(ص) : (مَالِكٌ: لَا يَجُوزُ لِلَّذِي يَأْخُذُ الْمَالَ قِرَاضًا أَنْ يَشْتَرِطَ أَنْ يَعْمَلَ فِيهِ سِنِينَ لَا يُنْزَعُ مِنْهُ قَالَ وَلَا يَصْلُحُ لِصَاحِبِ الْمَالِ أَنْ يَشْتَرِطَ أَنَّكَ لَا تَرُدُّهُ إلَى سِنِينَ لِأَجَلٍ يُسَمِّيَانِهِ؛ لِأَنَّ الْقِرَاضَ لَا يَكُونُ إلَى أَجَلٍ وَلَكِنْ يَدْفَعُ رَبُّ الْمَالِ مَالَهُ إلَى الَّذِي يَعْمَلُ لَهُ فِيهِ، فَإِنْ بَدَا لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَتْرُكَ ذَلِكَ وَالْمَالُ نَاضٌّ لَمْ يَشْتَرِ بِهِ شَيْئًا تَرَكَهُ وَأَخَذَ صَاحِبُ الْمَالِ مَالَهُ، وَإِنْ بَدَا لِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يَقْبِضَهُ بَعْدَ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهِ سِلْعَةً فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُ حَتَّى يُبَاعَ الْمَتَاعُ وَيَصِيرَ عَيْنًا، فَإِنْ بَدَا لِلْعَامِلِ أَنْ يَرُدَّهُ، وَهُوَ عَرْضٌ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ حَتَّى يَبِيعَهُ فَيَرُدَّهُ عَيْنًا كَمَا أَخَذَهُ) .

