. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالنَّصْرَانِيِّ فِي الْحُقُوقِ سَوَاءٌ، وَفِي الْمُدَوَّنَةِ، وَيَحْلِفُ النَّصْرَانِيُّ بِاَللَّهِ فَقَطْ، وَلَا يُزَادُ عَلَيْهِ الَّذِي أَنْزَلَ الْإِنْجِيلَ عَلَى عِيسَى وَالْيَهُودِيُّ وَالنَّصْرَانِيُّ عِنْدَ مَالِكٍ سَوَاءٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالْمَجُوسُ يَحْلِفُونَ بِاَللَّهِ.

1 -

(فَصْلٌ) :

وَأَمَّا التَّغْلِيظُ بِالْمَكَانِ فَهُوَ بِالْجَامِعِ، وَهُوَ الْمَسْجِدُ الْأَعْظَمُ الَّذِي تُقَامُ فِيهِ الْجُمُعَةُ قَالَهُ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا، وَهَلْ يَكُونُ تَغْلِيظُهَا بِسَائِرِ الْمَسَاجِدِ فِي النَّوَادِرِ، وَلَا يَحْلِفُ فِي مَسَاجِدِ الْقَبَائِلِ فِي قَلِيلٍ، وَلَا كَثِيرٍ، وَرَوَى ابْنُ سَحْنُونٍ عَنْ مَالِكٍ مَا عَلِمْت أَنَّهُ يَحْلِفُ فِي مَسَاجِدِ الْجَمَاعَاتِ كَالْأَمْصَارِ رَوَى عَنْهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ يَحْلِفُ فِي مَسَاجِدِ الْجَمَاعَةِ فِيمَا لَهُ بَالٌ، وَلَا أَشُكُّ أَنَّهُ يَحْلِفُ فِيهَا فِي رُبُعِ دِينَارٍ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: فَيَحْتَمِلُ عِنْدِي أَنْ يُرِيدَ الْمَسْجِدَ الْجَامِعَ فَقَدْ رَوَى عَنْهُ ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ الْمَرْأَةَ تَحْلِفُ فِي الْمَسْجِدِ قَالَ: يُرِيدُ الْمَسْجِدَ الْجَامِعَ تَخْرُجُ إلَيْهِ بِاللَّيْلِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ غَيْرَهُ مِنْ الْمَسَاجِدِ فَقَدْ رَوَى ابْنُ سَحْنُونٍ عَنْ أَبِيهِ فِي امْرَأَتَيْنِ اُدُّعِيَ عَلَيْهِمَا فِي أَرْضٍ وَدُورٍ، وَهُمَا مِمَّنْ لَا تَخْرُجَانِ فَأَرَى أَنْ تَخْرُجَا مِنْ اللَّيْلِ إلَى الْجَامِعِ قَالَ فَسُئِلَ أَنْ يُحَلِّفَهُمَا فِي أَقْرَبِ الْمَسَاجِدِ إلَيْهِمَا وَشَقَّ عَلَيْهِمَا الْخُرُوجُ إلَى الْجَامِعِ فَأَجَابَ إلَى ذَلِكَ فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ نَصٌّ فِي أَنَّ الْيَمِينَ كَانَتْ فِي غَيْرِ الْجَامِعِ.

وَالظَّاهِرُ أَنَّ سَحْنُونًا هُوَ الَّذِي أَسْعَفَ سُؤَالَ السَّائِلِ فِي ذَلِكَ؛ لِمَا يَرَاهُ مِنْ الْمَصْلَحَةِ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ حَقٌّ لِلْحُكْمِ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ مُعَظَّمٌ مِنْ الْمَسَاجِدِ، فَجَازَ أَنْ تُغَلَّظَ بِهِ الْأَيْمَانُ مَعَ إرَادَةِ السِّتْرِ لِمَنْ ثَبَتَ ذَلِكَ فِي حَقِّهِ كَالْجَامِعِ وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الْأُولَى أَنَّ التَّغْلِيظَ إنَّمَا هُوَ عَلَى مَعْنَى الْمُبَالَغَةِ وَذَلِكَ يَقْتَضِي اخْتِصَاصَهُ بِأَعْظَمِ الْمَسَاجِدِ حَالًا، وَلِذَلِكَ يَخْتَصُّ بِأَرْفَعَ الْمَسَاجِدِ مَكَانًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْقَاسِمِ: لَا يُحْلَفُ عِنْدَ مِنْبَرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أَقَلَّ مِنْ رُبُعِ دِينَارٍ، وَيُحْلَفُ عَلَى أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ فِي سَائِرِ الْمَسَاجِدِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

