(ص) : (مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ يَلِيطُ أَوْلَادَ الْجَاهِلِيَّةِ بِمَنْ ادَّعَاهُمْ فِي الْإِسْلَامِ فَأَتَى رَجُلَانِ كِلَاهُمَا يَدَّعِي وَلَدَ امْرَأَةٍ فَدَعَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَائِفًا فَنَظَرَ إلَيْهِمَا فَقَالَ الْقَائِفُ: لَقَدْ اشْتَرَكَا فِيهِ فَضَرَبَهُ عُمَرُ بِالدِّرَّةِ ثُمَّ دَعَا الْمَرْأَةَ فَقَالَ: أَخْبِرِينِي خَبَرَكِ، فَقَالَتْ: كَانَ هَذَا لِأَحَدِ الرَّجُلَيْنِ يَأْتِينِي، وَهِيَ فِي إبِلٍ لِأَهْلِهَا فَلَا يُفَارِقُهَا حَتَّى يَظُنَّ وَتَظُنَّ أَنَّهُ قَدْ اسْتَمَرَّ بِهَا حَبَلٌ ثُمَّ انْصَرَفَ عَنْهَا فَأُهْرِيقَتْ عَلَيْهِ دِمَاءٌ ثُمَّ خَلَفَ عَلَيْهَا هَذَا تَعْنِي الْآخَرَ فَلَا أَدْرِي مِنْ أَيِّهِمَا هُوَ قَالَ: فَكَبَّرَ الْقَائِفُ، فَقَالَ عُمَرُ لِلْغُلَامِ: وَالِ أَيَّهُمَا شِئْت)
ـــــــــــــــــــــــــــــQيُخْتَبَرُ آخِرُهَا بِالسِّقْطِ وَالْوِلَادَةِ وَأَمَّا أَوَّلُهَا فَوَقْتُ دُخُولِ الزَّوْجِ الثَّانِي أَوْ السَّيِّدِ الثَّانِي بِهَا.
1 -
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ فَأَتَى زَوْجُهَا إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّهُ أَنْكَرَ الْحَمْلَ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْمُدَّةِ فَذَكَرَ لَهُ مَا أَنْكَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَمْ يَعْهَدْهُ فَدَعَا عُمَرُ نِسْوَةً مِنْ نِسَاءِ الْجَاهِلِيَّةِ قُدَمَاءَ لِمَا اعْتَقَدَ مِنْ مَعْرِفَتِهِنَّ بِمِثْلِ هَذَا لِمَا قَدْ عَهِدْنَ مِنْ الْوِلَادَاتِ وَتَكَرَّرَ عَلَيْهِنَّ مِنْ ذَلِكَ فِي طُولِ الْعُمُرِ مِنْ الْمُعْتَادِ وَغَيْرِهِ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَمْ يَسْتَنْبِطْ مُدَّةَ الْحَمْلِ مِنْ الْآيَتَيْنِ الْمُتَقَدِّمَتَيْنِ وَلِذَلِكَ احْتَاجَ إلَى سُؤَالِ النِّسَاءِ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ عَلِمَ هَذَا الْحُكْمَ مِنْ الْآيَتَيْنِ أَوْ غَيْرِهِمَا وَلَكِنَّهُ سَأَلَ النِّسَاءَ لِيَعْلَمَ هَلْ يَصِحُّ خَفَاءُ الْحَمْلِ عَلَى الْمَرْأَةِ مَعَ اسْتِيفَائِهَا انْقِضَاءَ عِدَّتِهَا بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرَ مَعَ صِدْقِهَا فِيمَا ادَّعَتْهُ مِنْ الْحَيْضِ؟ فَقَالَتْ لَهُ مِنْهُنَّ مَنْ ادَّعَتْ الْعِلْمَ أَنَا أُخْبِرُك عَنْ هَذِهِ الْمَرْأَةِ أَنَّ زَوْجَهَا هَلَكَ عَنْهَا حِينَ حَمَلَتْ تُرِيدُ أَوَّلَ الْحَمْلِ وَقَبْلَ أَنْ يَقْوَى فَأُهْرِيقَتْ عَلَيْهِ الدِّمَاءُ تُرِيدُ أَنَّهَا حَاضَتْ الْحَيْضَةَ الَّتِي كَمُلَتْ بِهَا عِدَّتُهَا مَعَ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ وَالْعَشْرِ فَحُشَّ وَلَدُهَا فِي بَطْنِهَا قَالَ عِيسَى: مَعْنَاهُ ضَعُفَ وَرَقَّ، قَالَ ابْنُ كِنَانَةَ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى: انْحَشَّ قَالَ وَذَلِكَ مِثْلُ الْبِضْعَةِ تُلْقَى عَلَى الْجَمْرَةِ فَتَنْقَبِضُ وَذَلِكَ الِانْقِبَاضُ هُوَ الِانْحِيَاشُ، وَقَالَ صَاحِبُ الْعَيْنِ: حُشَّ الْوَلَدُ فِي الْبَطْنِ إذَا يَبِسَ وَالْمَرْأَةُ مِحَشٌّ.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهَا فَلَمَّا أَصَابَهَا الَّذِي نَكَحَهَا وَأَصَابَ الْوَلَدَ الْمَاءُ تَحَرَّكَ فِي بَطْنِهَا فَكَبُرَ يُرِيدُ أَنَّ الْوَلَدَ يَضْعُفُ بِعَدَمِ الْمَاءِ وَيَكْبُرُ وَيَقْوَى إذَا أَصَابَهُ مَاءُ الرَّجُلِ وَأُمُّ وَلَدِ تِلْكَ الْمَرْأَةِ إنَّمَا كَانَ ضَعُفَ عَنْ الْحَرَكَةِ وَصَغُرَ لِعَدَمِ الْمَاءِ فَلَمَّا أَصَابَهُ مَاءُ الرَّجُلِ الَّذِي تَزَوَّجَ أُمَّهُ قَوِيَ عَلَى الْحَرَكَةِ وَكَبُرَ فَصَدَّقَهَا عُمَرُ بِذَلِكَ لَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَوْلُهَا وَاعْتَقَدَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ وَلَدًا لِأَقَلِّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَأَنَّ سَبَبَ مَا ظَهَرَ مِنْ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَمَا ظَهَرَ بَعْدَ ذَلِكَ وَكَمُلَ مِنْ الْوِلَادَةِ مَا قَالَتْهُ الْمَرْأَةُ.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَقَالَ أَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْنِي عَنْكُمَا الْأَخِيرُ يُرِيدُ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهُ تَزَوَّجَ فِي عِدَّةٍ وَلَا يَصِحُّ عَقْدٌ فِي عِدَّةٍ وَيُفْسَخُ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَقَوْلُهُ: لَمْ يَبْلُغْنِي عَنْكُمَا الْأَخِيرُ إظْهَارًا لِقَبُولِهِ عُذْرَهُمَا وَأَنَّهُ لَا يَظُنُّ بِهِمَا إلَّا الْخَيْرَ الَّذِي بَلَغَهُ عَنْهُمَا وَأَنَّهُ لَوْ ظَنَّ بِهِمَا غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ تَعَدٍّ بِجَهْلٍ أَوْ عِلْمٍ لَمَا سَلِمَا مِنْ الْعُقُوبَةِ.
1 -
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ: وَأَلْحَقَ الْوَلَدَ بِالْأَوَّلِ يُرِيدُ أَلْحَقَ نَسَبَهُ بِهِ لَمَّا لَمْ يَصِحَّ أَنْ يَكُونَ مِنْ الثَّانِي وَصَحَّ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْضِ مِنْ الْمُدَّةِ مِقْدَارُ أَقَلِّ الْحَمْلِ.
(ص) : (مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ يَلِيطُ أَوْلَادَ الْجَاهِلِيَّةِ بِمَنْ ادَّعَاهُمْ فِي الْإِسْلَامِ فَأَتَى رَجُلَانِ كِلَاهُمَا يَدَّعِي وَلَدَ امْرَأَةٍ فَدَعَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَائِفًا فَنَظَرَ إلَيْهِمَا فَقَالَ الْقَائِفُ: لَقَدْ اشْتَرَكَا فِيهِ فَضَرَبَهُ عُمَرُ بِالدِّرَّةِ ثُمَّ دَعَا الْمَرْأَةَ فَقَالَ: أَخْبِرِينِي خَبَرَكِ، فَقَالَتْ: كَانَ هَذَا لِأَحَدِ الرَّجُلَيْنِ يَأْتِينِي، وَهِيَ فِي إبِلٍ لِأَهْلِهَا فَلَا يُفَارِقُهَا حَتَّى يَظُنَّ وَتَظُنَّ أَنَّهُ قَدْ اسْتَمَرَّ بِهَا حَبَلٌ ثُمَّ انْصَرَفَ عَنْهَا فَأُهْرِيقَتْ عَلَيْهِ دِمَاءٌ ثُمَّ خَلَفَ عَلَيْهَا هَذَا تَعْنِي الْآخَرَ فَلَا أَدْرِي مِنْ أَيِّهِمَا هُوَ قَالَ: فَكَبَّرَ الْقَائِفُ، فَقَالَ عُمَرُ لِلْغُلَامِ: وَالِ أَيَّهُمَا شِئْت) .
(ش) : قَوْلُهُ: أَنَّ عُمَرَ كَانَ يَلِيطُ أَوْلَادَ الْجَاهِلِيَّةِ بِمَنْ ادَّعَاهُمْ فِي الْإِسْلَامِ يُرِيدُ أَنَّهُ كَانَ يُلْحِقُهُمْ بِهِمْ وَيَنْسُبُهُمْ إلَيْهِمْ وَإِنْ كَانُوا لِزِنْيَةٍ، وَرَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي جَمَاعَةٍ يُسْلِمُونَ فَيَسْتَلْحِقُونَ أَوْلَادًا مِنْ زِنًى فَإِنْ كَانُوا أَحْرَارًا وَلَمْ يَدَّعِهِمْ أَحَدٌ لِفِرَاشٍ فَهُمْ أَوْلَادُهُمْ وَقَدْ أَلَاطَ عُمَرُ مِنْ وَلَدٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ بِمَنْ ادَّعَاهُمْ فِي الْإِسْلَامِ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَهُ مَعَهُمْ سَيِّدُ الْأَمَةِ أَوْ زَوْجُ الْحُرَّةِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ» فَفِرَاشُ الزَّوْجِ وَالسَّيِّدِ أَحَقُّ وَالْإِلَاطَةُ هِيَ الْإِلْحَاقُ قَالَ وَمَنْ ادَّعَى مِنْ النَّصَارَى الَّذِينَ أَسْلَمُوا أَوْلَادًا مِنْ الزِّنَا فَلْيُلَاطُوا بِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ يَسْتَحِلُّونَ الزِّنَا فِي دِينِهِمْ فَجُعِلَ ذَلِكَ بِاسْتِحْلَالِهِمْ الزِّنَا، وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ مَنْ أَسْلَمَ الْيَوْمَ فَاسْتَلَاطَ وَلَدًا بِزِنًا فِي شِرْكِهِ فَهُوَ مِثْلُ حُكْمِ مَنْ أَسْلَمَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