(ص) : (مَالِكٌ عَنْ عَمِّهِ أَبِي سُهَيْلِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ كُنَّا نَسْمَعُ قِرَاءَةَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ عِنْدَ دَارِ أَبِي جَهْمٍ بِالْبَلَاطِ) .

ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقَالَ الشَّافِعِيُّ هِيَ آيَةٌ مِنْ الْقُرْآنِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ وَاضِحَةٌ عَلَى أَنَّ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ لَيْسَتْ بِآيَةٍ مِنْ الْقُرْآنِ لِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ أَقَامُوا لِلنَّاسِ الصَّلَاةَ أَرْبَعًا وَعِشْرِينَ سَنَةً بِحَضْرَةِ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَجَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ لَا يَقْرَءُونَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فَلَوْ كَانَتْ مِنْ أُمِّ الْقُرْآنِ لَمَا جَازَ إقْرَارُهُمْ عَلَى ذَلِكَ كَمَا لَوْ تَرَكُوا قِرَاءَةَ أُمِّ الْقُرْآنِ لَمَا أُقِرُّوا عَلَى ذَلِكَ فَتَرْكُهُمْ لِلْقِرَاءَةِ بِهَا وَإِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ عَلَى ذَلِكَ مَعَ أَنَّهُ لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ إلَّا بِقِرَاءَةِ جَمِيعِ الْقُرْآنِ دَلِيلٌ وَاضِحٌ وَإِجْمَاعٌ مُسْتَقِرٌّ عَلَى أَنَّ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ لَيْسَتْ مِنْهَا وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ لَيْسَتْ بِآيَةٍ مِنْ الْقُرْآنِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَلْقَى الْقُرْآنَ إلَى أُمَّتِهِ إلْقَاءً شَائِعًا يُوجِبُ الْحُجَّةَ وَيَقْطَعُ الْعُذْرَ وَيُثْبِتُ الْعِلْمَ الضَّرُورِيَّ وَيَمْنَعُ الِاخْتِلَافَ وَالتَّشَكُّكَ وَيُوجِبُ تَكْفِيرَ مَنْ جَحَدَ حَرْفًا مِنْهُ وَلَيْسَ هَذَا طَرِيقَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أَنَّهَا آيَةٌ مِنْ أُمِّ الْقُرْآنِ لِأَنَّهُ أَمْرٌ قَدْ وَقَعَ فِيهِ الِاخْتِلَافُ وَلَمْ يَقَعْ لَنَا بِهِ الْعِلْمُ وَلَا يُوجِبُ جَحْدُ ذَلِكَ تَكْفِيرَ مَنْ جَحَدَهُ فَوَجَبَ بِأَنْ لَا يَكُونَ قُرْآنًا وَدَلِيلٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ الْقُرْآنَ إنَّمَا يَثْبُتُ بِالنَّقْلِ وَلَا يَخْلُو إثْبَاتُكُمْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ آيَةً مِنْ أُمِّ الْقُرْآنِ أَنْ يَكُونَ بِنَقْلِ تَوَاتُرٍ أَوْ بِآحَادٍ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِنَقْلِ تَوَاتُرٍ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لَبَلَغَنَا كَمَا بَلَغَكُمْ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ خَبَرَ آحَادٍ لِأَنَّ الْقُرْآنَ لَا يَثْبُتُ بِخَبَرِ الْآحَادِ وَإِذَا بَطَلَ الْأَمْرَانِ جَمِيعًا بَطَلَ أَنْ يَكُونَ آيَةً مِنْ أُمِّ الْقُرْآنِ.

(فَرْعٌ) وَأَمَّا الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ لَا يُقْرَأُ بِهَا فِي الصَّلَاةِ فَخَبَرُ حُمَيْدٍ الْمَذْكُورُ وَهُوَ إجْمَاعٌ لِصَلَاةِ الْإِمَامِ بِحَضْرَةِ جُمْلَةِ الصَّحَابَةِ وَعَدَمِ الْمُنْكِرِ عَلَيْهِ وَالْمُخَالَفِ لَهُ «وَحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ» الَّذِي يَأْتِي بَعْدَ هَذَا قَسَمْت الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي بِنِصْفَيْنِ فَنِصْفُهَا لِي وَنِصْفُهَا لِعَبْدَيْ وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ ثُمَّ ذَكَرَ آيَ أُمِّ الْقُرْآنِ حَتَّى أَتَى عَلَى جَمِيعِهَا وَمَا يُقَالُ لِلْعَبْدِ عِنْدَ قِرَاءَةِ كُلِّ ذَلِكَ وَلَمْ يَذْكُرْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَهَذَا دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْهَا.