إذَا قُلْنَا إنَّ الْيَمِينَ تَكُونُ فِي الْمَسْجِدِ الْأَعْظَمِ فَإِنَّهَا تَكُونُ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ الْمِنْبَرِ قَالَ مَالِكٌ: وَلَا أَعْرِفُ الْمِنْبَرَ فِي سَائِرِ الْآفَاقِ، وَإِنَّمَا أَعْرِفُ مِنْبَرَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَلَكِنْ لِلْمَسَاجِدِ مَوَاضِعُ هِيَ أَعْظَمُ زَادَ ابْنُ سَحْنُونٍ عَنْ مَالِكٍ، وَلَكِنْ يَحْلِفُ حَيْثُ يُعَظَّمُ فِيهِ فَيَحْتَمِلُ مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ أَنْ يُرِيدَ بِقَوْلِهِ لَا أَعْرِفُ الْمِنْبَرَ فِي الْمَسَاجِدِ الْمَنْعَ مِنْ اتِّخَاذِ الْمِنْبَرِ فِي مَسَاجِدِ الْآفَاقِ.

وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ عَهْدِ الصَّحَابَةِ عَلَى اتِّخَاذِهَا فِي كُلِّ بَلَدٍ، وَهُوَ مِنْ أَعْلَمِ النَّاسِ بِهَا فَمُحَالٌ أَنْ يُرِيدَ هَذَا، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ أَرَادَ بِذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَعْرِفُ أَنَّ حُكْمَ سَائِرِ الْمَنَابِرِ فِي الْبِلَادِ حُكْمُهَا فِي ذَلِكَ حُكْمُ مِنْبَرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَإِنَّمَا هَذَا حُكْمٌ يَخْتَصُّ بِمِنْبَرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وَقَدْ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ لَا يُحْلَفُ عِنْدَ مِنْبَرٍ مِنْ الْمَنَابِرِ إلَّا عِنْدَ مِنْبَرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وَقَدْ رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونَ يُسْتَحْلَفُونَ فِيمَا لَهُ بَالٌ أَوْ فِي رُبُعِ دِينَارٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ عِنْدَ مِنْبَرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَبِغَيْرِهَا فِي مَسْجِدِهِمْ الْأَعْظَمِ حَيْثُ يُعَظِّمُونَ مِنْهُ عِنْدَ مِنْبَرِهِمْ أَوْ تِلْقَاءَ قِبْلَتِهِمْ وَوَجْهُ ذَلِكَ عِنْدِي - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّ مِنْبَرَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي وَسَطِ الْمَسْجِدِ، وَهُوَ فِي مَوْضِعِهِ الَّذِي كَانَ فِيهِ زَمَنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَهُوَ بَعِيدٌ مِنْ الْقِبْلَةِ وَالْمِحْرَابِ الَّذِي أُحْدِثَ حِينَ زِيدَ فِي الْمَسْجِدِ؛ لِأَنَّ حَائِطَ الْقِبْلَةِ نُقِلَ مِنْ قُرْبِ الْمِنْبَرِ حِينَ زِيدَ فِي الْمَسْجِدِ فَصَارَ الْمِنْبَرُ فِي وَسَطِ الْمَسْجِدِ فَكَانَتْ الْيَمِينُ عِنْدَ الْمِنْبَرِ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ مُصَلَّى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعِنْدَ مِنْبَرِهِ وَأَمَّا الْقِبْلَةُ وَالْمِحْرَابُ فَشَيْءٌ بُنِيَ بَعْدَهُ، وَأَمَّا مَنَابِرُ سَائِرِ الْمَسَاجِدِ فَعِنْدَ الْمِحْرَابِ فَمَنْ حَلَفَ فَإِنَّمَا يَحْلِفُ عِنْدَ الْمِحْرَابِ بِقُرْبِ الْمِنْبَرِ، وَأَعْظَمُ شَيْءٍ فِي الْمَسَاجِدِ الْمَحَارِيبُ، وَلَوْ اُتُّفِقَ أَنْ يَكُونَ فِي بَعْضِ الْبِلَادِ الْمِنْبَرُ فِي وَسَطِ الْمَسْجِدِ لَكَانَتْ الْيَمِينُ عِنْدَ الْمِحْرَابِ دُونَ الْمِنْبَرِ فَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ مَالِكٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَمَعْنَى قَوْلِ الشَّيْخِ أَبِي الْقَاسِمِ لَا يُحْلَفُ عِنْدَ مِنْبَرٍ مِنْ الْمَنَابِرِ إلَّا عِنْدَ مِنْبَرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

(مَسْأَلَةٌ) :

إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَهَذَا حُكْمُ الرِّجَالِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015