. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا يُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَحْدَهُ وَلَا يَرِثُ مَعَهُ فِي حَظِّهِ وَإِنَّمَا هُوَ عَبْدٌ لِلْوَرَثَةِ، وَلَوْ شَهِدَ أَنَّ أَبَاهُ كَانَ أَقَرَّ بِوَلَدٍ مِنْ امْرَأَةٍ حُرَّةٍ وَرِثَ مَعَهُ فِي حَظِّهِ خَاصَّةً مَا لَمْ يَكُنْ سَفِيهًا مَوْلَى عَلَيْهِ قَالَ عِيسَى وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ أَقَرَّ بِحَمْلِ جَارِيَةٍ فَالْوَلَدُ عَبْدٌ لِجَمِيعِ الْوَرَثَةِ فَلَا يَرِثُ شَيْئًا مِنْ حَظِّهِ وَلَا حَظِّ غَيْرِهِ وَإِذَا أَقَرَّ أَنَّهُ مِنْ حُرَّةٍ فَهُوَ حُرٌّ فَلِذَلِكَ كَانَ لَهُ حَقٌّ فِي حَظِّهِ، وَعَبْدُ بْنُ زَمَعَةَ انْفَرَدَ بِمِيرَاثِ أَبِيهِ؛ لِأَنَّهُمَا كَانَا كَافِرَيْنِ وَسَوْدَةُ أُخْتُهُ مُسْلِمَةٌ فَلَمْ يَرِثْهُ وَلَمْ يُذْكَرْ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَّثَهُ وَإِنَّمَا أَضَافَهُ إلَى عَبْدٍ إذْ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ أَخُوهُ وَهُوَ الْمُنْفَرِدُ بِمِيرَاثِ أَبِيهِ فَلَا يَحِلُّ لَهُ بَيْعُهُ وَلَا يَثْبُتُ بِذَلِكَ نَسَبُهُ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ إنَّمَا يَلْحَقُ الْأَبَ فَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ بِقَوْلِ عَبْدٍ إلَّا عَلَى وَجْهِ الشَّهَادَةِ عَلَيْهِ فَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ إذَا كَمُلَتْ الشَّهَادَةُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَظَاهِرُ قَوْلِهِ هُوَ لَك يَا عَبْدُ بْنَ زَمَعَةَ أَنَّهُ مِلْكُك لَكِنَّك قَدْ أَقْرَرْت لَهُ بِالْحُرِّيَّةِ فَأَنْتَ أَعْلَمُ بِقَوْلِك فِي ذَلِكَ فِيمَا يَخُصُّك، وَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ رَجُلٌ بِشَيْءٍ فِي يَدِهِ لَصَحَّ أَنْ يُقَالَ لَهُ: إنَّهُ لَك بِمَعْنَى أَنَّهُ قَدْ كَانَ لَك مَنْعُهُ فَإِذَا أَقْرَرْت بِهِ لِغَيْرِك فَأَنْتَ وَذَاكَ.
وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ مَعْنَى قَوْلِهِ هُوَ لَك أَنَّهُ بِيَدِك لَا أَنَّك تَمْلِكُهُ وَلَكِنْ يُمْنَعُ مِنْهُ غَيْرُك.
وَقَالَ الطَّبَرِيُّ هُوَ لَك عَبْدٌ وَهَذَا أَيْضًا غَيْرُ صَحِيحٍ إنْ كَانَ يُرِيدُ بِهِ بَعْدَ الْإِقْرَارِ وَإِنْ كَانَ أَرَادَ بِهِ قَبْلَ الْإِقْرَارِ فَهُوَ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ مَعْنَاهُ هُوَ لَك أَخٌ وَأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَكَمَ بِهِ لِزَمْعَةَ وَسَيَأْتِي ذِكْرُهُ بَعْدُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
وَأَمَّا الْجَدُّ فَهَلْ يَصِحُّ اسْتِلْحَاقُهُ فِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ عَنْ مَالِكٍ لَا يَصِحُّ ذَلِكَ إلَّا مِنْ الْأَبِ قَالَ سَحْنُونٌ وَمَا عَلِمْت بَيْنَ النَّاسِ فِي ذَلِكَ اخْتِلَافًا.
