(ص) : (مَالِكٌ عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إذَا قَالَ الْإِمَامُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ الْمَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» ) .
الْعَمَلُ فِي الْجُلُوسِ فِي الصَّلَاةِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَعَافِرِيِّ أَنَّهُ قَالَ «رَآنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَيَحْتَمِلُ أَيْضًا أَنْ يَخْتَصَّ كُلُّ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ بِغُفْرَانِ نَوْعٍ مِنْ الذُّنُوبِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَنَبِيُّنَا الصَّادِقُ الْمَعْرُوفُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
(ش) : قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا قَالَ الْإِمَامُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ سُنَّةَ الْإِمَامِ أَنْ يَقُولَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فِي مَوْضِعٍ مَخْصُوصٍ.
وَقَدْ وَرَدَ بَيَانُهُ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ إنَّ قَوْلَ الْإِمَامِ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ عَلَى مَعْنَى الدُّعَاءِ فَمَعْنَاهُ اللَّهُمَّ اسْمَعْ لِمَنْ حَمِدَك فَيَقُولُ الْمَأْمُومُ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ كَالدَّاعِي وَالْمُؤَمِّنِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ وَالْأَظْهَرُ عِنْدِي أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى التَّرْغِيبِ فِي التَّحْمِيدِ وَقَدْ أَكَّدَ ذَلِكَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَوْلِهِ «فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ الْمَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» وَمَعْنَى الْمُوَافَقَةِ فِي ذَلِكَ يَحْتَمِلُ مَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ فِي التَّأْمِينِ إلَّا أَنَّ فِي هَذَا الْخَبَرِ لَمْ يُبَيِّنْ أَنَّ قَوْلَ الْمَلَائِكَةِ كَقَوْلِ الْمَأْمُومِ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ وَقَدْ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي مَسَائِلَ مِنْ الْفِقْهِ تَتَعَلَّقُ بِهَذَا الْحَدِيثِ:
أَحَدُهَا: قَوْلُ الْإِمَامِ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ هَلْ يَقُولُ مَعَهَا اللَّهُمَّ رَبّنَا وَلَك الْحَمْدُ أَمْ لَا فَذَهَبَ مَالِكٌ إلَى أَنَّ الْإِمَامَ لَا يَقُولُ ذَلِكَ.
وَقَالَ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ وَابْنُ نَافِعٍ يَقُولُ الْإِمَامُ اللَّفْظَتَيْنِ وَكَذَلِكَ الْمَأْمُومُ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ مَالِكٌ الْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ وَهُوَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا قَالَ الْإِمَامُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا اللَّهُمَّ رَبّنَا وَلَك الْحَمْدُ فَقَدْ خَصَّ الْإِمَامَ بِلَفْظٍ وَخَصَّ الْمَأْمُومَ بِلَفْظٍ آخَرَ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَا أَضَافَهُ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَخْتَصُّ بِهِ دُونَ مَا أَضَافَهُ إلَى غَيْرِهِ وَإِلَّا بَطَلَ مَعْنَى التَّخْصِيصِ وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّهُ انْتِقَالٌ مِنْ رُكْنٍ إلَى رُكْنٍ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ ذِكْرُهُ وَاحِدًا فِي حَقِّ الْإِمَامِ كَالذِّكْرِ فِي الْقِيَامِ مِنْ السُّجُودِ وَالْكَلَامُ فِي الْمَأْمُومِ كَالْكَلَامِ فِي الْإِمَامِ لِأَنَّ الْخِلَافَ فِيهِمَا وَاحِدٌ وَأَمَّا الْمُنْفَرِدُ فَإِنَّهُ يَقُولُهُمَا لِأَنَّ كُلَّ مَا يَقُولُهُ الْمَأْمُومُ عَلَى سَبِيلِ الْإِجَابَةِ لِلْإِمَامِ بِغَيْرِ لَفْظِهِ فَإِنَّ الْمُنْفَرِدَ يَأْتِي بِهِمَا جَمِيعًا أَصْلُ ذَلِكَ آخِرُ أُمِّ الْقُرْآنِ وَقَوْلِ آمِينَ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَلَا خِلَافَ فِي صِفَةِ مَا يَقُولُهُ الْإِمَامُ مِنْ ذَلِكَ وَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيمَا يَقُولُهُ الْمَأْمُومُ وَاخْتَلَفَتْ الْآثَارُ فِي ذَلِكَ فَرُوِيَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ بِزِيَادَةِ اللَّهُمَّ وَنُقْصَانِ الْوَاوِ مِنْ قَوْلِهِ وَلَك الْحَمْدُ وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ وَأَنَسٍ رَبّنَا وَلَك وَفِي حَدِيثِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ اللَّهُمَّ رَبّنَا وَلَك الْحَمْدُ.
وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ.
وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ اللَّهُمَّ رَبّنَا لَك الْحَمْدُ وَاخْتَارَهُ أَشْهَبُ وَجْهُ مَا اخْتَارَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ أَبِي سَعِيدٍ قَدْ رَوَاهُ وَهُوَ ثِقَةٌ وَالْأَخْذُ بِالزَّائِدِ أَوْلَى إذَا كَانَ ثِقَةً وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّهُ زِيَادَةٌ فِي لَفْظِ الذِّكْرِ.
وَوَجْهُ مَا اخْتَارَهُ أَشْهَبُ أَنَّ الْوَاوَ الزَّائِدَةَ فِي الْكَلَامِ لَا تُفِيدُ مَعْنًى فَكَانَ حَذْفُهَا أَوْلَى وَقَدْ قَالَ الدَّاوُدِيُّ أَنَّهَا وَاوُ الِابْتِدَاءِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} [آل عمران: 133] فِي قِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ وَيَحْتَمِلُ عِنْدِي أَنْ يَكُونَ مَعْنَى الْكَلَامِ اللَّهُمَّ افْعَلْ وَلَك الْحَمْدُ إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنَّ قَوْلَ الْمُصَلِّي سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ يَحْتَمِلُ الْإِخْبَارَ عَنْ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الْإِذْكَارِ لِمَنْ مَعَهُ مِنْ الْمَأْمُومِينَ إذْ الصَّلَاةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْجَمَاعَةِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ بِمَعْنَى الدُّعَاءِ أَنْ يَسْمَعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ وَيَكُونَ مَعْنًى يَسْمَعُهُ أَيْ يُثِيبُهُ وَيَتَقَبَّلُ مِنْهُ وَقَوْلُ الْمَأْمُومِ اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ مَعْنَاهُ الْمُبَادَرَةُ إلَى فِعْلِ مَا دَعَا إلَيْهِ وَالْعَمَلِ بِمَا دَعَا لَهُ أَيْ يُثَابُ عَلَيْهِ وَيَتَقَبَّلُ مِنْهُ.