. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQالرَّهْنِ لَا يَمْنَعُ تَلَافِيَهُ قَبْلَ فَوْتِهِ كَمَا لَوْ تَرَكَ قَبْضَهُ وَقْتَ الرَّهْنِ ثُمَّ قَامَ يُرِيدُ قَبْضَهُ قَبْلَ فَوْتِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَهُ وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ: أَنَّ الْقَبْضَ الْوَاجِبَ لِحَقِّ الرَّهْنِ قَدْ وَجَبَ أَوَّلًا فَإِذَا رَدَّهُ فَقَدْ تَرَكَ حَقَّهُ وَرَدَّهُ فَلَا رُجُوعَ لَهُ فِيهِ.
(فَرْعٌ) فَإِنْ فَاتَ قَبْلَ الِارْتِجَاعِ بِعِتْقٍ أَوْ تَحْبِيسٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَالرَّاهِنُ عَدِيمٌ رُدَّ لِعُدْمِهِ، وَلَا يُرَدُّ الْبَيْعُ، وَلَا يُعَجَّلُ مِنْ ثَمَنِهِ الدَّيْنُ، وَلَا يُوضَعُ لَهُ الثَّمَنُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ رَدَّهُ كَمَا لَوْ بَاعَهُ قَبْلَ حِيَازَةِ الْمُرْتَهِنِ قَالَهُ أَشْهَبُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ.
(فَصْلٌ) :
وَهَذَا فِي حِيَازَةِ الْأَعْيَانِ، وَأَمَّا الدُّيُونُ فَارْتِهَانُهَا جَائِزٌ قَالَهُ مَالِكٌ، وَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ دَيْنٌ لَهُ ذِكْرُ حَقٍّ أَوْ دَيْنٌ لَا ذِكْرَ لَهُ فَإِنْ كَانَ دَيْنٌ لَهُ ذِكْرُ حَقٍّ فَحِيَازَتُهُ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ ذِكْرَ الْحَقِّ، وَيَشْهَدَ لَهُ بِهِ فَهَذَا جُوِّزَ أَنْ يَكُونَ أَحَقَّ مِنْ الْغُرَمَاءِ فِي الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ قَالَهُ مَالِكٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ هَذَا غَايَةُ مَا يُمْكِنُ فِي حِيَازَتِهِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلدَّيْنِ ذِكْرُ حَقٍّ فَهَلْ يُجْزِئُ فِيهِ الْإِشْهَادُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ: إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ ذِكْرُ حَقٍّ فَأَشْهَدَ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ وَنَحْوِهِ عَنْ مَالِكٍ.
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَيْضًا: إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ ذِكْرُ حَقٍّ لَمْ يَجُزْ إلَّا أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَهُمَا، وَإِذَا كَانَ فِيهِ ذِكْرُ حَقٍّ جَازَ ذَلِكَ، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ: أَنَّ الْإِشْهَادَ أَقْوَى مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا، وَهُوَ غَايَةُ مَا يُتَوَثَّقُ بِهِ، وَيُصْرَفُ بِهِ الْمَالُ إلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ، وَأَمَّا الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فَلَيْسَ فِيهِ أَكْثَرُ مِنْ إعْلَامِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ، وَلَا اعْتِبَارَ بِرِضَاهُ فِي ذَلِكَ فَلَا مَعْنَى لِإِعْلَامِهِ عَلَى مَعْنَى الْإِشْهَادِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَإِذَا كَانَ الدَّيْنُ لِلرَّاهِنِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ فَإِنْ كَانَ أَجَلُ الدَّيْنِ إلَى مِثْلِ أَجَلِ الَّذِي رُهِنَ بِهِ أَوْ أَبْعَدَ مِنْهُ جَازَ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ أَجَلُ الدَّيْنِ الَّذِي رُهِنَ بِهِ أَقْرَبَ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ بَقَاءَ الرَّهْنِ بَعْدَ مَحَلِّهِ رَهْنًا كَالسَّلَفِ فَصَارَ فِي الْبَيْعِ بَيْعًا وَسَلَفًا إلَّا أَنْ يُجْعَلَ ذَلِكَ بِيَدِ عَدْلٍ إلَى