(فَرْعٌ) وَأَمَّا قِرَاءَةُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فِي النَّوَافِلِ فَاَلَّذِي عَلَيْهِ شُيُوخُنَا الْعِرَاقِيُّونَ مِنْ الْمَالِكِيِّينَ أَنَّهُ لَا بَأْسَ أَنْ يُقْرَأَ بِهَا فِي النَّافِلَةِ فِي أَوَّلِ الْحَمْدِ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَفِي أَوَّلِ كُلِّ سُورَةٍ يُقْرَأُ بِهَا فِي الصَّلَاةِ وَقَدْ قَالَ مِثْلَ ذَلِكَ ابْنُ حَبِيبٍ وَزَادَ إلَّا أَنْ يُوَالِيَ بَيْنَ السُّورَتَيْنِ فَيُؤْمَرَ أَنْ يَفْصِلَ بِهَا بَيْنَ السُّوَرِ وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ يَسْتَفْتِحُ الْقِرَاءَةَ بِالْحَمْدِ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَيَقْرَأُ بَعْدَ ذَلِكَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ بَيْنَ كُلِّ سُورَتَيْنِ إلَّا سُورَةَ بَرَاءَةٌ.

(ش) : يَحْتَمِلُ ذَلِكَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ الْإِمَامَ فِي الصَّلَاةِ فَلِذَلِكَ كَانَ لَهُ أَنْ يَجْهَرَ بِالْقِرَاءَةِ فِيهَا وَالصَّلَاةُ الَّتِي كَانَ يُفْعَلُ ذَلِكَ فِيهَا هِيَ الْفَرِيضَةُ الَّتِي كَانَ يَجْتَمِعُ أَهْلُ الْمَسْجِدِ عَلَى الِاقْتِدَاءِ بِهِ فِيهَا فَلَا يَبْقَى أَحَدٌ يُنْكِرُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَدْ جَهَرَ عَلَيْهِ بِالْقِرَاءَةِ وَالْبَلَاطُ مَوْضِعٌ بِالْمَدِينَةِ وَإِنَّمَا قَصَدَ بِذَلِكَ مَالِكُ بْنُ أَبِي عَامِرٍ أَحَدَ أَمْرَيْنِ إمَّا أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَجِدَ نِهَايَةَ مَا كَانَ يَسْمَعُ مِنْهُ صَوْتَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَإِمَّا أَنَّ ذَلِكَ كَانَ مَوْضِعَ جُلُوسِ مَالِكِ بْنِ أَبِي عَامِرٍ وَغَيْرِهِ مِمَّنْ أَخْبَرَ عَنْهُ فَأَخْبَرَ عَمَّا كَانَ فِي عِلْمِهِ.

وَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُ أَهْلِ التَّفْسِيرِ أَنَّ صَوْتَ عُمَرَ إنَّمَا سُمِعَ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ لِجَهَارَتِهِ وَقُوَّتِهِ وَقَوْلُ مَالِكٍ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ وَذَلِكَ لَمَعَانٍ إمَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ فَاتَهُ بَعْضُ الصَّلَاةِ فَسَمِعَ قِرَاءَةَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ أَوْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي حَالِ مَرَضٍ مَنَعَهُ مِنْ إتْيَانِ الْمَسْجِدِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُخْبِرَ بِذَلِكَ عَنْ طَائِفَتِهِ وَأَهْلِهِ وَمِمَّنْ يَنْضَافُ إلَيْهِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَسْمَعُونَ صَوْتَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ عَلَى مَا يَقُولُهُ وَجْهُ الْقَبِيلَةِ وَكَبِيرُ الْمَحَلَّةِ فَعَلْنَا ذَلِكَ وَإِنَّمَا فَعَلَهُ أَتْبَاعُهُ وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ لِأَنَّ الْأَلْيَقَ بِفَضْلِ مَالِكٍ وَدِينِهِ أَنَّهُ لَا يَتْرُكُ الصَّلَاةَ فِي الْجَمَاعَةِ وَهُوَ يَسْمَعُ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى إتْيَانِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015