(ص) : (قَالَ وَمَنْ مَاتَ مِنْ الرَّقِيقِ أَوْ غَابَ أَوْ مَرِضَ فَعَلَى رَبِّ الْمَالِ أَنْ يُخْلِفَهُ) .
(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) (كِتَابُ كِرَاءِ الْأَرْضِ)
(ص) : (مَالِكٌ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ قَيْسٍ الزُّرَقِيِّ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ كِرَاءِ الْمَزَارِعِ، قَالَ حَنْظَلَةُ فَسَأَلْت رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ بِالذَّهَبِ، وَالْوَرِقِ فَقَالَ أَمَّا بِالذَّهَبِ، وَالْوَرِقِ فَلَا بَأْسَ بِهِ» مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ سَأَلْت سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ عَنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ بِالذَّهَبِ، وَالْوَرِقِ فَقَالَ لَا بَأْسَ بِهِ مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ سَأَلَ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ كِرَاءِ الْمَزَارِعِ، فَقَالَ لَا بَأْسَ بِهَا بِالذَّهَبِ، وَالْوَرِقِ، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَقُلْت لَهُ أَرَأَيْت الْحَدِيثَ الَّذِي يَذْكُرُ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ فَقَالَ أَكْثَرَ رَافِعٌ وَلَوْ كَانَ لِي مَزْرَعَةٌ أَكَرَيْتُهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQفِيهِ مِنْ غَيْرِ رَقِيقِهِ مَنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ الْعَدَدُ الْكَثِيرُ الَّذِي لَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِطَ الْعَامِلُ مِمَّنْ لَيْسَ فِي الْحَائِطِ.
(ش) : قَوْلُهُ وَمَنْ مَاتَ مِنْ الرَّقِيقِ يُرِيدُ مِنْ رَقِيقِ الْحَائِطِ الَّذِينَ كَانُوا فِيهِ يَوْمَ الْعَقْدِ أَوْ شَرْطِ الْعَامِلِ فِي الْعَقْدِ فَمَنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ كَالدَّابَّةِ، وَالْأَجِيرِ فِي الْحَائِطِ الْكَبِيرِ فَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ أَوْ غَابَ بِإِبَاقٍ أَوْ مَرَضٍ فَعَلَى رَبِّ الْحَائِطِ خُلْفُهُ يُرِيدُ أَنْ يُعَوِّضَ مِنْهُ وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا يُمْنَعُ مِنْ خَدَّامِ الْحَائِطِ مِنْ الْعَمَلِ؛ لِأَنَّهُ إذَا انْعَقَدَتْ الْمُسَاقَاةُ عَلَى تَخْفِيفِ الْعَمَلِ عَنْهُ مُدَّةَ الْمُسَاقَاةِ وَيَصِحُّ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِأَعْيَانِهِمْ، وَيَلْزَمُ صَاحِبَ الْحَائِطِ الْعِوَضُ مِنْهُمْ إنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَا يَتَنَاوَلُهُمْ؛ لِأَنَّ عَمَلَهُمْ لَيْسَ بِعِوَضٍ فِيهِ وَإِنَّمَا هُوَ مُسْتَثْنًى مِمَّا يَلْزَمُ الْعَامِلَ وَيَلْزَمُ صَاحِبَ الْحَائِطِ أَنْ يَأْتِيَ بِهِمْ، وَإِنْ كَانَ يَلْزَمُهُ فِي ذَلِكَ مِنْ الْأَجْرِ أَكْثَرُ مِنْ حِصَّتِهِ مِنْ ثَمَرِ ذَلِكَ الْعَامِ بِخِلَافِ أَرْضِ السَّقْيِ بِغَوْرِ مَاءِ بِئْرِهَا بَعْدَ الزِّرَاعَةِ فَإِنَّ عَلَى صَاحِبِهَا أَنْ يُنْفِقَ فِيهَا كِرَاءَ سَنَةٍ لَا يَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ الْمُسَاقَاةُ يَغُورُ بِئْرُ الْحَائِطِ أَوْ يَنْهَارُ فَإِنَّ لِلْعَامِلِ أَنْ يُنْفِقَ فِي ذَلِكَ قِيمَةَ حِصَّةِ رَبُّ الْحَائِطِ مِنْ ثَمَرَةِ ذَلِكَ الْعَامِ لَا زِيَادَةَ عَلَى ذَلِكَ.