ـــــــــــــــــــــــــــــQ (فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ وَلَا يَنْبَغِي لِلَّذِي أَخَذَ الْمَالَ أَنْ يَشْتَرِطَ مَعَ أَخْذِهِ الْمَالَ أَنْ يُكَافِئَ وَلَا يُوَلِّي مِنْ سِلْعَتِهِ أَحَدًا وَلَا يَتَوَلَّى مِنْهَا شَيْئًا لِنَفْسِهِ يُرِيدُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْعَامِلِ أَنْ يَشْتَرِطَ فِي عَقْدِ الْقِرَاضِ إلَّا أَنْ يُكَافِئَ مِنْهُ مَنْ أَسْدَى إلَيْهِ مَعْرُوفًا يَخْتَصُّ بِهِ، وَأَمَّا لَوْ كَافَأَ مِنْهُ أَحَدًا بِمَعْرُوفٍ أَسْدَى إلَيْهِ فِي مَالِ الْقِرَاضِ عَلَى وَجْهِ التِّجَارَةِ وَحُسْنِ النَّظَرِ لَجَازَ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُوَلِّيَ أَحَدًا سِلْعَةً يَرْجُو فِيهَا نَمَاءً وَرِبْحًا، وَأَمَّا إذَا وَلَّاهَا وَكَانَ فِي ذَلِكَ نَظَرٌ فَهُوَ نَفْعٌ يُقْصَدُ مَعَ الْمُكَايَسَةِ فَلِلْعَامِلِ أَنْ يَفْعَلَهُ، وَهَذَانِ الْفَصْلَانِ إذَا كَانَا عَلَى وَجْهِ الْمُتَاجَرَةِ فَلِلْعَامِلِ فِعْلُهُ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى اشْتِرَاطِهَا، وَلَوْ اشْتَرَطَهَا لَمَا فَسَدَ بِذَلِكَ الْقِرَاضُ، وَإِنْ كَانَا عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ فَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُهُمَا وَيُفْسِدُ ذَلِكَ الْعَقْدَ، وَإِنْ فَعَلَهَا مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ كَانَ ذَلِكَ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ صَاحِبِ الْعَامِلِ، وَأَمَّا أَنْ يَتَوَلَّى مِنْ ذَلِكَ سِلْعَةً فَإِنَّ ذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَذْهَبَ بِبَعْضِ النَّمَاءِ الْحَاصِلِ فِي الْمَالِ وَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُهُ، فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ فَلِرَبِّ الْمَالِ الْخِيَارُ بَيْنَ أَنْ يُمْضِيَهُ وَيَلْزَمَهُ الْعَامِلُ وَبَيْنَ أَنْ يَرُدَّهُ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ فَإِذَا حَضَرَ الْمَالُ وَحَصَلَ عَزْلُهُ، ثُمَّ اقْتَسَمَا الرِّبْحَ عَلَى شَرْطِهِمَا يُرِيدُ الَّذِي يَجِبُ أَنْ يُبْدَأَ بِالْإِخْرَاجِ فِي قِسْمَةِ الْقِرَاضِ رَأْسُ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ لَا رِبْحَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا حَتَّى يُسَلَّمَ إلَى صَاحِبِهِ وَيَصِيرَ فِي قَبْضِهِ فَوَجَبَ أَنْ يَبْرَأَ فِي الْقِسْمَةِ، فَإِذَا سُلِّمَ إلَى صَاحِبِهِ وَتَصَيَّرَ فِي قَبْضِهِ كَانَ مَا بَقِيَ بَعْدَهُ رِبْحٌ حَاصِلٌ فَيَقْتَسِمَانِهِ عَلَى مَا سَمَّيَا فِي الْقِرَاضِ الصَّحِيحِ وَيَجْرِي الْأَمْرُ فِيهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ الِاخْتِلَافِ فِي الْقِرَاضِ الْفَاسِدِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ اقْتَسَمَا الرِّبْحَ دُونَ أَنْ يَحْضُرَ رَأْسُ الْمَالِ أَوْ حَضَرَ فَلَمْ يَقْبِضْهُ صَاحِبُهُ فَإِنَّ تِلْكَ قِسْمَةٌ فَاسِدَةٌ، فَإِنْ دَخَلَ الْمَالَ نَقْصٌ رُدَّ مِنْ الرِّبْحِ مَا يُجْبَرُ بِهِ رَأْسُ الْمَالِ وَإِنْ أَتَى عَلَى جَمِيعِهِ قَالَهُ عِيسَى.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ لَهُ رِبْحٌ أَوْ دَخَلَتْهُ وَضِيعَةٌ لَمْ يَلْحَقْ الْعَامِلَ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ لَا مِمَّا أَنْفَقَ عَلَى نَفْسِهِ وَلَا مِنْ الْوَضِيعَةِ، وَذَلِكَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ فِي مَالِهِ يُرِيدُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَالِ بَعْدَ إخْرَاجِ رَأْسِ الْمَالِ وَرَدِّهِ إلَى صَاحِبِهِ رِبْحٌ يُقَسَّمُ فَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ فِي ذَلِكَ خُسْرَانٌ وَلَا عَلَيْهِ أَنْ يَجْبُرَهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَضْمُونٍ عَلَيْهِ وَلَا عَلَيْهِ رَدُّ شَيْءٍ مِمَّا أَنْفَقَهُ عَلَى نَفْسِهِ إنْ كَانَ سَافَرَ فِيهِ سَفَرًا يَقْتَضِي الْإِنْفَاقَ عَلَى الْعَامِلِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ سَائِرِ الْمُؤَنِ اللَّازِمَةِ لِمَالِ الْقِرَاضِ مِنْ كِرَاءِ حَمْلٍ وَإِجَارَةِ نَشْرٍ وَطَيٍّ، وَقَوْلُهُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ فِي مَالِهِ يُرِيدُ مَالَ الْقِرَاضِ وَلَيْسَ ذَلِكَ فِيمَا بِيَدِهِ مِنْ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي التَّصَرُّفِ إلَّا فِي مَالِ الْقِرَاضِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ تَصَرُّفًا يَتَعَدَّى إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ مَالِهِ.

(ش) : وَهَذَا عَلَى مَا قَالَ إنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُوَقِّتَ الْقِرَاضَ بِمُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ لَا يَجُوزُ فَسْخُهُ قَبْلَهَا، وَإِنْ عَادَ الْمَالُ عَيْنًا، وَإِنْ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ فَقَدْ كَمُلَ الْقِرَاضُ فَلَا يَكُونُ لِلْعَامِلِ وَلَا عَلَيْهِ أَنْ يَبِيعَهُ، وَلَا يَعْمَلُ بِهِ إذَا كَانَ عَرْضًا عِنْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ.

وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ ذَلِكَ جَائِزٌ، وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّهُ عَقْدٌ جَائِزٌ فَلَمْ يَتَوَقَّتْ بِمُدَّةٍ مِنْ الزَّمَانِ كَالشَّرِكَةِ، وَوَجْهُهُ أَنَّ الْقِرَاضَ عَقْدٌ جَائِزٌ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فَسْخُهُ مَتَى شَاءَ، وَلَمْ يُوَقَّتْ بِزَمَنٍ لَمْ يَكُنْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّ التَّوْقِيتَ يَمْنَعُ ذَلِكَ.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ وَقَعَ ذَلِكَ فَحَكَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ نَافِعٍ إنْ وَقَعَ فَسَخْتُ الشَّرْطَ وَأَثْبَتُّهُمَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015