وَقَالَ أَشْهَبُ يَسْتَلْحِقُ الْأَبُ وَالْجَدُّ، وَوَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ مَا قَدَّمْنَاهُ وَلِأَنَّ كُلَّ مَا لَا يَصِحُّ اسْتِلْحَاقُهُ فِي حَيَاةِ الْأَبِ لَا يَصِحُّ اسْتِلْحَاقُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ كَالْأَخِ، وَوَجْهُ قَوْلِ أَشْهَبَ أَنَّ النَّسَبَ يَلْحَقُ بِهِ فَجَازَ اسْتِلْحَاقُهُ لَهُ كَالْأَبِ فَالْجَدُّ مُخْتَلَفٌ فِي اسْتِلْحَاقِهِ وَالْأَبُ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّةِ اسْتِلْحَاقِهِ وَسَائِرُ الْأَقَارِبِ مُتَّفَقٌ عَلَى نَفْيِ اسْتِلْحَاقِهِمْ فَلَا يُسْتَلْحَقُ عَمٌّ وَلَا ابْنُ عَمٍّ وَلَا أَحَدٌ مِنْ الْقَرَابَةِ غَيْرُ مَنْ ذَكَرْنَا قَالَهُ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَجَمَاعَةُ الْعُلَمَاءِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ لَا يَسْتَلْحِقُ إلَّا الْأَبُ فَمَنْ أَقَرَّ أَنَّ فُلَانًا أَخُوهُ أَوْ عَمُّهُ أَوْ ابْنُ عَمِّهِ أَوْ مَوْلَاهُ فَإِنَّهُ يُشَارِكُ فِي مِيرَاثِ مَنْ قَدْ تُوُفِّيَ مِمَّنْ يُوجِبُ لَهُمَا ذَلِكَ الْإِقْرَارُ مِيرَاثَهُ وَذَلِكَ مِثْلُ أَنْ يَمُوتَ رَجُلٌ وَيَتْرُكَ وَلَدًا فَيُقِرُّ ذَلِكَ الْوَلَدُ بِآخَرَ فَإِنَّهُ يَرِثُ مَعَهُ أَبَاهُ فَيَأْخُذُ نِصْفَ مَا تَرَكَ مِنْ الْمَالِ وَلَكِنْ لَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ بِذَلِكَ، وَلَوْ تَرَكَ الْمَيِّتُ وَلَدَيْنِ فَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِثَالِثٍ فَإِنَّهُ يَدْفَعُ إلَيْهِ مَا كَانَ يَسْتَحِقُّهُ مِمَّا بِيَدِهِ لَوْ ثَبَتَ نَسَبُهُ وَلَا يَدْفَعُ الْآخَرُ إلَيْهِ شَيْئًا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُقَرُّ لَهُ عَدْلًا فَيَحْلِفَ مَعَ شَهَادَتِهِ وَيَأْخُذُ مِمَّا بِيَدِ الْآخَرِ حِصَّتَهُ أَيْضًا وَلَكِنْ لَا يَثْبُتُ بِذَلِكَ نَسَبُهُ مِنْ الْمَيِّتِ، وَلَوْ أَقَرَّا لَهُ جَمِيعًا بِأَنَّهُ أَخٌ لَهُمَا وَهُمَا مِنْ أَهْلِ الْعَدْلِ لَثَبَتَ نَسَبُهُ بِشَهَادَتِهِمَا وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ مَالِكٍ وَجُمْهُورِ أَصْحَابِهِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ مَنْ أَقَرَّ لَهُ بِالْأُخُوَّةِ فَهُوَ مُقِرٌّ لَهُ بِمَالٍ فِي يَدِهِ فَيُقْضَى عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ عَلَى نَفْسِهِ وَيُقَالُ لَهُ أَنْتَ أَعْلَمُ بِذَلِكَ وَلَا يُقْضَى عَلَى الْمَيِّتِ بِإِلْحَاقِ نَسَبِهِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا لَحْقَ بِهِ إلَّا بِشَهَادَةٍ كَامِلَةٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
وَأَمَّا مَنْ قَالَ: فُلَانٌ أَخِي أَوْ عَمِّي أَوْ ابْنُ عَمِّي أَوْ وَارِثِي فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ ثَمَّ نَسَبٌ مَعْرُوفٌ فَإِنْ كَانَ ثَمَّ نَسَبٌ مَعْرُوفٌ يُخَالِفُ مَا أَقَرَّ بِهِ فَمَا ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ أَوْلَى مِنْ دَعْوَاهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ نَسَبٌ فَمَاتَ الْمُقِرُّ فَاَلَّذِي عَلَيْهِ مَالِكٌ وَجُمْهُورُ أَصْحَابِهِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُقِرِّ وَارِثٌ مُسْتَحِقٌّ لِذَلِكَ فَإِنَّ الْمُقَرَّ لَهُ يَرِثُهُ مِنْ بَابِ الْإِقْرَارِ وَلَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ بِذَلِكَ.
وَقَالَهُ أَصْبَغُ وَسَحْنُونٌ ثُمَّ قَالَ لَا مِيرَاثَ لَهُ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ يَرِثُونَهُ، وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي هَذَا الْحَدِيثِ «هُوَ لَك يَا عَبْدُ بْنَ زَمَعَةَ» وَهَذَا يَقْتَضِي إضَافَتَهُ إلَيْهِ عَلَى مَا ادَّعَاهُ وَقَدْ قُلْنَا أَنَّ نَسَبَهُ لَا يَثْبُتُ بِذَلِكَ فَلَمْ يَبْقَ أَنْ يُضِيفَهُ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا ادَّعَاهُ إلَّا أَنْ يَثْبُتَ بَيْنَهُمَا بِذَلِكَ تَوَارُثٌ عَلَى وَجْهٍ مَا وَهُوَ مَا فَضَلَ عَنْ مِيرَاثِ مَنْ يَثْبُتُ نَسَبُهُ.
وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي لِسَحْنُونٍ مَا احْتَجَّ بِهِ ابْنُهُ وَذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ إنَّمَا اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا