. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــQالدَّابَّةَ الْمُكْتَرِي عَلَى حَالِهَا وَالثَّانِي: أَنْ يَرُدَّهَا وَقَدْ تَغَيَّرَتْ فَإِنْ رَدَّهَا عَلَى حَالِهَا فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ أَمْسَكَهَا فِي تَعَدِّيهِ إمْسَاكًا يَسِيرًا أَوْ كَثِيرًا فَإِنْ كَانَ إنَّمَا أَمْسَكَهَا يَوْمًا أَوْ أَيَّامًا يَسِيرَةً فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ الْيَوْمُ وَشِبْهُهُ قَالَ وَقَالَهُ مَالِكٌ فِي الْبَرِيدِ وَالْبَرِيدَيْنِ، وَإِنْ كَانَ اكْتَرَاهَا بِالْأَيَّامِ ثُمَّ أَمْسَكَهَا أَيَّامًا زَائِدَةً عَلَى أَيَّامِ الْكِرَاءِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا لَهُ الْكِرَاءُ فِي أَيَّامِ التَّعَدِّي مَعَ الْكِرَاءِ الْأَوَّلِ قَالَهُ مَالِكٌ وَأَكْثَرُ أَصْحَابِهِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الدَّابَّةَ لَمْ يُؤَثِّرْ فِيهَا التَّعَدِّي فِي عَيْنٍ وَلَا قِيمَةٍ وَلَا فَوَاتِ أَسْوَاقٍ فَلَمْ يَلْزَمْهُ ضَمَانُهَا وَعَلَيْهِ قِيمَةُ كِرَائِهَا فِي الْأَيَّامِ الزَّائِدَةِ رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا.

1 -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا إنْ حَبَسَهَا الْأَيَّامَ الْكَثِيرَةَ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: الشَّهْرُ.

وَقَالَ فِي الْوَاضِحَةِ مِثْلُ شَهْرٍ وَنَحْوِهِ.

وَقَالَ أَصْبَغُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: أَيَّامًا كَثِيرَةً كَحَوْلٍ وَهَذَا هُوَ الْأَصْلُ فَصَاحِبُهَا مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْكِرَاءِ الْأَوَّلِ، وَكِرَاءِ مَا تَعَدَّى بِحَبْسِهَا فِيهِ وَبَيْنَ الْكِرَاءِ الْأَوَّلِ وَيُضَمِّنُهُ قِيمَةَ دَابَّتِهِ قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ فِي الْوَاضِحَةِ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ غَصَبَهُ مَنَافِعَ الدَّابَّةِ دُونَ الرَّقَبَةِ، وَمِنْ مَنَافِعِهَا بَيْعُهَا فِي أَسْوَاقِهَا، وَقَدْ فَاتَ ذَلِكَ فِيهَا فَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ بَيْعِهَا.

(فَرْعٌ) وَمِنْ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّهُ لَوْ غَصَبَهُ رَقَبَتَهَا وَحَبَسَهَا شَهْرًا أَوْ أَشْهُرًا ثُمَّ رَدَّهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَلَمْ تَتَغَيَّرْ لَمْ يَكُنْ لِصَاحِبِ الدَّابَّةِ أَنْ يُلْزِمَهُ قِيمَتَهَا وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَوْضِعَيْنِ: أَنَّهُ لَمَّا غَصَبَهُ رَقَبَتَهَا سَقَطَتْ عَنْهُ مَنَافِعُهَا لِضَمَانِهِ رَقَبَتِهَا فَإِذَا لَمْ يَغْصِبْهُ رَقَبَتَهَا وَاسْتَخْدَمَهَا جَوْرًا وَظُلْمًا لَزِمَهُ الْكِرَاءُ فِيمَا رَكِبَهَا فِيهِ وَاسْتَخْدَمَهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَرْعٌ) وَأَمَّا الَّذِي يَجِبُ عَلَيْهِ مِنْ كِرَائِهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ: عَلَيْهِ كِرَاؤُهَا فِيمَا حَبَسَهَا فِيهِ مِنْ عَمَلٍ أَوْ حَبْسٍ بِغَيْرِ عَمَلٍ وَقَدْ بَسَطْنَا الْقَوْلَ فِي هَذَا فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ.