مَحِلِّ أَجَلِ الدَّيْنِ الَّذِي رُهِنَ بِهِ، وَهَذَا تَفْسِيرُ قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَغَيْرِهَا وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الدَّيْنَ الَّذِي هُوَ الرَّهْنُ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ وَكَانَ الْأَجَلُ إلَى شَهْرٍ ثُمَّ اشْتَرَى سِلْعَةً يُرِيدُ إلَى شَهْرَيْنِ عَلَى أَنْ يُؤَخَّرَ بِدَيْنِهِ الْحَالِّ أَوْ الْمُؤَجَّلِ إلَى شَهْرٍ أَوْ شَهْرَيْنِ فَهُوَ بَيْعٌ وَسَلَفٌ، وَلَوْ كَانَ الرَّهْنُ إلَى شَهْرَيْنِ فَاشْتَرَى سِلْعَةً إلَى شَهْرٍ فَإِنَّهُ جَائِزٌ لَا يَقْضِي دَيْنَهُ عِنْدَ انْقِضَاءِ أَجَلِهِ، وَيَبْقَى الدَّيْنُ الَّذِي هُوَ الرَّهْنُ إلَى أَجَلِهِ، وَإِنْ اُحْتِيجَ إلَى بَيْعِهِ بِيعَ عَلَى مَا بَقِيَ مِنْ أَجَلِهِ، وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ وَجْهٌ مِنْ وُجُوهِ الْفَسَادِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَمَنْ تَسَلَّفَ مِنْ امْرَأَتِهِ دَرَاهِمَ وَرَهَنَهَا بِهَا خَادِمًا فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْعُتْبِيَّةِ: أَحَبُّ إلَيَّ لَوْ جَعَلَاهَا بِيَدِ غَيْرِهِمَا، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: لَا يَكُونُ ذَلِكَ رَهْنًا.
وَقَالَ أَصْبَغُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ: ذَلِكَ حَوْزٌ لَهَا وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا فِي الْبَيْتِ إلَّا رَقَبَةَ الْبَيْتِ فَلَا يَكُونُ سُكْنَاهَا فِيهَا حَوْزًا، وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهَا مَبْنِيًّا عَلَى صِحَّةِ اخْتِيَارِ الزَّوْجَةِ مَا رَهَنَهُ الزَّوْجُ أَوْ مَنْعُ ذَلِكَ وَسَيَأْتِي ذِكْرُهُ بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ - تَعَالَى -.
وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَبْنِيًّا عَلَى أَنَّ خِدْمَةَ الزَّوْجَةِ مُسْتَحَقَّةٌ عَلَى الزَّوْجِ، وَالْمَنْزِلَ مَنْزِلُ الزَّوْجِ فَلَا يُحَازُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْهُ مَا كَانَ فِيهِ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ لِأَصْبَغَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الْبَابُ الثَّالِثُ فِيمَنْ يَصِحُّ وَضْعُ الرَّهْنِ عَلَى يَدِهِ) فَإِذَا كَانَ يَتِيمٌ لَهُ وَلِيَّانِ فَإِنْ رَهَنَ مِنْهُمَا رَهْنًا بِدَيْنٍ عَلَى الْيَتِيمِ فَوُضِعَ عَلَى يَدِ أَحَدِهِمَا فَفِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ لَا يَتِمُّ فِيهِ الْحَوْزُ؛ لِأَنَّ الْوِلَايَةَ لَهُمَا، وَلَا يَحُوزُ الْمَرْءُ عَلَى نَفْسِهِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَمَنْ ارْتَهَنَ حَائِطًا فَجُعِلَ عَلَى يَدِ الْمُسَاقِي فِيهِ أَوْ الْأَجِيرِ فَلَيْسَ بِرَهْنٍ حَتَّى يُجْعَلَ عَلَى يَدِ غَيْرِ مَنْ فِي الْحَائِطِ، وَلْيَجْعَلْ الْمُرْتَهِنُ مَعَ الْمُسَاقِي رَجُلًا يَسْتَخْلِفُهُ أَوْ يَجْعَلُهُ عَلَى يَدِ مَنْ يَرْضَيَانِ بِهِ رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمَوَّازِيَّةِ.
وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ فِي الْمَجْمُوعَةِ: إنْ كَانَ رَهَنَ نِصْفَهُ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ فِي الْأَجِيرِ وَالْقَيِّمِ، وَإِنْ كَانَ رَهَنَ جَمِيعَهُ فَهُوَ جَائِزٌ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ: أَنَّ الْمُسَاقِيَ وَالْأَجِيرَ لَمَّا كَانَا عَامِلَيْنِ لِلرَّاهِنِ كَانَتْ أَيْدِيهِمَا لَهُ فَلَا