. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْهُ فَالْمُرَاعَى فِي ذَلِكَ مَا يَضْغَطُ بِثِقَلِهِ جَانِبَيْ الدَّابَّةِ وَيَضُرُّ بِهَا أَوْ الْجَفَاءُ وَعِظَمُ الْحَمْلِ الَّذِي يَجْفُو عَلَى الدَّابَّةِ وَيَضُرُّ بِهَا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فَإِنْ كَانَ اكْتَرَى عَلَى حَمْلٍ وَحَمَلَ مَا هُوَ أَضَرُّ مِنْهُ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ فَعَطِبَتْ الدَّابَّةُ فَهُوَ ضَامِنٌ، وَإِنْ كَانَ مِثْلُهُ فِي الْمَضَرَّةِ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ: فِيمَنْ اكْتَرَى بَعِيرًا لِحَمْلِ خَمْسِمِائَةِ رَطْلِ بُرٍّ فَحَمَلَ عَلَيْهِ بِوَزْنِهِ ذَهَبًا لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ أَضَرَّ بِالْبَعِيرِ قَالَ مَالِكٌ: وَلَهُ أَنْ يُكْرِيَهُ مِمَّنْ يَحْمِلُ عَلَيْهِ مِثْلَ ذَلِكَ، وَلَهُ أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهِ خِلَافَ مَا سَمَّى فَيَحْمِلُ الْقُطْنَ بِوَزْنِ مَا سَمَّى مِنْ الْبُرِّ، وَلَا يَحْمِلُ بِوَزْنِهِ مَا هُوَ أَضُرُّ مِنْهُ وَوَجْهُ ذَلِكَ مَا تَقَدَّمَ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْأَحْمَالِ وَأَمَّا الرَّاكِبُ فَقَدْ يَخْتَلِفُ حَالُهُ بِاخْتِلَافِ أَخْلَاقِ النَّاسِ مَعَ تَسَاوِي أَجْسَامِهِمْ فَمِنْهُمْ مَنْ فِيهِ رِفْقٌ وَمِنْهُمْ مَنْ فِيهِ عُنْفٌ.
وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ: لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يُكْرِيَ الرَّجُلُ دَابَّةً فَيَحْمِلُ عَلَيْهَا غَيْرَهُ فَقَدْ يَكُونُ الرَّاكِبُ أَخَفَّ مِنْ الْمُكْتَرِي وَلَعَلَّهُ أَخْرَقَ فِي الرُّكُوبِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَإِنْ حَمَلَ عَلَيْهَا مَنْ هُوَ فِي مِثْلِهِ فِي الثِّقَلِ وَالْحَالِ وَالرُّكُوبِ لَمْ يَضْمَنْ وَلَمْ يَكُنْ مَالِكٌ يَقِفُ عَلَى قَوْلِهِ هَذَا وَقَوْلُهُ الْمَعْرُوفُ الَّذِي ثَبَتَ عَلَيْهِ أَنَّ لَهُ أَنْ يُكْرِيَهَا مِنْ مِثْلِهِ فِي حَالِهِ وَخِفَّتِهِ فَإِنْ حَمَلَ عَلَيْهَا مَنْ هُوَ أَثْقَلُ مِنْهُ أَوْ غَيْرُ مَأْمُونٍ فَهُوَ ضَامِنٌ وَالْخِلَافُ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ إنَّمَا هُوَ عِنْدِي فِي ابْتِدَاءِ الْكِرَاءِ فَقَدْ اسْتَثْقَلَ مَالِكٌ لِمَنْ اكْتَرَى دَابَّةً لِرُكُوبِهِ أَنْ يُكْرِيَهَا مِنْ غَيْرِهِ إلَّا أَنْ يَمُوتَ أَوْ يُقِيمَ فَقَدْ جَوَّزَهُ مَالِكٌ أَيْضًا، وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ فِي الْأَحْمَالِ.
قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَمَعْنَى ذَلِكَ فِي الدَّابَّةِ مَعَهَا صَاحِبُهَا يَتَوَلَّى سَوْقَهَا وَالْحَمْلَ عَلَيْهَا وَالْحَطَّ عَنْهَا فَأَمَّا إنْ كَانَ يُسَلِّمُهَا إلَى الْمُكْتَرِي فَلَهُ مَنْعُهُ مِنْ الْكِرَاءِ مِنْ غَيْرِهِ لِاخْتِلَافِ سَوْقِ النَّاسِ وَرِفْقِهِمْ وَحِيَاطَتِهِمْ وَتَضْيِيعِهِمْ لَهَا.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
وَلَوْ أَرَادَ مَنْ اكْتَرَى شَقَّ مَحْمَلٍ أَنْ يُعَقِّبَ آخَرَ فَقَدْ رَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لَيْسَ لِلْجَمَّالِ مَنْعُهُ قَالَ أَصْبَغُ إنْ أَعْقَبَ رَاكِبًا مُرِيحًا فَذَلِكَ، وَإِنْ أَعْقَبَ مَاشِيًا فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ أَضَرَّ وَأَثْقَلَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.