وَقَالَ غَيْرُهُ: إنْ كَانَ مَعَهُ فِي مِصْرٍ وَاحِدٍ يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهَا فَكَأَنَّهُ رَاضٍ بِذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ مِصْرِهِ فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَرُدَّهَا، وَكِرَاءِ الْمُدَّةِ الْأُولَى، وَلَهُ فِي بَاقِي الْأَيَّامِ الْأَكْثَرُ مِنْ حِسَابِ ذَلِكَ الْيَوْمِ أَوْ قِيمَةِ كِرَائِهَا فِيمَا حَبَسَهَا فِيهِ مِنْ عَمَلٍ أَوْ حَبْسٍ بِغَيْرِ عَمَلٍ، وَقَدْ بَسَطْنَا الْقَوْلَ عَلَى هَذَا فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ كِرَاءَ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَقِيمَتَهَا يَوْمَ حَبْسِهَا وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ: أَنَّ إمْسَاكَهَا لَمَّا كَانَ بِغَيْرِ عَقْدِ كِرَاءٍ لَزِمَهُ كِرَاءُ الْمِثْلِ فِي مِثْلِ مَا حَبَسَهَا فِيهِ كَمَا لَوْ تَعَدَّى بِاسْتِخْدَامِهَا مِنْ غَيْرِ اسْتِئْجَارٍ وَوَجْهُ قَوْلِ الْغَيْرِ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْكِرَاءُ الْأَوَّلُ قَدْ تَغَابَنَ فِيهِ، فَالثَّانِي لَا يَلْزَمُهُ فِيهِ غَبْنٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْهُ، وَإِنْ كَانَ الْكِرَاءُ الثَّانِي بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ فَالْمُتَعَدِّي قَدْ رَضِيَ بِهِ حِينَ اسْتَدَامَ الْعَمَلَ بَعْدَهُ بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّهِ وَبِنَحْوِ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي كِرَاءِ الْمِثْلِ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا كِرَاءَ لِصَاحِبِ الدَّابَّةِ وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا نَقُولُهُ أَنَّهُ قَدْ غَصَبَ الْمَنَافِعَ فَكَانَ عَلَيْهِ ضَمَانُهَا كَالْأَعْيَانِ.

1 -

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ فَلَهُ الْكِرَاءُ الْأَوَّلُ إنْ كَانَ اسْتَكْرَى الدَّابَّةَ الْبَدْأَةَ، وَإِنْ كَانَ اسْتَكْرَاهَا ذَاهِبًا وَرَاجِعًا ثُمَّ تَعَدَّى حِينَ بَلَغَ الْبَلَدَ الَّذِي اسْتَكْرَى إلَيْهِ الدَّابَّةَ مِنْ مِصْرَ إلَى بُرْقَةَ فَلَمَّا بَلَغَ بُرْقَةَ تَعَدَّى عَلَيْهَا فَإِنَّ صَاحِبَ الدَّابَّةِ لَهُ الْكِرَاءُ كُلُّهُ إلَى بُرْقَةَ ثُمَّ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ الْخِيَارُ فِي أَخْذِ قِيمَةِ الدَّابَّةِ مَعَ الْكِرَاءِ إلَى بُرْقَةَ ذَاهِبًا وَرَاجِعًا بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ نِصْفُهَا لِلْبَدْأَةِ وَنِصْفُهَا لِلْعَوْدَةِ ثُمَّ يَكُونُ الْخِيَارُ فِيمَا بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَإِنَّمَا جَعَلَ لَهُ النِّصْفَ فِي الْبَدْأَةِ وَالنِّصْفَ فِي الْعَوْدَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ قِيمَتَهُمَا سَوَاءٌ؛ لِتَسَاوِيهِمَا فِي الْمَسَافَةِ، وَهُوَ الْغَالِبُ مِنْ أَحْوَالِ الْمَسَافَةِ، وَلَوْ اخْتَلَفَتْ قِيمَةُ الْكِرَاءِ عِنْدَ النَّاسِ فِي الْبَدْأَةِ أَوْ الْعَوْدَةِ لَلَزِمَ التَّقْوِيمُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِنْ رَدَّهَا وَقَدْ تَغَيَّرَتْ فَلَا يَخْلُو أَنْ تَكُونَ تَغَيَّرَتْ تَغَيُّرًا كَثِيرًا أَوْ هَلَكَتْ فَإِنْ تَغَيَّرَتْ تَغَيُّرًا شَدِيدًا فَفِي الْوَاضِحَةِ عَنْ مَالِكٍ فِيمَنْ رَدَّ الدَّابَّةَ، وَلَمْ يُمْسِكْهَا إلَّا أَيَّامًا يَسِيرَةً فَلَا شَيْءَ لِرَبِّ الدَّابَّةِ غَيْرَ كِرَائِهَا فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ، وَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ كِرَائِهَا وَبَيْنَ قِيمَتِهَا، وَكَذَلِكَ لَوْ عَطِبَتْ فِي مُدَّةِ التَّعَدِّي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ وَالتَّعَدِّي يَكُونُ فِي حَبْسِهَا بِقَدْرٍ مِنْ الْكِرَاءِ، وَيَكُونُ فِي أَنْ يَتَعَدَّى بِهَا مَكَانَ الْكِرَاءِ، وَيَكُونُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015