(فَرْقٌ) فَعَلَى هَذَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى ثَلَاثَةِ ضُرُوبٍ ضَرْبٌ لَا يَلْزَمُ صَاحِبَ الْحَائِطِ وَالدَّارِ أَنْ يُنْفِقَ فِيهِ قَلِيلًا وَلَا كَثِيرًا كَبُنْيَانِ الدَّارِ الْمُكْتَرَاةِ وَغَوْرِ الْعَيْنِ لِلْأَرْضِ الْمُكْتَرَاةِ قَبْلَ الزِّرَاعَةِ، وَالضَّرْبُ الثَّانِي يَلْزَمُ صَاحِبَ الْحَائِطِ أَنْ يُنْفِقَ فِيهِ مَنْفَعَةَ سَنَةٍ كَالنَّفَقَةِ عَلَى عَيْنِ الْأَرْضِ الْمُكْتَرَاةِ أَوْ الْحَائِطِ الْمُسَاقَى، وَالضَّرْبُ الثَّالِثُ يَلْزَمُهُ أَنْ يُعِيدَهُ إلَى مَا كَانَ بَلَغَ ذَلِكَ مَا بَلَغَ كَرَقِيقِ حَائِطِ الْمُسَاقِي وَدَوَابِّهِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبِئْرِ، وَالْعَيْنِ أَنَّ الرَّقِيقَ، وَالدَّوَابَّ مِنْ جِنْسِ مَا يَلْزَمُ الْعَامِلَ الْإِتْيَانَ بِهِ مِنْ عَمَلِ الْحَائِطِ وَإِنَّمَا لَزِمَ بَقَاؤُهُمْ فِي الْحَائِطِ لِسَقْيِ الْحَائِطِ عَلَى صِفَتِهِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا ثُمَّ عَلَى الْعَامِلِ عَمَلُ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَإِذَا زَالُوا مِنْ الْحَائِطِ لَمْ يَكُنْ الْعَامِلُ عَمِلَ مَا زَادَ عَلَى عَمَلِهِمْ مَعَ عَدَمِ عَمَلِهِمْ وَكَانَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ صَاحِبِ الْعُلُوِّ، وَالسُّفْلِ يَلْزَمُ صَاحِبَ السُّفْلِ أَنْ يَبْنِيَ أَوْ يَبِيعَ مِمَّنْ يَبْنِيَ لِتَمَكُّنِ صَاحِبِ الْعُلُوِّ مِنْ عَمَلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ الْعَمَلُ دُونَ أَنْ يَبْنِيَ صَاحِبُ السُّفْلِ فَيَلْزَمُهُ إعَادَةُ عَمَلِهِ عَلَى مَا كَانَ بَالِغًا مَا بَلَغَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ مَاءُ الْعَيْنِ فَلَيْسَ مِنْ جِنْسِ مَا يَلْزَمُ الْعَامِلَ الْإِتْيَانُ بِهِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْعَامِلِ لَمْ يَلْزَمْ صَاحِبَ الْحَائِطِ الْإِتْيَانُ بِهِ لِيَسْتَوْفِيَ لِلْعَامِلِ مَنْفَعَةً وَإِذَا تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْعَامِلِ بِالْعَمَلِ، وَالزِّرَاعَةِ فِي اكْتِرَاءِ الْأَرْضِ، وَلَمْ يَتَعَلَّقْ إصْلَاحُ ذَلِكَ بِذِمَّتِهِ وَإِنَّمَا تَعَلَّقَ بِمَا لِصَاحِبِ الْأَرْضِ فِي ذَلِكَ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَمَنْ أَدْخَلَهُ الْعَامِلُ فِي الْحَائِطِ مِنْ غُلَامٍ أَوْ أَجِيرٍ أَوْ دَابَّةٍ فَتَعَذَّرَ عَلَيْهِ بِمَوْتٍ أَوْ غَيْبَةٍ أَوْ مَرَضٍ فَعَلَى الْعَامِلِ عِوَضُهُ؛ لِأَنَّ الْمُسَاقَاةَ انْعَقَدَتْ عَلَى أَنَّ عَلَيْهِ ذَلِكَ الْعَمَلَ فِي جَمِيعِ مُدَّةِ الْمُسَاقَاةِ.
[كِتَابُ كِرَاءِ الْأَرْضِ]
[مَا جَاءَ فِي كِرَاءِ الْأَرْضِ]
(ش) : قَوْلُهُ «إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ كِرَاءِ الْمَزَارِعِ» عَامٌّ فِي كُلِّ مَا تُكْرَى بِهِ إلَّا مَا خَصَّهُ الدَّلِيلُ فَأَتَى مِنْ ذَلِكَ الْمَنْعِ