الْقَافَةَ لَا تُلْحِقُ بِأَبٍ مَيِّتٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُ سَحْنُونٍ: إنَّهُ يُنْظَرُ إلَى الِابْنِ بَعْدَ أَنْ يَمُوتَ إذَا وُلِدَ حَيًّا، وَقَالَ: إنَّ الْمَوْتَ لَا يُغَيِّرُ شَخْصَهُ.
فَوَجْهُ ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّ الْأَبَ مِنْ شَرْطِ إلْحَاقِ الِابْنِ بِهِ أَنْ يَدَّعِيَهُ فَيَجِبَ أَنْ يَكُونَ حِينَ الْإِلْحَاقِ بِهِ مُدَّعِيًا لَهُ، فَإِذَا مَاتَ فَقَدْ عُدِمَ ذَلِكَ فَلَمْ يَصِحَّ الْإِلْحَاقُ بِهِ وَالِابْنُ لَيْسَ مِنْ جِهَةِ إقْرَارٍ وَلَا إنْكَارٍ، فَجَازَ أَنْ يَكُونَ حِينَ الْإِلْحَاقِ بِهِ حَالَ مَوْتِهِ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَتَعْلِيلِهِ أَنَّ الْمَيِّتَ مِنْ الْأَبَوَيْنِ لَوْ كَانَ حَيًّا لَجَازَ أَنْ يَنْفِيَهُ عَنْهُ الْقَافَةُ، فَيَصِحُّ أَنْ يُرِيدَ بِذَلِكَ أَنَّ الْأَبَ لَمَّا لَمْ يَصِحَّ الْإِلْحَاقُ بِهِ بِالْقَافَةِ دُونَ دَعْوَاهُ لَمْ يَصِحَّ أَنْ يُنْفَى عَنْهُ بِالْقَافَةِ، وَتَحْرِيرُ ذَلِكَ وَاَلَّذِي يَتَحَقَّقُ مِنْهُ أَنَّ ادِّعَاءَ الْأَبِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مُقَارِنًا لِإِلْحَاقِ الْقَافَةِ الِابْنَ بِهِ، وَعَلَى قَوْلِ أَصْبَغَ يَجُوزُ أَنْ يُلْحِقَهُ الْقَافَةُ بِهِ بِدَعْوَى مُتَقَدِّمَةٍ وَيَصِحُّ أَنْ يُرِيدَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