1 -
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ مَنْ أَخَذَ مَالًا قِرَاضًا فَقَالَ إنَّ رَبَّ الْمَالِ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَدْخُلَ مَعَهُ فِي السِّلْعَةِ عَلَى مَا شَرَطَا أَوْ يَكُونَ لَهُ رَأْسُ مَالِهِ يَضْمَنُهُ الْمُتَعَدِّي، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَخْلُو أَنْ يَظْهَرَ عَلَى ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَبِيعَ مَا اشْتَرَى أَوْ بَعْدَهُ فَإِنْ ظَهَرَ عَلَى ذَلِكَ قَبْلَ الْبَيْعِ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الْوَاضِحَةِ: يُبَاعُ عَلَيْهِ مَا نَهَى عَنْ شِرَائِهِ فَإِنْ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ فَهُوَ عَلَى الْقِرَاضِ، وَإِنْ كَانَ نُقْصَانٌ ضَمِنَهُ، وَإِنْ شَاءَ رَبُّ الْمَالِ ضَمَّنَهُ جَمِيعَ الثَّمَنِ وَتَرَكَ ذَلِكَ لَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَمْضَى ذَلِكَ لَهُ عَلَى الْقِرَاضِ فَجَعَلَهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ مُخَيَّرًا بَيْنَ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ أَحَدُهُمَا: أَنْ يُعَجِّلَ بَيْعَ السِّلْعَةِ فَيَكُونُ رِبْحُهَا عَلَى الْقِرَاضِ وَخَسَارَتُهَا عَلَى الْعَامِلِ الْمُتَعَدِّي وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ يُعَجِّلَ تَضْمِينَهُ إيَّاهَا وَيَأْخُذَ مِنْهُ الْمَالَ الَّذِي سَلَّمَهُ إلَيْهِ وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنْ يَبْقَى ذَلِكَ عَلَى الْقِرَاضِ وَذَكَرَ فِي أَصْلِ الْمُوَطَّأِ وَجْهَيْنِ التَّضْمِينَ أَوْ الْإِبْقَاءَ عَلَى حُكْمِ الْقِرَاضِ الَّذِي كَانَا عَقَدَاهُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا إنَّمَا هُوَ فِي تَعْجِيلِ الْبَيْعِ، وَأَنَّهُ كَانَ لَهُ ذَلِكَ لِمَا ظَهَرَ مِنْ تَعَدِّي الْعَامِلِ، وَلَوْ اشْتَرَى مَا أُمِرَ بِهِ لَمْ يَكُنْ لِرَبِّ الْمَالِ عَلَيْهِ تَعْجِيلُ بَيْعٍ.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ: إنَّ رَبَّ الْمَالِ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَدْخُلَ مَعَهُ فِي السِّلْعَةِ عَلَى مَا شَرَطَا بَيْنَهُمَا مِنْ الرِّبْحِ يُرِيدُ إنْ كَانَا شَرَطَا أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا الرِّبْحُ بِنِصْفَيْنِ فَهُوَ عَلَى ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ لَوْ شَرَطَا الْأَقَلَّ لِأَحَدِهِمَا وَالْأَكْثَرَ لِلْآخَرِ كَالثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَجْزَاءِ فَإِنْ أَحَبَّ صَاحِبُ الْمَالِ أَنْ يُقِرَّ السِّلْعَةَ عَلَى الْقِرَاضِ فَإِنَّمَا يُقِرُّهَا عَلَى الْأَجْزَاءِ الْمُتَقَدِّمَةِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ حَتَّى بَاعَ السِّلْعَةَ فَفِي الْوَاضِحَةِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْمَالَ عَلَى الْقِرَاضِ فَإِنْ بِيعَتْ بِنَقْصٍ ضَمِنَهُ يُرِيدُ أَنَّهُ إنْ كَانَ فِي ذَلِكَ رِبْحٌ فَهُوَ عَلَى شَرْطِهِمَا فِي الْقِرَاضِ، وَإِنْ كَانَتْ وَضِيعَةً ضَمِنَهُ الْعَامِلُ الْمُتَعَدِّي؛ لِأَنَّهَا لَمَّا بِيعَتْ بِمِثْلِ الْعَيْنِ الَّذِي