. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــQمَا تَتَنَوَّعُ إلَيْهِ الْأَحْكَامُ فِي ذَلِكَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِقَوْلِهِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الْوَلَدِ وَلَا يَحْصُلُ لَهُ مِنْ ذَلِكَ الزِّنَا غَيْرُ طَرْدِهِ بِالْحِجَارَةِ.

1 -

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ ثُمَّ «قَالَ لِسَوْدَةِ احْتَجِبِي مِنْهُ» مَعْنَى ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ وَإِنَّمَا أَقَرَّ لَهُ عَبْدٌ بِالْأُخُوَّةِ وَلَمْ يَكُنْ بِذَلِكَ أَخًا لِسَوْدَةِ وَلَا يَثْبُتُ بِذَلِكَ نَسَبٌ وَلَا تَوَارُثٌ وَلَا حُكْمٌ مِنْ أَحْكَامِ الْأُخُوَّةِ فَيَكُونُ بِذَلِكَ مِنْ ذَوِي مَحَارِمِهَا، وَذَلِكَ لَوْ تُوُفِّيَ رَجُلٌ وَتَرَكَ ابْنًا وَبِنْتًا فَأَقَرَّ الِابْنُ بِأَخٍ مِنْ أَبِيهِ لَأَخَذَ مِنْ تَرِكَةِ الْأَبِ مَا يَسْتَحِقُّهُ مِنْ حِصَّةِ الِابْنِ الْمُقِرِّ وَلَمْ يَأْخُذْ مِمَّا بِيَدِ الْأُخْتِ شَيْئًا وَلَا كَانَ لَهَا بِذَلِكَ أَخًا وَلَا ذَا مَحْرَمٍ فَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ مِنْهَا حِينَ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ مِنْ أَبِيهَا فَعَلَى هَذَا جَرَى حُكْمُ سَوْدَةَ مَعَ الَّذِي ادَّعَاهُ أَخُوهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ فِي قَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «احْتَجِبِي مِنْهُ يَا سَوْدَةُ» دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ جَعَلَ لِلزِّنَا حُكْمًا تَحْرُمُ بِهِ رُؤْيَةُ الْمُسْتَلْحِقِ لِأُخْتِهِ سَوْدَةَ فَقَالَ لَهَا احْتَجِبِي مِنْهُ يَا سَوْدَةُ لِمَا رَأَى مِنْ شَبَهِهِ بِعُتْبَةَ فَمَنَعَهَا مِنْ أَخِيهَا فِي الْحُكْمِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِأَخِيهَا فِي غَيْرِ الْحُكْمِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ زِنَا فِي الْبَاطِنِ إذْ كَانَ شَبِيهًا بِعُتْبَةَ فَجَعَلَهُ كَالْأَجْنَبِيِّ لَا يَرَاهَا بِحُكْمِ الزِّنَى وَجَعَلَهُ أَخًا لَهَا بِحُكْمِ الْفِرَاشِ قَالُوا وَمَا حَرَّمَهُ الْحَلَالُ فَالزِّنَى أَشَدُّ تَحْرِيمًا لَهُ وَهَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ لِمَا قَدَّمْنَاهُ وَهُوَ عَائِدٌ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ الْحَلَالَ يُؤَيِّدُ التَّحْرِيمَ فِي الْأُخُوَّةِ فَكَانَ يَجِبُ أَنْ يُؤَيِّدَهُ الزِّنَا أَكْثَرُ وَيَحْرُمُ النِّكَاحُ وَهَذَا مِمَّا لَا خِلَافَ فِي إبْطَالِهِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: رُؤْيَةُ ابْنِ زَمَعَةَ لِسَوْدَةِ مُبَاحٌ فِي الْحُكْمِ، وَلَكِنَّهُ كَرِهَهُ وَأَمَرَ بِالتَّنَزُّهِ عَنْهُ اخْتِيَارًا قَالَ أَصْحَابُهُ: لَمَّا كَانَ لِلزَّوْجِ مَنْعُ زَوْجَتِهِ مِنْ رُؤْيَةِ أَخِيهَا وَهَذَا أَيْضًا لَيْسَ بِصَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مُبَاحًا لَمَا نَهَاهَا عَنْهُ وَأَمَرَهَا بِقَطْعِ رَحِمِهِ «، وَقَدْ أَمَرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَائِشَةَ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهَا عَمُّهَا مِنْ الرَّضَاعَةِ، وَقَالَ لَهَا: هُوَ عَمُّك فَلْيَلِجْ عَلَيْك» مَعَ مَا عُلِمَ مِنْ غَيْرَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَقَالَ: «أَتَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ لَأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ وَاَللَّهُ أَغْيَرُ مِنَّا» «، وَدَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ وَعِنْدَهَا رَجُلٌ فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَتْ: أَخِي مِنْ الرَّضَاعَةِ، فَقَالَ اُنْظُرْنَ مِنْ إخْوَانِكُنَّ فَإِنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنْ الْمَجَاعَةِ» وَمَعَ ذَلِكَ فَقَدْ أَمَرَهَا أَنْ يَلِجَ عَلَيْهَا عَمُّهَا مِنْ الرَّضَاعَةِ وَالشَّبَهُ لَا تَأْثِيرَ لَهُ فِي الْأَنْسَابِ. وَقَالَ أَبُو إبْرَاهِيمَ الْمُزَنِيّ: يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَجَابَ عَنْ الْمَسْأَلَةِ فَأَعْلَمَهُمْ بِالْحُكْمِ أَنَّهُ كَذَلِكَ يَكُونُ إذَا ادَّعَى صَاحِبُ الْفِرَاشِ الْوَلَدَ وَصَاحِبُ زِنَى لَا عَلَى أَنَّهُ يَلْزَمُ عُتْبَةَ دَعْوَى أَخِيهِ سَعْدٍ وَلَا يَلْزَمُ زَمَعَةَ دَعْوَى ابْنِهِ عَبْدٍ وَبَيَّنَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ لِسَوْدَةِ «احْتَجِبِي مِنْهُ» وَهَذَا أَصَحُّ هَذِهِ الْأَقْوَالِ وَهُوَ نَحْوُ مَا ذَهَبْنَا إلَيْهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُ عَائِشَةَ لِمَا رَأَى مِنْ شَبَهِهِ بِعُتْبَةَ تَأَوُّلٌ مِنْهَا وَقَدْ تَعَلَّقَ بِهَذَا سَعْدٌ.

وَقَالَ ابْنُ أَخِي عُتْبَةُ نَظَرَ إلَى شَبَهِهِ بِعُتْبَةَ فَلَمْ يَحْكُمْ لَهُ بِذَلِكَ وَلَا رَآهُ مَعْنَى مُوجِبًا لِمَا ادَّعَاهُ وَقَدْ يَتَشَابَهُ النَّاسُ وَلَا تَنْتَقِلُ بِذَلِكَ أَنْسَابُهُمْ عَمَّا اسْتَقَرَّتْ عَلَيْهِ مِنْ الِانْتِسَابِ إلَى نَسَبٍ مَعْرُوفٍ أَوْ الْجَهَالَةُ بِالنَّسَبِ وَالْعَدَمُ لِمَنْ يُنْسَبُ إلَيْهِ.

وَقَدْ قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ فِي مَعُونَتِهِ الِاعْتِبَارُ بِالشَّبَهِ فِي إلْحَاقِ النَّسَبِ وَاجِبٌ وَلَمْ يُبَيِّنْ مَوْضِعَ الْحُكْمِ بِذَلِكَ وَاحْتَجَّ فِيمَا ادَّعَاهُ بِحَدِيثِ عَائِشَةَ هَذَا.

قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وَهُوَ عِنْدِي دَلِيلٌ عَلَى الْمَنْعِ مِنْ ذَلِكَ بِمَا قَدَّمْته وَاحْتَجَّ «بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قَضِيَّةِ هِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ إنْ جَاءَتْ بِهِ عَلَى نَعْتِ كَذَا فَهُوَ لِشَرِيكٍ فَجَاءَتْ بِهِ عَلَى النَّعْتِ الْمَكْرُوهِ فَقَالَ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَوْلَا مَا مَضَى مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَكَانَ لِي وَلَهَا شَأْنٌ» وَهَذَا أَيْضًا عِنْدِي حُجَّةٌ عَلَى الْمَنْعِ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْكُمْ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ بِالشَّبَهِ بَلْ أَمْضَى الْأَمْرَ عَلَى مَا كَانَ قَبْلَ الْوِلَادَةِ مِنْ حُكْمِ اللِّعَانِ الثَّابِتِ بِكِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَا قَالَتْهُ عَائِشَةُ أَكَّدَ مَعْنَى احْتِجَابِ سَوْدَةَ مِنْهُ فَأَمَّا أَنْ يُوجِبَ ذَلِكَ فَلَا كَمَا لَمْ يُوجِبْ ذَلِكَ التَّشَابُهَ إلَى عُتْبَةَ وَإِنَّمَا تَعَلَّقَتْ بِهِ عَائِشَةُ عَلَى وَجْهِ التَّرْجِيحِ وَتَقْوِيَةِ غَلَبَةِ الظَّنِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَلِذَلِكَ تَرَجَّحَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015