. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَمَنْ أَنْكَرَ مِنْ أَصْحَابِنَا الِاسْتِحْسَانَ مَنَعَ ذَلِكَ كُلَّهُ، وَهُوَ الصَّوَابُ عِنْدِي، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
1 -
(فَصْلٌ) وَقَوْلُهُ «أَيُّمَا رَجُلٍ بَاعَ مَتَاعًا فَأَفْلَسَ الَّذِي ابْتَاعَهُ، وَلَمْ يَقْبِضْ الَّذِي بَاعَهُ مِنْ ثَمَنِهِ شَيْئًا فَوَجَدَهُ بِعَيْنِهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ» حَمَلَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ هَذَا اللَّفْظَ عَلَى وَجْهِهِ، وَقَالَا بِذَلِكَ فِي الْبَائِعِ الْمُفْلِسِ يَجِدُ مَتَاعَهُ فَإِنَّهُ أَحَقُّ بِهِ مِنْ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا سَبِيلَ لَهُ إلَيْهِ، وَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ فِيهِ، وَحَدِيثُ ابْنِ شِهَابٍ، وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ فِي هَذَا الْحُكْمِ حُجَّةٌ عَلَيْهِ، وَالْحَدِيثُ الْأَوَّلُ حَدِيثُ ابْنِ شِهَابٍ مِنْ مَرَاسِيلِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، وَهُوَ مِمَّا اُتُّفِقَ عَلَى الْقَوْلِ بِهَا الْمَالِكِيُّونَ وَالْحَنَفِيُّونَ عَلَى أَنَّهُ قَدْ أَسْنَدَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَحَدِيثُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ مُسْنَدٌ، وَهُوَ نَصٌّ فِي مَوْضِعِ الْخِلَافِ، وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ فَلَسَ الْمُبْتَاعِ بِثَمَنِ الْمَبِيعِ مَعَ بَقَائِهِ عَلَى صِفَتِهِ، وَعَدَمَ تَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِهِ يُوجِبُ لِلْبَائِعِ حَقَّ الْفَسْخِ، وَيَجْعَلُهُ أَحَقَّ بِهِ إنْ شَاءَ أَصْلُ ذَلِكَ قَبْلَ الْقَبْضِ.
(مَسْأَلَةٌ)
إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَفِي هَذَا ثَلَاثُ مَسَائِلَ إحْدَاهُمَا بِمَاذَا ثَبَتَتْ السِّلْعَةُ لِلْبَائِعِ، وَالثَّانِيَةُ فِيمَا تَثْبُتُ فِيهَا لِصَاحِبِهَا، وَالْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ فِيمَا تَثْبُتُ فِيهَا لِلْغُرَمَاءِ، فَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى فِيمَا تَثْبُتُ فِيهِ السِّلْعَةُ لِلْبَائِعِ، وَأَنْ يَقُومَ لَهُ بِذَلِكَ بَيِّنَةٌ فَإِنْ لَمْ تَقُمْ لَهُ بِذَلِكَ بَيِّنَةٌ، وَقَالَ الْمُفْلِسُ هِيَ لَهُ فَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ إذَا كَانَ عَلَى الْحَقِّ بَيِّنَةٌ فَقَالَ عِنْدَ التَّفْلِيسِ هَذَا مَتَاعُ فُلَانٍ فَقِيلَ يَكُونُ أَوْلَى بِهِ مِنْ الْغُرَمَاءِ زَادَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ يَحْلِفُ بَائِعُ الْعَبْدِ، وَيَكُونُ أَحَقَّ بِهِ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِأَصْلِ الْحَقِّ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ إنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ إذَا قَامَتْ بِأَصْلِ الْحَقِّ بَيِّنَةٌ عَلَى إقْرَارِهِ بِذَلِكَ قَبْلَ الْفَلَسِ، وَرَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ إقْرَارَهُ لَهُمْ بِذَلِكَ جَائِزٌ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ، وَلَعَلَّ هَذَا فِي الصُّنَّاعِ، وَالْخِلَافُ فِيهِ وَاحِدٌ يَحْتَمِلُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الدَّيْنَ مُتَعَلِّقٌ بِالذِّمَّةِ فَلَا يَتَغَيَّرُ فِي غَيْرِهَا إلَّا بِبَيِّنَةٍ،
وَالصُّنَّاعُ لَا يَتَعَلَّقُ مَا سُلِّمَ إلَيْهِمْ بِذِمَمِهِمْ، وَإِنَّمَا يَضْمَنُونَهُ إنْ ضَاعَ عَلَى وَجْهٍ مَا
، وَقِيلَ إذَا لَمْ يُعَيِّنْ الشُّهُودُ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِهِ بِعَبْدٍ أَوْ سِلْعَةٍ لَمْ يُعَيِّنْهَا فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي تَعْيِينِهَا بَعْدَ التَّفْلِيسِ، وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ إذَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِأَصْلِ الْحَقِّ، وَافْتَرَقَ بِذَلِكَ إقْرَارُ الْمُفْلِسِ لَهُ بِالْعَيْنِ فَإِنَّهُ يُقَوِّي حُجَّةَ الْبَائِعِ لَا سِيَّمَا، وَلَيْسَ هُنَاكَ مَنْ يُكَذِّبُ قَوْلَهُ فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مَعَ يَمِينِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ الْبَائِعَ مُدَّعٍ فِي تَعَلُّقِ حَقِّهِ بِعَيْنِ الْمَبِيعِ، وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ ذَلِكَ إلَّا بِبَيِّنَةٍ.
(فَرْعٌ)
فَإِذَا قُلْنَا بِالْقَوْلِ الثَّانِي فَفِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ يَحْلِفُ الْغُرَمَاءُ عَلَى عِلْمِهِمْ فَإِنْ نَكَلُوا حَلَفَ الْبَائِعُ، وَأَخَذَهَا، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْبَيِّنَةَ لَمَّا لَزِمَتْهُ، وَعَجَزَ عَنْهَا حَلَفَ الْغُرَمَاءُ عَلَى مَا يَعْلَمُونَ صِدْقَهُ فِيمَا يَقُولُ، وَيَكُونُونَ أَحَقَّ بِعَيْنِ الْعَبْدِ فَإِنْ نَكَلُوا رُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَيْهِ، وَحَلَفَ أَنَّهُ الْعَبْدُ الَّذِي بَاعَ مِنْهُ، وَكَانَ أَحَقَّ بِهِ.
(مَسْأَلَةٌ)
إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنَّ الَّذِي ثَبَتَ فِيهَا لِصَاحِبِهَا أَنَّهُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ سِلْعَتَهُ بِعَيْنِهَا وَبَيْنَ تَسْلِيمِهَا، وَيُحَاصُّ الْغُرَمَاءَ بِثَمَنِهَا سَوَاءٌ زَادَتْ أَوْ نَقَصَتْ قَالَهُ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَرَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَيْسَ لَهُ إلَّا سِلْعَتُهُ، وَلَا سَبِيلَ لَهُ إلَى الْمُحَاصَّةِ بِثَمَنِهَا، وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ السِّلْعَةَ قَدْ مَلَكَهَا الْمُفْلِسُ بِالشِّرَاءِ بِثَمَنٍ تَعَلَّقَ بِذِمَّتِهِ فَلَمَّا غَابَتْ ذِمَّتُهُ، وَدَخَلَ الثَّمَنَ النَّقْصُ كَانَ لِلْبَائِعِ الْخِيَارُ بَيْنَ أَنْ يَرُدَّ الْبَيْعَ، وَيَرْجِعَ بِسِلْعَتِهِ، وَبَيْنَ أَنْ يَنْقُدَهُ، وَيُحَاصَّ بِمَا ثَبَتَ لَهُ مِنْ الثَّمَنِ، وَلَيْسَ فِي الْإِفْلَاسِ مَعْنًى يُفْسَخُ بِهِ الْبَيْعُ حَتَّى لَا يَكُونَ لِلْبَائِعِ إلَّا سِلْعَتُهُ.
(مَسْأَلَةٌ)
وَأَمَّا الَّذِي يَثْبُتُ فِيهِ لِلْغُرَمَاءِ فَقَدْ رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ لِلْغُرَمَاءِ أَنْ يَدْفَعُوا إلَيْهِ جَمِيعَ ثَمَنِهَا قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونَ وَلَهُمْ أَنْ يَدْفَعُوا إلَيْهِ الثَّمَنَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ أَوْ مِنْ أَمْوَالِ الْمُفْلِسِ.
وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ لَيْسَ لِلْغُرَمَاءِ أَنْ يَفْدُوهَا بِأَمْوَالِهِمْ، وَلَكِنْ يَفْدُوهَا بِثَمَنِهَا فِي مَالِ الْمُفْلِسِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ.
وَقَالَ أَشْهَبُ لَيْسَ لِلْغُرَمَاءِ أَخْذُهَا بِالثَّمَنِ حَتَّى يَزِيدُوا عَلَى الثَّمَنِ زِيَادَةً يَحُطُّونَهَا عَنْ